قال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إنه رغم أن سياسة الحفاظ على قيمة الجنيه عملت على إرساء مبدأ استقرار اسمى للعملة، فإنها أيضا لها تأثير على زيادة تآكل القدرة التنافسية لمصر، حيث إن قوة الدولار الأمريكى وارتفاع معدلات التضخم المحلى نتج عنهما ارتفاع حاد فى سعر صرف الجنيه الحقيقى بشكل فعال، بالمقارنة بمتوسط النسبة منذ عشر سنوات. وأضاف عادل فى تصريحات صحفية أن استمرار التقلبات المتعددة فى أسعار صرف العملة المحلية فى مقابل العملات الأجنبية يمثل قلقاً مستمراً لدى أصحاب رءوس الأموال الراغبين فى الاستثمار بمصر، موضحاً أن هذه التقلبات تغير تقييمات الفرص الاستثمارية المتاحة كل حسب المجال الذى ينتمى له، ومدى ارتباط نشاطه سواء بالتصدير أو الاستيراد، مؤكدا أن أسعار صرف العملات الأجنبية فى السوق المحلية ما زالت التحدى الأكبر أمام المستثمرين الراغبين فى دخول مصر، وهو ما دفع البنك المركزى إلى زيادة مرونة سعر الصرف فى العام الحالى لضمان موازنة أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه. وأوضح أن ما يحدث الآن ليس تعويما كاملاً للجنيه أمام الدولار وإنما تحرير مشروط لعدم وجود موارد كافية للسيطرة على جميع طلبات الشراء، منوها إلى أن البنك المركزى يضخ مزيدا من النقد الأجنبى للسيطرة على سعر الدولار فى السوق السوداء ومحاولة لتقليل فارق السعر بين السوق الموازية والرسمية. وأشار إلى أن توقيت هذه الإجراءات مع اقتراب مؤتمر شرم الشيخ وارتفاع معدلات النمو الاقتصادى نسبيا والثقة الدولية فى الاقتصاد المصرى وتراجع عجز الموازنة بعد تراجع أسعار النفط يعزز وجهة النظر بأن الحكومة تسعى لتشجيع الاستثمار والتصدى للسوق السوداء فى العملة. وطالب بضرورة ضبط الطلب على الدولار من خلال ترشيد فتح الاعتمادات للاستيراد من السلع الكمالية وكذلك التحويلات للخارج مع ضرورة زيادة حصيلة التصدير وتحويلات المصريين بالخارج والسياحة والاستثمار الأجنبى المباشر لكى يسترد الجنيه المصرى قوته من جديد، لافتا إلى أن نجاح خطة المركزى للقضاء على السوق السوداء للعملة مرهون بقدرته على ضخ الدولار بما يلبى احتياجات البنوك العاملة فى السوق المحلية لتوفير الاعتمادات المطلوبة للعملاء وخاصة المستوردين. كما أشار إلى أن الفترة الانتقالية التى يعيشها الاقتصاد المصرى حالياً تحتاج إلى إدارة رشيدة لسعر الدولار أمام الجنيه حتى يلتقط الاقتصاد أنفاسه وتزيد الموارد من النقد الأجنبى إلى المستويات التى يتم خلالها تلبية كافة احتياجات الطلب وإلغاء السوق السوداء، مؤكدا أن القيمة الحقيقية للجنيه أمام الدولار سوف تتحدد عندما يستقر الاقتصاد وتزيد موارد الخزانة العامة من سلة العملات وليس فى الوقت الحالي، منوها إلى أن إطلاق السعر الحقيقى للدولار أمام الجنيه أفضل من التعامل بأسعار غير واقعية وأن الخطوة التى يقوم بها البنك المركزى نحو تصويب أسعار سعر الصرف شيء جيد. وأضاف أن الإجراءات التى يتخذها البنك المركزى لمواجهة تجارة العملة الخضراء فى السوق السوداء "الموازية" جيدة لخلق سعر صرف للدولار متوازن، بما يؤدى إلى إعادة ثقة المستثمر الأجنبى للسوق المصرى، كما تشجع المواطنين وأصحاب الشركات والمستثمرين على بيع ما لديهم من الدولار للبنوك، موضحا أن إجراءات البنك المركزى ترجع فى المقام الأول إلى احتياج السوق لمزيد من السيولة لمكافحة سماسرة الدولار فى السوق الموازية، خصوصًا عقب الارتفاعات التى حققها الدولار الأيام الماضية، فى ظل تراجع حجم الموارد من النقد الأجنبى والتى تتمثل فى تراجع أنشطة السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، واقتصار موارد الدولة الدولارية على إيرادات قناة السويس السنوية وتحويلات المصريين فى الخارج، مؤكدا أن المضاربات هى ما تحرك السوق السوداء الآن، فالبعض يتوقع أن يرتفع السعر الموازى ولكن مع تقليل السوق الرسمية للفجوة السعرية، سينخفض الطلب عليهم، وبالتالى تنتهى السوق السوداء .