صدر عن الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق، برئاسة الكاتب الصحفى حلمى النمنم كتاب "واقعة السلطان الغورى مع السلطان سليم لابن زنبل الرمال"، من تقديم وتحقيق الدكتور عبد العزيز جمال الدين. وذكر المحقق فى تقديمه للكتاب أنه منذ منتصف القرن الثالث عشر إلى بداية القرن السادس عشر لعبت مصر دورًا تاريخيًا مهمًا فى منطقتها كمدافع صلب ضد الصليبيين والمغول، وكحافظ لثقافة المنطقة الممتدة من الهند شرقا وحتى شمال أفريقيا وجنوب أوروبا غربا. ويرى المحقق أنه من المعروف لدى المؤرخين أنه لو كانت مصر قد سقطت أمام الحملات الصليبية وقيمها البربرية لانهارت حتى فرص النهوض بالنسبة لأوروبا، التى ما كانت لتقوم لولا صمود ثقافة منطقتنا أمام جحافلهم المدمرة، وكذلك الحال لو قدر لمصر السقوط أما الغزوات المغولية لسقطت كل المنطقة ثقافيا وحضاريا ولانعدمت فرصة النهضة الأوروبية. ومع هذا فإنه مع الغزوة العثمانية فى عام 1517 فإن أغلب هذه الأدوار قد بلغت نهايتها، ولكن بعد أن تسلمت أوروبا وجنوبها بالذات الإرث الحضارى لمنطقتنا ونهضت على أسسه. وإذا كانت عملية تتريك مصر إداريا لم تتعاظم بعد عام 1517، فمن المؤكد أنها لم تتناقص، فى ذات الوقت الذى ظل الوسط الثقافى مصريًا فى الأساس، واستمر الأزهر واحدًا من أكبر المراكز الثقافية، يسانده فى ذلك الإرث العظيم الذى تراكم بمصر خاصة بعد سقوط بغداد والأندلس. ولما كان العثمانيون أنفسهم قد عانوا فترة من الانحدار الثقافى فى فترة توسعاتهم العسكرية، فإنه لم يكن متوقعًا منهم والحال كذلك أن يكبحوا نشاطًا مماثلًا فى مصر، وهكذا فإنه فى مصر، المعقل التقليدى لثقافة المنطقة، لم يكن من الممكن أن يوجد محل لتحد عثمانى، بل كان الأمر على النقيض تماماً حيث أن السلطان سليم ذاته لم يجد وسيله للحصول على مظهر حضارى وثقافى متقدم سوى اللجوء إلى نزح الآلاف من المصريين، بعد احتلال مصر، سواء من العلماء أوالعاملين فى مختلف الحرف والفنون من أجل بناء العديد من المساجد والتكايا و العمائر فى تركيا.