ماذا قدم السيسى فى العام الرئاسى الأول؟.. واجه الرئيس تحديات كبرى وانتصر على بعضها وواجه الأخرى.. ومن المؤكد أنه نجح فى قيادة سفينة الدولة بعيدا عن اضطرابات المنطقة

نقترب من نهاية العام الأول لوصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى كرسى الرئاسة بعد ثورة شعبية أطاحت بالإخوان فى 30 يونيو، ورغبة شعبية طالبت السيسى بالتخلى عن منصبه كوزير للدفاع وإعلان ترشحه للرئاسة، ثم رغبة انتخابية قالت كلمتها فى صندوق الانتخابات وكانت سببا فى فوز السيسى بانتخابات الرئاسة المصرية أمام منافسه حمدين صباحى بأغلبية ساحقة وصلت إلى 98%.
نحن نتكلم إذًا عن رئيس مصرى جاء بعد ثورة شعبية ووصل للحكم بإرادة شعبية وانتخابات شهد لها الجميع بالنزاهة وشكلت تحديًا أمام مصر التى أخبرت العالم من خلالها بأن المصريين فقط هم يصنعون قرارهم ومستقبلهم.
العام الأول من حكم الرئيس السيسى لم يمر هادئا، طبيعة الأحداث فى مصر لا تساعد على ذلك، ووضع المنطقة العربية نفسه يجعل من الهدوء حلما، ولكن السيسى نفسه يخبرنا بأنه متمسك بتحقيق هذا الحلم للمصريين، الهدوء والاستقرار بعد سنوات من الارتباك.
التاريخ يقول بأن كل رئيس جلس على كرسى الحكم تظهر أمامه تحديات، وأعتقد أن التاريخ حينما سيتكلم عن مرحلة الرئيس عبد الفتاح السيسى سيقول إنه على قائمة الرؤساء الذين واجهوا أكبر كم من التحديات منذ يومهم الأول فى الحكم، متابعة أحداث السنة الأولى من حكم السيسى تقول إنه لم يستلم حكما سهلا ولا بلدا مستقرا، بل على العكس تماما كان أمام تحديدات كبرى يمكن تلخيصها فى الآتى:
1 - السيسى تسلم الحكم فى وطن ممزق ومشتت نفسيا وسياسيا وليس به كتلة سياسية واحدة مجتمعة.
2 - السيسى تسلم الحكم والإخوان يخططون لهدم مصر بالتفجيرات والإرهاب.
3 - الحوادث الإرهابية التى تنوعت ما بين الإخوان وأنصار بيت المقدس واستهداف الجيش والشرطة كانت تحديا كبيرا.
4 - خلايا الإخوان النائمة فى المؤسسات والمصالح والوزارات كانت تحديا كبيرا آخر بسبب تعمدها إفساد خطط التنمية والإصلاح.
5 - الملف الخارجى كان تحديا صعبا أيضا، فالرئيس تسلم ملف إدارة وطن أفسد الإخوان نصف علاقاته الخارجية وأسسوا للنصف الآخر بناء على لعب دور الأجير لأنظمة أخرى مثل قطر وتركيا والولايات المتحدة.
6 - الإرهاب على الحدود الليبية كان تحديا صعبا نجح السيسى فى وأده مبكرا.
7 - الوضع فى العراق وسوريا وتطوراتهما كان من الملفات الصعبة التى تعامل معها السيسى بهدوء.
8 - الأزمة اليمنية وطريقة إدارتها بشكل جيد من قبل الرئيس المصرى كانت تمثل تحديا وصفه البعض بالفخ الذى سيدمر مصر.
9 - التحدى الأصعب تمثل فى الكيفية التى سنعيد من خلالها مصر إلى أحضان أفريقيا بعد سنوات من الفرقة وتخريب العلاقات فى عهد مبارك ومرسى ونجح السيسى فى ذلك.
10 - حالة الانفلات الأمنى وإعادة تأهيل جهاز الشرطة ودعمه للعودة إلى ممارسة دوره مرة أخرى كان هو الآخر تحديا صعبا.
11 - الخريطة التى تريد القوى العالمية إعادة رسمها للمنطقة عبر بث قلاقل وفتنة فى ربوع مصر وتحويلها إلى نموذج عراقى وسورى كانت التحدى الأخطر، وطوال العام نجح السيسى فى إفساد تلك المخططات.
12 - الملف الاقتصادى هو أخطر التحديات التى تعامل معها السيسى فى سنته الأولى، فقد تسلم وطنا تكاد خزائنه أن تئن من الفراغ بعد 4 سنوات من الثورة وتوقف العمل وانهيار منظومة الاستثمار، وقد نجح فى استعادة ثقة العالم فى الاقتصاد المصرى.
13 - ملف الفساد وتحركات رموز دولة مبارك فى الخفاء لضرب الرئيس من أجل استعادة نفوذهم هو أخطر تحد للسيسى فى ظل تلون وجوه رجال الدولة القديمة على المستوى السياسى والاقتصادى والإعلامى.
هذه التحديات وما هو أكبر منها واجهت السيسى فى عام حكمه الأول، بعضها انتصر عليه بضربة قوية، وبعضها مازال «يعافر» فى مواجهتها، وبعضها الآخر يعانى فى التعامل معها، ولكن من المؤكد أنه نجح فى قيادة سفينة هذه الدولة بعيدا عن الفخ الذى كان معدا لكل دول المنطقة، فخ التفكيك والحرب الأهلية.
ومن المؤكد أيضا أنه نجح فى وسط كل هذه التحديات والهموم أن يحقق العديد من الإنجازات وأن يبدأ مشواره فى التنمية، ويكاد يضع لمساته النهائية على مشروعات مهمة مثل الطرق وقناة السويس وغيرها من النجاحات التى لم يبذل إعلام الدولة الرسمى والخاص جهدا فى إبرازها للناس، ربما لأن حجم التحديات كان سببا فى شغل الناس عن الإنجاز، وربما لأن الناس لم تهتم بالكيفية التى تقرأ بها الإنجاز، وكيف أنها تختلف على حسب اختلاف الظرف العام للدولة، بمعنى أن قراءة الإنجازات التى حققها السيسى فى عامه الأول فى ظل هذه التحديات الصعبة يعتبر انتصارا يحسب للرجل الذى صمم على النجاح والعمل والمضى فى تنفيذ المشروعات وهو يتعرض لقصف شديد من مؤامرات دولية وإرهاب داخلى وأزمات اقتصادية وغياب دعم الأحزاب والحركات السياسية لمسيرته.