«الرقابة المالية»: 6.8 مليار جنيه أقساط قطاع التأمين خلال فبراير الماضي    محافظ بورسعيد يستقبل رئيس جهاز تعمير سيناء لمتابعة مستجدات مشروعات التعاون    بشرى للمصريين بالخارج بشأن شقق «بيت الوطن».. إتاحة حجز أكثر من وحدة سكنية    فلسطينيون ينزحون مجددا بعد معاودة الهجوم الإسرائيلي على شمال غزة    وزيرة التضامن تتوجه إلى البحرين للمشاركة في المنتدي الدولي لريادة الأعمال    ببلاش ودون ولا مليم..مشاهدة مباراة برشلونة وريال سوسيداد ومجانا    أنشيلوتي يستعد لنهائي "الأبطال" بإجازة 3 أيام    امتحانات الصف الأول الثانوي 2024.. أهم أسئلة اللغة الأجنبية والجغرافيا    إحالة متهم بقتل شخص بسبب الخلاف مع نجله في الإسكندرية للمفتي    تأجيل الاستئناف في إعادة محاكمة 8 متهمين ب "خلية المطرية الثانية"    الخميس.. أعمال الموسيقار محمد عبدالوهاب ووردة في حفل فني على مسرح أوبرا دمنهور    كبير الآثريين: توجد مسارات مقدسة لجميع الأديان على أرض مصر    فرقة الإسماعيلية تقدم "الرابع والثمانون" على مسرح القصر    ضوابط الحج وأفضل الأعمال المستحبة خلال شهر ذي الحجة    «الرعاية الصحية»: 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الشامل    وزير الصحة يبحث مع نظيره اليوناني فرص التعاون بشأن مرافق الرعاية الصحية والسياحة العلاجية    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    جنوب أفريقيا: نرحب بتغير موقف الرأي العام الدولي بعد قضيتنا أمام محكمة العدل    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي الخامس عشر    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    " فاينانشيال تايمز": آمال بايدن الانتخابية تتراجع مع ارتفاع الأسعار والتضخم مرة أخرى    روسيا: مقتل15 شخصا على الأقل في هجوم على مجمع سكني في بيلجورود    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    تقديم معهد معاوني الأمن 2024.. الشروط ورابط التقديم    هل ويست هام قادر على إيقاف مانشستر سيتي؟ رد ساخر من ديفيد مويس    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    تصفيات المونديال.. حكم كيني لمباراة مصر وبوركينا فاسو وسوداني لمواجهة غينيا بيساو    مرسيدس تتخلى عن خطة إنتاج سلسلة موديلات تقتصر على السيارات الكهربائية اعتبارا من 2028    رئيس هيئة قناة السويس: 9 مليارات دولار إيرادات متوقعة للقناة بموازنة 2024/25    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    عبدالرزاق يفتتح أعمال الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة السياسات المالية والضريبية    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي 15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    "صدر المنصورة" تحصد المركز الأول ضمن فعاليات مؤتمر جميعة الأمراض الصدرية    ساوثجيت ينفي شائعات انتقاله لتدريب مانشستر يونايتد    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    قبل جلساته لمناقشة "قانون العمل".. ماذا تعرف عن المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي بشأن العمل؟    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيطاليا ومخطوطات ابن رشد
حفنة كلام..

لم تكن مفاجأة كبرى أن تشارك إحدى المكتبات الإيطالية بمعرض أبوظبى الدولى للكتاب فى الأسبوع الماضى بعشرات المخطوطات العربية والإسلامية، ومنها مخطوطات ابن رشد وابن طفيل وغيرهما؛ وحينما مضت الدكتورة عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ) إلى مكتبة سوهاج بصعيد مصر، وجدت مخطوطا كبيرا ضاع أوله، ومكتوب عليه "كتاب فى الأدب لمؤلف مجهول" وراحت تقرأ لتكتشف أن المخطوط الماثل أمام عينيها هو "رسالة الغفران لأبى العلاء المعرى" فقامت بتحقيقها ونشرها.
وحينما قَدِمَ مَلِك إسبانيا إلى مصر زار دار الكتب بها، وهناك ودَّ المدير أن يُكْرم الزائر فأحضر له أقدم مخطوط فى مصر وقدّمه إليه؛ تطلَّع الملك فى انبهار ودهشة لخطوط المخطوط وزخارفه وألوانه، وراح المدير يلح على الملك أن يمسك المخطوط ولكن الملك اعتذر فى دبلوماسية خوفاً على الورق من عرق يده!
تداعت إلى هذه الحكاية وأنا أستمع لأحد الأصدقاء وهو يحكى لى عندما كان فى عاصمة دولة عربية وزار دار المخطوطات بها، وسأل الموظف المختص عن إحدى المخطوطات فقال له إنها موجودة وسيحضرها له؛ فأحضر مقعداً خشبياً عتيقا ليعلو فوقه حتى يصل إلى المخطوط المنشود ولما كان المخطوط أعلى من قامة هذا الموظف مضافا إليها ارتفاع المقعد وضع الموظف عدداً من المخطوطات فوق المقعد وقفز فوقها بحذائه المغبر باحثاً فى أعلى الرف عن المخطوط المنشود !
وأذكر أنى شددت الرحال لزيارة عجوز ورثَت مخطوطات عديدة عن زوجها الذى توفى قبل مولدى وبعد أن حكت لنا عن ذكرياته معها وكيف كان يعاملها بلطف واحترام طلبتُ منها أن تُطْلعنى على المخطوطات، فقالت لى إنها لم تفتح دولابها الخشبى منذ وفاة المرحوم وبعد لأى وبحثٍ عن المفتاح فتحته لنجد المخطوطات تسرح فيها الأرَضة محوّلة معظمها إلى كوم تراب!
أما ما حدث فى إحدى قرانا فقد كان أشنع إذ لم يترك أحدهم سوى مخطوط واحد كبير وبعد وفاته وُزّع الميراث وكذلك أوراق المخطوط أيضا؛ فَقُطّع المخطوط، وذهبت أوراقه هدراً بين الورثة. ومن يدرى فربما وضعت إحدى الوارثات أوراقها المخطوطة فى وسادة تنام عليها التماساً للبركة! ومع العَرَق ستضيع ملامح الكلمات إلى الأبد كما ضاعت أقدم مسرحية فرعونية – وهذا ما كتبه عالم المصريات الشهير سليم حسن – فقد دّوَّنَ الأديب الفرعونى القديم مسرحيته نحتاً على حجر دائرى كبير فى أحد معابد صعيد مصر وأخذه أحد المزارعين وجعله طاحونا يطحن بها الحبوب لأهل القرية والقرى المجاورة، ودارت الطاحون وضاع النص المنحوت، وحينما اكتشفته بعثة الآثار كان النص المتبقى بقايا مسرحية كُتبت قبل أكثر من خمسة آلاف سنة!!
مَنْ يجمع هذه المخطوطات؟ من يعمل على ترميمها وتصنيفها وتحقيقها؟ لا أقصد هنا المخطوطات المحفوظة لدى الدول – وهذى حالها لا يسر أيضا – بل أعنى المخطوطات المتناثرة فى أرجاء الوطن العربى والعالم الإسلامى والمملوكة لأشخاص، ألا يوجد موقع واحد عبر الإنترنت نعرف إن كانت هذه المخطوطة حُقّقت أم لما تحقق بعد؟ حتى لا نجد التحقيقات المتوازية فى أكثر من قطر عربى بينما آلاف المخطوطات لما تحقق بعد. ألا توجد هيئة عامة تفاوض هؤلاء الأشخاص وتشترى منهم ما يمتلكون وإن رفضوا فعلى الأقل تصويرها ونشرها؟ لقد عثرت بنت الشاطئ فى صعيد مصر على مخطوطة رسالة الصاهل والشاحج لأبى العلاء المعرى وقد ضاع عنوانها وكتب أحدهم رسالة فى الأدب لمؤلف مجهول!!
من المؤسف ومن المفرح فى آن واحد أن آلاف المخطوطات العربية والإسلامية وجدت طريقها نحو مكتبات العالم ولا سيما الألمانية فربما لو ظلت قابعة فى بيوتنا لقُضى عليها؛ آلت هذه المخطوطات إلى المكتبات الألمانية بالجامعات والبلديات من خلال الشراء أو الاستيلاء عليها من الأقطار العربية والإسلامية لكنها – وبحق- وجدت من يسعى إلى حفظها وتصنيفها وفهرستها والعمل على تحقيقها، وإن نظرة فى أعداد هذه المخطوطات لتوضح لنا أهميتها كذخائر تراثية لا تقدر بثمن ؛ فقد احتلت مكتبة برلين الوطنية نصيب الأسد من هذه المخطوطات الإسلامية إذ إن عددها يربو على العشرة آلاف مخطوط مفهرسة فى عشرة مجلدات، يقع كل مجلد فى حوالى ألف صفحة، وفى مكتبة جامعة جوتنجن حوالى ثلاثة آلاف مخطوط من نفائس التراث العربى، وفى مكتبة جامعة توبنجن بجنوب ألمانيا العديد من المخطوطات الذخائر ناهيك عما بها من كل إصدارات العالم العربى والإسلامى من كتب ودوريات منذ اختراع المطبعة، جاوز عمر بعضها المائة عام واختفت من المكتبات العربية وصار الحصول على بعضها ضربا من المستحيل، مما يجعل دورها دوراً ثنائيا فى خدمة المخطوط والمطبوع من الفكر العربى، ولقد عثرتُ فى إحدى زياراتى على مخطوط فريد فى العروض العربى وهو مخطوط "كتاب العروض" لعلى بن عيسى الربعى ت 420ه وقمت بتحقيقه وعلى الرغم من مضى أكثر من ألف عام على المخطوط إلا أن حالته جيدة، وقد اغتظتُ ذات مرة من المبالغة فى حفظ المخطوطات، وكانت إحدى موظفات المكتبة ترمقنى وأنا أقلّب المخطوط فودّت أن تقلب لى المخطوط بدلا عنى؛ فَصِحت بها فى لطف ممازحا:
ربما يكون هذا المخطوط مِلكا لجدي! فردّت: لكن لم يحافظ عليه أبوك!!
موضوعات متعلقة..
- أبو الفضل بدران: لابد أن يمتلك الشعب المصرى وعيا فكريا بما يدور بالبرلمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.