كثيرا ما نتذكر القول المأثور (اللهم اكفنى شر أصدقائى أما أعدائى فأنا كفيل بهم) فى حياتنا اليومية وتحديداً عندما نكتشف أن الضربة عندما تأتى من قريب فإنها تكون أقوى وأوجع لعدة أسباب، فالصديق القريب منك يعلم عنك ما لا يعلمه عدوك الذى تعلمه وتحاذر منه وتخفى عنه أمورك وأعمالك فيصعب عليه حينها اصطياد أخطائك ومعرفة نقاط ضعفك وقوتك، أما الصديق القريب فيعلم عن عمد منك بحسن نيتك فيه نقاط ضعفك وقوتك وحينما يريد إيذاءك تكون ضربته موجعة وصادمة. وعند إسقاط هذه المعانى على الدولة المصرية واستنباط ما يحدث فيها ويؤذى شعبها وكيانها، سنجد أن أعداءنا المعروفين لنا جميعاً كإسرائيل وأمريكا وغيرها من الدول التى تتربص بمصر ولا تريد لها نهوضاً أو تقدما، أخف حدة وأقل فتكاً بنا من أعداء مصر الذين يعيشون على أرضها وبين جنباتها ويأكلون من خيراتها ويستظلون بسمائها. وأعداء مصر الحقيقيون ينقسمون إلى: الأول هو العدو عن جهل فهو مواطن مصرى ساقته الأقدار أو السياسة الخاطئة لحكام الدولة إلى أن يصبح ذو منصب وسلطان، وترمى على عاتقة مسئولية إدارية كبرت أو قلت، تمس مصالح الناس اليومية أو مصالح الدولة على المدى البعيد والدائم وجهله بمهام منصبة وعدم كفاءته واستحقاقه لمنصبه يجعل منه عدواً خطراً يقتل ولده وهو يظن أنه يحتضنه يسىء لمنصبه وبلده وهو يظن أنه يحسن صنعاً، وهذا العدو الجاهل يجب أن يكون على رأس اولوياتنا القادمة ونأمل أن يتم وضع سياسة جديدة فى المستقبل مبنية على أسس علمية سليمة لاختيار إدارى وكبار موظفى هذه الدولة المسكينة التى عانت كثيراً من فساد الجهل. أما الثانى فهو العدو عن قصد وعمد وهذا غالباً ما تكون مصر بالنسبة له مجرد سكن لا وطن، أرض يعيش عليها لا وطناً يعيش فيه، يغريه المال فيعمل من أجل الازدياد منه بنهم دون النظر لمصالح وطنه العليا، وهذا العدو عن علم أقل خطراً من العدو الجاهل لأن أقصى أمانيه هو المال فيفسد فى منصبة ويرتشى ويستزيد من المال الحرام، لكنه لا يهدم المكان الذى يجلس فيه، مثل الإدارى الجاهل ينجز المصالح ويقوم بأعماله بشكل صحيح، لكن بمقابل مادى وسرقة غير مشروعة لما ليس له فى الأساس، وهذا العدو عن علم يجب أن يتم السيطرة عليه بحكمة واستئصاله من منصبه بحنكة حتى لا يهدم جدران المعبد قبل مغادرته مكانه ويُجهد من يأتى بعده. أما العدو الثالث فهو تاجر الدين، فالشعب المصرى شعب متدين بالفطرة ما دخلَ فى ديناً يوماً، إلا وكان حماه على مر العصور القديمة، منذ عبادة الشمس فى عصر الفراعنة حتى دخول الإسلام مصر مروراً بالديانة المسيحية، دائماً ما كان المصرى خط الدفاع الأخير عن دينه الذى استمسك به وأمن فيه لذلك فأشد أعداء هذا الوطن شراسة وأكثرهم تأثيراً هم تجار الدين، من يلبسون عباءة الدين ويخفٌون خلفها أنياباً تريد نهش أواصل هذا الوطن تريد نفوذاً وسلطاناً ومالاً ويستخدمون الدين كمعول هدم لا بناء، يستبيحون كل شىء ويحللون لأنفسهم كل شىء من أجل الوصول لأطماعهم الخاصة فيُكرهون الناس فى دينهم كما يفعل من يسمون أنفسهم بالجهاديين، وهم أبعد كل البعد عن فقه الجهاد الحقيقى الذى أنزله الله سبحانه وتعالى. هؤلاء جميعاً هم أعداء الوطن الحقيقيون، وليست الدول الأخرى فعداء الدول أقل جرماً من هؤلاء، وأقل تأثيراً فلندعو الله جميعاً أن ينير بصيرة رئيسنا "عبد الفتاح السيسى" ويلهمه فعل الصواب والسيطرة على هؤلاء واستئصالهم من جنبات الدولة، حتى نستطيع بناء حلمنا دون عوائق واللحاق بركب الدول المتقدمة دون تأخير.