سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
معارك الإسلاميين مع وزارة الثقافة.. "الحجاب وفيلم نوح وعلمانية الدولة" قنابل تفجرت بين السلفيين وفاروق حسنى وعصفور والنمنم.. وباحث: الخلافات بسبب مدنية الدولة والحكم بالشريعة
"طريق واعر ملىء بالأشواك" هذا الوصف اللائقة على علاقة الإسلاميين بوزراء الثقافة، فبين كل حين وآخر نجد معركة بينهما تحدث ضجيجا ينتهى بتمسك كل طرف بموقفه وأراه، ويعتبر طرفا منهم "الإسلاميين" أن رأى رجال الدولة "وزراء الثقافة" مخالفا لصحيح الدين، بينما يعتبر الطرف الآخر "المثقفين" رأى الإسلاميين بأنه راجعى ومتشدد ويختلف تماماً مع الإسلام الوسطى. ومع إعلان أى تشكيل حكومى جديد -أى الحكومة- دائما يكون هناك بوادر تدل على وجود خلافات بين من يجلس على عرش وزارة الثقافة وبين الإسلاميين عامة، إلا أن هناك كان استثناء لهذا الأمر وهو عندما إقالة الدكتور جابر عصفور، وعين الدكتور عبد الواحد النبوى خلفا لهم، حيث اعتبر الإسلاميين أن هذا نصرا عظيما نظرا لأن "عبد الواحد النبوى خريج أزهر وغير منتمى للتيار اليسارى. تاريخ المعارك بين الاسلاميين ووزارة الثقافة فى السطور التالية رصد لأهم المعارك الفكرية التى حدثت بين المثقفين الذين تبوأ كرسى "وزير الثقافة" وبين الإسلاميين وبالأخص "الدعوة السلفية"، بدأت هذه المعارك بتصريحات فاروق حسنى وزير الثقافة فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك عندما هاجم الحجاب ووصفه بأنه تخلف ورجعية فى عام 2006، وتصاعد الهجوم وقتها ضد "حسنى" واعتبر الإسلاميين وقتها معارضة تصريحات فاروق حسنى انتصار للدين الإسلامى". فاروق حسنى يصف الحجاب بالتخلف وانتهت هذه المعركة فى جلسة مشتركة داخل مجلس الشعب بين للجنتى الثقافة والإعلام، وقبل الأعضاء اعتذار فاروق حسنى الضمنى عن تصريحاته عندما أوضح أنه ليس ضد الحجاب، وأنه يحترم كل سيدات مصر سواء كن محجبات أم لا، وأن تصريحاته مجرد رأى شخصى بعيدة عن الدين لأنه ليس فقيها للإفتاء فى ذلك. وقال وقتها افتحى سرور، رئيس المجلس فى ذلك الوقت، أن الموضوع قد انتهى عند هذا الحد بعد تأكيد الوزير على أنه ليس لديه سياسة ضد الحجاب، ولم يصدر قرارات ما بعدم جواز ارتدائه فى وزارته. جابر عصفور يعلن موافقته على عرض فيلم "نوح" أما معركة الإسلاميين مع الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق كانت بسبب موقفين الأول هو موافقة جابر عصفور عندما كان وزيرا للثقافة على عرض فيلم "نوح" أم الموقف الثانى تصريحاته بأن الحجاب ليس فرض. وشن إسلاميون على عصفور بسب مواقفه هجوما حادا واعتبروا تصريحاته تتصادم مع الدستور، وقال وقتها الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور: "لقد طالعنا وزير الثقافة جابر عصفور بتصريحات غريبة ينتقد فيها موقف الأزهر من عرض فيلم نوح ويعلن عدم التزامه واعتداده برأى الأزهر فيما تعرضه الوزارة من فنون وأعمال، قائلًا: أن الدستور هو الذى يحكمنا وليس الأزهر". ووجه "مخيون" رسالة وقتها لعصفور مفادها: "أقول لوزير الثقافة أنت تصادم الدستور الذى تدعى الاحتكام إليه ففى المادة (7) من الدستور وهو "أى الأزهر" المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية)، أى فى كل ما يخص الشأن الإسلامى سواءً فى الفن أو غيره. وأضاف "مخيون"، ألم يعلم الوزير أن فى الدستور أن الإسلام دين الدولة وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وأن المادة 227 تنص على أن جميع نصوص الدستور نسيج واحد مترابط وكل لا يتجزأ وتتكامل أحكامه فى وحدة عضوية متماسكة فإن لم يكن للأزهر كلمة فيما يخص الشأن الإسلامى فلمن تكون الكلمة ولمن تكون المرجعية؟. علمانية الدولة تجدد الخلاف وأخيرا تجدد الخلاف بين الإسلاميين وبين وزير الثقافة حملى النمنم عندما صرح بأن مصر دولة علمانية بالفطرة وأن تيار الإسلام السياسى جلب الخراب لمصر، وهذه التصريحات التى اعتبرتها الدعوة السلفية مخالفة للدستور موجهين رسالة ل"النمنم" بأن مصر دولة إسلامية. وبدوره يقول هشام النجار الباحث الإسلامى: "شهدت العلاقة بين الاسلاميين ووزراء الثقافة على مدى عقود توترات شديدة حول ملفات شائكة مثارة فى المشهد الثقافى والفكرى المصرى ليس فقط فى هذه الفترة انما منذ أوائل القرن الماضى حين أثيرت الخلافات حول مدنية الدولة والحكم بالشريعة وإشكالية مرجعية الاسلام الاجتماعية بما لحق بها من جدل حول قضايا الحجاب والخلافة والغناء والفن مما جعل التيار الاسلامى يتخندق فى الجانب الآخر المتشدد ضد هذه القضايا التى غالباً ما يتبنى المثقفون وجهة النظر المخالفة لهم". ويضيف: "وتعتبر المعارك والتوترات التى دارت بين وزراء الثقافة منذ فاروق حسنى مروراً بجابر عصفور وانتهاءاً بحلمى النمنم وبين الاسلاميين حلقة من حلقات هذا المسلسل المستمر منذ ثلاثينيات القرن الماضى" مضيفاً:"أرى من وجهة نظرى أن أسباب هذا الأمر تتعلق بالآتى: أولاً دور الأزهر الشريف الذى تراجع كثيراً على مستوى التأثير فى المشهد الثقافى المصرى وبالمقارنة بين دور الأزهر الشريف فى المشهد الثقافى المصرى فى الخمسينات والستينات واليوم نجد فارقاً كبيراً جداً حيث كان هناك اسهام فى صناعة أفلام تعالج قضايا الأمة وأزهريون يشاركون فى الإبداع والفنون بشكل حضارى راق، أما اليوم فالأزهر بعيد تماماً عن المشهد الثقافى وأدوات التأثير الحضارى العصرية مما أعطى الفرص للإسلاميين بالتعامل مع الواقع الثقافى كخصم مناوئ للمبادئ والقيم الإسلامية، بزعم تبنيه لأفكار ومناهج مناهضة للفكر الإسلامى. الأمر الثانى هو التوظيف السياسى لهذه الحالة حيث تستغل الأطراف حالة الاستقطاب والجدل حول قضايا خلافية بين مختلف الطيف الفكرى المصرى مثل العلمانية والحجاب والمدنية.. إلخ لتحقيق مكاسب سياسية. ثالثاً: التخوف من كل من هو "إسلامى" أى ينتمى لتيار الاسلام السياسى من مثقفى ومفكرى هذا التيار حتى المعتدلين منهم والاصلاحيين داخله والمستقيلين منه وعدم قابلية التعاون معهم أو حتى انصافهم من قبل وزارة الثقافة المصرية على مدى عقود، ووزارة الثقافة تفضل دائماً التعامل والتعاون وانصاف مثقفى تيارات فكرية بعينها، ولو كان هناك توازن وتمثيل منصف لكل التيارات الفكرية داخل وزارة الثقافة من حيث اسناد المهام وتوزيع الجوائز الأدبية والفكرية، لما وصلت حالة الاحتقان والمزايدات من الطرفين إلى هذا المستوى".