لا يمكن لكاتب دراما محترف أن يكتب سيناريو مليئاً بالمتعة والإثارة والدموع كما حدث فى مباراة كرة القدم بين غانا وأورجواى فى دور الثمانية لكأس العالم، ودون مبالغة كانت هذه المباراة هى الأكثر إثارة فى مباريات كأس العالم، حتى وإن لم تكن أكثرها متعة كروية. ولا يمكن القول إن أى فريق كان يستحق الفوز فى هذه المباراة التى تقدمت فيها غانا بهدف، وتعادلت أورجواى، وظل معلق المباراة يقول إنه التعادل العادل، حتى احتكم الفريقان لشوطين إضافيين، حملا الكثير من الإثارة، حتى وصلنا إلى أقصى درجات الدراما فى الدقيقة الأخيرة من الشوط الرابع، حين احتسب الحكم ركلة جزاء، بكى لها الأورجوانيون، وظن الغانيون وكل أفريقيا أن القارة السمراء على وشك إنجاز غير مسبوق. لكن الدراما اكتملت فصولها حين سدد أسمواه جيان المهاجم الغانى كرته فى عارضة المرمى، لينتقل الفرح إلى أورجواى، ويتحول الحزن والصمت والذهول إلى غانا، ويطلق حكم المباراة صافرته ليحتكم الفريقان إلى ركلات ترجيحية من نقطة الجزاء حسمها الأورجوانيون لمصلحتهم بأربعة أهداف مقابل ثلاثة. لم تعد الكرة ساحرة مستديرة كما يسميها المعلق المبدع ميمى الشربينى، لكنها تحولت إلى مجنونة مستديرة، تتلاعب بالناس وبالمشاعر والأحاسيس، تطلق أقصى طاقات الفرح، فى نفس الوقت الذى تفجر فيه أقصى درجات الحزن والألم والدموع. لماذا نعشق كرة القدم إلى هذا الحد الذى قد يصل إلى الجنون؟.. ربما لأنها قادرة على إخراج أحسن ما فينا.. وأسوأ ما فينا أيضا.. فهى تسعدنا وتمتعنا.. وتحزنا وتبكينا.. وهى تشعرنا بالنشوة، فى نفس الوقت الذى تعذبنا فيه، وأحياناً تجعلنا نتلذذ بهذا التعذيب، وكأنه أصبحت تختصر كل ما فى النفس البشرية من تناقضات. كرة القدم ليست ساحرة مستديرة، بل هى معذبة مستديرة.. لكننا بنفس القدر الذى نعشق فيها سحرها، نتلذذ بعذابها لنا. إلى القراء الأعزاء: الأصدقاء الأعزاء أسامة الأبشيهى وخالد الشيخ وعصام الجزيرة وعبد العظيم سليمان وطارق عامر وأسامة صابر ومحمود أبو العلا والبلجيهى ومحمود أبو راشد ومحمود المصرى ومروة والعنود.. وكل القراء.. تسعدنى تعليقاتكم جدا، وأعتبرها مهمة جدا لأنها تضيف لى الكثير، وحتى وإن لم أعلق عليها أو أتبادل الرأى معكم أحيانا فهذا لا يمنع محبتى لكم ولكل قارئ، تحمل عناء قراءة ما أكتبه، وقرر التعليق عليه.. وصدقونى أنا شخصياً أستفيد كثيراً من هذه التعليقات لأنها فى الغالب الأعم تضيف لى ولكل القراء.. شكرا لكم.