من سمات أى وطنى - يرفع شعار حب مصر - فى تعامله مع الأزمات والأحداث التى تمر بها مصر أن يتصف بالحكمة والتعقل فى معالجة المواقف والأزمات، بحيث لا يكون سببا فى اضطرابات وفتن يسعي لنشرها ضعاف النفوس وأرباب الفتن باستغلالهم أى موقف تتعرض له مصر من أبنائها- وإن كان عن حسن نية - لبث الفوضي ونشر الفتن للعودة بمصر إلي الوراء. وقد أثرت التريث فى الكتابة، وبالأحري فضلت استخدام دواء الصمت الناجع فى أى فترة عانت فيها مصر من أحداث لا تحسد عليها، حتي لا تكون جلبة الأصوات مثبط لهمم الرجال الساعيين إلي نقل مصر إلي الأمان. وكم كنت أود أن يستخدم المرء تلك الأسلحة فى الأزمة الناشئة حالياً بين الداخلية والصحافة، وكلاهما مكون مهم وأساسى فى إرساء قواعد النظام وتأصيل مبدأ الحريات والحفاظ علي سلامة المجتمعات، ويضم فى صفوفه وطنيون من خيرة أبناء الشعب، الذين يسعون لرفعة وازدهار مصر. ولعل أكثر ما أخشاه فى هذه الأزمة، وأراه خطراً قد يثقل كاهل الدولة، ويعطلها عن مسيرتها هو أن يستغل هذا الموقف أولئك الذين يصطادون فى الماء العكر ليبثوا سمومهم، وينفذوا أجنداتهم، فيتشدقوا بعبارات الوطنية والحريات لتحقيق أهدافهم الخبيثة وتهييج الشعب، وتأصيل مبدأ العداء بين مكونات المجتمع المدنى. وهذه نقطة خطيرة لابد أن يعيها المسئولون فى تعاملهم مع القضية، ويفوتوا الفرصة علي هؤلاء المرضى بعقلانية وحكمة فى تعاملهم مع الأزمة الجارية. فنحن جميعاً فى سفينة واحدة تبحر بنا لنصل دائما إلى بر الأمان، وحين يتخاصم اثنان علي ظهرها، فلابد أن يسعي العقلاء إلي إنهاء الانقسام ورأب الصدع، لكى لا يتعرض مركبنا للخطر. ولعل أخطر مافى هذه الأزمة - من وجهة نظرى - هى لغة التحدى الواضحة فى مطلب إقالة السيد وزير الداخلية، وهذا مؤشر خطير لو تم تحقيقه لفتحنا الباب لأى فئة لتخرج علينا بكل تصميم وتطالب بإقالة أى مسئول ! فالمتربصون لسقوط مصر كثر، وللأسف يعيشون علي أرضها، فضلاً أن مصر مازالت تعانى من الفاسدين مثيرى الفتن، ولم تنته بعد من حملتها لاجتثاث الإرهاب، وحينها سنعود للمربع الأول، لنعانى مما عانت منه الدولة إبان حكم الإخوان من فوضي واضطرابات عطلت مسيرة العطاء. فلابد من تفويت الفرصة علي كل يعمل علي استغلال الأزمة ليبث سمومه، وألا نكون ذريعة لهم وسبباً فى زعزعة الاستقرار فى مصر، فالمصلحة العليا تقتضى منا تحكيم العقل والتعامل بالحكمة، حفظ الله مصر ومن عليها.. آمين آمين آمين.