ملامح التعديل الوزاري المرتقب .. آمال وتحديات    الحق اشتري.. انخفاض 110 ألف جنيه في سعر سيارة شهيرة    رئيس الإكوادور يعلن حالة الطوارئ بسبب أزمة انقطاع الكهرباء ويتخذ قرارا عاجلا    ترتيب هدافي الدوري الإيطالي قبل مباريات اليوم السبت 20- 4- 2024    ترتيب الدوري الإسباني قبل مباريات اليوم السبت 20- 4- 2024    عقوبة صارمة.. احذر التلاعب فى لوحات سيارتك    حبس المتهم بقتل سيدة لسرقتها بالبساتين    مشتت وفاصل ..نصائح لتحسين التركيز والانتباه في العمل    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام مانشستر سيتي بكأس الاتحاد    بايدن: إنتاج أول 90 كجم من اليورانيوم المخصب في الولايات المتحدة    عيار 21 يسجل الآن رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بعد الارتفاع بالصاغة    7 أيام في مايو مدفوعة الأجر.. هل عيد القيامة المجيد 2024 إجازة رسمية للموظفين في مصر؟    فودة وجمعة يهنئان أسقف جنوب سيناء بسلامة الوصول بعد رحلة علاج بالخارج    الإفتاء: التجار الذين يحتكرون السلع و يبيعونها بأكثر من سعرها آثمون شرعًا    شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    بيان عاجل من الجيش الأمريكي بشأن قصف قاعدة عسكرية في العراق    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم السبت 20 أبريل 2024    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    الوزيرة فايزة أبوالنجا    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    بركات: مازيمبي لديه ثقة مبالغ فيها قبل مواجهة الأهلي وعلى لاعبي الأحمر القيام بهذه الخطوة    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    كرة يد.. تعليمات فنية مطولة للاعبي الزمالك قبل مواجهه الترجي التونسي    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    "شقهُ نصُين".. تشييع جثة طفل لقي مصرعه على يد جاره بشبرا الخيمة (صور)    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    ضبط نصف طن لحوم فاسدة قبل استعمالها بأحد المطاعم فى دمياط    9 مصابين في انقلاب سيارة ربع نقل في بني سويف    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«تايم لاين» المصريين.. النوم أسفل ورقة كربون
نشر في اليوم السابع يوم 26 - 07 - 2015

ينسخ أحدهم أيامنا بورقة كربون حتى كاد الملل أن يفر منا..
نعيش أيام هذا العام، كما عشناها نفسها فى العام الماضى نسأل نفس الأسئلة، وننشر نفس الصور، وننفخ النار فى نفس المشاكل، ونغفلها كأنها لم تكن، ونسقطها من الذاكرة لتحل محلها لعبة جديدة، ليس من بينها أى لعبة لصالح هذا الوطن، لهذا الوطن رب يحميه، ولوسائل إعلامه ومواقع تواصله الاجتماعية ناس يمدون فى حياتهم «بالهرى والهرى المضاد».
أفرح بماء محيطك الاجتماعى الراكد، فلم يعد هناك من يلقى الحجارة ليصنع التغيير، قل لى فى أى يوم نحن، أخبرك بما يشغل بالك، وما تتجادل بشأنه مع ناسك، قل لى فى أى مناسبة نحن، أخبرك بنوع الخلاف بين وبينك أصدقائك، قل لى أى حادثة جرت وأخبرك بما ستقوله الصحف وما ستفعله برامج التوك الشو، وأصيغ لك بيانا متطابقا مع البيان الصادر من أجهزة الدولة.
كنا نقول أن أهل مصر لا كتالوج لهم، نفخر بذلك فى دلالة على الحيوية، والقدرة على إدهاش الغير، الآن نقول بأن لأهل مصر «تايم لاين» واحد وموحد يخبرك فيما يفكرون وكيف يتعاركون وأى «إفيه سيستخدمون» وأى ضيف سيظهر فى برامج التلفزيون.
الآن يمكنك أن تستيقظ وتنظر فى ورقة النتيجة، لتعرف مسبقا فيما ستتحدث مع زملائك فى العمل وفيما ستتجادل مع زملاء الفى سبوك وتويتر، وما ستشاهده من أفلام فى التليفزيون وما ستعرضه البرامج فى المساء، ونوع الوجوه التى تراها فى كل برنامج.
هكذا أصبح تايم لاين حياة المصريين واضحا ومحددا، لا يتغير من سنة إلى الأخرى، يأتى نفس اليوم بنفس النقاش ونفس الصورة ونفس الخلاف كالأتى:
تحل ذكرى ثورة 23 يوليو ليبدأ معها أهل مصر فى الفيس بوك ثم البرامج بحديث لا يختلف عن حديث العام السابق وما سبقه وما سبقهما هما الاثنين، ماذا تبقى من يوليو؟، هل كانت أيام الملكية أفضل؟، الملك فاروق المظلوم؟، المصريون الحفاة العراة؟، الشوارع المصرية الأجمل من شوارع باريس، الفلاحيون المظلومون، وينتهى الأمر بنفس الإفيه «على ابن الجناينى بقى ظابط يا إنجى».
فى أول يناير تظهر نفس الفتوى الوحيدة هل يجوز تهنئة الأقباط بعيدهم، وهل الاحتفال برأس السنة حرام؟، ثم تظهر نفس الصورة لأماكن السهر؟، ثم تبدأ نفس المقارنات حول الشعب الهايص والشعب اللايص، ثم تبدأ نفس المعارك حول فستان هيفاء فى الكريسماس، وسعر تذكرة عمرو دياب.
فى منتصف يناير تتخذ الأجواء شكلا ثوريا، وتبدأ صور الأيام الثمانية عشر فى ميدان التحرير تظهر، ويبدأ بعضهم فى طرح السؤال المكرر هل نتحتفل بذكرى الثورة أم عيد الشرطة؟، ثم يصرخ أحدهم الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها، ثم ينشر البعض منا صور الشهداء، ثم تمتلئ الصحف المصرية بملفات عن الثورة سيرة ومسيرة، ثم تصنع برامج التليفزيون حلقات خاصة تحت عنوان «هل كانت 25 يناير مؤامرة؟»، ثم يأتى الإفيه الأكبر ببيان الداخلية الذى يهنئ الشعب بالثورة، وبيان الإخوان الذى يترحم على الثورة التى سرقت.
فى شهور الصيف وتحديدا من يوليو تظهر صور الساحل، وتبدأ الحفلة المعتادة، الطريق للساحل زحمة، البنات بتعمل شعرها ومش بتنزل الميه، الولاد بيعملوا فورمة الساحل، الطوابير طويلة أمام أماكن السهر، المحجبات عاوزين ينزلوا البحر أو يدخلوا البارات، الإصلاحات مستمرة فى طريق الإسكندرية، الإصلاحات مستمرة فى طريق العلمين، لا توجد خدمات على الطريق.
يأتى رمضان وتبدأ الحدوتة السنوية، لماذا هذا الكم من المسلسلات؟، الفضائيات تخسر، مساحات الإعلانات مملة، استفتاءات الصحف والمواقع مفبركة، إعلانات نوستالجيا، إعلانات تبرعات، سيلفى الفطار، سيلفى السحور، معركة حول شروط الأوقاف للاعتكاف فى المساجد، صورة الزحام الكبير فى تروايح ليلة القدر، وبعدها بأيام يتخذ التايم لاين منحنى آخر بالحديث عن حشيش العيد وتحرش العيد وسيلفى صلاة العيد.
فى أغسطس تظهر صور رابعة وقصص الصمود، وجبريل، والفض، وهلاوس الإخوان، وفى نوفمبر يبدأ الحديث عن محمد محمود والموتسيكلات، واقتحام الداخلية والإخوان اللى باعونا فى محمد محمود، وحق الشهداء الذى لم يأتِ بعد.
فى العام الواحد يتكرر الأمر مرتين بنفس تفاصيله فى كل سنة، لقاء القمة فى الدور الأول ولقاء القمة فى الدور الثانى، حفلة الوعيد والتذكير بمن فاز على من تبدأ قبل مباراة الأهلى والزمالك، وبعد انتهاء المباراة بفوز الأهلى غالبا يتحول جمهور الأهلى إلى فاعل والزمالك إلى مفعول به، وتظهر العبارات المقدسة، الزمالك لم يكسب الدورى منذ ظهور الفيس بوك، متى يكسب الزمالك الأهلى؟.
فى أى يوم من أيام السنة وارد وقوع حوادث بشعة، مثلا تفجير إرهابى، حادث قطار، غرق عبارة، حادث طريق وفى كل الأحوال ستجد مشهدا متطابقا بالكربون، عزاء وصراخ: «تعبنا بقى يارب» ثم حديث عن القصاص أو الثأر أو عقاب المقصرين، ثم ارتباك بسبب أرقام الضحايا، ثم حملات صحفية عن التقصير، ثم صور جنازات ودموع لأهالى مقهورة، ثم لا شىء على الإطلاق، راحة فى انتظار تكرار المشهد.
فى كل سنة تكرر بالكربون خناقة بطلها السبكى بسبب مشهد عارٍ فى فيلم من أفلامه، وستجد معركة كبرى بسبب تصريحات مرتضى منصور، وستجد ألف اشتباك متكرر بسبب تصريحات كوميدية للوزراء، ونفس المعركة الدينية بسبب فتوى ياسر برهامى، أو وجدى غنيم، وفى كل سنة يظهر شيخ أزهرى يتحول إلى بطل بسبب تصريح أو فتوى غريبة، وفى كل سنة يتعارك الأهلى والزمالك على لاعب من أندية الوسط، ومن يفوز بالصفقة يحجز معها مكانا فى الدكة لهذا اللاعب.
عموما المساحة مفتوحة، أنت قطعا تعرف ما هو أكثر منى، أنت تكرره كل عام بنفس التفاصيل، والتكرار يعلم الشطار، وكل شاطر يمكنه أن يضيف بنفسه آلاف الأحداث والقضايا والتفاصيل التى ننسخها سنويا بالكربون فى نفس الزمان، حتى بدت صورتنا لمن يشاهدوننا من بعيد وكأننا نجرى فى المكان ونلهث ولكننا لا نتحرك خطوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.