قال الكاتب البريطانى جدعون راخمان إن كل ما أثير حول الاتفاق الإطارى النووى الإيراني، من احتفالات فى شوارع طهران أو انتقادات فى مجلس الشيوخ الأمريكى والصُحف، ليس سوى ضجيج يخفى وراءه حقيقة، هى أن اتفاقا لم يتم. ولفت راخمان -فى مقال نشرته ال (فاينانشيال تايمز) أمس الاثنين، إلى أن البيان المشترك الصادر فى وقت سابق من الشهر الجارى من جانب إيران وشركائها المتفاوضين، كان بيانا قصيرا لم يتناول شيئا ذا أهمية، وأن كافة التفاصيل بشأن ما تم الاتفاق عليه إنما تضمنها بيان أحادى الجانب أصدره الأمريكيون فى الثانى من أبريل، فيما أطلق عليه "ورقة حقائق البيت الأبيض"، وهو البيان الذى لم تمض بضعة أيام على صدوره حتى أعلنت إيران بوضوح معارضتها للتفسير الأمريكى لما تم الاتفاق عليه، ورصد قول المرشد الأعلى الإيرانى على خامنئي، بشأن ورقة الحقائق الأمريكية بأنها "تحمل مغالطات وأخطاء بشأن معظم القضايا". وأكد راخمان اتساع مساحة أوجه الاختلاف بين إيران وأمريكا حول ما تم الاتفاق عليه فى مفاوضات جنيف، بدءا من نظام التفتيش وانتهاء بمصير مفاعل "اراك"، لكن الاختلاف الأكبر هو حول ميقات رفع العقوبات المفروضة على إيران. ونوه فى هذا الصدد عن رغبة خامنئى فى رفع العقوبات بمجرد التوصل إلى اتفاق، فيما يصرّ الأمريكيون على أن يتم الرفع على مراحل. ونبّه الكاتب على أنه يتعين على الجانبين تسوية كافة الخلافات قبل 30 يونيو المقبل وهو الموعد المزمع لإبرام اتفاق نهائي. واستبعد راخمان أن تتم تلك التسوية فى يونيو أو حتى فى أى موعد لاحق من العام الجاري، فى ظل ما تم إنجازه على صعيد الاتفاق الإطارى الذى لم يتعدّ كونه مجرد "سراب". وقال الكاتب إن ملابسات المفاوضات النووية التى أوصلت الأمور إلى المرحلة الراهنة من الارتباك، تنبئ بمدى الصعوبة التى تكتنف طريق الوصول إلى اتفاق نهائي. واعتبر إصدار الأمريكيين ل"ورقة الحقائق" من جانب واحد بمثابة خطوة محسوبة مع الساسة الإيرانيين الذين أصابوهم بالإحباط. وأوضح أن إصدار الأمريكيين هذه الورقة بعد الاحتفالات التى عمت شوارع طهران، التى عبرت بوضوح عما يعقده الشعب الإيرانى من آمال عريضة على فك الحصار الدولى و قرب الخروج من العزلة، ترك الساسة الإيرانيين فى مأزق المغامرة بتضييع آمال شعبهم، ومن ثم فقد يفكرون فى تقديم تنازلات على عدد من الأصعدة منها: "أعداد أجهزة الطرد المركزي" المسموح بها أو "مراحل رفع العقوبات". ولفت راخمان إلى أن جهات الاعتراض على ورقة حقائق البيت الأبيض ليست مقتصرة على طهران فقط، وأن إدارة أوباما تواجه ضغوطا داخلية: من جانب الكونجرس ذى الأغلبية الجمهورية، وخارجية: من جانب إسرائيل ودول الخليج وبعض شركاء التفاوض الأوروبيين. وأوضح الكاتب أن إحدى القضايا محل القلق العميق لتك الأطراف المعترضة تتعلق بما إذا كان المفتشون النوويون سيتم السماح لهم، بموجب الاتفاق، أن يفتشوا مواقع الأبحاث العسكرية الإيرانية أم لا. وخلص راخمان فى ختام مقاله إلى أنه "فى ظل هذه الاختلافات، فإن الكلام عن الفشل فى التوصل لاتفاق نهائى حول البرنامج النووى الإيرانى بات يفرض نفسه أكثر من الكلام عن النجاح فى هذا الصدد".