عم يونس راجل مصرى غلبان، ماهو أصل كل المصريين غلابه، مش كلهم يعنى الصراحة، لأن فيه كمان ديابة، لكن عم يونس كان من الغلابة، عايش يومه بيومه، لا شاغل باله ببكره، ولا بيفكر فى بعده، لما يطلع النهار يقول يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، ابسطها ياباسط، كان بيقف بعربية فول، أهو بيجرى على أكل عيشه، وعنده خمس عيال، ماشاء الله لا حول ولا قوة، كبيرتهم فاطمه، وساكنين فى أوضتين، هتقولى إزاى؟؟ . هقولك معرفش بس أهى عيشه والسلام، مش هقولكم طبعًا بيأكلهم إيه ومنين! ولا اللحمة بيشوفها كم مرة فى الشهر! شهر إيه قاصدى فى السنة! لكن عم يونس لا عمره حلم بقصر ولا جاه، ولا حلم إنه يصيف فى الساحل أو شرم، دا حتى يمكن مايسمعش عنهم، ولا حتى فى التليفزيون، طبعًا وهو اللى زى عم يونس فاضى يتفرج على تليفزيونات !!!! كل اللى كان عايزه وبيتمناه من ربنا، إنه يربى عياله بالحلال، ويشوفهم متعلمين، ويفرح بكل واحد فيهم ويطّمن عليهم قبل مايقابل وجه كريم. من عربية الفول إتعلمت فاطمه وإخوتها الأربعة، فاطمة دخلت تمريض علشان تخلص بدرى وتطلع تشتغل علطول، وتساعد أبوها الغلبان وأمها الشقيانة فى تربية أخواتها التانيين، بس فاطمه كبرت وإحلوت وخطابها كتروا، وعم يونس غلبان لا حيلته قيراط ولا فدان، وفاطمة عايزه تتجهز، وهيجيب منين فلوس الجهاز؟!، لكن عم يونس سابها على الله وقصد باب الكريم اللى عمره ماقفل بابه فى وش عباده، إستلف قرشين من هنا على قرشين من هنا، على مساعدة من ولاد الحلال، على قرض صغير من البنك، وربنا سترها وفاطمه إتجوزت، بس بعد ماإتقطم وسط أبوها وأمها، لكن فرحة الضنى غالية، وبتهون معاها أى حاجه، وبدأت الديّانة تدق عالبيبان، وعم يونس ملتزم بتسديد القرض كل شهر، وعربية الفول، هتعمل إيه ولا إيه ولا إيه، كلام فى سركم دى مابتأكلش عيش حاف فى الغلا اللى إحنا فيه . كبر عم يونس والصحة مبقتش مساعداه وزادت عليه الديون والهموم، مابين 4 عيال وأمهم عايزين ياكلوا كل يوم، دا غير إيجار القوضتين اللى ساكن فيهم، أه ماهو انا نسيت أقولكم إن القوضتين اللى ساترين عم يونس وعياله ( إيجار )، يعنى الراجل هيلاحقها منين ولا مين، دا حتى مراته اللى كانت بتساعده فى شوية الفول اللى بيسرح بيهم الصبح، بقيت مريضة سكر وضغط وقلب وحاجات تانية كتير، وكل يوم والتانى محجوزة فى المستشفى، وطبعًا مستشفى حكومى، يعنى لا رعاية ولا اهتمام ولا أى حاجة، ومصاريف العلاج كترت ولسه فى بنات عايزه تتجوز، وعيال تانيه ماكملتش تعليمها، والناس اللى ليها فلوس عنده لو صبرت يوم ولا اتنين مش هتصبر التالت، ماهو الحال من بعضه وكله حالته تعبانه واللى له قرش فى الزمان دا عن حد مابيسكتش عليه. بذمتكم واحد زى عم يونس بظروفه دى، لما يكون عايش فى وسط مجتمع فيه رجال أعمال بتعمل حفلات عالفاضى وعالمليان بالملايين، وفيه مرشحين بيصرفوا الملايين برضه على الدعاية الانتخابية، وفيه لاعيبة كرة بيبقضوا بالملايين فى الشهر وممثلين بتقبض بالملايين فى مسلسل واحد، الراجل لما يسمع عنه الكلام دا، إيه ممكن يجرالوا؟ وكمان أنا راضى ذمتكم واحد زيه يفرق معاه فى إيه الحزب الوطنى يتهد ولا مايتهدش.. ولا الممثلة الفلانية اتجوزت من الممثل الفلانى ولا دى إشاعات!! او اللاعب الفلانى هينتقل للنادى العلانى ولا لأ! بالمناسبة عم يونس راجل ملوش فى السياسة، زى اغلب المصريين، ولا يفرق معاه فلان أو علان أو الحزب الفلانى أو العلانى، والراجل طول عمره بيحب بلده رغم كل المرار اللى طافحه طول حياته، وعمره ماقال على بلده كلمة وحشه، لأنه راجل أصيل ويعرف الأصول كويس، بس كمان لازم حد يقدره، ويعوضه على المرار اللى شافه. على فكرة ممكن حكاية عم يونس تكون افتراضية، لكنها واقعية فى نفس الوقت لأنها موجودة حوالينا فى كل حته، أيوة فى زى عم يونس كتير جدًا، وماحدش سائل فيهم ولا مهتم بيهم، آن الأوان حد ينصفهم ويعيشولهم يومين مرتاحين، مش كتير عليهم والله.