شىء عظيم جدًا أن يدافع أى شخص بكل ما أوتى من قوة عن حقوق الإنسان ويدعمها فى كل مكان وزمان وتحت أى ظرف، والأعظم من ذلك عندما يكون الدفاع عن حقوق الإنسان لوجه الله وللإنسانية ولإعلاء كرامة البشر فى كل أنحاء المعمورة. ولكن عندما نجد أن حقوق الإنسان قد تحولت إلى سلعة، أو أن أشخاصًا ومنظمات يتاجرون بها من أجل تحقيق مكاسب معينة فهنا يجب أن نتوقف كثيرًا. منذ أيام قليلة أتحفتنا منظمة العفو الدولية المعنية "بحماية حقوق الإنسان" خلال اجتماعها السنوى بدعوة غريبة تطالب فيها بعدم تجريم الدعارة باعتبارها حق من حقوق الإنسان مما يفتح الباب على مصراعيه لانتشار ظاهرة الاتجار بالبشر. إن ممارسة الدعارة والاتجار بالجنس يمثلان انتهاكًا صارخا لحقوق الإنسان لاسيما حقوق المرأة وآدميتها، ولقد نسفت المنظمة – غير الربحية – بدعوتها هذه كل الجهود الدولية والإقليمية من أجل حماية حقوق المرأة، ومكافحة التمييز بين الجنسين، وأيضًا خالفت كل الأعراف والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتى أعلت من قيمة الإنسان وشأنه وعلى رأسها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى نص فى مادته الأولى على أن "يولد جميع الناس أحرارًا متساوين فى الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء". لقد نسيت أو تناست المنظمة الدولية اتفاقية الأممالمتحدة لعام 1949 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، والتى تُعرّف الدعارة، وما يصاحبها من آفات الإتجار بالأشخاص لأغراض الدعارة، بأنها تتنافى مع كرامة الشخص البشرى وقدره، وتُعرّض للخطر رفاه الفرد والأسرة والجماعة. وإذا كانت المنظمة تؤيد الدعارة باعتبارها حق من حقوق الإنسان، فإنها بذلك لا تدعم النساء اللواتى لا يمتلكن خيارًا بهذه الممارسة، بل تدعم القوادين وتجار الجنس الذين يمتلكون جميع الخيارات المتعلقة بهذه الممارسة. تريد منظمة العفو الدولية أن ترجعنا إلى الوراء عشرات بل مئات السنين إلى الوراء إلى زمن الرق والاستعباد، عندما كانت المرأة سلعة تباع لمن يدفع أكثر. فللأسف الشديد هؤلاء لا يرون فى المرأة إلا جسدا مخلوق من أجل الجنس فقط. إنه لأمر مؤسف ومثير للاشمئزاز عندما تتحول حقوق الإنسان إلى تجارة ، وعندما تكون المنظمات الدولية - المفترض أنها خط الدفاع الأول عن حقوق الإنسان - أداة لانتهاك حقوق الإنسان. لقد ظهرت نوايا منظمة العفو الدولية – وغيرها من المنظمات المسيسة غير الحقوقية – وظهر معها مدى هيمنة تجار الجنس والبغاء وجماعات الجريمة المنظمة عليها، فتلك المنظمات لا تريد خيرا للبشرية أبداَ، تعمل لمن يدفع أكثر ، تكتب تقارير مشبوهة عن حالة حقوق الإنسان فى بعض الدول من أجل حفنة دولارات ، وتتغاضى عن انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان فى دول أخرى لنفس السبب. إن مثل تلك الدعوات المشبوهة مكانها الحقيقى هو مزبلة التاريخ، وعلى المنظمات الحقوقية الجادة التى تعمل من أجل إعلاء قيمة حقوق الإنسان أن تتصدى لتلك الدعوات وتقاومها، وأن تتخذ موقف واضح وصريح ينتصر لضحايا حقوق الإنسان خاصة هؤلاء الذين وقعوا كضحايا لجريمة البغاء والدعارة وتجارة الجنس.