على طول الحياة نقابل ناس.. ونعرف ناس.. ونرتاح ويا ناس عن ناس وبيدور الزمن بينا.. يغير لون ليالينا وبنتوه بين الزحام والناس.. ويمكن ننسى كل الناس.. ولا ننسى حبايبنا أعز الناس ...................................................... لو حكينا عنه نبتدى منين الحكاية، فبرغم مرور 38 عاما على رحيله، إلا أنه مازال يحتفظ بمكانة كبيرة فى نفوس الجمهور، ومازالت الجماهير العربية تعيش على ألحانه وأغانيه الجميلة التى تعيد الحنين لزمن الفن الراقى والمشاعر الجميلة، إنه العندليب الأسمر المطرب المصرى والعربى الكبير (عبد الحليم حافظ) صاحب الصوت الدافئ العذب والإحساس المرهف العميق والأداء الصادق والمتفاعل مع كلمات أغانيه حتى ذاب فيها عشقاً وطرباً، وتفاعلت معه الجماهير فى كل مكان، عندما نذكر اسم العندليب نتذكر الأغنيات العاطفية والوطنية والدينية التى أسهمت فى تشكيل وجدان أجيال من الشعب المصرى والشعب العربى كله ومازالت تحرك مشاعرنا وتشعل حماسنا حتى الآن، كما نتذكر أجمل أغانى وقصائد الحب، وأروع الأفلام السينمائية مع جميلات السينما المصرية والتى لاتزال محفورة فى أذهاننا، لأن الفن الأصيل لا يموت بموت صاحبه بل يظل باقياً حتى بعد رحيله . لقد استطاع "حليم" أن يدخل قلوب الملايين من الذين عشقوا فنه، فهام به الكبير والصغير، واستطاع أيضاً أن يتربع على عرش النجومية وعرش الأغنية العربية فى ظل وجود عمالقة كبار أمثال عبد الوهاب وأم كلثوم وفريد الأطرش، وكان لتعاونه مع شخصيات فنية مثل: صلاح جاهين، كمال الطويل، محمد الموجى، بليغ حمدى، والشاعر محمد حمزة وعبد الرحمن الأبنودى تأثيراً كبيراً فى مشواره الفنى والذى أثمر عن روائع غنائية مثل (جانا الهوى - موعود - إحنا الشعب - البندقية إتكلمت) وغيرها من الأغانى المتنوعة، وأيضاً كان له تعاون مع الشاعر الكبير نزار قبانى والذى غنى له على سبيل المثال قصيدتى (رسالة من تحت الماء وقارئة الفنجان). وكان عبد الحليم حافظ يرى أن الفن هو القاسم المشترك بين الجماهير العربية وكان للبعد العربى فى سياسة القومية العربية التى تبنتها ثورة يوليو أثر كبير فى امتداد شعبية عبد الحليم الحافظ إلى خارج حدود مصر، فقد كانت هناك قوى ثورية أخرى فى أقطار عربية فى المشرق والمغرب ترى فى الثورة المصرية ليس فقط نموذجاً بل قيادة للحركة القومية وما تبعها من مقاومة الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطنى، ولا شك أن هذا كان من ضمن القنوات التى سار فيها فن عبد الحليم، يتضح من هذا التوجه اكتمال صفقة ذات وجهين بين الإعلام الرسمى وعبد الحليم حافظ عمل فيها كواجهة سياسية شعبية وكسبت فيها القيادة السياسية تعبئة قوية لصالحها على المستوى الشعبى المصرى والعربى . رحم الله عبد الحليم حافظ، ورحم الله الزمن الجميل، زمن الفن والرقى، والمشاعر النبيلة، وزمن الوطنية والصدق والانتماء .