محافظ شمال سيناء يفتتح المسجد الكبير بمدينة الشيخ زويد    الأنبا باسيليوس يترأس صلوات بصخة الصلبوت بكاتدرائية يسوع الملك بالمنيا    برلماني: تدشين اتحاد القبائل العربية لمواجهة خطط الطامعين    وظائف وزارة العمل 2024.. بالتعاون مع شركات القطاع الخاص    محافظ أسوان: توريد 102 ألف طن من القمح حتى الآن خلال موسم الحصاد الحالي    رئيس شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد تراجع 22 ألف جنيه خلال شهرين    منسق حملة مقاطعة الأسماك : الأسعار انخفضت 40% في 10 أيام    تعمير سيناء : طريق محور 30 يونيو ساهم في زيادة حركة التجارة    وزير الشباب والرياضة يتفقد معسكر "يلا كامب" بمدينة دهب    خبير: ابدأ ترسخ توطين الصناعة وإنشاء مشروعات تتوافق مع السوق المحلي والأجنبي    فيضانات البرازيل.. مصرع وإصابة العشرات وآلاف المشردين في جنوب البلاد    وفاة نجل قائد الجيش السوداني بعد تعرضه لحادث سير في تركيا    آصف ملحم: الهجمات السيبرانية الروسية تجاه ألمانيا ستظل مستمرة    الأهلي يختتم استعداداته لمباراة الجونة    أنشيلوتي يؤكد مشاركة نجم ريال مدريد أمام قادش    ردا على بيان الاهلي.. الكومي يكشف تفاصيل ما سوف يحدث في أزمة الشيبي والشحات    سبب رفض الكثير من المدربين فكرة تدريب البايرن    محافظ أسوان يتابع جهود السيطرة على حريق اندلع ببعض أشجار النخيل    بدءا من السبت.. السعودية تعلن عن إجراءات جديدة لدخول مكة    بعد غيبوبة 10 أيام.. وفاة عروس مطوبس تفجع القلوب في كفر الشيخ    نوال عبد الشافي تطرح برومو «يا خيبتو» | فيديو    ابنة نجيب محفوظ: الاحتفاء بوالدي بعد سنوات من وفاته أفضل رد على منتقديه    ريم أحمد تنهار من البكاء في عزاء والدتها (فيديو)    أجمل دعاء ليوم الجمعة.. أكثر من الصلاة على سيدنا النبي    أحمد كريمة: علم الطاقة «خزعبلات» وأكل لأموال الناس بالباطل.. فيديو    بلاش تفكير في الكلية .. نصائح حسام موافى لطلاب الثانوية العامة    مصطفى بكري ل حسام موافي: نفخر بك طبيبًا خلوقًا    «السمكة بتخرج سموم».. استشاري تغذية يحذر من خطأ قاتل عند تحضير الفسيخ (فيديو)    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    برشلونة يوافق على انتقال مهاجمه إلى ريال بيتيس    فيلم السرب.. أحمد السقا يوجه الشكر لسائق دبابة أنقذه من الموت: كان زماني بلوبيف    في تكريم اسمه |رانيا فريد شوقي: أشرف عبد الغفور أستاذ قدير ..خاص    علاء نبيل: لا صحة لإقامة دورات الرخصة C وهذا موعد الرخصة A    المحكمة الجنائية الدولية عن التهديدات ضد مسئوليها: يجب أن تتوقف وقد تشكل أيضا جريمة    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الأقباط بعيد القيامة    طليعة المهن    ضبط ربع طن فسيخ فاسد في دمياط    حبس 9 أشخاص على ذمة التحقيقات في مشاجرة بالمولوتوف بين عائلتين ب قنا    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    انتظروا الشخصية دي قريبًا.. محمد لطفي يشارك صورة من كواليس أحد أعماله    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    بقير: أجانب أبها دون المستوى.. والمشاكل الإدارية عصفت بنا    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    إصابة 6 في انقلاب تروسيكل بالطريق الزراعي ببني سويف    الجمعة العظيمة: محاكمة وصلب المسيح وختام أسبوع الآلام    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكرة للجميع.. «اليوم السابع» تطرح السؤال الصعب: ما أسباب عدم عودة الجماهير للملاعب؟.. خطايا «الألتراس» فى مواجهة شروط «الداخلية».. وتناقض الأهلى والزمالك أبرز المعوقات
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 01 - 2016

«الكورة للجماهير».. إنه ليس مصطلحا يخص مجموعات مشجعى الأندية «الألتراس» وحدهم، بل إنه واقع تعيشه الساحرة المستديرة منذ اختراعها.. فالممثلون على المسرح يبقى أداؤهم مجرد بروفات إذا لم يتواجد الجمهور، والحال نفسه على المستطيل الأخضر، فالمباريات تفقد مذاقها إذا اختفت الأصوات والانفعالات فى المدرجات.
ومنذ ثلاث سنوات تُعانى الكرة المصرية من غياب الجماهير فى المدرجات إلا فى حالات نادرة، فى ظل تخاذل واضح لمسؤولى اتحاد كرة ووزارة الرياضة، بداعى عدم وجود موافقات أمنية وتضارب تصريحاتهم بشأن موعد العودة بين الحين والآخر.. ولعل تحقيق المعادلة الصعبة بتواجد الجماهير بشكل منظم ليس مستحيلا والعبرة فى مباراة الأهلى أمام سيوى سبور الإيفوارى فى نهائى الكونفدرالية عام 2014.. ولحظاتها بعد الاحتفال الجنونى لجماهير مجموعة ألتراس أهلاوى وضباط الشرطة بتسجيل عماد متعب هدف الفوز القاتل.وجود عقبات فى طريق العودة للمدرجات سواء تناقضات مجموعات الألتراس أو القرارات الأمنية يمنع استاد القاهرة «بيت الرعب» لأمجاد الماضى مجددًا.. لكن هناك بارقة أمل تتمثل فى وجود النواب الرياضيين فى البرلمان، إذ يتوجب عليهم القيام بدور كبير فى الفترة المقبلة لإعادة الجماهير للمدرجات.
عودة الجماهير للمدرجات فى المسابقات المحلية أصبحت مطلبا شعبيا من جميع فئات المجتمع، وهو ما وعد المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء بدراسته فى الفترة المقبلة، وإعادة تقييم الوعد مجددًا لاتخاذ القرار النهائى.
عقبات فى طريق العودة.. تناقضات الألتراس.. ولوغاريتمات أجهزة الأمن.. وإعلام رياضى يرقص على المدرجات الخاوية
على مدار السنوات الثلاثة الماضية, ظهرت عقبات تحول دون عودة الجماهير لمدرجات الملاعب المختلفة من جديد, فمواقف الألتراس المتناقضة والأقوال تعلن عن رغبة صريحة بالتواجد فى الاستادات مرة أخرى دون أى خروج عن النص، إلا أن الأفعال تكشف عن اندفاع وتصرفات غير محسوبة، كما تقف اللوغاريتمات الأمنية ما بين الرفض فى أوقات، والاستجابة فى أخرى، والمواقف المتناقضة للإعلام الرياضى حائلا أمام إعادة الجماهير للمدرجات بشكل طبيعى.
تناقضات الألتراس
«الألتراس» أصبح هاجسًا أمام الحكومة المصرية تراه أمامها كلما راودتها فكرة عودة الجماهير للمدرجات مُجددًا بعد سنوات الغياب، فمجموعات مشجعى الأندية المختلفة أثارت حالة من الفزع لدى الدولة بعد الصدام المتكرر مع الداخلية منذ نشأتها، وازدياد حدته منذ مذبحة بورسعيد فى فبراير عام 2012، مما جعل عودة تلك الروابط إلى المدرجات مرة أخرى أمرا مقلقا رغم مطالباتهم المتكررة بالعودة.
وفى صباح يوم 9 فبراير 2015 قررت مجموعات الألتراس بشكل جماعى عدم حضور أى من مباريات الدورى العام فى الموسم الماضى على خلفية وفاة 22 مشجعًا زملكاويًا أمام بوابات استاد الدفاع الجوى قبل انطلاق مباراة الزمالك وإنبى، بعد محاولة مجموعة مشجعى الزمالك «ألتراس وايت نايتس» دخول الاستاد، إلا أن قوات الأمن تصدت لهم وأطلقت الغاز المسيل للدموع، لكن بعد مرور أشهر هدأت وطأة الأحداث، لذا بدأت مجموعات الألتراس فى المطالبة بالعودة للملاعب مُجددًا، وبالفعل حضرت عدد من مباريات للأهلى والزمالك والتى أقيمت خارج مصر بالكونفدرالية الأفريقية.
وضمن محاولات الألتراس العودة للملاعب، قامت مجموعتا «ألتراس أهلاوى ووايت نايتس» فى 26 نوفمبر الماضى بحضور قمة دورى كرة اليد فى الدورى المرتبط بين الأهلى والزمالك، وبالفعل نجحت التجربة لتدور أحاديث حول إمكانية إعادة الجماهيرة لملاعب كرة القدم من جديد، إلا أنه فى 17 ديسمبر الماضى احتجزت مجموعة «ألتراس أهلاوى» لاعبى الأهلى داخل فندق إقامتهم بمصر الجديدة، ومنعتهم من التوجه لاستاد بتروسبورت لخوض لقاء سموحة باستاد بتروسبورت بالجولة الخامسة من الدورى الموسم الحالى، كرسالة مفادها «نريد العودة للمدرجات»!.
تصرفات الألتراس أحدثت حالة من الاستياء، خاصة بعدما اضطر النادى للاستعانة ب«تاكسيات» لإخراج اللاعبين من فندق الإقامة للهروب من «حصار» الألتراس للحاق بالمباراة، فيما فشل حسام غالى وشريف إكرامى ثنائى الفريق والجهاز الفنى فى مُغادرة الفندق، ليتم تأجيل اللقاء لمدة ساعتين، وفى نهاية الأمر هُزم الأحمر بثلاثية.
لوغاريتمات أمنية
عودة الجماهير للملاعب تصطدم بعدم موافقة وزارة الداخلية على تأسيس المباريات قبل تنفيذ اشتراطات النيابة المصرية فى الاستادات المصرية، والمتمثلة فى تزويد الملاعب بكاميرات مراقبة وجود بوابات كاشفة للمعادن والمواد الخطرة، وكذلك صيغ لوائح صريحة تُجرم حيازة الألعاب النارية والمفرقعات، ووضع خطط بديلة لإخلاء المدرجات فى الحالات الطارئة، وتخصيص مجموعة من العاملين باتحاد الكرة يرتدون زيا مميزا للمشاركة فى تنظيم دخول الجماهير.
ومن اشتراطات النيابة أيضًا التنسيق مع إدارات الأندية لتخفيض قيمة تذاكر الدرجة الثالثة التى تشكل القاعدة العريضة من جماهير الألتراس، التى تدعى ارتفاع قيمة التذاكر، إضافة إلى دعوة إدارات الأندية لعقد لقاءات متكررة مع جماهيرها من الألتراس، خاصة قبل المباريات لوضع ميثاق عمل، وكذلك ترشيح مجموعة من مشجعى الألتراس «كابوهات» للمشاركة فى عملية تنظيم الدخول والتواجد بالمدرجات مع ارتداء زى مميز.
وبالفعل توفرت تلك الشروط العشرة لخمسة ملاعب هى: استاد القاهرة، والدفاع الجوى، وبرج العرب، والمكس، والكلية الحربية، ومع ذلك تقام المباريات بدون جماهير وحتى لقاءات المنتخب الوطنى تقام فى برج العرب بدون حضور جماهير سوى عدد من المجندين بالقوات المسلحة، بالإضافة إلى أشخاص توجه إليهم دعوات، فيما لم تبد وزارة الداخلية أى أسباب واضحة أو صريحة عن عودة الجماهير للمدرجات مثلما أعلن اتحاد الكرة عن موافقة الداخلية على عودة الجماهير فى الدور الثانى من الدورى العام، كما لم يتم إعلان أى أسباب للتراجع عن ذلك القرار.
إعلام يرقص على المدرجات
الإعلام الرياضى أصبح لاعبًا أساسيًا فى المنظومة الكروية، خاصة بعد تحولها إلى صناعة تُدر الملايين على أصحابها، وتُعد مباراة المنتخب الوطنى أمام الجزائر فى التصفيات المؤهلة لكأس العالم عام 2009 المثال الأشهر على قوة تأثير منابر الإعلام الرياضى فى المصريين بعدما نجح مذيعو الفضائيات المختلفة فى خلق ما يُشبه المعركة الحربية، لدرجة كادت تصل للقطيعة بين البلدين الشقيقين!.
ومنذ مذبحة بورسعيد تبنى الإعلام الرياضى مواقف متناقضة ما بين المطالبة بضرورة عودة الجماهير فى أوقات، ورفضها فى أخرى، ولعل الهجوم على أصحاب قرار حضور الجماهير لمباراة الزمالك وإنبى بالدورى بعد كارثة الدفاع الجوى خير مثال على المواقف المتناقضة للإعلاميين الرياضيين، خاصة أنهم نفس الأشخاص الذين طالبوا بعودة الجماهير للمدرجات فى وقت سابق.
الإعلام الرياضى فى مصر أثبت أن حقوق البث التلفزيونى أكثر ما يشغله، فالاستديوهات التحليلية أهم من تواجد الجماهير فى المدرجات والبدل والكرافات الأنيقة أفضل من قمصان الفرق!
والخلاصة أن عودة الجماهير للمدرجات ليست أمرا فارقا أو مهما للإعلام الرياضى، وبناءً عليه إذا ظل الضغط الإعلامى غائبا ستظل المدرجات خاوية.
غياب الجماهير يدفع الكرة المصرية نحو «الهاوية».. خسائر القطبين وفشل المنتخبات الوطنية دليل واضح.. واستاد القاهرة رمز ينبغى استعادته
منيت كرة القدم المصرية بالعديد من الخسائر على مدار السنوات الماضية على رأسها غياب الجماهير عن المدرجات, والتى كانت حافزا كبيرا للمنتخبات الوطنية والأندية الكبرى مثل الأهلى والزمالك لتحقيق نتائج جيدة، وإحراز بطولات على الصعيد القارى، وتحقيق نتائج جيدة على المستوى الدولى.
وتجسدت أكبر خسائر الكرة المصرية فى انطفاء أنوار استاد القاهرة الذى يُعد رمزا لكل الملاعب فى القارة السمراء والوطن العربى، خاصة بعدما تم تصنيفها مؤخرًا فى المركز ال26 على مستوى العالم فى صدارة الاستادات العربية.. فذلك الملعب أطلقت عليه الأندية والمنتخبات الأفريقة استاد الرعب، نظرا لسعته الممتدة إلى 70 ألف مشجع.. لكنه فى الفترة الماضية لم يفتح أبوابه إلا فى حالات نادرة، أشهرها نهائى الكونفدرالية بين الأهلى وسيوى سبورت الإيفوارى فى 6 ديسمبر عام 2014. العودة لاستاد القاهرة بالتحديد أصبحت أمرًا مهمًا لأنه يعد المؤشر الرئيسى على عودة الحياة لطبيعتها فى جميع الملاعب الرياضية فى مصر، لاسيما أن المنتخب الوطنى أصبح فى السنوات الماضية يلعب أغلب مبارياته على استاد برج العرب بالإسكندرية، بعيدا عن الاستاد الدولى ليفقد عنصرًا مهمًا وهو الضغط النفسى على المنافسين. ونتيجة ذلك غاب الفراعنة عن الأمم الأفريقية لثلاث دورات متتالية فى سابقة تاريخية على المنتخب المصرى بالإضافة إلى فشل منتخبات الناشئين والأولمبى.
الحال بالنسبة للأهلى والزمالك لم يختلف كثيرًا، فنتائج القطبين الموسم الحالى وكذلك الماضى تثبت أنهما فقدا ميزة أساسية وهى الجماهير وضغطهم النفسى الشديد على الفرق المنافسة، سواء فى المباريات المحلية أو فى بطولة أفريقيا.
الأهلى والزمالك.. آخر الداعمين لعودة الجماهير.. الأحمر حائر فى تحديد موقفه.. والأبيض يوافق على نوعية معينة من الجماهير.. وأندية الشركات «المستفيد»
على عكس ما يُشاع عن رغبة مجالس إدارات الأندية المصرية، ومجلس إدارة اتحاد الكرة، برئاسة جمال علام، فى إعادة الجماهير للمدرجات من جديد، فإن التصرفات على أرض الواقع تثبت غير ذلك إلى حد كبير فى ظل وجود عدد كبير من أندية الشركات والهيئات بالدورى العام، إضافة إلى أن الأندية الجماهيرية ترغب فى حضور نوعية محددة من الجماهير أو بشكل أكثر تحديدًا بعضهم لا يرغب فى وجود الألتراس.
وبما لا يدع مجالًا للشك فإن كرة القدم فى مصر تساوى الأهلى والزمالك، فالجماهيرية الطاغية للناديين تجعل قواعد اللعبة فى يدهما بالنهاية، وتجعلهما أكثر قوة من المسؤولين الرياضيين فى الدولة على اختلاف مواقعهم.. والبداية مع الأهلى ومجلسه برئاسة محمود طاهر الذى يعلن مرارًا وتكرارًا عن دعمه للجماهير وعودتهم للمدرجات، رافضًا الخوض فى مسألة تصرفات الألتراس فى محاولة إمساك العصا من المنتصف، لكن حقيقة موقف الأهلى من عودة الجماهير بشكل واضح ظهرت فى خطاب أرسلته إدارة النادى فى 10 ديسمبر الماضى للمهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، وآخر للمهندس هشام حطب، رئيس اللجنة الأولمبية، تخطرهما فيه بقرار النادى بعدم إقامة أى مباراة للفرق الجماعية على ملاعب وصالات النادى لحين حسم تأمين المباريات بواسطة وزارة الداخلية وعودة الجماهير للمدرجات.
الأهلى فى خطابه إلى وزير الرياضة، ورئيس اللجنة الأولمبية أكد كالعادة أنه أكبر الداعمين، وسيظل وراء عودة الجماهير لمكانها الطبيعى، لكنّ اتحادى كرة اليد وكرة السلة أعلنا عن إقامة المباريات بالجماهير، وألقيا بمسؤولية الحصول على الموافقة الأمنية على الأندية، وعند مخاطبة الجهات الأمنية للحصول على الموافقة المطلوبة جاء الرد بالرفض، وفى الوقت نفسه فإن النادى ليس لديه الإمكانات لتأمين الفرق والحكام والجماهير سواء داخل أو خارج الصالات المغلقة.
على النقيض مجلس إدارة الزمالك، برئاسة مرتضى منصور، أبدى موقفًا واضحًا من مسألة الجماهير، فالعودة مطروحة بشرط ألا يوجد الألتراس فى المدرجات، وفى حالة وجودهم يتلزمون ب«معايير محددة»، منها عدم استخدام الشماريخ، والتوقف عن سباب الداخلية والجيش، وعدم التعرض للجماهير المنافسة، وبالفعل قام رئيس الزمالك بعمل تجربة بالتعاون مع أجهزة الأمن بالسماح ل7 آلاف مشجع بحضور لقاء الفريق الأبيض أمام النجم الساحلى التونسى فى إياب نصف نهائى «الكونفدرالية» على ملعب بتروسبوت، وتكوّن المشجعون بالاستاد آنذاك من أعضاء الجمعية العمومية، وأبناء قطاع الناشئين بالقلعة البيضاء.
الاتحاد المصرى برئاسة جمال علام لم يمتلك موقفًا أساسًا من عودة الجماهير، سواء بالسلب أو الإيجاب، فالضبابية دائمًا تسيطر على الموقف حتى فى مباريات المنتخب الوطنى الأول الذى يلجأ مجلس الجبلاية خلالها إلى مجندين بالقوات المسلحة لمؤازرة الفريق، مُرجعًا السبب إلى الرفض الأمنى، لكن من وقت لآخر يخرج أحد مسؤولى اتحاد الكرة ليؤكد أنهم ينتظرون عودة الجماهير كالتى حضرت إلى مدرجات كأس الأمم الأفريقية بالقاهرة فى عام 2006، دون توضيح كيف تعود تلك النوعية من الجماهير، وهل هم بالأساس جمهور كرة أم جمهور للمناسبات السعيدة والاحتفالات.. وفى الوقت نفسه لم يعلن الاتحاد عقوباته على المخطئين والمتجاوزين، وبالأساس لم يستطع اتخاذ أى موقف حاسم فى القضايا المثيرة للجدل، والمثال الأبرز فى أزمة توقيع أحمد الشيخ للقطبين فى آن واحد، مما أشعل فتنة جماهيرية لم يخمدها إلا تدخل حكومى واضح.
موقف وزارة الشباب والرياضة لم يختلف كثيرًا عن اتحاد الكرة، فالحسم غائب، وهو ما تكشف عنه تصريحات الوزير خالد عبدالعزيز فى أكثر المواقف، فمؤخرًا قال: «الاستعجال فى عودة جماهير الكرة إلى المدرجات قد يعود بنا إلى الأوضاع الفوضوية التى سادت الملاعب لمدة 3 سنوات، وعلينا أن نتريث، مع العلم بأن قرار العودة من عدم العودة قرار أمنى بحت، وهناك تواصل دائم بين وزارتى الرياضة والداخلية بهذا الصدد».
وعن رأيه فى الألتراس، يقول وزير الشباب والرياضة: «شباب الألتراس غير مسيس، ولكن توجد فيه فئة مضغوط عليها بالأفكار السياسية، لكن معظمهم شباب محب للكرة» مضيفًا: «عودة الجماهير للمدرجات ستكون بقرار أمنى، وأنه سيتم فتح المدرجات، وفى حالة حدوث شغب سيواجه بكل عنف وحزم».
وتبقى أغلب أندية الدورى العام سعيدة بقرار عودة الجماهير فى ظل تواجد 12 ناديًا تابعًا لشركات وهيئات غير جماهيرية من أصل عدد 18 ناديًا بالمسابقة المحلية، وبناءً عليه يبقى ضغط إدارات الأندية غير مؤثر بالمرة فى حالة غياب الأهلى والزمالك أيضًا، مع الوضع فى الاعتبار قلة حيلة إدارات أندية، مثل الإسماعيلى والمصرى والاتحاد السكندرى وغزل المحلة فى ظل الأزمات المالية التى يتعانى منها بشكل مستمر.
بشائر الرجوع إلى المدرجات.. 13 من المشتغلين بالحقل الرياضى يدخلون البرلمان.. ونماذج عالمية تُفند مزاعم الشغب والإرهاب!
المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، والاتحاد المصرى لكرة القدم فى موقف لا يُحسدان عليه، بخصوص اتخاذ قرار بشأن إعادة الجماهير أو حتى على الأقل التحرك حيال تنفيذ هذا الأمر، فاكتفاء وزارة الرياضة بدعوة رؤساء الأندية الشعبية لعقد حوار مجتمعى بات أمرا غير مفيد، فى ظل غياب التحرك الواضح على أرض الواقع، وكذلك مسكنات الجبلاية حول التلميح بعودة الجماهير فى الدور الثانى من الدورى العام.
وبات الجميع فى انتظار انعقاد جلسات مجلس الشعب ليتم إسناد المهمة إلى جهة جديدة قادرة على دعم قرار إعادة الحياة للمدرجات، إذا كانت الحكومة غير قادرة على اتخاذه، وتمتلك الرياضة المصرية لأول مرة 13 نائبا تحت القبة، يُمثلون كل الشرائح فى الوسط الرياضى وهم: محمد فرج عامر رئيس سموحة، ومرتضى منصور رئيس الزمالك، وطارق السيد رئيس النادى الأولمبى، وثروت سويلم المدير التنفيذى لاتحاد الكرة، وسحر الهوارى عضو مجلس إدارة الجبلاية، وطاهر أبوزيد وزير الرياضة الأسبق، ولاعب الأهلى الأسبق أحمد مرتضى منصور، عضو مجلس الزمالك، والحكم الدولى رضا البلتاجى، وأحمد سعيد، نائب رئيس النادى الأهلى، والناقد الرياضى رضوان الزيات، ومحمود شحاتة رئيس نادى صيد المحلة، إضافة إلى الثنائى الذى تم تعيينهما وهما رانيا علوانى بطلة السباحة وعضو مجلس إدارة الأهلى الأسبق، وبطلة التايكوندو كارولين أمازيس.
ملف عودة الجماهير سيكون حاضرا بقوة من خلال تلك النواب من الكتلة الرياضية تحت القبة، الذين قطعوا وعودا على أنفسهم بإنجاز قانون الشغب أو ما يُسمى أيضًا بقانون حماية الجماهير فى الملاعب، إضافة إلى مناقشة قانون الرياضة وإنهاء الجدل حولهم، وفى حالة عدم تنفيذ تلك الوعود، سيكون هؤلاء النواب فى موقف سيئ أمام الأعداد التى قامت بانتخابهم.
أمّا فى حالة وضع مبررات غياب اللوائح والقوانين أو اضطراب الأوضاع الأمنية، وكذلك سلوكيات الجماهير المصرية، فإن النماذج العالمية ستكون جاهزة، وبالنسبة للوضع الأمنى فأقرب مثال ما تعرضت له فرنسا مؤخرا بعد سلسلة تفجيرات إرهابية بالعاصمة باريس، راح على أثرها 130 شخصا، إلا أن الحكومة الفرنسية رفضت إيقاف الدورى الفرنسى، رغم أن إحدى العمليات الإرهابية أرادت استهداف استاد دو فرانس، حيث كانت تجرى مباراة فرنسا وألمانيا الودية.
بعد أيام من الحادث قررت الحكومة الفرنسية إقامة جولة بطولة الدورى الفرنسى لكرة القدم فى الدرجة الأولى والثانية، بدون حضور جماهير الفرق الزائرة، كإجراء أمنى وقائى بعد الهجمات الإرهابية، وذلك على خلفية اجتماع جمع رئيس رابطة الدورى الفرنسى فيديريك سيريز مع السلطات الأمنية الفرنسية، ليتم اتخاذ قرار بالسماح لجماهير الفريق صاحب الأرض فقط بالدخول إلى الملعب. وبعد اتخاذ قرار عدم حضور الفرق الزائرة للجولة، قال وزير الرياضة الفرنسى باتريك كانر حينه: «لا يمكن للإرهاب أن يوقف الرياضة بأى حال، ستقام كأس أوروبا فى ظروف أمنية مشددة، سيتم تعزيزها فيما يتصل مع الأحداث التى نشهدها، لكن إلغاء هذا المهرجان الشعبى الكبير غير مطروح على الإطلاق».
دول أخرى اتخذت نفس المسار الفرنسى بعد تفجيرات باريس، وعلى رأسها إسبانيا، التى نظمت كلاسيكو الأرض بين ريال مدريد وبرشلونة على «سانتياجو بيرنابيو» بحضور 80 ألف مشجع، تحت حراسة 3 آلاف مجند لحماية المباراة.
القرار الأوروبى باستئناف النشاط الكروى بعد أيام قليلة من تفجيرات إرهابية هزت واحدة من أكبر العواصم الدول الأوروبية، يُفند مزاعم الاضطرابات الأمنية فى مصر، وعدم قدرة إقامة المباريات فى ظل وجود تهديدات، فالهروب من المواجهة ليس حلا، فلا بد من تطبيق القانون على المخطئ.
أمّا بالنسبة للسلوك الجماهيرى الذى يتحدث عنه المسؤولون فى مصر دائمًا، فالتجاوزات أمر موجود فى العالم، فهجوم جماهير الأهلى وترديد الهتافات العدائية ضد الإسماعيلى والزمالك أمر مرفوض، لكنه يحدث فى العالم، وكذلك قيام جماهير الإسماعيلى والزمالك بحرق القميص الأحمر يعد تصرفا غير صحيح، لكنه يحدث فى كل دول العالم أيضا. على المستوى العالمى فى 15 ديسمبر، أكد نادى لاتسيو الإيطالى أن مباراته أمام دنيبرو بيتروفسك الأوكرانى ضمن الجولة الأولى للمجموعة السابعة من الدورى الأوروبى، التى تقام بينهما على ملعب «دينيبرو أرينا» معقل الفريق الأوكرانى، لن تقام بحضور الجماهير، بسبب العقوبات التى فرضها الاتحاد الأوروبى لكرة القديم «يويفا» على دنيبرو فى الموسم الماضى. غياب جماهير لاتسيو جاء على خلفية قرار الاتحاد الأوروبى بعدم خوض مباراته الأولى للدورى الأوروبى بدون حضور جماهيرى، إضافة إلى تغريمه 70 ألف يورو، بعد اقتحام جماهيره الملعب، عقب الفوز على نابولى الإيطالى فى إياب نصف النهائى النسخة الماضية من الدورى الأوروبى، وقامت بإشعال الألعاب النارية وترديد الهتافات العنصرية.
وبالنسبة للاشتراطات الأمنية، الاتحاد الأوروبى يضع معايير واضحة للتأمين، يتم الاتفاق عليها فى مؤتمر سنوى للاطلاع على كل جديد فى نظم تأمين الملاعب، سواء داخله أو خارجه، ويسمح الاتحاد الأوروبى للأندية بالتعامل مع شركات الأمن الخاصة داخل الملعب، لكن فى الخارج تتولى الشرطة الأمر.
ويسمح الاتحاد الأوروبى للأندية بالتعامل مع شركات الأمن الخاصة، ولكن داخل الملعب فقط، للحفاظ على أمن وسلامة اللاعبين والجماهير، ولا دخل لها بعملية تأمين الشوارع ومداخل ومخارج الملعب، التى تتولاها الشرطة المدنية، وفقاً لقانون الدولة، كما وضع الاتحاد الأوروبى قائمة بالممنوعات، تضم: المعادن والعطور وزجاجات المياه، والعصى الخشبية الغليظة، كما أن هناك تفتيشا للجماهير على الأبواب، منعا لتهريب الممنوعات، وتتخذ إجراءات صارمة تجاه كل من يخالف هذه التعليمات، ورغم وجود تلك الضوابط، فإن هناك خروجا على النص يحدث فى أوروبا ويتم اتخاذ حياله عقوبات، وآخرها ما شهدته الملاعب فى هذا الصدد يتمثل فى إلغاء دربى العاصمة «أثينا» بين باناثينايكوس وأولمبياكوس فى الموسم الماضى، بسبب اقتحام جماهير باناثينايكوس لأرضية الملعب فى الدقيقة 50 من زمن اللقاء، ومحاولة الاعتداء على الضيوف، مما دفع الشرطة للتدخل بالقنابل المسيلة للدموع والهروات لتتحول أرضية الملعب إلى حرب شوارع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.