نقلاً عن العدد اليومى.. فى قلب القاهرة أسرار لا يعرفها إلا من غاص فى بطون التاريخ فعرف ووعى وذاق وتدبر، فبين الشوارع والميادين وعند التقاء قوالب الحجارة المنصوبة على ظهر الزمان بفتافيت الأسفلت الممدود على بساط جغرافيا المكان تبوح القاهرة بأسرارها لمريديها وروادها. أشرقت شمس النهضة على مصر فى عهد أسرة محمد على باشا، فكانت شوارع القاهرة قبل هذه الفترة بلا أسماء تقتصر فقط على تجمع أصحاب مهنة واحدة أو تحمل اسم مبنى كبير أو يسكن فيه أحد الأعيان، وعند خروج أول شعاع ضوء فى حكم محمد على أصدر مرسوما بتحديد أسماء للشوارع ووضع لافتات تدل عليها ووضع أرقام لكل مبنى وبعد انتهاء عصر الأسرة الخديوية سميت شوارع كثيرة بأسماء أصحاب النفوذ. شارع الألفى يمتد شارع الألفى من شارع الجمهورية حتى تقاطع ميدان عرابى، والألفى لقب كان يطلق على المملوك الذى ثمنه ألف دينار، وترجع تسمية الشارع نسبة إلى محمد بك الألفى الذى قدم إلى مصر سنة 1775 ثم بيع إلى تيمورلنك والذى أهداه إلى مراد بك فرد عليه بهدية ألف أردب من الغلال فسمى بالألفى ثم أعتق فصار أغنى أمراء المماليك، ودخل فى صراع على الحكم مع محمد على وكاد ينتصر وتعاون مع الإنجليز لتسهيل التخلص من محمد على وتوفى1807م. شارع محمد محمود يتفرّع من ميدان التحرير فى وسط القاهرة وينتهى فى شارع بورسعيد وترجع تسميته إلى محمد محمود باشا أحد أهم أعلام الحياة السياسية فى مصر إلا أنه تقلد منصب وزير الداخلية ومارس فى فترة وزارته سياسة القبضة الحديدية وزادت فى عهده سياسة التعذيب وبمجرد أن تولى الوزارة قام بحل البرلمان الوفدى وفصل جميع البرلمانيين الوفديين وسيطر على الانتخابات. شارع طلعت حرب أحد أهم وأشهر شوارع القاهرة يقع فى منطقة وسط البلد ويمتد إلى نهاية شارع 26 يوليو ترجع تسميته إلى الخديو إسماعيل الذى استقدم المهندسين الإيطاليين والفرنسيين لبناء عمارات على الطراز الأوروبى وعند الانتهاء من تشييدها سمى هذا الشارع والميدان بسليمان باشا نسبة إلى سليمان باشا الفرنساوى آخر جنود الحملة الفرنسية ومؤسس الجيش المصرى فى أثناء عهد محمد على وتم إنشاء تمثال له بوسط الميدان. واستمر بالاسم نفسه حتى قيام ثورة يوليو عام 1952 التى قررت التخلص من كل الرموز القديمة وقامت بنقل تمثال سليمان باشا إلى المتحف الحربى بالقاهرة ووضعت بدلا منه تمثال للاقتصادى المصرى طلعت حرب وتمت تسميته الشارع والميدان باسمه تخليدًا لذكراه. شارع نوبار أحد شوارع منطقة باب اللوق ويبدأ من تقاطعه مع ميدان لاظوغلى وحتى التقائه مع شارع شريف ويوجد به مبان لوزارات المالية والداخلية والعدل ويتفرع منه عدد من الشوارع منها: نوبار باشا أول رئيس لوزراء مصر «1825م - 1899م». وشغل هذا المنصب 3 مرات، وهو أرمينى الأصل أرسله محمد على ضمن بعثته لفرنسا لإتقان اللغة الفرنسية ولما عاد صار واحدا من أهم السياسيين فى تاريخ مصر الحديث. شارع الفلكى يبدأ الشارع من ميدان التحرير ويقطعه شارع شريف وينتهى بميدان قصر عابدين، وهو الشارع الموازى لشارع محمد محمود. سمى باسم محمود باشا حمدى الفلكى الذى عاش فى الفترة من 1815 وحتى 1885 وقد سمى بالفلكى، نظرًا لانشغاله بعلم الفلك وتولى نظارة الأشغال العامة عام 1882م. قصر العينى يبدأ قصر العينى من ميدان فم الخليج وينتهى فى ميدان التحرير وفيه عدد كبير من مقار الوزارات ومصالح حكومية، وكان قد افتتح فى القرن 19 يقطعه شارع الشيخ ريحان المؤدى لوزارة الداخلية المصرية، وشارع محمد محمود عند ميدان التحرير، وبه المجمع العلمى المصرى ومبنى دار الحكمة. يعود اسم الشارع إلى شهاب الدين أحمد بن عبدالرحيم بن قاضى القضاة الحنفية بدر الدين محمود العينى فى 1466م، وعرف بقصر العينى. شارع المعز يعتبر شارع المعز عصب مدينة القاهرة منذ نشأتها ويضم كوكبة من أجمل الآثار الإسلامية بالعالم يصل عددها إلى 29 أثرًا متمثلة فى المدارس والمساجد والمستشفيات والمدافن ترجع تسميته إلى «المعز لدين الله» الخليفة الفاطمى الذى أرسل قائده «جوهر الصقلى» إلى مصر عام 358 هجرية/969 ميلادية، لتصبح مصر منذ ذلك التاريخ وحتى عام 567ه/1171م تحت الحكم الفاطمى. يمتد شارع المعز لدين الله الفاطمى من باب الفتوح مروراً بمنطقة النحاسين، ثم خان الخليلى، فمنطقة الصاغة ثم يقطعه شارع جوهر القائد «الموسكى»، ثم شارع الأزهر مروراً بمنطقة الغورية والفحامين، ثم زقاق المدق والسكرية ومن الطريف فى الأمر أن هذا الشارع عرف قديما بشارع بين القصرين. الموسكى شارع متفرع من شارع عبدالعزيز ترجع تسميته إلى الأمير مؤسك تخليدا لمؤسس هذا الحى العريق الأمير عز الدين مؤسك قريب السلطان صلاح الدين الأيوبى، وهو الذى أنشأ القنطرة المعروفة بقنطرة الموسكى ومازالت شوارع القاهرة تحتفظ داخلها بأسرارها.