حتى الآن لم يتحدد موعد رسمى لفتح باب الترشيح لخلافة البلغارية إيرينا بوكوفا فى منصب الأمين العام لمنظمة اليونسكو، لأن الموعد سيتحدد وفقاً لخطط بوكوفا الخاصة بترشحها لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة خلفاً لبان كى مون. لكن أيا كان الموعد فإن الانتخابات ستجرى فى 2017 على أقصى تقدير، وهو ما دفع بعض الدول إلى الإسراع للإعلان عن مرشحيهم، لعدة أسباب، إما لقطع الطريق أمام دول أخرى لازالت مترددة، أو لاستغلال هذا الإعلان فى إجراء مساومات ومقايضات سياسية، وهو ما تفعله حالياً دولة قطر، التى استبقت التفكير المصرى بطرح مرشح وأعلنت عن اعتزامها ترشيح الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكوارى وزير الثقافة والفنون والتراث لمنصب مدير عام اليونسكو عام 2017، وبررت الدوحة هذا الترشيح بأنها أصبحت عاصمة ثقافية عالمية باحتضانها العديد من الأنشطة، كان آخرها اجتماع لجنة التراث العالمى التابعة لليونسكو فى يونيو الماضى. القاهرة كانت تموج خلال الأشهر الماضية بعدد من الأسماء المقترحة من البعض لدفعها إلى الترشيح، ومن بينها السفيرة مشيرة خطاب التى دفعتها وزارة الخارجية فى مقدمة المرشحين، وظلت تدافع عنها فى مواجهة طرح عدد كبير من المثقفين ومؤسسات الدولة التى كانت آخرها جامعة القاهرة للدكتور محمد سامح عمرو مندوبنا فى اليونسكو، وما بين الاسمين اقترح قلة أسماء أخرى لم تحظ بأى قبول، لتبقى المنافسة بين مشيرة خطاب ومحمد سامح عمرو، وخلف كل منهما تقف مؤسسة فى الدولة تدعمه، إلى أن وصل الأمر لرئاسة الجمهورية وفقاً لمتابعين للمنافسة الشرسة، فقررت الرئاسة تأجيل البت فى الأمر حتى يقترب الموعد، خاصة أن الانتخابات ستجرى بعد عامين تقريباً. تأجيل الرئاسة للبت فى الأمر دفع كثير من المتابعين للحديث عن أن مصر لن تدفع بمرشح لها فى اليونسكو، خاصة أن القاهرة تركز اهتمامها حالياً على ترشح مصر للعضوية غير الدائمة فى مجلس الأمن لعامى 2016-2017، وأن مسألة اليونسكو ليست ضرورية فى الوقت الراهن، رغم أن كل المؤشرات كانت تذهب إلى وجود رغبة لدى عدد ليس بقليل من الدول الأعضاء فى اليونسكو لمساندة المرشح المصرى إذا ما أحسنت مصر الاختيار، وكان التركيز حينها على شخص مندوبنا فى اليونسكو، خاصة أن له تجربة داخل المنظمة الدولية حينما فاز برئاسة المجلس التنفيذى لليونسكو فى انتخابات حظى خلالها بدعم من كل الأعضاء، مما يؤهله وفقاً لكثيرين إلى تكرار تجربة اليابانى هيسورا الذى كان مندوباً لبلاده فى اليونسكو ثم ترشح وفاز بالأمانة العامة للمنظمة الدولية. أيا ما كان الاختيار المصرى فإن القاهرة تأخرت فى قرارها مما دفع قطر لطرح مرشحها، بل إنها وفقاً لما علمته من دبلوماسيين عرب تجرى اتصالات حالياً مع العواصم العربية من أجل طرح الأمر أمام القمة العربية التى ستعقد فى مصر نهاية مارس المقبل، لاستصدار موافقة من القمة على مرشحها، مما سيضع القاهرة فى حرج كبير، لأنها إما أن تقف أمام الطرح القطرى ويكون لديها التربيطات العربية التى تمكنها من ذلك، أو تطرح مرشحا يحظى بقبول عربى. لكن المؤكد حتى الآن أن الدوحة حسمت أمرها وستطلب من وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم قبل القمة إدخال دعم المرشح القطرى لليونسكو ضمن البنود المطروحة على القادة العرب، ونحن لازلنا فى مرحلة التفكير التى قد تمتد إلى أن نخسر المعركة قبل أن تبدأ. هناك تفسير آخر مطروح حالياً بين الأوساط الدبلوماسية العربية حول تنويه قطر من خلال طرح مرشحها لليونسكو، فهى تريد أن تدخل فى مساومة مع مصر خلال القمة العربية المقبلة، فالقمة من المرجح أن تناقش اختيار أمين عام جديد للجامعة العربية خلفاً للدكتور نبيل العربى، وهنا فإن قطر ستكون جاهزة بطرح مرشحها أمام المرشح المصرى للأمانة العامة للجامعة العربية، مما سيفتح المجال أمامهما لعقد صفقة أو مساومة برعاية خليجية بأن تبقى الأمانة العامة فى مصر، وتفوز قطر بالدعم العربى لمرشحها فى اليونسكو. هذا السيناريو يراه مراقبون الأقرب للتحقق.
