يبدو أن حركة حماس لم تأخذ التحذيرات المصرية من إضرار اختزال القضية الفلسطينية فى معبر رفح محمل الجد، فمصر عندما أعلنت على لسان الرئيس حسنى مبارك أنه "علينا أن نحاذر من اختزال القضية الفلسطينية فى غزة، واختزال غزة فى المعابر، واختزال المعابر السبعة فى معبر رفح" كانت تعلم أن إسرائيل ما زالت تقف وتساند مخططها القديم بتحميل مصر مسئولية غزة، من خلال قطع أوصال الصلة بين القطاع والضفة الغربية، وهو ما وضح فى تصريحات وزير المواصلات الإسرائيلى إسرائيل كاتس التى قال فيها منذ يومين "إنه يؤيد فكرة إغلاق جميع المعابر على حدود قطاع غزة باستثناء معبر رفح، بحيث يتم نقل جميع البضائع إلى ميناء بورسعيد المصرى عن طريق البحر ومن ثم إلى غزة عبر معبر رفح". كاتس لم يكتف بذلك، وإنما أضاف "أعتقد بأنه يمكن ربط قطاع غزة بشبكة البنى التحتية المصرية فى غضون عام واحد"، كاشفا عن نية تل أبيب الخبيثة لإنهاء القضية الفلسطينية والقضاء عليها من قلبها، وقلب فلسطين هى غزة، التى يرفض القابعون على الحكم فيها بطريقة غير شرعية الانتباه إلى هذا المخطط، وربما يؤيدونه لحاجة فى نفس يعقوب.. فحماس اختزلت القضية فى رفح، فعندما هاجمت إسرائيل القطاع نهاية 2008، تحول الهجوم الذى كانت تشنه الحركة عبر بوقها الإعلامى "الجزيرة" إلى مصر لأنها لا تفتح معبر رفح، وعندما هاجمت قوات الكوماندز الإسرائيلية أسطول الحرية تحول الهجوم إلى القاهرة مجددا، وأداة الهجوم معروفة أنها معبر رفح، وكأن هذا المعبر هو المفتاح السحرى لحل قضية فلسطين. الغريب فى خطاب حماس أنه فى حين خرج وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط، وقال "إن مصر توالى اتصالاتها بالأطراف الدولية ومع الجانب الإسرائيلى لرفع الحصار عن غزة"، مشيراً إلى أنه "تم على مدار الأيام الأخيرة الماضية متابعة تنفيذ توجيهات الرئيس مبارك فيما يتعلق بالاتصال بالجانب الإسرائيلى لحثه على تنفيذ وعد رئيس الوزراء الإسرائيلى للرئيس مبارك خلال لقائهما الأخير بالفتح الجزئى والمنتظم للمعابر الإسرائيلية على القطاع"، فاجأتنا حماس مجدداً بطلبها من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن يضغط على مصر لكى تواصل فتح المعبر، رغم علمهم اليقينى أن مصر لم تغلق أبداً المعبر فى وجه المساعدات الإنسانية التى تصل بشكل شبه يومى إلى القطاع عبر الآلية التى سبق أن حددتها مصر لدخول مثل هذه المساعدات، وهى أن يكون الدخول عبر الهلال الأحمر المصرى. لكن يبدو أن حماس لا تريد فتح المعبر لدخول هذه المساعدات، وإنما لأسباب أخرى خاصة بالحركة ذاتها، ومنها على سبيل المثال والحصر أن الفتح المستمر له بمثابة اعتراف مصرى بشرعية الانقلاب العسكرى الذى قامت به الحركة على السلطة الشرعية فى القطاع، والثانى أن حماس تريد ألا يكون هناك ضابط على دخول الأموال التى تحول لها من الخارج، وخاصة من إيران وسوريا دون أن يطلع عليها أحد، بالإضافة إلى السبب الأهم لديهم، وهو أن يكون لدى أعضاء الحركة الحرية الكاملة فى الذهاب والعودة من وإلى القطاع، دون أن تشمل هذه الحرية من ينتمون إلى فصائل أخرى وتحديدا فتح. أعتقد أن حماس وإسرائيل أصبحتا الآن مجتمعتين على شىء واحد، وهو تحميل مسئولية غزة لمصر.. وبات على مصر أن ترد بقوة على هذا المخطط الثنائى.