«العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 8 مايو 2024 بعد الانخفاض الجديد    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    البيت الأبيض يعلن فتح معبر كرم أبو سالم اليوم    العاهل الأردني من واشنطن: يجب منع العملية العسكرية الإسرائيلية البرية على رفح    عاجل.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه لفلسطين المحتلة لاستكمال مباحثات هدنة غزة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة ريال مدريد والبايرن    «الجميع في صدمة».. تعليق ناري من صالح جمعة على قرار إيقافه 6 أشهر    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    تعليق ناري من شوبير بعد زيادة أعداد الجماهير لحضور المباريات المحلية والإفريقية    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من تحول حالة الطقس اليوم وتنصح بضرورة توخي الحذر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    ياسمين عبد العزيز: بتعرض لحرب مش طبيعية من تحت لتحت وهذا سبب زعل أحمد حلمي مني    3 أبراج تحب الجلوس في المنزل والاعتناء به    ياسمين عبدالعزيز تكشف أعمالها الجديدة بين السينما والدراما    بعد 18 سنة.. ياسمين عبدالعزيز تكشف كواليس لأول مرة من فيلم الرهينة    "ارتبطت بفنان".. تصريحات راغدة شلهوب تتصدر التريند- تفاصيل    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    قبل بداية الصيف.. طرق لخفض استهلاك الأجهزة الكهربائية    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    جريشة: ركلتي جزاء الأهلي ضد الاتحاد صحيحتين    الحديدي: كولر «كلمة السر» في فوز الأهلي برباعية أمام الاتحاد السكندري    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    هل نقترب من فجر عيد الأضحى في العراق؟ تحليل موعد أول أيام العيد لعام 2024    ضبط تاجر مخدرات ونجله وبحوزتهما 2000 جرام حشيش في قنا    تأجيل محاكمة ترامب بقضية احتفاظه بوثائق سرية لأجل غير مسمى    الأونروا: مصممون على البقاء في غزة رغم الأوضاع الكارثية    أبطال فيديو إنقاذ جرحى مجمع ناصر الطبي تحت نيران الاحتلال يروون تفاصيل الواقعة    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    اعرف تحديث أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 8 مايو 2024    معجبة بتفاصيله.. سلمى الشماع تشيد بمسلسل "الحشاشين"    حسن الرداد: إيمي شخصيتها دمها خفيف ومش بعرف أتخانق معاها وردودها بتضحكني|فيديو    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    دار الإفتاء تستطلع اليوم هلال شهر ذى القعدة لعام 1445 هجريًا    اليوم، تطبيق المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال بجميع المحافظات    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    عزت إبراهيم: الجماعات اليهودية وسعت نفوذها قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    في يوم الربو العالمي.. هل تشكل الحيوانات الأليفة خطرا على المصابين به؟    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    مراقبة الأغذية بالدقهلية تكثف حملاتها بالمرور على 174 منشأة خلال أسبوع    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هموم رجال العدالة.. 10 مشاكل تعطل تحقيق العدل فى مصر.. بطء التقاضى.. قلة عدد القضاة.. تناقض التشريعات.. قاعات المحاكم "غير آدمية".. الإرهاب ضد رجال العدالة.. وعدم تنفيذ الأحكام أبرزها
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 06 - 2015


نقلا عن اليومى..
يبدو أن الطريق غير مفروش بالورود أمام رجال العدالة، فى القيام بعملهم المقدس فى إنصاف المظلوم والاقتصاص من الظالم، حيث يعانى القضاة الذين هم صمام أمن المجتمع، وأحد أهم دلائل وجود الدولة، وحراس القانون، والمدافعون عن الحق فى مواجهة الظلم، من مشاكل عدة، وهموم تصعّب من أدائهم رسالتهم الإلهية فى كل يسر وسهولة. وبالنظر إلى حال القضاء فى مصر، نجد أن القضاة يعانون من العديد من المشاكل التى تعوق عملهم، ومنها أزمات خاصة بالتشريعات المتناقضة التى يستخدمونها يوميا فى عملهم، علاوة على أزمة بطء التقاضى، هذا غير استهدافهم من قبل الجماعة الإرهابية، وهو ما قد يؤثر على المنظومة ككل، وقد تؤخر وصول الحقوق لأصاحبها، بل وقد تضيع حقوق بسبب بطء التقاضى مثلا. «اليوم السابع» تحاول من خلال هذا التحقيق رصد معانات القضاة، وبيان أهم المشاكل التى يعانون منها:
بطء التقاضى
من أهم المشاكل التى تواجه المنظومة القضائية، مشكلة بطء التقاضى، فعلى الرغم من أن هذه المشكلة موجودة فى كل دول العالم، إلا أنها تزداد تعقيدا فى مصر يوما بعد يوم، حتى وصل الأمر ببعض الدعاوى والقضايا أن تظل منظورة أمام المحاكم لعقود طويلة من الزمن، وأخرى تصل لربع قرن، وهو ما كشفته إحدى الدراسات الحديثة من تداول أحد الطعون المنظورة أمام محكمة النقض على حكم خاص بالتنازع على ملكية قطعة أرض إلى ما يقرب من 20 عاما، وهو ما يؤكد أن هناك أزمة حقيقة داخل مصر فيما يخص «بطء التقاضى».
ومع محاولات المشرع المصرى فى أكثر من مناسبة، التدخل وحل تلك الأزمة عبر إدخال تشريعات تعالج مشكلة بطء التقاضى، كوضع قانون لجان توفيق المنازعات رقم 7 لسنة 2000، وقانون إجراءات التقاضى أمام محاكم الأسرة رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة، إلا أنه تبين عدم فاعلية تلك التشريعات، بل أحيانا تتحول هى الأخرى إلى أحد أسباب بطء التقاضى وليست حلا له.
نقص عدد القضاة
أولى أسباب هذه المشكلة هى زيادة عدد القضايا المتداولة والمنظورة داخل محاكم الجنايات والابتدائية والجزئية والأسرة، والتى يتراوح عددها بحسب تقديرات القضاة أنفسهم، ما بين 16 إلى 18 مليون قضية، فضلا عن قرابة 250 ألف دعوى وطعن منظورة أمام محكمة القضاء الإدارى والإدارية العليا بمجلس الدولة، هذا فى مقابل عدد القضاة الذين لا يتعدون ال15 ألف قاضٍ، بينهم من هو معار إلى الخارج، وآخرون منتدبون فى الداخل فى هيئات حكومية، والبعض ظروفه الصحية لا تسمح له بالنظر فى عدد كبير من القضايا.
ويعد انخفاض الرسوم القضائية، أحد أهم أسباب زيادة القضايا المنظورة أمام المحاكم، ويدفع أى مواطن لتقديم دعاوى حتى وإن كانت كيدية وكاذبة، الأمر الذى يزيد مشكلة بطء التقاضى وعدم القدرة على تحجيمها.
كثرة التشريعات وتناقضها
ليست أزمة بطء التقاضى فى مصر المعوق الوحيد أمام عمل القضاة، ولكن هناك مشكلة حقيقية فعلية تواجههم، وهى التشريعات الموجودة، والتى تمثل غابة كثيفة ومتشابكة من القوانين مضى على إصدار بعضها 100 عام، ويصعب على المتخصص فهمها أو حصرها بشكل يسمح معه بإصدار الحكم المناسب، كما أن بعض موادها وإحكامها متناقضة، لدرجة أن هناك تشريعا قد يبرئ متهما، وتشريعا آخر يدينه.
ورغم تشكل لجنة للإصلاح التشريعى تكون منوطة بتعديل القوانين البالية حتى تواكب العصر الحديث، إلا أنها فشلت فشلا ذريعا فى صياغة قوانين الانتخابات، فكيف لها أن تعدل قوانين متناقضة غير صالحة للاستخدام، الأمر الذى يحتاج لوجود برلمان يتمكن من إعادة تنقيح وصياغة تلك القوانين من جديد حتى تواكب العصر الحديث.
نقص الخبرة أحد أسباب تناقض الأحكام
السبب فى أن كثيرًا من الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات والجزئية والتى يتم نقضها بكل سهولة ويسر، أن معظم من أصدروها من شباب القضاة الذين ليسوا على قدر من المهارة الكافية، ولم يصلوا للدرجة الفنية التى تؤهلهم لإصدار أحكام غير قابلة للنقض، وهو ما يحتاج إلى تدريب مكثف، ليمكنهم من العمل على المنصة بشكل أفضل.
وطالب عدد كبير من القضاة، ومن بينهم المستشار سرى صيام، رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق، بضرورة إنشاء أكاديمية للقضاة يتم فيها تدريب أوائل الخريجين من كليات الحقوق لمدة تتراوح بين عام إلى ثلاثة أعوام، وهو الأمر الذى سيكسب الشباب الخبرة قبل الدخول فى معترك العمل، وسيساعد فى إعداد قضاة مميزين تحت إشراف قضاة لديهم خبرات ومؤهلين من قبل.
قاعات المحاكم غير صالحة للاستخدام الآدمى
من المعوقات الكبرى التى تواجه القضاة، أزمة أبنية المحاكم فى مصر، حيث تعتبر قاعات المحاكم غير صالحة للاستخدام، ومعظمها كان عبارة قصور ومبان قديمة، ومع مرور الوقت عليها أصبحت بالية وقابلة للسقوط فى أى لحظة، ولم تتمكن الدولة حتى الآن من إنشاء محاكم قادرة على استيعاب عدد المتقاضين والقضاة والمحاكمين الذين يتواجدون بشكل يومى فى المحاكم.
هذا فضلا عن أنه منذ ثورتى 25 يناير و30 يونيو، تعرضت ما يقرب من 25 محكمة للحرق بعد قيام جماعة الإخوان الإرهابية بإضرام النيران بها، وأصبح الكثير منها غير مجهزة لاستقبال القضاة، وبرغم من محاولات وزارة العدل المسؤول الأول عن المحاكم إصلاحها وإعادة ترميمها، إلا أنها مازالت قيد الترميم ولم تنته إلا 8 محاكم فقط، وذلك بسبب أن عملية الترميم تحتاج أموالا باهظة، حيث يتكلف ترميم مجمع الجلاء فقط نحو 100 مليون جنيه، كما أن بعضها تهالك ولا يفيد ترميمه، إنما يجب هدمه وبناؤه من جديد.
أما بالنسبة للمحاكم الموجودة حاليا، والتى تعمل بشكل يومى فجميع قاعاتها غير مجهزة ولا يوجد بها مقاعد سليمة أو مراوح، أو أى وسيلة من الوسائل التى تسهل عمل القاضى، وتريح المواطنين والمحامين الذين يتواجدون بها.
وتشير الدراسات القضائية عن المحاكم إلى أن نسبة وجود قاعة محكمة مجهزة ونظيفة لا تزيد عن %25 من بين القاعات التى يتم نظر القضايا فيها، كما أن عدد القاعات المتوفرة فى كل محكمة لا يتناسب مع عدد الدوائر العاملة فيها، وبالتالى تنعقد جلسات المحكمة، أما فى غرف المداولة، وهى غالبا غرفة 4×4 أمتار، أثاثها ترابيزة خشب، يجلس عليها ثلاثة قضاة، فيهم مستشار أو أكثر، أو تعمل كل دائرة من الدوائر لمدة أسبوع واحد من كل شهر.
وتعانى جميع محاكم مصر بلا استثناء من سوء أرشفة القضايا التى تم الانتهاء منها، وبدخول أى مكتب أرشيف بأى محكمة تجد مستندات وأوراقا هامة من قضايا هزت الرأى العام، متناثرة على الأرض.
ورغم أنه على مدار السنوات الماضية بعد ثورة 25 يناير بذل وزارء العدل السابقون جهودا فى العمل على ميكنة المحاكم والشهر العقارى التابع لوزارة العدل، لتسهيل عمل القضاة والمتقاضين، فى إقامة الدعاوى من خلال ربط المحاكم ببعضها البعض إلكترونياً، بحيث تكون الأحكام مفهرسة على أجهزة الحاسب الآلى، ويستطيع أكثر من ثلاثة آلاف قاض الاطلاع على القضايا، الأمر الذى يتيح للمتقاضى رفع القضية فى أى محكمة، إلا أن هذه المحاولات لم تتم حتى الآن، نظرا لأن التكلفة التقديرية لميكنة المحاكم تقدر بحولى 400 مليون جنيه.
إرهاب القضاة والتعدى على المحاكم
من المشاكل الأكثر خطورة التى تواجه القضاة، خاصة فى هذه الأيام، قيام أنصار الجماعات الإرهابية باستهدافهم وتفجير المحاكم، بل زاد الأمر إلى استهداف منازلهم، وذلك نظرا لعدم وجود حراسات على القضاة أو المحاكم التى يعملون بها، الأمر الذى يحتاج إلى إنشاء شرطة قضائية قادرة على حماية القضاة، أثناء نظر الجلسات داخل المحكمة.
وكان المستشار أحمد الزند، وزير العدل، أول من تعرض لاعتداء بعد ثورة 25 يناير، عندما حاول ثلاثة متهمين التعدى عليه أمام نادى القضاة، علاوة على زرع عبوة ناسفة أمام منزله بمدينة طنطا، كما حاولت الجماعة الإرهابية تفجير منزل المستشارين معتز خفاجى، قاضى أحداث مكتب الإرشاد، وفتحى بيومى، قاضى براءة حبيب العادلى.
ومن الاعتداءات التى تمت على دور العدالة فى مصر، قيام أحد الإرهابيين بزرع عبوة ناسفة أسفل مكتب النائب العام المستشار هشام بركات بدار القضاء العالى، مما أدى إلى وفاة اثنين وإصابة آخرين، علاوة على اغتيال ثلاثة وكلاء لنائب العام وسائقهم فى مدينة العريش، إثر إطلاق النار عليهم من قبل مسلحين.
عدم المساوة فى الرواتب
فى 3 يوليو الماضى ألزم قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، جميع قطاعات الجهاز الإدارى للدولة بتطبيق الحد الأقصى للأجور، الأمر الذى أثار ارتباكًا وغضبًا داخل الهيئات القضائية، رغم عدم وصول مرتباتهم من الأساس إلى الحد الأقصى والمقدر بنحو 42 ألف جنيه. ويؤكد عدد من القضاة الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أن البعض يتهم القضاة والمستشارين بالحصول على مرتبات عالية، إلا أنه بالنظر إلى ما يتقاضاه القضاة فى مصر وبين أى قاض فى أى دولة عربية فإنه لا يتعدى النصف، وهو ما دفع العديد منهم إلى الهجرة خارج البلاد والعمل فى بعض الدول العربية.
كما أن عدم المساوة بين أعضاء الهيئات القضائية وبعضها البعض خلق مشكلة، حيث أقام أعضاء محكمة الاستئناف دعوى تطالب أعضاء المحكمة الدستورية بالكشف عن مرتباتهم، كما حدث نفس الأمر مع أعضاء مجلس الدولة.
نقص الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة
العمل القضائى بطبيعته من الأعمال المضنية التى تعرض القائمين بها للإصابة نتيجة الجهد المتصل والإرهاق الذهنى الشديد، حتى أصبح المرض من المخاطر المألوفة لمهنة القضاء، إلا أن العديد من القضاة والمستشارين ينتقدون الرعاية الصحية والاجتماعية التى تقدم إليهم، حيث إن وزارة العدل لا توفر لهم المستشفيات اللازمة من أجل تلقى العلاج لهم ولذويهم.
ويثير إشراف وزارة العدل على صندوق الرعاية الصحية، غضب بعض القضاة الذين يشعرون أنهم يخضعون لسلطة أخرى، رغم أنهم مستقلون، وهو ما يستوجب أن تكون شؤون القضاة جميعها فى أيديهم وحدهم، بما فيها الرعاية الصحية.
عدم تنفيذ أحكام القضاة
بعد معاناة يجدها المتقاضى أمام المحاكم فى إقامة دعواه والحصول على حكم فيها، والتى قد تمتد لعقود من الزمن فى بعض الأحيان، يجد نفسه لا يستطيع تنفيذ الحكم النهائى، لوجود العديد من العقبات من الإجراءات التنفيذية أو بسبب مماطلة الخصوم وألاعيب دفاعهم ما يجد المتقاضى نفسه عاجزا عن الوصول لحقه.
واقترح العديد من القضاة لحل هذه المشكلة أن يتم إنشاء إدارة متخصصة لتنفيذ الأحكام الصادرة من كل محاكم، والتى تتكون من مجموعة من المستشارين والمحضرين تكون مهمتها تنفيذ الأحكام الصادرة بقوة من الشرطة أو شرطة قضائية.
مشاكل الأجهزة المعاونة للقضاة كالخبراء والأطباء الشرعيين
كثيرا ما يحاول القاضى إنهاء القضية المنظورة أمامه، إلا أن تحويل القضية إلى الخبراء يعنى دفنها فى أدراج، حيث تصل القضية بعد شهور إلى الخبراء، وفور وصولها تأخذ دور لنظرها، والذى قد يصل فى بعض الأحيان إلى سنوات عديدة خاصة فى قضايا التعويضات وقضايا العمال، وهو نفس الأمر بالنسبة للأطباء الشرعيين الذين يعانون قلة الأجهزة الحديثة، وبالتالى يطول أمد القضية بسبب عدم إنجاز الخبراء لها.
المستشار/ عبدالستار إمام يوسف يكتب: تطوير منظومة العدالة.. ضرورة بناء الدولة القوية العادلة لتحقيق مبادئ الحرية والعدل
لما كان الشعب المصرى قام بثورتين عظيمتين فى الخامس والعشرين من يناير 2011، وفى الثلاثين من يونيو 2013، رفض فيهما كل صور الاستبداد والقهر والظلم والفساد، مطالبا بحقوقه الكاملة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، واستعاد مصر للمصريين جميعا.
وقد وحدت الثورتان المصريين على المطالبة ببناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وكتب فيها الشعب المصرى دستوره الجديد الصادر فى يناير 2014، مجسدا حلم الأجيال فى بناء دولة قوية عادلة تحقق مبادئ الحرية والعدل، وتكافؤ الفرص والمساواة فى الحقوق والواجبات دون تمييز، كما جعل الدستور من سيادة القانون، أساس الحكم فى الدولة، كما أخضع الدولة للقانون، ومن ثم فقد أصبح من الضرورى العمل على بناء دولة القانون، وإصدار التشريعات المنفذة للمبادئ والأحكام التى تضمنها الدستور الجديد، والتى تحقق طموحات وآمال الشعب المصرى فى تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص والحرية والعدالة، مما يشيع الرضا العام بين المواطنين ويحقق الاستقرار والازدهار.
ولما كانت دولة القانون تعنى تشريعات وقوانين عادلة تضبط وتنظم حركة المجتمع فى يسر وسهولة وعدل، وكذا قضاء مستقل عادل يتساوى أمام منصته العالية الرئيس والمرؤوس، الغنى والفقير، كما تعنى دولة القانون بتحقيق عدالة ناجزة سريعة لا متسرعة، ومحاكمات عادلة منصفة تكفل للمتهمين فيها ضمانات الدفاع، كما تعنى دولة القانون تنفيذ الأحكام واجبة النفاذ فى يسر وسهولة، وبآليات منضبطة وفى أسرع وقت.
لذلك استقر فى الأذهان أن إقامة العدل بين الناس هو جوهر وظيفة الدولة، وإذا لم تحقق الدولة العدل فقدت الدولة شرعية وجودها، ولما كانت منظومة العدالة فى مصر تعانى من كثير من المشاكل والمعوقات والصعوبات، منها على سبيل المثال بطء التقاضى، وطول الإجراءات، وتأخر مجىء العدالة، وعقبات تنفيذ الأحكام، وسوء أبنية المحاكم، هذا فضلا عن عدم تهيئة المناخ الملائم والمناسب للقاضى لأداء رسالته، وعدم تأمينه التأمين الكافى.
ولما كانت منظومة العدالة تتكون من عدة عناصر ومحاور ومكونات، وجميعها تعانى من قصور ومشاكل وعقبات، تحتاج إلى مراجعة وتطوير.
نوجز العناصر والمكونات وما يعترضها من مشاكل وعقبات باختصار شديد وكيقية علاجها على النحو التالى:
العنصر الأول: التشريعات
التشريعات بوضعها الحالى تمثل غابة كثيفة ومتشابكة من القوانين مضى على إصدار بعضها المائة عام، يصعب على المتخصص الإلمام بها، فضلا عن تعارض بعض أحكامها، بالإضافة إلى عدم مواكبتها للعصر الذى نعيش فيه الآن.
ويتطلب الأمر حصر كل القوانين وتصنيفها، ثم تجميع كل القوانين التى تعالج موضوعا محددا، واقتراح تعديلات تنقيتها وتعديل بعضها وتطويرها، ثم اقتراح التشريعات الجديدة اللازمة لعلاج المشاكل والصعوبات والعقبات التى تعانى منها منظومة العدالة والتى يأتى على رأسها بطء التقاضى وطول الإجراءات وتأخر مجىء العدالة. ثم اقتراح التشريعات الجديدة المنفذة لأحكام الدستور الجديد والتى وردت فى المواد 94، 96، 97، 239 والمتعلقة بكفالة حق التقاضى، وتقريب جهات التقاضى وسرعة الفصل فى القضايا، وحظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، ودعم استقلال القضاء وحصانته وحيدته، وإتاحة استئناف الأحكام الصادرة من الجنايات، وتنظيم قواعد ندب القضاة، وغير ذلك من المواد باعتبارها استحقاقا دستوريا يتعين إنجازه فى أسرع وقت ممكن لتفعيل مواد الدستور المتعلقة بمنظومة وجعلها حقيقة واقعة على الأرض.
العنصر الثانى: القضاة
سدنة العدل، حراس العدالة وهم من يقومون بولاية القضاء التى هى من أرفع الولايات، قدرا، وأعظمها شأنا، وأعزها تأثيرا، وبها تصان الحريات، وتعصم الدماء، وتصان الأعراض، وبها دائما تبقى كلمة الحق هى العليا والتى بها تزدهر الدول وتتقدم.
ولما كان القاضى أساس وعماد منظومة العدالة فكان من الضرورى حسن اختياره وفقا لمعايير وأسس وقواعد موضوعية مجردة معلومة سلفا تحقق هى بذاتها مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ثم تأهيله شخصيا وعلميا ونفسيا لغرس قيم الصدق والورع والالتزام بالحق والعدل، وليكون فطنا متأنيا غير عجول، وقورا مهيبا، قويا من غير عنف، لينا من غير ضعف، وليؤمن بفرضية العدل والتزامه بتطبيقه يجعله لا يخضع لأى ضغط ولا يقبل أى تدخل يخل بميزان العدل.
ونقترح فى هذا المجال إنشاء أكاديمية القضاة ووضع آليات وبرامج لتأهيل القضاة بها، لتحقيق الأهداف سالفة الذكر، وكذلك وضع قواعد وبرامج لاستمرار تأهيل وتدريب القضاة وأعضاء النيابة العامة، وكذلك العمل على توفير المناخ المناسب، ليؤدى القاضى رسالته السامية فى إرساء الحق والعدل وإنصاف المظلومين.
العنصر الثالث: دور العدالة «أبنية المحاكم والنيابات»
كل من دخل دور العدالة صدم وأسف لحالة أبنية المحاكم والنيابات وما آل إليه حالها بشأن عدم كفايتها، وضيقها، وازدحامها، وتصدعها، وعدم نظافتها وآثاثها البالى المتهالك.
ولما كانت دور العدالة لا تتناسب البتة مع جلال وعلو وهيبة ولاية القضاء التى تؤدى من خلالها، الأمر الذى يستدعى ضرورة وضع خطة عاجلة وسريعة لعلاج هذا الأمر الخطير حتى يتناسب مظهر دور العدالة مع جوهرها فى سمو رسالة العدل.
ونقترح وضع خطة خمسية عاجلة تتضمن ترميم وإصلاح وتجميل دور العدالة القائمة، وكذا تشييد عدد آخر منها، لمواجهة النقص فيها وصيانتها، وإمدادها بوسائل الراحة، وكذا وضع نظام محدد ومحكم لنظافة دور العدالة، ومتابعة ذلك من خلال الشركات المتخصصة ووضع نظام مناسب لتأمينها.
العنصر الرابع: الأجهزة المعاونة للعدالة
لكى يتمكن القاضى من القيام بأعباء رسالته وما يتطلبه ذلك من الاستعانة بالخبراء فى كل التخصصات، وإعلان الخصوم والشهود، وتدوين ما يدور فى الجلسات، فكان من الضرورى الاستعانة بإدارات الخبرة، وكذلك بالأجهزة المعاونة من إدارات الكتاب والمحضرين وغيرها بالمحاكم.
ولما كان العمل بتلك الإدارات يجرى بطريقة تقليدية بدائية لا تتناسب ولا تواكب العصر، مما أدى إلى تعطيل وعرقلة سير العدالة وصعوبة السيطرة على كل آلياتها فأصبح من الضرورى تطوير وتحديث تلك الأجهزة وتأهيل كوادرها البشرية وتدريبهم، وكذلك استخدام التكنولوجيا الحديثة فى عملها، كما نقترح توحيد جهات الخبرة وجمع شتاتها فى كيان مؤسسى واحد فى شكل هيئة بدلا من تشتتها وتعدد تبعيتها بجهات مختلفة.
العنصر الخامس: تنفيذ الأحكام
لما كان المتقاضون يعانون من بطء وطول إجراءات التقاضى فإنهم يعانون أيضًا من العنت والمعاناة فى تنفيذ الأحكام الصادرة لصالحهم، فكان من الضرورى البحث فى سبل تيسير وتبسيط إجراءات تنفيذ الأحكام وتوحيد الجهة المختصة بتفيذها بدلا من تشتيتها فى جهات متعددة، فثمرة الحكم سرعة تنفيذه.
العنصر السادس: الشرطة القضائية
المتتبع للأحداث فى الفترة الماضية يدرك مدى ما تعرضت له دور المحاكم والنيابات من انتهاك صارخ لقدسيتها واستهانة بهيبتها والاعتداء على سدنة العدل بها، ووصل بأن يد الإرهاب الآثم الحاقد اغتال البعض منهم.
لذلك كان إنشاء الشرطة القضائية المتخصصة ضرورة حتمية لتهيئة المناخ المناسب للقضاة لأداء رسالتهم فى هدوء وأمان، وكذا حماية وحراسة دور العدالة ومقراتها، وملفاتها وأحرازها، ومخازنها.
لذلك نقترح دراسة وبحث كيفية إنشاء وتشكيل الشرطة القضائية المتخصصة وعناصرها وتبعيتها واختصاصاتها واتخاذ الإجراءات اللازمة فى هذا الشأن.
الخاتمة
ما سبق هو مجرد رؤية بشأن تطوير منظومة العدالة فى مصر بكل عناصرها ونرى طرحها على المسؤولين والمختصين بأمر هذه المنظومة، وهى عبارة عن ورقة عمل لمؤتمر نأمل أن يدعى إليه لمناقشة تطوير هذه المنظومة تنبثق منه عدة ورش عمل تختص كل ورشة منها بعنصر من عناصرها لاقتراح الحلول العملية لمشاكل ومعوقات العدالة يتم صياغتها فى مشروعات قوانين وقرارات ترى التنفيذ على أرض الواقع، سعيا لإقامة دولة العدالة الناجزة السريعة وليست المتسرعة.
وأعتقد أن بناء الدولة القوية العادلة، وتحقيق العدالة الناجزة سيمكن الشعب المصرى وحكومته ونظامه من الانتصار الحاسم السريع فى حروبه ضد الإرهاب الحاقد المدمر، وضد الفساد والتسيب والإهمال، وسينتصر الشعب المصرى بإذن الله، لأن الله ينصر الدولة العادلة.
القاضى محمد عبدالهادى يكتب : محاكم مصر شقق وبلوكات.. غياب التقاضى الإلكترونى فى مصر أهم المعوقات
الاستقلال الكامل للقضاء هى المشكلة الأولى والمعوق الرئيسى لعمل القضاة فى مصر، فرؤساء المحاكم الابتدائية وهم بصفتهم رؤساء للجمعيات العمومية بالمحاكم يتم تعيينهم بقرار من وزير العدل الممثل للسلطة التنفيذية فى الدولة، ويقومون بأعمال إدارية وتنفيذية وفى ذات الوقت هم أنفسهم من يقومون بتوزيع الدوائر وتوجيه الجزاءات للقضاة العاملين بالمحاكم، وهو ما يعنى عدم وجود استقلالية لتلك المحاكم، فضلا عن أن إدارة التفتيش القضائى يتولاها مساعد وزير العدل لشؤون التفتيش، وهو ما يعد مخالفة صريحة للدستور الذى أقر بأن القضاء هيئة مستقلة يقوم على إدارة شؤونه مجلس أعلى، ورغم هذا النص الصريح فإن وزارة العدل هى جهة الإشراف والتفتيش على القضاة.
والأكثر من ذلك أن جميع الهيئات القضائية إدارة التفتيش تكون تحت ولاية المجلس الأعلى لها إلا القضاء العادى فهو الوحيد الذى تقوم السلطة التنفيذية ممثلة فى وزارة العدل فى التفتيش عليه، الأمر الذى يؤرق القضاة، وإن كان استقلال القاضى ينبع من ضميره، ولكن الواجب على الدولة توفير ضمانات استقلاله.
ويعد غياب الإمكانيات التى تسمح بتطبيق نظام التقاضى الإلكترونى من أهم المعوقات الفنية التى تقابل رجال القضاة، فعلى الرغم من أن جميع الدول الأوروبية وبعض الدول العربية تستخدم هذا النظام الذى يقضى بشكل كامل على مشكلة بطء التقاضى فإن مصر عاجزة حتى الآن عن تطبيقه بحجة أنه يحتاج إلى أموال طائلة من أجل تفعيله.
أيضا من المشاكل والمعوقات التى يراها القاضى فى كل جلسة يحضرها داخل إحدى المحاكم هى مشكلة الأبنية، فلابد من تحسين أبنية المحاكم حتى تصبح آدمية ولائقة، فمعظم محاكم مصر شقق وبلوكات تنظر فيها الجلسات، وهو ما يؤكد ضرورة قيام الدولة بتوفير الإمكانيات المحترمة للقضاة، فإذا نظرنا إلى أى مؤسسة من مؤسسات الدولة نجدها على أحدث الطرز العالمية بينما مازالت المحاكم المصرية هى غرف غير آدمية.
من الأمور أيضا المرهقة للقاضى التشريعات التى يعمل عليها خلال الجلسات، فمازلنا نقول إن القضاء المصرى بحاجة إلى حزمة تشريعات لتحقيق العدالة الناجزة وكفالة حق الدفاع، وهذا الأمر رغم أنه ليس عسيرا على قضاة مصر الذين تتم الاستعانة بهم فى الدول العربية لإعداد القوانين هناك، فإن مصر مازالت تعمل بطريقة غير صحيحة فى إعداد القوانين التى أصبح معظمها متناقضا وجامدا لا يمكن الاستمرار فيها.
وأخيرا وليس آخرا.. عدم توفير نظام صحى شامل للقضاة يمثل العائق الأكبر أمام القاضى الذى دائما ما يصاب بالأمراض نتيجة العمل المرهق داخل المحاكم التى لا تتوفر فيها أى سبيل من سبل الراحة، وعلى الدولة ووزارة العدل أن توفر النظام العلاجى الأفضل للقضاة وأسرهم، فضلا عن توفير ما يكفل للأسرة حياة لائقة فى حالة الوفاة.
المستشار أحمد الخطيب يكتب : العدل يحمى القضاء.. ضمانات التقاضى وحقوق المتقاضين الخطوة الأولى لتحقيق العدالة الناجزة
من الثوابت المستقرة فى فلسفة القوانين أن علاقة العدل بالقضاء علاقة تكاملية تفاعلية، كل منهما يؤثر فى الآخر ويتأثر به، فالقضاء يهدف إلى تحقيق العدل ورفع الظلم، وهذا من أنبل الرسالات التى اضطلع بها الإنسان منذ أن استخلفه الله على الأرض يتصدى لفجور النفس والانسياق خلف هواها ويعيد توازن العلاقات الإنسانية، وبدونه تسود شريعة الغابة محل شريعة القوانين وتنهار المجتمعات، وهو دور رئيسى لقيام الأمم واستمراريتها أبرزت قيمته كل الشرائع السماوية واهتمت به النظم الديمقراطية باعتباره معيارا أساسيا لقياس تقدم الشعوب، بل امتد ذلك الفكر إلى الديكتاتوريات المستبدة التى حرصت على إظهار الاهتمام الصورى بالقضاء رغبة منها فى تحسين صورتها الداخلية والخارجية باعتباره ديكورا شكليا لإخفاء معالم استبدادها وإفسادها.
وهذا الدور لا يقل فى أهميته عن دور العدل فى حماية القضاء والقائمين على شؤونه بما يمنح القضاء من مصداقية على الصعيد الداخلى بين المواطنين، ويضمن استقرار المعاملات، وعلى الصعيد الخارجى أمام شعوب العالم ومؤسساته التى تضفى على معاملات الدولة والتزاماتها المصداقية فى مواجهة العالم المتحضر الذى يضع حقوق الإنسان فى بؤرة اهتمامه.
إن حماية القضاء فى مصر تأتى فى إطار منظومة متكاملة تتضافر فيها جميع جهود مؤسسات الدولة، سواء كانت إعلامية تعمل على نشر الثقافة والوعى القانونى بماهية دور القاضى فى المرحلة الراهنة والأعباء الملقاة على كاهله والتحديات التى يواجهها، وتتصدى للمنصات الإعلامية المضادة التى تعمل جاهدة على تدمير مؤسسة القضاء وتحويله إلى ساحة للعراك السياسى، فضلا عن ضرورة تجاوز فكرة التأمين بصورته التقليدية إلى تبنى مشروع إنشاء وتنظيم قانون الشرطة القضائية باعتبارها نقلة نوعية لازمة للتأمين الجاد ومعاونة القضاء فى تنفيذ قراراته وأحكامه.
فضلا عن الدور الأساسى الذى تحققه ثقة الرأى العام وحالة الرضا المجتمعى تجاه حماية منظومة العدالة، فالاطمئنان إلى حياد القاضى من أهم ضمانات التقاضى وحقوق المتقاضين باعتبارها الخطوة الأولى على طريق تحقيق العدل، وتنأى بالقضاء عن مواضع التشكيك والاتهام، ولا يتعارض ذلك مع استقلاله، لأن الاستقلال الحقيقى يكمن فى احترام القوانين والأعراف القضائية والانحياز الواضح أمام الكافة للعدالة المجردة.
تلك هى الضمانة التى منحت القاضى حرية الحركة بين عوام الناس أعزل دون حراسة له أو تأمين أسرته، متحصنا بعدله وحياده، وينعم بهيبة ومكانة توارثتها الأجيال، إذ لم يكشف عن مضمون أغوار نفسه، وتجنب الانزلاق فى إشكاليات الرأى العام الخلافية، وتفرغ للبحث عن العدل فى محرابه، فكان سياجا أمن من التشكيك فى مصداقية أحكامه لقناعة المتقاضين أن القاضى يحكم بما هو مطروح عليه من مقدمات تؤدى إلى نتائج لا يجوز له الانحراف عن مقتضاها، وأن آليات الطعن والاستئناف هى اللغة الرسمية للطعن عن الأحكام وليس الهجوم على شخص القاضى أو استهدافه، خاصة إذا كان القضاء يقف على خط النار فى مواجهة خصومات تتصف باللدد وتتعارض فيها المصالح فى ظل ظروف استثنائية لم تتعرض لها البلاد من قبل، وهو ما يفرض بدوره على القاضى مزيدا من المسؤولية تجاه اتخاذ مواقف محايدة لا لبس فيها مما يموج به المجتمع من انقسامات وعدم السقوط فى دوامة التصريحات الكاشفة عن عقيدته أو أيديولوجيته السياسية أو إظهار العداء لأى من الخصوم، لأن ذالك ينال من حياده ويؤثر فى ثقة المتقاضين فى أحكامه ويضعها فى مرمى نيران الاهتمامات ويفتح الباب أمام الدول الطامعة للتدخل فى الشأن الداخلى وإشعال الأزمات، بل إن الأمر قد يتجاوز فى بعض الأحيان لخلق حالة من العداء الشخصى مع مؤسسة القضاء نتيجة لبعض التصرفات الفردية التى قد يترتب عليها الاعتداء على قضاة آخرين لا علاقة لهم بتلك الأفعال، وهو ما يلزم معه تفادى تلك الظاهرة الوافدة على المجتمع القضائى، حفاظا على الأمن الخاص للقاضى والأمن العام للقضاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.