استعدادا لشم النسيم ..رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات الجامعية    سعر الدينار الكويتي اليوم الأحد 5-5-2024 مقابل الجنيه في البنك الأهلي بالتزامن مع إجازة عيد القيامة والعمال    وزير المالية: 3.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء وشركات المياه و657 مليون ل«المزارعين»    وزيرة إسرائيلية تهاجم أمريكا: لا تستحق صفة صديق    تشكيل ليفربول المتوقع ضد توتنهام.. هل يشارك محمد صلاح أساسيًا؟    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثي سير منفصلين بالشرقية    الإسكان: 98 قرارًا لاعتماد التصميم العمراني والتخطيط ل 4232 فدانًا بالمدن الجديدة    «الري»: انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي والدلتا    الإسكان تنظم ورش عمل حول تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء    استقرار ملحوظ في سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم    العمل: توفير 14 ألف وظيفة لذوي الهمم.. و3400 فرصة جديدة ب55 شركة    ماكرون يطالب بفتح مجال التفاوض مع روسيا للوصول لحل آمن لجميع الأطراف    مسؤول أممي: تهديد قضاة «الجنائية الدولية» انتهاك صارخ لاستقلالية المحكمة    أوكرانيا تسقط 23 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    رئيس الوزراء الياباني: ليس هناك خطط لحل البرلمان    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    اتحاد القبائل العربية: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة «مدينة السيسي» هدية جديدة من الرئيس لأرض الفيروز    فيديو.. شعبة بيض المائدة: نترقب مزيدا من انخفاض الأسعار في شهر أكتوبر    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    كرة طائرة - مريم متولي: غير صحيح طلبي العودة ل الأهلي بل إدارتهم من تواصلت معنا    «شوبير» يكشف حقيقة رفض الشناوي المشاركة مع الأهلي    شوبير يكشف مفاجأة حول أول الراحلين عن الأهلي بنهاية الموسم    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد في الأسواق (موقع رسمي)    الزراعة: حديقة الأسماك تستعد لاستقبال المواطنين في عيد شم النسيم    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    حدائق القاهرة: زيادة منافذ بيع التذاكر لعدم تكدس المواطنيين أمام بوابات الحدائق وإلغاء إجازات العاملين    التصريح بدفن شخص لقي مصرعه متأثرا بإصابته في حادث بالشرقية    السيطرة على حريق التهم مخزن قطن داخل منزل في الشرقية    وفاة كهربائي صعقه التيار بسوهاج    نجل الطبلاوي: والدي كان يوصينا بحفظ القرآن واتباع سنة النبي محمد (فيديو)    يعود لعصر الفراعنة.. خبير آثار: «شم النسيم» أقدم عيد شعبي في مصر    تامر حسني يدعم شابا ويرتدي تي شيرت من صنعه خلال حفله بالعين السخنة    سرب الوطنية والكرامة    الكاتبة فاطمة المعدول تتعرض لأزمة صحية وتعلن خضوعها لعملية جراحية    حكيم ومحمد عدوية اليوم في حفل ليالي مصر أحتفالا بأعياد الربيع    رئيس «الرعاية الصحية» يبحث تعزيز التعاون مع ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة    صحة الإسماعيلية تنظم مسابقات وتقدم الهدايا للأطفال خلال الاحتفال بعيد القيامة (صور)    أخبار الأهلي: تحرك جديد من اتحاد الكرة في أزمة الشيبي والشحات    وزير شئون المجالس النيابية يحضر قداس عيد القيامة المجيد ..صور    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو..خطاب تاريخى لشيخ الأزهر أمام البرلمان الألمانى.. الإمام الأكبر:ديننا لا يبيح قتال غير المسلم بسبب رفضه للإسلام.. ولا يجوز للمسلم أن يمنع زوجته المسيحية من ممارسة شعائرها..ونواجه تحريفا للدين
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 03 - 2016

نقدر الموقف الإنساني للمستشارة ميركل تجاه الفارين من جحيم الحروب وويلاتها في الشرق وتنديدها بالإسلاموفوبيا قائلةً: الإسلام جزء من ألمانيا
ليس لي انتِمَاء سياسيِّ أو توجه حِزبيِّ ولا أتبنَّى أيَّة أيديولوجيَّة من أيديولوجيات اليمين أو اليسَار
أبحث عن السَّلام وأتمَنَّاه لكل النَّاس مَهْمَا اختلفت أوطانهم وأجناسهم وقوميَّاتهم
الإمام الأكبر لمسلمي أوروبا: أنتم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الأوروبي فحافظوا على تعاليم الإسلام وصورته السمحة
عُلَمَاء الأزهر يُواجهون الآن في كل مكان الأفكار المَغلُوطة التي تَحرف الدِّين وتستغله في الدعوة إلى الفِتنة العَمْيَاء الَّتى تَسْتَحِلّ الدِّمَاء وتُدَمِّر الأوطَان
جئت أُخاطِب عَدالتكُم فى إنصاف هذا الدِّين الذى يستحق منكم أن تدفعوا عنه
ليس صحيحًا ما يقال عن الإسلام من أنه دين قتال أو دين سيف
الجهاد فى الإسلام ليس منحصرًا فى القتال الذى هو رد العدوان
الإسلام لا يأمر المسلمين بالجهاد المسلح ولا يحضهم عليه إلا فى حالة رد العدوان
لو أنَّ كل دين من الأديان السَّمَاويَّة حُوكِم بما يقترفه بعض أتباعه من جرائم والقتل والإبادة لَمَا سَلِمَ دين من الأديان من تُهمَة العُنف والإِرهاب
الكثيرون فى الشَّرق العَربى والإسلامى لا يعرفون من الغرب إلا سياسة الكيل بمكيالين
ألقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، خطابًا عالميًا، فى البرلمان الألمانى "البوندستاج"، اليوم الثلاثاء، حيث أكد فى كلمته على تقدير الأزهر الشريف للموقف الإنسانى للمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، تجاه الفارين من جحيم الحروب وويلاتها فى الشرق، وتنديدها بالإسلاموفوبيا قائلة: "الإسلام جزء من ألمانيا".
كما أكد الإمام الأكبر فى كلمته أنه ليس لديه أى انتِمَاء سياسى أو توجه حِزبى ولا يتبنى أيَّة أيديولوجيَّة من أيديولوجيات اليمين أو اليسَار، وسيشدد على سعيه الدائم فى البحث عن السَّلام وتمنيه لكل النَّاس، مَهْمَا اختلفت أوطانهم وأجناسهم وقوميَّاتهم، وكيفما كانت أديانهم وعقائدهم ومذاهبهم.
كما خاطب الإمام الأكبر مسلمى أوروبا قائلا لهم: "أنتم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطنى الأوروبى فحافظوا على تعاليم الإسلام وصورته السمحة، موضحا دور عُلَمَاء الأزهر وكيف أنهم يُواجهون الآن فى كل مكان الأفكار المَغلُوطة التى تَحرف الدِّين وتستغله فى الدعوة إلى الفِتنة العَمْيَاء الَّتى تَسْتَحِلّ الدِّمَاء وتُدَمِّر الأوطَان.
وقدم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، التحية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فى كلمته بالبرلمان الألمانى البوندستاج ، قائلا: "أقدِّر لها باسم الأزهر الشريف، موقفها الإنسانى النبيل من الرجال والنساء والأطفال الفارِّين من جحيم الحُروب وويلاتها فى الشرق، رغم ما قد تعانيه هذه السيدة الفاضلة من ظروف ضاغطة لم تستطع أن تثنيها عن هذا الموقف الشجاع الذى سيكتبه لها التاريخ بحروفٍ من نُور، وقد أصدر الأزهر بيانًا شكر فيه المستشارة ميركل على أريحيتها الكريمة تجاه الإسلام والمسلمين حين شاركت فى مظاهرات برلين المندِّدة بالإسلاموفوبيا وثبَّتت – فى شجاعة الأبطال – مقولة الرئيس الألمانى الأسبق كرستيان فولف: "إن الإسلام جزء من ألمانيا".
وتابع: "ما جئتكم واعِظًا ولا متغنيا بينكم للإسلام، ولكن جئت أُخاطِب عَدالتكُم فى إنصاف هذا الدِّين الذى يستحق منكم أن تدفعوا عنه ما لحق به من ظلم وتهم، يبرؤ منها وينكرها أشد الإنكار، بسبب تصرفات قلة من المنتسبين إليه، الذين فهموه فهمًا قبيحًا، وقدمته للناس فى صورة دين دموى يعادى الإنسانية ويدمر الحضارات.
وقال إنه ليس صحيحًا ما يقال عن الإسلام من أنه دين قتال أو دين سيف، فلفظة «السيف» هذه ليست من ألفاظ القرآن ولم ترد فيه ولا مرة واحدة، مضيفا أنه يؤمن المسلمون بأن الله أرسل محمدًا رحمة للعالمين، وليس رحمة للمسلمين فحسب، بل أرسله الله رحمة للإنسان والحيوان والجماد والنبات.
وتابع بأن الإسلام لا يبيح قتال غير المسلم بسبب رفضه للإسلام أو لأى دين آخر، فالله كما خلق المؤمنين خلق غير المؤمنين أيضًا/ وما خلق الله غير المؤمنين ليأمر بقتلهم واستئصالهم، فهذا عبث لا يليق بحكمة البشر، فضلًا عن الحكمة الإلهيَّة، وحريَّةُ العقيدة مكفولة فى القرآن بنص صريح، وذلك فى قوله تعالى: "فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ" {الكهف: 29}. وقوله أيضًا: "لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ"{البقرة: 256}.
وأضاف أنه لم يسجل التاريخ عن المسلمين فى البلاد التى حكموها حالة واحدة خيروا فيها أهل البلاد بين اعتناق الإسلام أو السيف، بل كانوا يُقِرُّون أهل هذه البلاد على أديانهم وعاداتهم وتقاليدهم، ولا يرون بأسًا من العيش بجوارهم والاختلاط بهم والتزاوج معهم.
وأضاف أنه ليس صحيحًا، بل من الخطأ الفاحش ما يقال من أن الجهاد فى الإسلام هو حمل السلاح لقتال غير المسلمين وتعقبهم والقضاء عليهم، ومما يؤسف له أشد الأسف أن يُروَّج هذا الفهم الخاطئ والتفسير المغرض لنصوص القرآن والحديث للإساءة إلى الإسلام والمسلمين.
وقال: "شريعة الإسلام شريعة مؤسسة على مبادئ العدل والمساواة والحرية وحفظ كرامة الإنسان، وقد أعلن نبى الإسلام مبدأ المساواة بين الناس فى زمن لم يكن قد نضج فيه العقل البشرى لأن يستوعب فحوى هذا المبدأ أو يتصوره، لأنه لم يكن يعرف مجتمعًا غير مجتمع الطبقية والعبيد والسادة، ورغم ذلك أطلق محمد صلى الله عليه وسلم صرخته الخالدة: «النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمِشْطِ»، ولم تمض على وفاة النبى عشر سنوات حتى جاء الخليفة الثانى عمر بن الخطاب ليصرخ هو الآخر فى وجه أحد الولاة المسلمين، وهو يُعنِّفه: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا».
وأضاف أنه لديكم فى أوروبا من القوانين والتشريعات كثير مما يتطابق وتشريعات الإسلام –فى هذا المجال- روحًا ونصًا، وبخاصَّة تلكم التشريعات التى تحفظ للإنسان كرامته وتؤمِّن له حريته، وتحقق له العدالة والمساواة مع غيره، بغض النظر عن انتماءاته الدينية أو العرقية.
وخاطب المسلمين قائلا: أقول لأبناء دينى من المسلمين الذين يعيشون فى أوروبا وأصبحوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الأوروبى الاجتماعى المتماسك، أن يراعوا هذه القِيَم العُليَا لمجتمعاتهم التى يعيشون على أرضها، وأن يفيدوا منها فى تقديم صورة مماثلة، عن الإسلام وتعاليمه السمحة الجميلة، التى تحترم الآخر، بغض النظر عن دينه أو مِلَّته أو جنسه، وأن يكونوا على ذكر دائم لقوله تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" {سورة رقم60، الآية: 8}.
وأضاف: "أننى كم وددت لو أن كل مسلم يعيش فى أوروبا كتب هذه الآية فى لوحة جميلة ووضعها على مكتبه أو متجره، أو على شاشة هاتفه النقال، وتذكَّر فى كل حين، أنَّ البِرَّ الذى هو قِمَّة الأدب والإحسان مع الوالدين، مطلوب هو بعينه مع من يسالمنا ولا يقاتلنا، وأن القسط والعدل والوفاء هو خُلق المسلم مع أخيه فى الإسلام وأخيه فى الإنسانية سواء بسواء".
واستطرد قائلاً: "أمَّا المرأة فهى فى شريعة الإسلام شريكة الرجل فى الحقوق والواجبات، وبتعبير نبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»، ولا تظنوا أيُّهَا السَّادة أن بعض ما تعانيه المرأة الشرقيَّة من تهميش هو بسبب تعاليم الإسلام، فهذا زعم باطل، والصحيح أن هذه المعاناة إنَّما لحقتها بسبب مخالفة تعاليم الإسلام الخاصة بالمرأة، وإيثار تقاليدَ عتيقة وأعراف بالية لا علاقة لها بالإسلام، وتقديم هذه التقاليد على الأحكام المتعلقة بالمرأة فى الشريعة الإسلامية وقد فقد المجتمع المسلم كثيرًا من طاقاته الخلاقة والإنتاجية حين سَمَحْنا – نحن المسلمين - بتهميش دور المرأة وإقصائها عن مواقع التأثير فى مجتمعاتنا الشرقية.
وتابع أن التعَدُّديَّة بينَ النَّاس واختلافُهم طبيعة قرَّرها القُرآن الكَريم، ورتَّب عليها قَانُونَ العَلاقَة الدَّوليَّة فى الإسلام، وهو «التَّعَارُف» الذى يَسْتَلزم بالضَّرورَة مبدأ الحوار مع من نتفق ومن نختلف معه، وهذا ما يَحتاجه عالَمُنا المُعاصِر -الآن- للخروج من أزماته الخانقة، ومن هنا كان من الصعب على المسلم أن يتصوَّر صَبَّ النَّاس والأُمَم والشعوب فى دين واحد أو ثقافة واحدة، لأن مشيئة الله قضت أن يخلق الناس مختلفين حتى فى بصمات أصابعهم.
وأشار إلى أنه كان من الطبيعى والمنطقى أن ينفتح الإسلام على المسيحيين واليَهُود انفتاحًا لافتًا للنظر، ويمد معهم من جسور العيش المُشْتَرك والسَّلام المُتبادَل، ما يصل إلى إقرار زواج المُسْلِم من مَسِيحيَّة أو يَهُوديَّة تبقى على دينها مع زوجها المُسْلِم، ولا يجوز لزوجها المسلم أن يحول بينها وبين الذِّهاب إلى كنيستها أو مَعْبَدها، أو يمنعها من مُمَارسة شعائرها فى بيت زوجها المسلم.
وخاطب الحضور: "لَعَلَّ بعض حضراتكم أيُّهَا السَّادة النواب المحترمون! – يتهامس مُعترضًا على ما أقول، أو مُتسائلِاً مُستنكِرًا فيما سمع: إذا كان الإسلام والمسلمون بهذه الصورة الورديَّة المُضيئة، فكيف خرجت الحركات الدِّينيَّة المُسَلَّحَة من عباءَة الإسلام والمسلمين، مثل «داعِش» وأَخواتها. تَقْتُل وتُدَمِّر وتقطَع الرِّقَاب بِاسْمِ الله وبِاسْمِ الإسلام وشريعته، ألا تهدم هذه المشاهد اللا إنسانيَّةُ المُرعبة كلَّ ما قُلتَه عن الإسلام من أنَّه دين السَّلام والأخوة الإنسانيَّة والتراحم بين النَّاس؟".
وقال: "إجابتى على هذا السُّؤال – باختصار- هى: لو أنَّ كل دين من الأديان السَّمَاويَّة حُوكِم بما يقترفه بعض أتباعه من جرائم والقتل والإبادة لَمَا سَلِمَ دين من الأديان من تُهمَة العُنف والإِرهاب، ذلك أنَّ الإرهابيين الَّذين يُمارسون جرائمهم باسم الأديان لا يمثلون هذه الأديان، بل هم – فى حقيقة الأمر - خائنون لأمانات الأديان التى يزعمون أنهم يقاتلون من أجلها".
وشدد على أن الأديان إنَّما تُفهَم من تعاليمها الإلهيَّة ومن تطبيقات الأنبياء الَّذين حملوا هذه التعاليم وبلَّغوهَا للنَّاس ودعَوهم إليها.. هكذا كانت رسالة سيدنا محمد، وهكذا كانت رسالة سيدنا عيسى وسيدنا موسى وكل رسالات السَّمَاء إلى البَشر.
وأضاف أنَّ هذا الإِرهاب الَّذى نعانيه جميعًا الآن أدَانَه العَالَم الإسلامى كله، شعوبًا وحكومات وأزهرًا وكنَائِس وجامعات ومفكرين ومثقفين وغيرهم، وأنه علينا جميعًا –مسلمين وغير مسلمين- أن نقف صفًا واحدًا لمجابهة التطرف والإرهاب والظلم بجميع أشكاله، وأن نبذل أقصى ما يمكن من أوجه التعاون من أجل القضاء على هذا الوباء القاتل.
وأوضح أن الإرهاب لا يُفَرِّق بين ضَحايَاه ما داموا لا يعتنقون أيديولوجيته وأفكاره المُتطرِّفة، وإذا كان البعض لا يزال يعتقد أن الإسلام يبرر جرائم الإرهاب فعلى هذا البعض أن يتذكر أنَّ المُسْلِمين هم من يدفعون ثمن هذا الإرهاب من دمائهم، وأشلاء أجسادهم ونسائهم وأطفالهم أضعاف أضعاف ما يدفعه غير المسلمين من ضحايا هذا الوباء، فكيف يصح فى الأذهان أن ينسب المسلمون إلى هؤلاء القتلة الذين يبرؤ منهم الإسلام والمسلمون أنفسهم.
وقال الإمام الأكبر: لعلكم تتفقون معى فى أنَّه لا مفر للشرق والغرب حيال هذا الإرهاب العابر للقارَّات من انفتاح حقيقى متبادل بين الأديان والمؤمنين بها، بل لا مفر من صنع السلام أوَّلًا بين رجال الأديان وعلمائها، وأنا مِمَّن يؤمنون بقوة بالشعار الذى أطلقه منذ وقت قريب اللاهوتى المعاصر هانس كونج «Hans Kung» وأعلن فيه أنه: «لا يمكن أن يكون ثم سلام بين الشعوب مادام لا يكون ثَمَّ سلام بين الأديان»( ).. وهو نفس الشعار الذى أطلقه شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغى فى لندن عام (1936) عندما نادى بالزمالة العالمية والفهم الصحيح المتبادل بين حضارة الغرب وحضارة المسلمين".
وأشاد الإمام الأكبر بالمجتمع الأوروبى، قائلا: اسمحوا لى أن أقول: إنَّنِى حين أتحدَّث عن مجتمعاتكم بشيء من الإعجاب بسياساتكم التى تقوم على المُسَاواة والدِّيمُوقراطيَّة ورعاية حُقُوق الإنسان، يَسألنى البعض مُستنكِرًا: إذا صحَّ ما تقول فيما بين الشعوب الأوروبيَّة فإنَّنَا لا نَرى شيئًا من ذلك فى كثير من مواقف الغَرب حِيال البلاد الإسلاميَّة، فالكثيرون فى الشَّرق العَربى والإسلامى لا يعرفون من الغرب إلا سياسة الكيل بمكيالين، وسياسة المصالح الخاصة التى لا تراعى مصالح الشعوب، ويضربون من الأمثلة على ذلك ما حدث فى «العراق» و«ليبيا» وغيرهما.
ووجه رسالة إلى الغرب قائلا: رسالتى إليكم أو رجائى الكبير هو أنْ تعملوا – باهتمام – على تغيير هذه النَّظرة القاتِمة المتشائمة، ولَعَلَنا نبدأ معًا صفحة جديدة نعمل فيها على ترسيخ السَّلام العَالمى، وإخماد نيران الحروب ووقف شلالات الدماء والفرار من الأوطان، وحل القضية الفلسطينية حلًا عادلاً يضمن السلام والاستقرار فى المنطقة. فهذه يدى ممدودة إليكم للعمل سويًّا من أجل هذه الأهدف الإنسانية النبيلة.. فهل من مُجيب؟.
وأضاف أنَّ الديموقراطيَّة الَّتى نتطلع لأن ترفرف أعلامها عالية خفاقة فى بلادنا العربيَّة والإسلاميَّة، لَا يمكن أن تتحقَّق بالحروب وصراع الحضارات والفوضى الخلَّاقة وأنهار الدِّماء وقعقعة السِّلاح، بل بالتبادل الحضارى بيننا وبينكم، والحوار المتكافئ غير المستبد، وبرامج تبادل التعليم والصناعة والتكنولوجيا.
وواصل حديثه قائلاً: "مَعَ أنَّ الأزهر دائم الاهتِمام بتجديد خطابه ومناهِجه التعليميَّة، إلَّا أنَّه ضَاعَف من هذه المُهِمَّة فى السَّنوات الأخيرة، ويضيق الوقت عن سَرد الخطة الشَّاملة للتجديد والتطوير، ويكفى أنْ تَعْلَمُوا أنَّ عُلَمَاء الأزهر يتصدون الآن فى كل مكان للأفكار المَغلُوطة، التى تَحرِّف الدِّين وتستغله فى الدعوة إلى الفِتنة العَمْيَاء الَّتى تَسْتَحِلّ الدِّمَاء وتُدَمِّر الأوطَان، وذلك من خلال وسائل عدة منها القوافل التى تجوب العالم للدعوة إلى السلام العالمى، وتُحصِّن عقول الشباب من التردى فى بؤرة الإرهاب، وكذلك من خلال مرصد الأزهر الإلكترونى الذى يعمل بلغات عدة، ونتوقع له انتشارًا عالميًا فى المستقبل القريب".
واستطرد: "إن الأزهر اليوم يدين جميع الأعمال الوحشية التى يقترفها دعاة الإرهاب والتى كانت كوت ديفوار آخر مسارحها الكريهة، ولا يفوتنا هنا أن نعزى الشعب الألمانى فى ضحيتهم فى هذا الحادث المؤسف".
وأشار إلى أنه يعيش فى أوروبا اليوم ما يَقْرُب من عشرين مليون مُسْلِم، معظمهم ولد فى أوروبا وأصبح أوروبيًّا، وقال: يجب أنْ يتمتع هؤلاء جميعًا بالمُسَاواة بينهم وبين المُواطِنين من أصول أوروبية، وألَّا تتركوهم يشعرون بأنَّهُم مُهَاجِرون يَعيشُون على هامِش المُجتَمَع، ويفتقدون ولاءهم لمجتمعهم الذى ينتمون إليه، فالولاء للأوطان هو «المَناعَة» القَويَّة الَّتى تَقِف ضِدَّ الانزِلاق إلى التَّطَرُّف والعُنف".
وأكد أن شُعوب الشَّرق العَربى والإسلامى لتنظُر إلى أوروبا باعتبارها الشَّريك الأقرب فى حضارة البحر المُتوسط، ومن ثَمَّ فإنَّ هذه الشعوب تعوِّل عليكم كثيرًا فى نهضاتها التنمويَّة والعلميَّة، ولا يكون ذلك إلا بالتعاون المثمر وباحترام إرادة شعوبها فى اختيار مصائرها ورسم مستقبلها.
وتابع: مرَّة أُخرى أُكَرِّر ما قُلته آنفًا من أن الأزهر إنما جاء ليمد يده إليكم، وإلى الإتِّحاد الأوروبى من خلالكم.. من أجل ترسيخ علاقات الإخاء الإنسانى، والسَّلام العالَمى بين الشَّرق والغَرب بصفة عامَّة وبين الأزهر والمواطنين المُسْلِمين فى أوروبا، الَّذين أتوجَّه إليهم فى ختامى كَلِمَتِى أمام هذا البَرلمَان العَريق بأنْ يمثلوا النموذج الإنسانى الرَّاقى للدِّين الإسلامى ولنبيهم الَّذى بُعثَ رَحْمَةً للعالَمين جميعًا وليس للمُسْلِمين وحدهم.. والأزهر مستعد لتقديم المناهج التى تعصمكم من الاستقطابات المنحرفة، وتعينكم على تمثيل دينكم الإسلامى بحسبانه دينًا صالحاً للتعايش فى كل زمان ومكان، وتذكَّروا أن دينكم هذا كانت له فى قلب أوروبا إضاءاتٌ إنسانيةٌ وحضاريةٌ، لا يزال صداها يتردد فى أروقة الجامعات الأوروبية حتى يوم الناس هذا، وحسبنا ما شهد به الأديب الألمانى، جوته ومن قبله الأديب والناقد المسرحى ليسنج للإسلام وحضارة المسلمين.
وفى ختام كلمته قال: "أننى جئت إليكم وفى قلبى أمل، يتردد مثله فى قلوب مليار وسبعمائة مليون مسلم، فى التعايش السلمى والحوار الحضارى بين الشرق والغرب، وليس أقدر على تحقيق هذه الأمنية من هذا البرلمان العريق، الذى يمثل شعبًا يقدر الحرية والديموقراطية تقديرًا حقيقيًا، جعلنا نحتفظ لألمانيا فى قلوبنا بشعور خاص وثقة نعتز بها. ونعول عليها فى علاقات متميزة فى المستقبل إن شاء الله".
موضوعات متعلقة..
ننشر نص كلمة الإمام الاكبر شيخ الأزهر بالبرلمان الألمانى
بث مباشر لكلمة الإمام الأكبر للعالم من البرلمان الألمانى
بعد قليل.. شيخ الأزهر يلقى كلمته بالبرلمان الألمانى ويوجه الشكر لميركل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.