ما أكثر الأعياد والمناسبات فى بلادنا! وما أكثر الإجازات و أيام العطلات! وإن كان كثرة العطلات هو دليل على أننا مطحونون فى العمل، مما يتطلب حصول العمال فى المقابل على عطلات وإجازات لزيادة الإنتاجية والتركيز فى العمل، فالإجازات تعطى للعمال والموظفين وقتاً أطول لقضائه مع الأسرة مما يمنحهم الراحة والشعور بالحياة الأسرية وسط زخم حياة العمل ووطأتها المتسارعة، كما يمنح الأبناء فرصة أكبر للشعور بدفء الأسرة، مما ينعكس عليهم بالإيجاب فى المستقبل. ما ذكرته فى السطور المكتوبة سلفاً لا يحدث فى بلادنا بالطبع، فما يحدث هو : أننا عند ذهابنا للعمل لا نعمل، فالعمل بمثابة فسحة أو وقت راحة، بل إننا أصبحنا نكره الإجازات والعطلات لأننا سنكون مضطرين للخروج مع الأسرة أو إنجاز أعمال مؤجلة بالمنزل،. فنحن نعمل أقل القليل ونطالب بالأجر الوفير، فكيف يمكن ذلك؟! فى إحدى السنوات فى اليابان، قام معظم موظفى وعمال القطاع الحكومى بالتظاهر ورفعوا شكوى إلى رئيس حكومتهم مفادها: أنهم لا يرغبون فى الحصول على عدد العطلات الذى قد أقرته الحكومة، فهم يرون أنه يجعلهم أقل إنتاجية مقارنة بالقطاع الخاص، كما أن حب العمل جعلهم يشعرون بالضيق عند الحصول على أيام متقاربة للعطلات. فى بلادنا، إذا تصادف يوم عطلة رسمية مع يوم الجمعة (يوم العطلة الأسبوعية) بكل بساطة نأخذ بديلا له يوم السبت أو الخميس وأحيانا نأخذ اليومين معاً، ليصبحوا ثلاثة أيام متتالية.. أنا لا أنتقد حصولنا على الإجازات، لكن أود أن أقول إنه فى مقابل هذا العدد الغير قليل من أيام العطلات، يجب أن يكون هناك جد واجتهاد فى العمل حتى تصير للعطلات معنى ودلالة فى المقابل! و أرى أن أهم شىء يجب أن يأخد إجازة من حياتنا هو الفساد، فلم لا نجعل للفساد يوماً، نكتفى فى هذا اليوم بالعمل دون تعقيدات أو روتين؟ يوماً تختفى البيروقراطية فيه، يوما للعمل الخالص بدون أى صورة للفساد، فإذا نجحنا فى فعل ذلك لمدة يومً واحد، نعممه ليصبح أسبوعاً، ثم شهراً، ثم عاماً... ثم...