"نادانى الله يا فاطمة، أما ترين ما أصاب الدين من بلاء؟ تغير الزمان، ملئت الأرض جورًا، التُرك، الكفار، بدّلوا دين الله، أذّلوا العباد، ألا أستجيب لداعى الله ورسوله إذا دعانى لما يحيينى؟ سنجاهد فى سبيل الله، فى شأن الله، نغزو الخرطوم، نفتح مكة، نحكم مصر، ننشر نور الله فى الأرض بعد إظلامها، وعدُ اللهِ سيدنا المهدى عليه السلام، وما كان الله مخلفًا وعده مهديه يا فاطمة، واجبة علينا الهجرة، واجب علينا نُصرة الله. عجلت إليك ربى لترضى، عجلت إليك ربى لترضى، عجلت إليك.. وتركت فاطمة ورائى". هذا ما كتب على غلاف رواية شوق الدرويش للكاتب السودانى حمور زيادة، وقد حصلت الرواية على جائزة نجيب محفوظ هذا العام فى دورتها ال19، والرواية وصفتها الكاتبة الكبيرة سلوى بكر بأنها عمل كبير ومهم وستكون علامة بارزة فى تاريخ الأدب السودانى، والرواية تحيلنا إلى أسئلة جديدة ومهمة تتعلق بثورة المهدى. وتدور أحداث رواية "شوق الدرويش" الصادرة مؤخرًا عن دار العين للنشر بالقاهرة، فى خضم الثورة المهدية (1885-1899) التى قامت فى السودان بزعامة "محمد أحمد المهدى" ردًا على مظالم الحكم التركى المصرى وقتها، وترصد الرواية أحداث تلك الثورة من خلال رحلة العبد "بخيت منديل". وتوضح صاحبة " كوكو سودان كباشى" أن الرواية قد اعتمدت على مساحات واسعة من الوثائق، بالإضافة إلى مرجعيات دينية. وحمور زيادة له أعمال أدبية هى "النوم عند قدمى جبل" و"سيرة أم درمانية" مجموعتان قصصيتان، و"الكونج" رواية. وعلق حمور زيادة على روايته: إن قدم الثورة ثقيلة مثل قدم الطغيان، وهذا الشكل المغاير الذى بدت عليه روايتى عن الثورة جاء لاقترابها من الإنسان الذى شهدها، فكل الروايات السودانية التى عالجت"المهدية" إنما تناولتها من جانب احتفائى؛ على نحو إننا " قمنا بثورة عظيمة ونحن دحرنا المستعمر ونحن بهرنا العالم"، متناسية ذلك البعد الإنسانى وهؤلاء البشر الذين تأثروا سلبا بهذه الثورة ومن دهستهم هذه الثورة حتى لو كانوا مؤمنين بها. وقال عنها الرواية الكاتب والصحفى السودانى فيصل محمد صالح: "هى رواية ممتعة ومشوقة، يستمتع بها من يقرأها، وسيعود لها مرة أخرى، هى رواية دسمة من حيث الأحداث والشخوص والوقائع، مكتوبة بلغة شعرية رائقة، وباستخدام تكنيك متقدم. لدينا رواية سودانية كاملة الدسم تستحق أن تنافس بجدارة، دون مجاملة أو طبطبة، على موقع متقدم فى مسيرة الرواية العربية، ولنا أن نفخر باسم روائى كبير يحفر لنفسه مكانا متقدما، وبجدارة.، اسمه حمور زيادة. وأضاف عنها الكاتب والناقد السودانى محفوظ بشرى : "زيادة نجح، فى "شوق الدرويش"، فى استخدام أكثر المراجع التاريخية عن تلك الفترة، فجمع منها التفاصيل والقصص التى أعاد استخدامها بسيناريوهات خدمت هدف الرواية الأساسى: سرد قصة الإنسان فى تحوّلاته الوجودية التى لا يقيّدها زمان أو مكان".