العالم يشتعل بحرب اقتصادية ساخنة بين معسكرين الأول يضم الولاياتالمتحدة والسعودية، والثانى يضم روسياوإيران وفنزويلا، وسلاح الحرب الشامل هو برميل البترول.الدول الخمس هى الاكثر انتاجا للنفط فى العالم، والولاياتالمتحدة هى ثانى أكبر منتج والدولة الأكثر استهلاكا، والتى شهدت هزائم سياسية عنيفة على الصعيدين الداخلى والخارجى، وفى الوقت نفسه تدير مشروعات عملاقة لإنتاج ما يسمى ب«النفط الصخرى» الذى يحتاج ميزانيات ضخمة. حلف روسياإيران نجح فى هزيمة المشروع الأمريكى لتطويق موسكووطهران عن طريق نشر الاضطرابات فى أوكرانيا والجمهوريات الإسلامية السابقة للضغط على روسيا، وتعطيل مشاريعها لإمدار أوروبا بالغاز المسال، وطردها من المياه الدافئة بالبحر المتوسط وقاعدتها العسكرية فى طرطوس السورية، وكذا تطويق طهران من كل الجوانب عبر إشعال العراقوسوريا، وقطع خطوط الاتصال مع حزب الله فى لبنان، لتبقى إيران محصورة وسط مناطق الفوضى الخلاقة والهلال السنى. روسيا استوعبت سريعا المناورة الأمريكية، وقررت تدمير أوكرانيا بفوضى سوفيتية وابتلاع القرم وتعزيز صمود نظام بشار الأسد وفتح قنوات تواصل قوية مع مصر بوابتها الكبرى إلى أفريقيا، وإيران نجحت بدورها فى تأمين ممرها الآمن إلى حزب الله عبر سوريا والوصول إلى مضيق عدن عبر الحوثيين، وتطويق المصالح الأمريكية فى دائرة أوسع. الانتصار السياسى لروسياوإيران كبد الدولتين أعباء إضافية على ميزانياتهما المثقلة أصلا والمعتمدة على استقرار أسعار النفط فوق مائة دولار للبرميل، مما يعنى أن أى هزة لأسعار النفط، ستعنى تقليص الدولتين لميزانيات حربهما السياسية واعتماداتهما السرية لدعم أنصارهما على الأرض فى العراقوسورياولبنان واليمن والبحرين وشرق السعودية. فى المقابل تراهن الولاياتالمتحدة والسعودية على إنهاك روسياوإيران اقتصاديا، رغم تضررهما جزئيا من تراجع أسعار النفط، فالولاياتالمتحدة يمكنها تحمل انهيارالأسعار حتى 40 دولار للبرميل، والسعودية صاحبة الفوائض المالية الهائلة، يمكنها أيضا تحمل فروق الأسعار باعتبارها ميزانيات حرب محتملة لتركيع خصمها اللدود بالمنطقة. الولاياتالمتحدة والسعودية يمكنهما تحمل انهيار أسعار النفط على المدى القريب والمتوسط، أما روسياوإيران فلا يتحملان هذا الانهيار، وستتضرر مشاريعهما السياسية والاقتصادية كثيرا مع استمرار انهيار الأسعار أو حتى مع بقائه دون ثمانين دولارا للبرميل. هل ترتكب موسكو أو طهران أى حماقة فى منطقة الشرق الأوسط لنقل المعركة خطوة إلى الأمام؟ لنترقب الأيام المقبلة.