موعد إجازة شم النسيم 2024.. وجدول مواعيد الإجازات الرسمية 2024    الكتاتني: الجماعة الإرهابية اتخذت قرارا بالاشتباك مع الدولة    تحديث جديد لأسعار الذهب اليوم في مصر.. «بكم عيار 21»    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بالأقصر    محافظ قنا يتفقد أعمال ترفيق منطقة "هو" الصناعية بنجع حمادى    تسجيل أول سيارة فى الشهر العقارى بسوق سيارات بنى سويف.. اعرف التفاصيل    مصر تحصد المركز الأول في مسابقة تحدى البحوث بمنطقة الشرق الأوسط    الرئيس الفلسطيني يحذر من اجتياح رفح: سيؤدي إلى كارثة إنسانية ومجازر دموية    «حياة كريمة»: دخول 30 شاحنة مساعدات من القافلة ال6 إلى أهالينا في غزة    وسيلة مجانية تنقل مباراة الأهلي ومازيمبي في دوري أبطال أفريقيا    تقارير: زيدان يُفضّل تدريب مانشستر يونايتد أكثر من بايرن ميونخ    صورة.. الخطيب يحضر جنازة صلاح السعدني    طقس غد.. ارتفاع بالحرارة وشبورة كثيفة والعظمى بالقاهرة 32 درجة    مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط ينعى صلاح السعدنى    محمود قاسم عن صلاح السعدني: الفن العربي فقد قامة كبيرة لا تتكرر    «الصحة»: خطوات عملية لتنفيذ مبادرة الكشف والتدخل المبكر لاضطرابات طيف التوحد    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: إزالة أجزاء من عقار بالجمرك لخطورته الداهمة وحقيقة ألسنة اللهب على الكورنيش    تحقيقات موسعة في مصرع وإصابة 5 أشخاص بحادث مروري مروع بالشروق    "القاهرة الإخبارية" تكشف تفاصيل استهداف إسرائيل مواقع عسكرية في سوريا    وفيات وأضرار عقب هجمات روسية في منطقة دنيبرو الأوكرانية    وفاة رئيس أرسنال السابق    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة.. مباريات اليوم السادس    تقارير: ليفربول يرفض رحيل محمد صلاح في الميركاتو الصيفي    إطلاق برنامج "لقاء الجمعة للأطفال" بمسجد الشامخية ببنها    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    شكوى من انقطاع المياه لمدة 3 أيام بقرية «خوالد أبوشوشة» بقنا    «ابدأ» تشارك بعدد من التوصيات لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني    بدء أكبر انتخابات في العالم بالهند.. 10% من سكان الأرض يشاركون    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    انتهاء أعمال المرحلة الخامسة من مشروع «حكاية شارع» في مصر الجديدة    دعاء لأبي المتوفي يوم الجمعة.. من أفضل الصدقات    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    جوائز تصل ل25 ألف جنيه.. جامعة الأزهر تنظم مسابقة القراءة الحرة للطلاب    تحرك برلماني بسبب نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    لمحبي الشاي بالحليب.. 4 أخطاء يجب تجنبها عند تحضيره    الأربعاء.. انطلاق مهرجان الفيلم العربي في برلين بمشاركة 50 فيلما عربيا    إقبال جماهيري على جناح مصر في بينالي فينيسيا للفنون 2024    كل ما تريد معرفته عن قانون رعاية حقوق المسنين| إنفوجراف    محافظ أسيوط يعلن ارتفاع معدلات توريد القمح المحلي ل 510 أطنان    الصحة: فحص 432 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    "رصدته كاميرات المراقبة".. ضبط عاطل سرق مبلغا ماليا من صيدلية بالقليوبية    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    رضا عبد العال يعلق على أداء عبد الله السعيد مع الزمالك    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    كشف لغز بلاغات سرقة بالقاهرة وضبط مرتكبيها وإعادة المسروقات.. صور    الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين يوم الأحد بنظام ال"أون لاين" من المنزل    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    موعد مباراة الترجي وصن داونز بدوري أبطال أفريقيا    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر سليمان
نشر في اليوم السابع يوم 26 - 01 - 2015

«الصندوق الأسود عمر سليمان»، كتاب جديد، للكاتب الصحفى مصطفى بكرى، وهو باكورة مشروع النشر فى «اليوم السابع» الكتاب صدر فى الأسواق وتقدم «اليوم السابع» حلقات مختارة منه، ويحوى مفاجآت ويكشف أسرارا وتفاصيل يخطها مصطفى بكرى عن رواية عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، وتكشف ما خفى فى مرحلة ما قبل وأثناء وما بعد ثورة 25 يناير.ويجيب الكاتب عن تساؤلات عديدة مثلت علامات استفهام كبيرة للكثيرين: - لماذا اتفق الإخوان والأمريكان على إسقاط الدولة فى مصر؟! - ملف التوريث سر الأزمة بين عمر سليمان وجمال مبارك - برلمان 2010 والخلاف بين عمر سليمان وأحمد عز - تفاصيل ما جرى بعد رحيل مبارك وأسرار العلاقة بين المشير طنطاوى وعمر سليمان - أسرار المرض وأين الحقيقة فى وفاة عمر سليمان؟ كما يتناول الكتاب بجرأة ويجيب بكل موضوعية على سؤال الساعة.. هل كانت 25 يناير ثورة أم مؤامرة؟
تمهيد
كان رجل مخابرات من طراز فريد، ضابط من أصول صعيدية، عائلته تضرب بجذورها فى مركز «قفط»، محافظة قنا، كان يحلو له دائمًا عندما يقابلنى أن يقول لى: «أهلاً يا أبو البلديات».
كان عمر سليمان يعتز بصعيد مصر، إلا أنه ومنذ أن غادره صغيرًا انهمك فى الحياة وأعبائها، نسى حتى نفسه، لكنه ظل دومًا محتفظًا بقيم الأصالة والوفاء والنقاء.
عندما تضيق به الأحوال كان يذهب إلى استراحة وادى النيل التى تطل على النهر القادم من الجنوب، يجلس هناك وحيدًا، يفكر بعمق، يمضى بخياله إلى ربوع الوطن، يتنفس سحر الحياة التى عشقها على أرض مصر.
كان يمضى إلى «درب البرابرة»، يغوص فى وسط القاهرة، يتجول وحيدًا، بلا حراسة، يتفرس وجوه الناس، كان مغرمًا بالأنتيكات والزخارف القديمة، إنها تذكّره بزمن مضى، لكنه يحنّ إليه دومًا، وعندما يعود إلى المنزل كان يروق له أن يستمع لأغانى محمد فوزى.
بين الحين والآخر كان يمضى إلى مدينة «فايد» بالإسماعيلية، إلى شقته القديمة التى عاش فيها منذ كان ضابطًا بالفرقة 18 بالجيش المصرى، مغرم هو بصيد السمك، يمضى إلى البحر، ويلقى بسنارته، يصبر كثيرًا، ويسعد كثيرًا ساعة أن تغمز السنارة، فيسحبها رويدًا رويدًا إلى شاطئ البحر.
كان يتردد كل خميس فى بدايات عمله بالمخابرات العامة إلى محل «جاد» للفول والطعمية فى شارع رمسيس، يذهب مع سائقه ويتناول معه السندويتشات التى كان يقول عنها دومًا: «هى دى الكباب الشعبى بجد»!
كان مغرمًا بالتفاصيل، وكان عاشقًا للوطن، بعد الثورة كان يبدو حائرًا، قلقًا على الحاضر والمستقبل، وفى يوم ما، بعد أن ازداد لهيب النار واشتعلت الحروب، وسادت الفوضى، مضى إلى بيته، كان غاضبًا، الدموع كادت تنهمر من عينيه، وقال لأسرته: «دى موش مصر اللى بعرفها».
فى هذه الفترة وتحديدًا بعد تخلى الرئيس حسنى مبارك عن الحكم بفعل الضغوط الشعبية، وموقف الجيش المصرى، ظل عمر سليمان يتردد على مكتبه القديم بمبنى المخابرات العامة، لقد تعوَّد أن يذهب إليه يوميًا، يمضى فيه أغلب الوقت، ثم يعود فى وقت متأخر مساء ليجلس مع أبنائه وأحفاده.
كانت ابنته رانيا، وزوجها عبدالحميد، نجل الشهيد أحمد حمدى، يقطنان معه داخل مسكنه فى التجمع الخامس، وكان أول شىء يفعله عند دخوله منزله هو الجلوس مع أحفاده الصغار، لقد تعود عليهم، وتعودوا عليه.
وكانت داليا، ابنته الأخرى، زوجة المهندس فرج أباظة تسكن فى المهندسين، وكان يطمئن عليها يوميًا ويسأل عن الأحفاد، أما عبير، ابنته الثالثة، فقد كانت مع زوجها السفير أيمن القفاص الذى كان يعمل فى إحدى المؤسسات المالية الدولية خارج مصر فى هذا الوقت.
كان مرتبطًا ببناته وأحفاده وزوجته، وكان دائمًا يقول لهم: «أنا ظالمكم معايا، لكن عذرى أن وقتى وجهدى هو لمصر»، كانت أسرته تنتظر بفارغ الصبر اليوم الذى تنتهى فيه خدمته بعد أن أعطى كل عمره للوطن، والقوات المسلحة، والمخابرات الحربية والعامة على السواء.
يوم أن استمعت ابنته «داليا» إلى خبر تعيينه نائبًا لرئيس الجمهورية فى الخامسة من مساء السبت 29 يناير 2011 من راديو السيارة، أجهشت بالبكاء؛ فقد كانت تدرك خطورة الموقف فى هذه اللحظة.
كان عمر سليمان كتومًا، وحريصًا، الكثير من الأسرار لم يكن أحد من أسرته يعرف بها، حتى عندما تعرّض لمحاولة اغتيال متعمدة فى 30 يناير، فى أثناء الثورة، لم يعلم أحد من أفراد أسرته بالحادث- سوى زوجته- إلا بعد أن أذاعته شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية.
كنت قد تعرّفتُ على اللواء عمر سليمان منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، كان يتحدث معى بصراحة ووضوح فى كثير من الأزمات التى عاشها الوطن فى هذه الفترة، كان دائمًا يقول: «إن أكثر ما يخيفنى على مصر وعلى الرئيس، هو بعض المحيطين به والذين يتصرفون فى البلاد وكأنها عزبة»!
وعندما كنت أسأله عن جمال مبارك وعن الآخرين وعن التوريث كان يقول دومًا: «مصر أكبر من كل هؤلاء، ولن يستطيع أحد أن يجبر المصريين على شىء لا يقبلون به».
وكان عمر سليمان يعرف أن ملف التوريث فيه مقتل للنظام ونهاية له، كان حريصًا، يقرأ المستقبل بعيون الوطن، كان يحذر، لكنّ أحدًا لم ينصت إليه، كان يقول إن هذا الملف هو الخطيئة المسكوت عنها، وكان على ثقة بأن الأمر لن يمر بسهولة، فى عام 2006 تحدث مع الرئيس مبارك بكل صراحة ووضوح، وقال له: «ياريت جمال مبارك يسافر بره شوية»، وعندما سأله الرئيس: «طب ليه؟»، رد عليه عمر سليمان بالقول: «الناس كلامها كتير، وأنا خايف عليه، والبلد مش مستحملة»!
أدرك الرئيس المعنى جيدًا، صمت، لم يرد، كانت الضغوط لا تتوقف من قِبل سوزان مبارك على الرئيس، كانت تريد نجلها وريثًا للحكم فى البلاد، لكن مبارك كان يتردد كثيرًا، ويقول للمقربين منه: «أنا خايف عليه.. ده ميقدرش على مصر، والبلد أوضاعها صعبة».
ظل بعيدًا عن الأضواء، وعن الصراعات التى تزايدت حدتها داخل مؤسسات الدولة، ومع ذلك كان كثير من المحللين يقولون دومًا: «إنه الرجل الأقوى فى مصر، والمرشح الأكثر حظًا لخلافة مبارك»، كان يمسك بالعديد من الملفات الداخلية والعربية والدولية، وكان يمضى دائمًا جنبًا إلى جنب مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط فى زياراته الخارجية إلى دول العالم.
عندما قالت عنه «الديلى تليجراف» إنه المرشح لخلافة مبارك، وعندما أكدت على ذلك «الفانيانشال تايمز» التى كانت تسميه «رجل دبلوماسية الغرف المظلمة»، كان جمال مبارك وحاشيته داخل القصر، يعدون المزيد من المؤامرات التى استهدفت إبعاده.
عندما اختاره مبارك مديرًا للمخابرات العامة فى 4 مارس 1991، جاء محملاً بتاريخ طويل فى المؤسسة العسكرية، كان آخر حلقاته رئاسة جهاز المخابرات الحربية، لم يكن أحد يعرف عنه شيئًا، كان يقول دومًا: «فى بلد كمصر، أنت كالفراشة عندما تقترب من النور والأضواء ستحترق حتمًا وبلا جدال».
وعندما نشرت له صورة فى فترة التسعينيات، اتصل بى مسؤول كبير فى جهاز المخابرات، وقال لى: «الوزير عمر يترجاك ألا تنشر له أية صور شخصية»، لم أبد دهشة أو استغرابًا، كنت أعرف أن هناك تعليمات صارمة للصحف بالابتعاد عن هذا الملف.
كان صامتًا فى أغلب الأحيان، ملامحه الصعيدية الجامدة كانت تمنحه هيبة كبيرة فى جميع الأوساط، كان ملمًا بالأوضاع ومحللاً عميقًا للأحداث، إنه الرجل الذى قال عنه الرئيس الفرنسى الأسبق جاك شيراك: «استوقفنى فى كل لقاء جمعنى بالوزير عمر سليمان، دقة تحليلاته، وبعد نظره، وقوة التزامه الشخصى، والعزم فى خدمة مصر».
كان رجل المخابرات الأول الذى وصفته أمريكا بأنه الأكثر دهاء، وكان المصريون يسمونه «الرجل الغامض» الذى يمتلك وحده مفاتيح الصندوق الأسود.
وحديث «الصندوق الأسود» جاء من خلال لقاء عشاء حضره عدد من أصدقائه المقربين، وكان من بينهم اللواء طوسون دعبس، أحد كبار رجال المخابرات العامة السابقين، الصديق المقرب من عمر سليمان، وأحمد أبوالغيط، وزير الخارجية الأسبق، ود. نبيل دعبس، ود. صبرى، مدير مستشفى وادى النيل.
لقد قال عمر سليمان، وكان ذلك فى شهر مارس من عام 2012: «إذا جماعة الإخوان متعدلوش، أنا الصندوق الأسود وهطلع اللى عندى».
فى هذه اللحظة تدخل اللواء طوسون وقال له: «بلاش يا فندم الجملة دى تتقال مرة ثانية، لأنها خطيرة جدًا، وممكن تودى بحياتك».
قال عمر سليمان: «أنت تعرف يا سيادة اللواء طوسون أنى مبخافش».
قال اللواء طوسون: «ولكن أنت كانت عندك أسرار الدولة كلها وده هيفتح عليك نار جهنم».
كان عدد الحاضرين فى هذا اللقاء نحو ثمانية أشخاص، ثم سرعان ما ترددت هذه العبارة فى العديد من وسائل الإعلام، وأثارت ردود أفعال كبيرة، لكن الأخطر هو الذى عكسته ردود أفعال جماعة الإخوان الذين أصابهم الرعب والفزع من «الصندوق الأسود» الذى يمتلكه عمر سليمان.
كان الرجل ملمًا بملفات عديدة، ويذكر أنه بعد انقلاب أمير قطر على والده فى عام 1995 اتصل به أمير قطر الجديد الشيخ حمد بن خليفة آل ثان، وطلب من الرئيس مبارك التدخل لدى والده لتقديم المبالغ المقيدة باسمه فى بنوك سويسرا وتحويلها للحكومة القطرية، خاصة أن البلاد كانت تعانى من أزمة اقتصادية، وتحتاج إلى المال لتسيير الأمور.
قال مبارك لأمير قطر: سأرسل لكم اللواء عمر سليمان ليسمع منكم ما هو المطلوب بالضبط.
وسافر عمر سليمان إلى الدوحة فى هذا الوقت، والتقى الأمير الجديد، وسأله ماذا يريد بالضبط، فقال له الأمير: «أنت شخصية محترمة والوالد يحبك ويقدرك، أرجو منك أن تتدخل لديه لأن موقفنا المالى سيئ جدًا»!
وبالفعل سافر عمر سليمان إلى سويسرا، والتقى أمير قطر السابق الشيخ خليفة آل ثان، وشرح له الموقف، إلا أن الشيخ خليفة قال له إنه غاضب على نجله وما فعله معه.
فقال له عمر سليمان: أرجو أن تمنحهم 3 مليارات دولار على الأقل، حتى يتمكنوا من سد الاحتياجات الرئيسية لهم.
وبعد حوار وجدل طويل، وافق الشيخ خليفة على تقديم 2 مليار دولار، ويومها قال: «أنا سأدفع هذا المبلغ تقديرًا لحضورك عندى هنا، وأنا أقدر الرئيس مبارك ولا أستطيع أن أرفض له شيئًا».
وبالفعل تم تحويل المبلغ إلى حكومة قطر، وتوجه أمير قطر الجديد بالشكر إلى الرئيس مبارك، وإلى اللواء عمر سليمان على هذا الموقف.
كان عمر سليمان يحزن عندما كان يرى أن البعض يغالط الكثير من الحقائق، ويردد الكثير من الأكاذيب، وعندما قام وفد شعبى بزيارة إثيوبيا بعد ثورة 25 يناير راح البعض يردد كلام «زيناوى» الذى اتهم عمر سليمان بالعجرفة، وحمله مسؤولية تردى العلاقات بين مصر وإثيوبيا.
يومها سألت عمر سليمان عن ذلك فقال: «يعنى زيناوى يتهمنى بالعجرفة وأهلى يصدقون الغريب، للأسف زيناوى كان معاديًا لمصر، ويتحمل وحده مسؤولية ما آلت إليه العلاقات المصرية الإثيوبية بسبب إصراره على بناء سد الألفية، والانتقاص من حق المصريين فى كمية المياه المحددة بمقتضى الاتفاقات الدولية».
وقال عمر سليمان: «كيف يتصور البعض أننى أعمل ضد مصلحة بلدى، لقد بذلت كل ما فى وسعى من أجل هذا الملف على وجه الخصوص».
وحكى عمر سليمان أصل الحكاية بالقول: رئيس وزراء إثيوبيا ميليس زيناوى كانت لديه قناعة بأن مصر تساند إريتريا ضده بهدف إسقاط نظامه، وأن مصر كانت تهدف إلى السيطرة على أفريقيا من خلال مساندة طرف ضد طرف آخر.
وقال: «إن مصر كانت ضد فكرة سد الألفية من الأساس، وإن ذلك كان سبب غضب إثيوبيا من مصر»، لأنها رأت أن الحكومة المصرية وعمر سليمان تحديدًا يعرقل خطوات إثيوبيا نحو بناء هذا السد.
وقال عمر سليمان إن اجتماعًا عقد بين الرئيس مبارك و«زيناوى» بحضورى، وإن «مبارك» قال ل«زيناوى»: «إن مصر لن تسمح بالمساس بحصتها فى مياه نهر النيل»، وطالبه بضرورة الالتزام بالاتفاقيات الخاصة بذلك.
وفى أثناء الحديث قام «مبارك» بتوجيه سؤال إلى عمر سليمان، وقال له: «هتعمل إيه يا عمر لو أصرت إثيوبيا على بناء السد».
رد عمر سليمان بالقول: لن نسمح أبدًا ببناء السد.
ثم سأله مرة أخرى، وقال: «يعنى هتعملوا إيه؟».
قال عمر سليمان: لو تم بناء السد رغمًا عنا سنضطر إلى تفجيره، و«احنا جاهزين».
لم يعلق «زيناوى» على كلام عمر سليمان، لكن ملامح القلق والغضب ظهرت على وجهه، ومنذ هذا الوقت لم يجرؤ «زيناوى» على القيام بخطوة بناء سد الألفية إلا بعد سقوط نظام مبارك.
العادلى يراقب سليمان
ومع صعود نجم عمر سليمان كان يعرف أن هناك من يسعى إلى الإيقاع به، كان عمر سليمان يعرف أن حبيب العادلى كان يراقبه ويتابع خطواته، وعندما قرر وزير الداخلية إبعاد اللواء صلاح سلامة، رئيس جهاز أمن الدولة، من موقعه، قال ل«مبارك» فى هذا الوقت: «ده صاحب عمر سليمان، ولو أردت مراقبة عمر سليمان لن أستطيع».
ولم يكن حبيب العادلى وحده الذى يتابع عمر سليمان بلا سبب حقيقى، بل إن د. زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، فى هذا الوقت سعى لإبعاد د. وليد دعبس من موقعه كأمين لرئاسة الجمهورية، وعندما قيل ما السبب، قال: «لأنه رجل عمر سليمان فى مؤسسة الرئاسة».
وخلال إحدى زيارات الرئيس مبارك إلى الخارج، جاء عمر سليمان بالدكتور زكريا عزمى، والدكتور وليد دعبس وجهًا لوجه فى الطائرة الرئاسية، وقال لزكريا عزمى: «أنا لست فى حاجة لتكون لى عيون داخل رئاسة الجمهورية، لأننى أعرف واجباتى جيدًا، وأنا أستطيع أن أقول لك كم عدد خلايا جسمك، عليك أن تعرف أننى على رأس جهاز المخابرات، وأنا لست فى حاجة لأحد للمساعدة».
وقد حذر عمر سليمان يومها زكريا عزمى من مغبة اضطهاد د. وليد دعبس بحجة أنه من رجاله، وقال: «أتمنى ألا نأخذ الناس بالباطل على العاطل»، وعمر سليمان ليس فى حاجة إلى رجال داخل مؤسسة الرئاسة.
كان الإخوان قد سبق أن عرضوا على عمر سليمان فى شهرى فبراير ويوليو من عام 2011 الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، لكن الرجل رفض ذلك فى هذا الوقت، وأبدى دهشته من العرض الإخوانى فى ضوء ما يعرفه عن طموحات الإخوان، ومطامعهم فى الاستيلاء على السلطة فى البلاد، وهو ما حذر منه عمر سليمان علانية فى 3 فبراير 2011.
كان واضحًا ومحددًا عندما قال فى حديث نشرته الأهرام القاهرية فى 13 إبريل 2012 إن الإخوان جماعة مسلحة مارست العمل المسلح، حرقوا أقسام الشرطة، ومرافق الدولة الحيوية، وإنهم مربون ومسلحون على أعلى مستوى، وقال إنهم خطفوا الثورة من الشباب، وكان لديهم غل وحقد شديدان، وأرادوا الانتقام فقط وحرقوا البلد، وقال: «حين وجد مبارك إن البلد هتولع، نقل السلطة للجيش عامود الخيمة الوحيد المتبقى فى البلد بعد سقوط الشرطة والنظام»!
تحذيرات سليمان
كان عمر سليمان يحذر وينذر منذ عام 2004، عندما قررت إدارة الرئيس الأمريكى جورج بوش اعتماد خطة تقوم على الاتفاق مع جماعة الإخوان المسلمين كركيزة لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط فى مصر والمنطقة.
كان عمر سليمان يرفع التقارير، ويحذر من خطر المؤامرة، ويطالب بالإصلاح، لكن الرئيس مبارك كان قد فتح الطريق أمام الإخوان والمرتبطين بالمشروع الأمريكى للتحرك بحرية فى ربوع الوطن، ظنًا منه أنه بذلك يأمن شرهم، فراحوا يحشدون الجماهير، ويستغلون الانهيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وغياب الأمل، وانتشار الفساد ليدفعوا بهم إلى مواجهة قوية استهدفت إسقاط الدولة، وليس تغيير النظام.
فى عام 2007 كان هناك لقاء بينى وبين عمر سليمان، كنت فى هذا الوقت عضوًا بمجلس الشعب، وكان هناك مشروع مقدم إلى البرلمان لتعديل الدستور، كان هدف المشروع هو فتح الباب أمام «توريث» الحكم، كان الأمر مدهشًا للغاية، سألت عمر سليمان: «ألم يقل الرئيس إنه لن يعدل الدستور منذ أيام قليلة، ماذا حدث حتى تنقلب الأوضاع رأسًا على عقب؟».
يومها قال عمر سليمان: «أنت تعرف أن هناك من يريد أن ينافق الرئيس، وهؤلاء أخطر على الدولة من المعارضين، لكن أريد أن أطمئنك أن مصر بخير، ولا تقلق كثيرًا».
كانت كلماته تحمل الكثير من المعانى، لقد كان شاهدًا على هذه الأحداث، لقد سعت سوزان مبارك وعدد من الرجال الذين حول الرئيس إلى إقناعه بتعديل الدستور، لضمان تمهيد الأرض حتى يتولى جمال مبارك حكم البلاد من بعده من خلال انتخابات شكلية تغيب عنها المنافسة الجادة، لكن عمر سليمان استطاع إقناعه بصرف النظر عن هذه التعديلات.
وبعدها بساعات قليلة سافر «مبارك» إلى إحدى الدول الأفريقية، وعندما سئل من الصحفيين حول ما يتردد عن وجود نية لتعديل الدستور، قال: «خلاص مفيش تعديل للدستور».
ساعتها طير محفوظ الأنصارى، رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط، هذا الخبر إلى الوكالة، وقامت الدنيا ولم تقعد، ثار جمال ووالدته، وراحت «الشلة» إياها تعاتب الرئيس بأنه يسد الطريق أمام نجله، وأنه يغلق الأبواب التى كانت قد أوشكت أن تفتح، وأنه يعير بعض المعارضين اهتمامًا، ويستجيب لرغباتهم ويتجاهل رغبة ابنه.
وأمام هذه الحملة لم يكن أمام «مبارك» من خيار سوى أن يستجيب فطلب من صفوت الشريف أن يدلى بتصريح يقول فيه: «إن الدستور ليس قرآنًا»، أى أن تغييره وارد فى أية لحظة.
أدركت «الشلة» منذ هذا الوقت أن عمر سليمان، والمشير طنطاوى يقفان عقبة أمام طموح نجلها، وأنهما يحاولان سد جميع المنافذ بينها وبين الرئيس، من هنا بدأت الحملة والاستهداف.
وعندما قابلت سوزان مبارك اللواء عمر سليمان فى إحدى المناسبات المهمة قالت له وبصوت عال: «إنت ليه دايمًا بتكسر مجاديف ابنى، ده حقه وطموحه، هو مش عاجبك فى إيه؟».
نظر عمر سليمان إلى «الهانم» نظرة لا تخلو من معنى، ثم تركها ومضى، فراحت تشكو للرئيس من أن عمر سليمان لا يحترمها، ولا يعيرها اهتمامًا.
كانت دائمًا تعامله رأسًا برأس، وأحيانًا تبدأ الكيد له بطريقة كانت تهدف من ورائه إلى استفزازه، وخلال إحدى الزيارات الخارجية إلى ألمانيا، راحت سوزان ترد الصاع إليه صاعين، فقد كان لديها حفل عشاء فى ألمانيا، طلبت من سكرتاريتها توزيع الدعاوى فى الطائرة خلال رحلة السفر على الجميع عدا عمر سليمان، ابتسم فى هدوء ولم يعلق!
لقد سمع عمر سليمان فى هذا العام من طباخ الرئاسة أن هناك اتجاهًا لتولى أنس الفقى، وزير الإعلام، منصب مدير المخابرات العامة بدلاً منه، وعندما تأكد من جدية الخبر، ذهب إلى «مبارك» وقال له: «أنا جندى فى الدولة، أعمل فى أى مكان، وأرغب فى تقديم استقالتى».
أبدى «مبارك» دهشته واستغرابه، وقال لعمر سليمان: «أنت تعرف قيمتك عندى، وأنا أعرف أن البعض لا يريدك فى موقعك، أنا لا أستطيع الاستغناء عنك، ولكن حاول أن تهدئ الأجواء مع الآخرين».
كان «مبارك» يثق كثيرًا فى عمر سليمان، ويقدر صراحته ووضوحه، وهو لم ينس له دوره فى إنقاذه من محاولة الاغتيال فى أديس أبابا، عندما أصر على إرسال سيارة الرئيس المدرعة إلى أديس أبابا لحضور القمة الأفريقية، وأن يبقى الحرس الرئاسى بسلاحه كاملاً، وأن يظل طاقم الرئاسة داخل الطائرة على أهبة الاستعداد.
مواجهة مع كمال
وكانت هذه الجلسة مع «مبارك» مناسبة لفتح موضوع «جمال»، اشتكى عمر سليمان من «الشلة» التى تكونت حول نجله، والدور الخطير الذى تقوم به، والذى كان واحدًا من عوامل السخط على النظام، فقال له «مبارك»: «ولماذا لا تقول له هذا الكلام؟.. أنا حبعت أجيبه وخده فى الصالون المجاور وانصحه يبعدهم عنه»، وبالفعل بعد دقائق كان جمال جنبًا إلى جنب مع عمر سليمان فى الصالون المجاور.
قال جمال: تحت أمرك، خير..
قال عمر سليمان: أنت تعرف أن هناك من يحاول التقرب منك لأسباب بعينها، وتعرف أن هؤلاء لهم مصالحهم.
قال جمال: وما علاقتى بهذا الكلام؟
قال عمر سليمان: أنا أتمنى أن تحرص من هؤلاء، لأنهم خطر عليك وعلى والدك.
قال جمال: ومن تقصد؟
قال عمر سليمان: أنت تعرف أن هناك من يستغل اسمك ويسىء إليك، ويقدم نفسه على أنه من رجالك، فلابد أن تضع حدًا لهؤلاء.
قال جمال: أنا أحب أسمع هذه النصائح من والدى.
قال عمر سليمان: والدك هو الذى طلب منى أن أقول لك وأفاتحك فى الموضوع.
قال جمال: «طيب شكرًا أنا هشوفه وأبقى أسمع منه»!
صمت عمر سليمان، هز رأسه، وترك مقعده، ومضى إلى خارج الغرفة، وبدا كأنه شديد الندم.
فى عام 2009، طلب جمال مبارك من والده أن يتصل باللواء عمر سليمان ويطلب منه أن يطلعه على عمل جهاز المخابرات العامة، وأقسامه المختلفة، ودوره المعلن، ودوره الخفى.. رحب «مبارك» بالفكرة، واتصل بعمر سليمان لاستقبال جمال مبارك.
عندما وصل جمال مبارك إلى مبنى المخابرات العامة بحدائق القبة، استرعى انتباهه أن عمر سليمان لم يهبط من مكتبه ليكون فى استقباله، كان هناك ضابط برتبة عميد هو الذى اصطحب جمال إلى مكتب اللواء عمر سليمان فى الدور الثانى.
جلس عمر سليمان مع جمال مبارك، ثم استدعى عددًا من ضباط الجهاز، تحدثوا معه حول دور الجهاز، وتاريخ نشأته، ودوره الذى يحدده القانون والدستور، وبعد أن انتهى اللقاء ودعه عمر سليمان عند باب الأسانسير.
كتم جمال مبارك غيظه، وعندما وصل إلى القصر الرئاسى، اشتكى لوالده من أنه عومل بطريقة سيئة، وأن المعلومات التى عرفها عن الجهاز كان يمكن أن يحصل عليها من الإنترنت، وأنه نادم على هذه الزيارة، وأنه يطلب حقه من عمر سليمان.
وعلى الفور قام الرئيس مبارك بالاتصال بعمر سليمان فى وجود نجله جمال وقال له: «ليه مزعل جمال يا عمر؟!».
رد عمر سليمان: «خير يا فندم».
قال مبارك: «جاى زعلان وبيقول إنه لم يستفد شيئًا، وأن كل المعلومات اللى عرفها موجودة على الإنترنت».
قال عمر سليمان: سيادة الرئيس، أنت تعرف أن عمل الجهاز يتميز بالسرية الكاملة، وأن هذه أمانة أقسمنا عليها، وجمال ليس من أفراد الجهاز.
قال مبارك: «أيوه بس ده ابنى يا عمر».
قال عمر سليمان: يا فندم، أنا تحت أمرك، حضرتك تستطيع أن ترسل إلىّ خطابًا من الرئاسة، وأنا أقوم بذلك.
قال مبارك: «لا.. لا.. خطاب إيه، أنا مش ممكن أخرق سرية الجهاز، ده أمن قومى للبلد، شوف أنا حتكلم مع جمال وأفهمه الموضوع».
وجه عمر سليمان شكره إلى الرئيس، إلا أن جمال لم ينس هذا الموقف، وسعى إلى عزل عمر سليمان عن كثير من القرارات، خاصة أن جمال كان فى هذا الوقت يتولى عمليًا موقع مدير مكتب الرئيس، بعد أن استطاع تهميش دور اللواء جمال عبدالعزيز الذى رافق الرئيس مبارك على مدى سنوات طوال.
وفى سبتمبر 2010 كان عمر سليمان يرافق الرئيس مبارك خلال زيارته إلى الولايات المتحدة، وكان الموقف الأمريكى من نظام الحكم فى مصر لا يزال على حاله، كانت الأزمات متصاعدة، والانتقادات المتبادلة مستمرة فى الإعلام والصحافة، وأيضًا داخل الغرف المغلقة.
فى هذا الوقت استيقظ الناس على ملصقات تحمل صور اللواء عمر سليمان مكتوب عليها «البديل الحقيقى.. عمر سليمان رئيسًا للجمهورية»، تم تعليقها على جدران أحياء القاهرة والجيزة، وتحديدًا فى أحياء المعادى ومصر القديمة والمهندسين وإمبابة وبولاق الدكرور وشبرا.
ثار جدل كبير فى جميع الأوساط وتساءل الناس: مَنْ يقف وراء هذه الملصقات؟ وما الهدف منها؟
لقد تردد فى هذا الوقت اسم أحمد عز، رجل الأعمال، أمين تنظيم الحزب الوطنى، وقيل إنه فعلها بتعليمات من جمال مبارك، والهدف إحداث وقيعة بين الرئيس مبارك، ومدير المخابرات العامة عمر سليمان.
كما تردد أيضًا أن هناك بعض الشباب، وتحديدًا ممَن تلقوا تدريبات فى خارج البلاد على الثورة ضد النظام، كانوا هم أنفسهم وراء ذلك؛ بهدف التعجيل بنهاية الرئيس مبارك، وطرح بديل شعبى مقبول لخلافته، خاصة بعد أن تساءلت وسائل الإعلام كثيرًا عن البديل المنتظر!
لقد صدر بيان عمَّا يسمى ب«الحملة الشعبية لدعم عمر سليمان رئيسًا لمصر»، طالب فيه أعضاء الحملة بضرورة ترشيح عمر سليمان كبديل للرد على ما يتردد عن احتمال توريث الحكم لجمال مبارك.
وقال البيان: «إن السيد اللواء عمر سليمان كان بسجله الوطنى النظيف، ودوره الكبير الذى لعبه على مستوى علاقة مصر بقضايا خارجية مهمة وحساسة بمثابة بديل حقيقى مطروح بقوة»، محذرًا من خطوة توريث الحكم فى البلاد!
تلقى اللواء عمر سليمان تقريرًا عاجلاً عن هذا الحدث متضمنًا معلومات أولية حول مَنْ يقف وراءه، ويومها ذُكر اسم الناشط السياسى شادى الغزالى حرب وآخرين، بينما لم يتم استبعاد أحمد عز من أن يكون له دور آخر فى هذا الأمر.
طلب عمر سليمان التكتم على هذا الحدث، وحذّر من خطورة نشر أى معلومات حوله؛ فقد أدرك أن الهدف هو إثارة الجماهير، والوقيعة بينه وبين الرئيس مبارك.
وبالفعل قامت الجهات المعنية فى هذا الوقت بمصادرة نحو خمسين ألف نسخة من جريدة «الدستور»، وأيضًا «المصرى اليوم» فى المطبعة، وقبيل نزول النسخ المطبوعة إلى الأسواق، ولم يسمح لها بالنزول إلا بعد إعدام هذه الكميات، وحذف الخبر المنشور فى الصفحة الأولى لكلتا الصحيفتين.
طلب عمر سليمان موعدًا عاجلاً مع «مبارك» فى أثناء زيارتهما إلى الولايات المتحدة، أبلغه بوقائع ما جرى فى القاهرة، وقال إنه مندهش من هذه الوقيعة التى أراد البعض من ورائها إفساد علاقته بالرئيس، استمع «مبارك» إلى حديث عمر سليمان، ثم سرعان ما قال له: «وهل تظن أننى سأستمع لهؤلاء؟ ثقتى فيك كبيرة يا عمر، وأنت من أوفى وأخلص الرجال، لا تهتم كثيرًا».
انتهت هذه الأزمة عند هذا الحد، لكن ظلت محاولات الوقيعة بين «مبارك» وعمر سليمان لا تتوقف حتى اليوم الأخير لرحيل مبارك عن السلطة فى الحادى عشر من فبراير 2011. وكانت انتخابات مجلس الشعب التى جرت فى نهاية عام 2010 هى القشة التى قصمت ظهر البعير، لقد أدرك السيد عمر سليمان أن النظام ارتكب الخطيئة الكبرى بتعمده تزوير الانتخابات، وإسقاط المعارضين فى انتخابات مجلس الشعب التى سبقت قيام ثورة 25 يناير بقليل.
بعد الانتخابات مباشرة كنت قد التقيت السيد عمر سليمان فى لقاء مطول استمر لأكثر من ساعتين فى مكتبه بمبنى المخابرات العامة، وقد أكد لى أن «أحمد عز، أمين التنظيم بالحزب الوطنى ورجل جمال مبارك القوى، كان قد زاره قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية»!
وقال لى: لقد حذرته من تزوير الانتخابات، وطالبته بالسماح بفوز من 120 إلى 150 من المعارضين على الأقل، إلا أن أحمد عز رفض هذا الاقتراح بشدة، وقال: «أبدًا لن نسمح لمعارض واحد بالفوز هذه المرة»، وعندما حذرته من خطورة ذلك، وقلت له: «إن البلد على فوهة بركان فلا تساعدوه على الانفجار سريعًا»، رد علىّ وقال: «إنه لم يعد هناك خيار بديل، فنحن نريد مجلس شعب خالصًا؛ لأن المرحلة المقبلة هى الأهم فى مصر»!
كان عمر سليمان يحدثنى بألم ومرارة، وقال لى فى هذا الوقت: «أحمد عز هيودى البلد فى داهية»!
كانت المعلومات فى هذا الوقت تتحدث عن فشل صفقة الاتفاق بين الحزب الوطنى وجماعة الإخوان؛ حيث رفض الإخوان عرض الحزب الوطنى بمنحهم ثلاثين مقعدًَا فى مجلس الشعب المقبل، إلا أن ممثلى الجماعة طالبوا بزيادة الحصة إلى 45 نائبًا، فرفض الحزب الوطنى هذا المطلب ففشلت المفاوضات، وانتهى الأمر عند هذا الحد، وكان ذلك هو ما يتمناه أحمد عز.
حدث ما توقعه عمر سليمان، إذ زاد الاحتقان فى البلاد بشكل كبير، وتصاعدت موجة التظاهرات والاحتجاجات الشعبية الرافضة لتزوير الانتخابات فى العديد من المحافظات.
وفى هذا الوقت بدأنا فكرة تشكيل «البرلمان الموازى»، وعقدنا عدة اجتماعات فى مكتب النائب علاء عبدالمنعم، كنا ثمانية من النواب، تظاهرنا أمام القضاء العالى وسط حشد شعبى كبير، ثم عقدنا مؤتمرًا صحفيا كبيرًا أمام مبنى مجلس الدولة بالجيزة، وقد ألقيت فى هذا اليوم بيانًا باسم مؤسسى البرلمان الموازى، أكدنا فيه استمرار النضال لحين إسقاط البرلمان، ونظام الحكم الفاسد والمستبد.
كان عمر سليمان رافضًا لنتائج الانتخابات البرلمانية، وقد أعلن معارضته، وحذر من خطورة المرحلة المقبلة، وأكد أن النظام إذا لم يجد مخرجًا من هذه الأزمة فإن الدعوات التى تنطلق على «الفيس بوك» للتظاهر يوم 25 يناير سوف تجد لها صدًى شعبيًا كبيرًا من شأنه أن يحدث قلاقل كبرى فى البلاد.
مبارك وسليمان
فى هذا الوقت أجرى السيد عمر سليمان اتصالاً هاتفيا بالرئيس مبارك، وطلب منه أن يؤجل خطابه فى افتتاح جلسة مجلسى الشعب والشورى مع بدء الدورة البرلمانية الجديدة لمجلس الشعب.
وقال عمر سليمان للرئيس الأسبق: «إن عدم ذهابك وتأجيل خطابك أمام مجلس الشعب الجديد يعنى رسالة إلى الشعب بأنك غير راضٍ عن تزوير الانتخابات الذى تسبب فى إسقاط المعارضين، لحين حسم محكمة النقض الطعون المقدمة إليها من المرشحين الذين جرى إسقاطهم بالتزوير»!
هنا تساءل «مبارك» وقال لعمر سليمان: «هل هناك تزوير فعلاً قد جرى فى الانتخابات، أم أنها تجاوزات عادية؟»، قال عمر سليمان: «إن المعلومات والأدلة التى تمتلكها المخابرات العامة تقول إن الانتخابات الأخيرة شهدت تزويرًا واسعًا، وإن الإبقاء على مجلس الشعب بصورته الحالية خطر كبير».
قال مبارك: إذن سأدعو غدًا إلى اجتماع فى الاتحادية، وحاول أن تقنع الحاضرين بوجهة نظرك.
فى اليوم التالى حضر عمر سليمان الاجتماع الذى ترأسه «مبارك»، كما حضر د. فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، وصفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، أمين عام الحزب الوطنى، وأحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، وجمال مبارك، أمين عام لجنة السياسات، وأحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطنى، ود. زكريا عزمى، الأمين العام المساعد للحزب الوطنى.
قال الرئيس فى بداية الاجتماع: إن عمر سليمان يطلب منى عدم الذهاب إلى مجلس الشعب فى جلسته الافتتاحية، وأن أؤجل خطابى لحين حسم محكمة النقض موقفها من الطعون المقدمة باعتبار أن هذه الانتخابات شهدت تزويرًا كبيرًا.
- قال أحمد نظيف: ليس هناك دلائل على وجود تزوير، نحن فى حاجة إلى برلمان قوى فى هذه الفترة تحديدًا، وأظن أن البرلمان الحالى يعكس تمثيلاً لجميع التيارات بلا استثناء، حتى لو كان هذا التمثيل رمزيًا لكنه موجود، ولذلك أنا أؤيد إلقاء الرئيس لخطابه مع بدء الدورة البرلمانية، ولا يجب التأجيل.
وتحدث أحمد عز وقال: لا يوجد أى تزوير، وهذه النتيجة المبهرة جاءت بمجهود الحزب الوطنى وكوادره، وأيضًا عبر التنظيم والخطط التى تم وضعها باستخدام أجهزة الكمبيوتر، ومواقع التواصل الاجتماعى، وقال: «لقد درسنا تجربة حزب العمال البريطانى، واخترنا مجموعات منتقاة من الكوادر أدارت العملية الانتخابية بدقة بالغة».
وهنا سأل مبارك عمر سليمان وقال له: ما رأيك إذن فيما قيل؟!
- رد عمر سليمان وقال: «أنا من المدرسة القديمة، ولا أفهم لا فى برامج الكمبيوتر ولا فى حزب العمال البريطانى، أنا أفهم أن مجلس الشعب مثل الغرفة وفيها شباك صغير، المعارضة اللى بنقول عليها «وحشة» بيقولوا رأيهم وبيتكلموا عن طريق هذا الشباك، والغلابة بيسمعوهم من الشباك، وهؤلاء الفقراء أصيبوا بحالة هلع شديدة بعد إغلاق هذا الشباك، وسيغلقون هم أيضًا آذانهم، وساعتها أنا أتخوف من الانفجار الكبير، لقد حدث تزوير كبير فى الانتخابات، هناك نواب لا يتصور سقوطهم فى الانتخابات، ومع ذلك تم إسقاطهم».
قال جمال مبارك: ولكن الانتخابات لم تزوّر، ولا يصح أن نشوّه التجربة الديمقراطية بهذه الطريقة، وأن نعطى خصومنا سلاحًا مجانيًا لا يعبر عن الحقيقة.
- قال عمر سليمان: عندما يقول مدير المخابرات العامة إن الانتخابات قد زُوّرت، فهى تكون قد زُوّرت فعلاً، أنا أقول كلامًا أعرف معناه جيدًا!
قال مبارك: ماذا تريد بالضبط يا عمر؟!
قال عمر سليمان: أطلب منك ألا تذهب إلى مجلس الشعب، وأن تؤجل خطابك أمام البرلمان لحين إصدار محكمة النقض أحكامها فى أكثر من 500 طعن مقدم إليها.
قال صفوت الشريف: لكن معنى ذلك أن المعارضة سوف تحتل 45% من كراسى البرلمان.. أنا معك طبعًا أن هناك تجاوزات قد حدثت، لكن المعارضة قاطعت الجولة الثانية من الانتخابات، وكان يمكن أن ينجح لهم عدد ليس بالقليل لو استمروا فى جولة الإعادة إلا أنهم قاطعوها!
قال فتحى سرور: «أنا شخصيًا مش حاسس إنى هكون فى مجلس شعب، أنا فى حزب وطنى تحت قبة البرلمان، وعاوز أقول إنه احنا فعلاً لازم نلتزم بتنفيذ أى أحكام تصدر من محكمة النقض».
أحمد عز: ولكن معنى ذلك أن تنفيذ الأحكام المتوقعة سيدفع باحتلال المعارضة نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان.
فتحى سرور: وأنا مستعد أدير البرلمان حتى لو كانت المعارضة تحتل 48% من مقاعد المجلس.
جمال مبارك: كيف ذلك؟ لقد جاء مكسبنا بمجهودنا وليس بالتزوير!
هنا تدخل «مبارك» وحسم الأمر وقال: أنا كنت أتمنى تمثيلاً مشرفًا للمعارضة فى مجلس الشعب، ولكن لن نعطل حال البلد لحين صدور أحكام محكمة النقض، ولهذا فأنا قررت أن أذهب فى افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة للمجلس؛ لأن التأجيل سيحدث بلبلة وتشكيكًا فى كل شىء.
أدرك عمر سليمان أن الأمر قد حُسم، التزم الصمت وخرج من الاجتماع غاضبًا، بعد أن أدرك أن سطوة جمال مبارك وأحمد عز تعدت كل الحدود.
وفى 19 ديسمبر 2010 ألقى الرئيس حسنى مبارك خطابه الأخير أمام مجلس الشعب، وقال فيه: «إن الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب بما كشفت عنه من إيجابيات وسلبيات هى خطوة مهمة على الطريق، وكل انتخابات نجريها إنما تضيف لتجربتنا الديمقراطية، وتطرح دروسًا للتمعن فيها ، والاستفادة منها، دروسًا تؤكد فى مجملها أن الشعب هو الفيصل والحكم، وتأييده دروس تبرهن على وعى المصريين، وتثبت أن الطريق لأصواتهم هو العمل المخلص والجاد، لكل من يجتهد من أجلهم».
كانت الكلمات صادمة، يبدو أن الرئيس صدّق أن مجلس الشعب قد جاء بانتخابات نزيهة، لم يعترف بالتزوير ولم يعِدْ بمراجعة الأمر، فقط سخر من البرلمان الموازى الذى كنا قد بدأنا العمل فيه وقال: «خليهم يتسلوا».
فى السابع من يناير 2011، كان عمر سليمان قد وصل إلى ألمانيا وبرفقته طبيبه الخاص الآخر د. علاء العزازى، لم تستغرق الزيارة سوى ثلاثة أيام، كان عمر سليمان بكامل صحته، لكنه ذهب لإجراء عملية «تسليك عصب اليد»؛ ولذلك كان يداوم على وضع بلاستر دائم على يده فى هذا الوقت.
لقد أجرى العملية فى أحد مستشفيات مدينة «ميونخ» الألمانية، كانت الزيارة غير معلنة، وكان يستقل التاكسى، يتجول به هو ومرافقه، ثم يعود إلى الفندق، ونادرًا ما كان يخرج مرة أخرى.
كان عمر سليمان يمارس رياضة الأسكواش حتى عام 2010، وكان لاعبًا ماهرًا، يستطيع هزيمة مَنْ هم أقل من سنه بكثير، وكان يحتفظ دومًا فى غرفته بمبنى الجهاز بجميع أنواع مضارب الأسكواش، تلك اللعبة التى كان مغرمًا بها.
لقد رفض الاستماع لنصيحة طبيبه الخاص عندما حذّره فى شهر أغسطس 2010 من الاستمرار فى ممارسة لعبة الأسكواش، خاصة أن «عصب» اليد كان يؤلمه كثيرًا، إلا أنه لم يستمع إلى النصيحة، وداوم على ممارسة لعبته المفضلة حتى قبيل إجراء العملية بقليل.
عندما أجرى عملية «تسليك عصب اليد» على يد د. «بيتل» رفض عمر سليمان أن يتم حقنه بحقنة المخدر؛ خوفًا من أن يدلى ببعض الأسرار وهو فى مرحلة التخدير، فتحمل على نفسه ألم العملية الجراحية وأجراها دون مخدر.
كانت السرية هى عنوان زيارة عمر سليمان إلى ألمانيا فى هذا الوقت، وكان حجز الفندق قد تم باسم د. علاء العزازى، دون إخطار للسفارة أو أية جهة مصرية بالخارج.
وخلال جلوسه فى «لوبى» الفندق الذى كان يقيم فيه فوجئ عمر سليمان بأن مدير الفندق مصرى الجنسية، عرّفه بنفسه، وقال له: أنا أعرفك جيدًا، وأعرف أنك من الرجال المخلصين لمصر، أرجوك أبلغ الرئيس مبارك أننا قلقون على مصير البلاد، وأن الأوضاع فى مصر تمضى بنفس السيناريو الذى شهدته تونس، وأنه وغيره يتوقعون انفجارًا شعبيا كبيرًا فى 25 يناير المقبل.
استمع عمر سليمان إلى المواطن المصرى جيدًا، وقال له: «لا تخف على مصر، وكلامك سأنقله إلى الرئيس»، وراح يسأله عن أحواله وأحوال المصريين فى ألمانيا.
فى هذا الوقت سأله طبيبه الخاص د. علاء العزازى وقال له: «البلد حترسى على إيه»؟!
رد عليه عمر سليمان بالقول: «الشعب ساخط ولكن ماذا سيفعل؟ أحمد عز بيتحرك فى البلد وكأنه نصف إله على كل واحد فى البلاد، لأ وعلى أنا كمان».
كان القصر الجمهورى يشهد فى هذا الوقت صراعات عديدة، وكانت قوة سوزان، زوجة الرئيس، ونجلها جمال فى تصاعد كبير، أما أحمد عز فقد كانوا يطلقون عليه ا«لحاكم الحقيقى من خلف ستار».
لقد استطاع أن يستغل موقعه التنظيمى كأمين عام للتنظيم بالحزب الوطنى أسوأ استغلال، انفرد بالقرار فى انتخابات الحزب والبرلمان، وضرب بكل القواعد التنظيمية عرض الحائط، وراح يستبيح كل شىء، وكان يقال فى هذا الوقت إن اختياره قد جاء ليفتح الباب واسعًا أمام جمال مبارك لحكم مصر خلفًا للرئيس فى انتخابات 2011.
فى عام 2010 وبعد العملية الجراحية الجديدة ل«مبارك» قال علاء مبارك لوالده: «كفاية علينا كده، البلد لن تستحمل، وحضرتك أديت دورك على أكمل وجه، أرجو أن تحافظ على تاريخك يا والدى، خلينا نخرج معزّزين مكرّمين».
كان «مبارك» أميل إلى هذا الحل، وكان قبل ذلك قد تشاور مع كمال الشاذلى فى عام 2005، وقبيل انتخابات الرئاسة، فى أنه لا يريد أن يكمل فى الحكم، وأنه يفكر فى ترك السلطة فى هذا الوقت، إلا أن كمال الشاذلى وآخرين نصحوه بالانتظار لحين إيجاد البديل.
وبعد وفاة محمد، نجل علاء مبارك، فى عام 2009 كانت الحالة الصحية للرئيس مبارك تتدهور سريعًا، وكان جادًا هذه المرة فى الاعتزال، وترك السلطة فى الوقت الراهن.
فى هذا الوقت استدعى «مبارك» عمر سليمان فى عام 2010، وقال له: «أنا لا أريد أن أكمل، أرجو أن تضع لى سيناريو للخروج».
فقال عمر سليمان: الناس لديها اعتقاد خاطئ أنك تريد توريث الحكم لنجلك جمال!
- فقال مبارك: أنا شخصيًا لن أقبل بالتوريث، ده كلام فاضى، وليس فى نيتى أو فى نية جمال هذا الكلام، لكن لو أراد أن يرشح نفسه الشعب هو وحده صاحب القرار.
فقال عمر سليمان: «لو كان جمال يريد أن يرشح نفسه فده لازم يكون بعد فترة انتقالية، يتولى الجيش فيها الحكم فى البلاد، وبعدها يمكن لجمال أن يرشح نفسه، والكلمة للشعب».
- فقال مبارك: «الجيش لو مسكها موش حيسيبها، عمومًا خلينا نشوف الأمور هتروح إلى أين، لكن أنا شخصيا زهقت، وأنا أساسًا ضد إن جمال يدخل المستنقع ده»!
بعد عودة عمر سليمان إلى القاهرة فى العاشر من يناير 2011 قادمًا من رحلة العلاج فى ألمانيا، رفع له اللواء مصطفى عبدالنبى، رئيس هيئة الأمن القومى، تقريرًا اقترح فيه حل مجلس الشعب، وتغيير الحكومة لإجهاض مظاهرات 25 يناير المتوقعة.
وتوقع اللواء مصطفى عبدالنبى حدوث انتقاضة عارمة فى شهر إبريل 2011 إذا لم تُحل المشاكل الكبرى، ومن بينها مشاكل الفقراء، والفساد، وتداول السلطة فى البلاد. وقد قام عمر سليمان برفع التقرير إلى الرئيس مبارك، إلا أنه لم يعطه الاهتمام الواجب، واعتبر الأمر من قبيل المبالغة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.