من يجيب عن هذا السؤال يكون قد توصل لحل فزورة الموسم وكل موسم... المشكلة الوحيدة أن لجنة التحكيم التى ستتولى فحص إجابات المتسابقين ستقع فى ورطة لأنها هى نفسها لا تعرف الإجابة الصحيحة... وكل ما لديها مجموعة من "الإجابات"... وبختك يا بو بخيت...! والفكرة هنا أنه ليس معقولاً ونحن فى العام العاشر من الألفية الثالثة أن تظل طائفة من المواطنين مجهولة فى عددها، محرومة من حقها الطبيعى فى الإحصاء الدقيق، تحت دعاوى غامضة ومبررات واهية، وكأن التعداد الموضوعى والحقيقى للأقباط المصريين سر حربى يهدد الكشف عنه أمننا القومى! والحكاية ليست شأناً قبطياً والسلام ، فمن حق الباحثين والكتاب ودوائر العمل الإعلامى، بل والمواطنين العاديين، أن يعرفوا الرقم الصحيح المبنى على أسس علمية والموثوق فى مصدره الرسمى خصوصاً إذا كنا نزعم أننا فى عصر الشفافية وحرية تداول المعلومات. المشكلة أنه لا يوجد إحصاء دقيق ومعلن من جانب الجهات المختصة فى الدولة مثل الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وهو ما فسره هواة نظرية المؤامرة – والذنب ذنب من أعطاهم المبرر – بأنه نوع من التمييز الدينى المستتر لأن الإعلان عن الرقم الحقيقى يجعل الدولة ترضخ لمطالب الأقباط فى الحصول على حقوق توازى عددهم المتنامى! وفى غياب الشفافية، كان موقع الفاتيكان الإلكترونى قد أدلى بدلوه – فى سياق إحصائية حول تعداد مسيحيى العالم – وزعم أن تعداد أقباط مصر نحو 4 ملايين ونصف، أى ما نسبته 6% من إجمالى عدد السكان والذى يبلغ نحو 80 مليون نسمة. قداسة البابا شنودة، سخر من هذا الرقم وقال بحسه الفكاهى المعهود "لعلهم يقصدون عدد القساوسة" مكرراً ما سبق أن أعلنه قداسته وهو أن العدد الصحيح 12 مليونا.. جريدة نيويورك تايمز الأمريكية – واسعة الانتشار – ارتفعت بالرقم إلى 16 مليونا "أى 20% من إجمالى عدد سكان مصر" وهو الرقم الذى تتبناه بعض الدوائر الصحفية القبطية فى مصر مثل صحيفتى "وطنى" و"الكرازة". المحامى ممدوح رمزى رأيه أن العدد الحقيقى يتراوح ما بين 15 إلى 18 مليوناً "وفق إحصاءات تجريها الكنسية بعيداً عن رقابة الدولة" على حد قوله! الأنبا مرقص، رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة القبطية وأسقف شبرا الخيمة – لا أعلم إن كان لا يزال فى هذا الموقع أم لا– كان قد هبط بالرقم وهو يؤكد أن العدد 12 مليوناً فقط، ويبدو أن مصادر الكنيسة فى تعداد الأقباط تعتمد فى تقديراتها على شهادات التعميد التى تمنحها للمواليد، فضلاً عن تعداد "الإبرشيات" فى المحافظات لأتباعها. واللافت أن باحثاً مخضرماً أكن له كل الاحترام هو د. نبيل عبد الفتاح – نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية – يرى فى تقديره كباحث أن الرقم الحقيقى يتراوح ما بين 6 إلى 8 ملايين، لكن المدهش حقاً أن الإحصاء الرسمى لعدد الأقباط فى مصر لا يزال متوقفاً عند رقم 3 ملايين علماً بأن آخر إحصاء من هذا النوع كان قد أجرى– إن لم تخنى الذاكرة – فى عام 1996! والخلاصة أنه لا يوجد رقم واحد صحيح تستطيع أن تطمئن إليه، وكل ما لديك غابة من الأرقام المتناقضة ذات المصادر الغامضة، ولا أدرى أى عبقرى همس فى أذن السادة المسئولين بأن تهميش عدد الأقباط أو تجاهل القضية برمتها هو أمر يصب فى صالح البلاد والعباد، وعلى هؤلاء فى هذه الحالة ألا يندهشوا إذا علموا أن البعض فى أقباط المهجر يؤكد أن أقباط مصر يشكلون ربع عدد السكان بالتمام والكمال "أى عشرين مليون" ففى غياب الشفافية كل شىء جايز... حتى حبل العجايز..!
