سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
علماء النفس والاجتماع والدين والسياسة لهم رأى .. د.أحمد كريمة: المتطرفون حوّلوا الدين لوسيلة تعذيب وعلى المسؤولين تجفيف منابع التطرف بمعالجات فكرية حازمة
بعرض مأساة هؤلاء السيدات على خبراء علم النفس والاجتماع والعلوم السياسة قالت د. منال زكريا أستاذة علم النفس بجامعة القاهرة: التطرف الدينى والفكرى يؤدى إلى هروب الزوجة من العلاقة بسبب نفورها من الزوج المتسلط الذى يعاقبها ويكفرها ويطبق أفكارا خارجة عن ما تربينا عليها تجعلها فى مأزق وحالة سيئة قد تودى بها إلى الاكتئاب والبعض ينجح فى التخلص من تلك الحالة وعدم الغوص فى تلك الحياة المتطرفة بالطلاق أو الخلع، وآخرون يسقطن فى هذا البئر ويتحولن هن الأخريات إلى عقليات بعيدة عن الاعتدال تميل إلى التطرف ومحاولة تفريغ الكبت الذى يصبهن من أزواجهن فى المجتمع وأبنائهن فيجدن أنفسهن جمعيا أمام جماعات إرهابية متطرفة ترى فى كل من حولها كفارا وخارجين عن الشرعية وتخترع مذهبا جديدا وقانونا بعيدا عن المجتمع لمحاسبة كل من يخرج عن شرعيتهم المزعومة، فيقررن من يستحق الحياة ومن لا يستحقها فيمارسن القتل والترويع وهن على يقين تام أنهن خلفاء الله فى الأرض على عكس الواقع تماما، وهذا كله من الممكن - إذا لم نستطع التغلب عليه - أن يحول المجتمع إلى مجتمع ضمائر ويحولنا إلى دولة أفغانستان وعراق جديد. وأضافت د.منال: الزوجات والأبناء الذين يعشون فى وسط يميل إلى التطرف الدينى والفكرى قد يصابون بالاكتئاب نتيجة الصراع الذى ينتابهم فهل يتحولون إلى أشخاص يبيعون الوطن ويغيرون مفاهيم دينية معتدلة تربوا عليها ويؤمنون بالقتل والدماء أم يتحدون كل هذه الضغوط والتعرض إلى عقاب أزواجهن لهن ويهربن من تلك الحياة؟ وهنا دور المجتمع والدعم النفسى والقانونى والدينى لهن بأن يحاولوا استقطابهن وكسب تلك المعركة النفسية التى يمارسها وسطهن المتطرف عليهن لمحاولة الحد من بناء نمازج جديدة غير مألوفة على مجتمعنا. وتابعت: سياسة القمع نفسيا تدفعنا إلى مزيد من التطرف وخطورة تلك المرحلة التى نعشها نفسيا على المجتمع إذا لم توجد نية حقيقية إلى مواجهتها قد تدفعنا إلى الانفجار. ولفتت د.منال إلى أن زوجات وأبناء الأرهابين والمتطرفين فكريا ودينيا وسياسيا قنبلة موقوتة تهدد المجتمع بعد الإضراب السياسى فى البلد لذا يجب تدارك الوضع ومحاولة ضمهم إلى الصف المصرى والفكر المعتدل ومحاولة محو تلك التجارب التى تعرض لها معظمهم من خلال القنوات التى تبث السموم والاعتصامات التى عاشوا فيها ومشاهد العنف والقسوة التى عايشوها وأثرت على العقل الباطن لديهم وجعلتهم مشتتين بين ضميرهم ومعتقدات جماعاتهم الذين طالما تربوا وعاشوا معهم، يجب علينا خلق خطاب خاص بهم حتى نشعرهم بأنهم ليس غرباء وأنهم منا لكسب المعركة ضد التطرف. ومن جانبه قال الدكتور رفعت عبدالباسط أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلون أن المجتمع يتحدد مدى استقراره وتقدمه بناء على المستوى الفكرى للشباب وللأسف مجتمعنا المصرى تعرض منذ التسعينيات لفكر ممنهج من العشوائية والأفكار غير السوية والتى ظهرت جليا لنا بعد ثورة كانت من المفترض أن تنقلنا نقله نوعية وهو ما حدث عكسه تماما فإذا بنا نرى تطرفا وتناحرا وغياب ثقافة الاختلاف التى جعلت جماعات كانت تخطط منذ التسعينيات لمحاولة بناء دولة دينية متطرفة. وأضاف د. رفعت: الأسرة الآن، خصوصا الأسر التى عاشت فى كنف آباء وعائلة تتبع هذا الفكر إذا لم يتم احتواؤها ستشكل خطرا على الفكر المجتمعى السليم وتنشر هذا الفكر إلى باقى من حولها لذا وجب على المدرسة والجامع والكنيسة والدولة بمؤسساتها الاتحاد لمجابهة هذا الفكر ومحاولة بتر تلك الأفكار قبل أن تتشبع ويصبح من المستحيل تدارك الأمر. وتابع: بعض هؤلاء الزوجات اللاتى اضطررن للطلاق والخلع والأبناء الذين تعرضوا لتلك المأساة هم فى الحقيقة ضحايا لا يجب أن نعاقبهم وننظر لهم بتخوف وإنما علينا علاجهم ومحاولة خلق بيئة مجتمعية سليمة لهم تعوضهم عن سنوات قضوها فى وسط كفرهم وجعلهم يخافون أن يخالفوهم الرأى. وأوضح أستاذ علم الاجتماع بأن الإرهابى والمتطرف تربى على أفكار ضد سماحة الدين الإسلامى وقتلوا فيه المحبة والرأفة فهو أصبح آلة تسوقها أفكار دون تفكير لذا وجب معرفة أن هذه الأفكار يجب محاربتها بالتقويم الروحى أولا ثم التقويم الدينى لمحاولة نزع التزمت الذى تشربه وإعطائه بديلا عقليا منطقيا ينزع منه الغل والحقد تجاه مجتمع نشأ فيه وليس المجتمع الغريب عنه. واستطرد د. رفعت: للأسف نحن يجب أن نعترف أننا أمام جماعات احتشد حولها شباب انفصل عن المجتمع المصرى وكفروا المجتمع لذا نحن بحاجة إلى تصحيح تلك الثوابت ومحاولة اقتلاع هذه الأفكار الخبيثة التى سيطرت على أجيال منذ حرب أفغانستان وانتشار الفكر الدينى المتطرف، لمحاولة أخيرة لإعادة المجتمع إلى الضوابط المصرية فى الفكر والسلوك والانتماء. ومن جانبه أوضح د. عمرو هاشم ربيعة أستاذ العلوم السياسية والخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بأنه فى ظل انفتاح المجتمع على وسائل الاتصال ومنظومات معلوماتية غريبة عن ما تربينا ليه أثرت على منظومة القيم الأخلاقية للمصريين وأصبحنا نسمع مفاهيم غير معتادة وأفكارا متطرفة. وأضاف د. هاشم ربيع: أبرز محطات التطرف الدينى فى مصر نشأة جماعة الإخوان وظهور الجماعات الجهادية التكفيرية وفترة إرهاب التسعينيات وحرب الإرهاب ب«أفغانستان» التى ظهرت نتائجها بعد عزل «محمد مرسى ونرى نتائجها على الأرض الآن من عمليات تهدد الأمن القومى المصرى وتشكل خطرا حقيقيا على المجتمع المصرى. وقال أستاذ العلوم السياسية إن الدولة ومؤسساتها، خصوصا الإعلام عليه دور كبير فى محاربة تلك الأمراض والمناخ الذى أصيب للأسف بالتسمم والتوعية الحقيقية وليس التنظير على هؤلاء الأشخاص فالفكر لا يحارب إلا بالثقافة والفكر السليم. ولفت د.ربيع إلى أننا فى فترة خطيرة جدا وأشد خطورة مما تعرضنا له فى التسعينيات بل وتختلف عنها لأن فى فتره التسعينيات كانت فكر فقط وفى عدد محدود تربوا على منهج معين أما الآن فنحن أمام أسر بأكملها تعرضت لطوفان من الأفكار غير المصرية المستورة من الخارج وأصبح الإرهاب والتطرف فكريا وعمليا على أرض الواقع والحجة الدفاع عن الشرعية المزعومة. الدكتور «أحمد محمود كريمة» أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية فى جامعة الأزهر أوضح بدوره أن انتشار الدولة الدينية المتطرفة والإرهابية يشكل خطرا على المجتمع العربى كله وليس المصرى فقط وخطورة المرحلة الراهنة هى فى تغلل تلك المفاهيم فى الأجيال الجديدة والأسرة المصرية مما يجعلنا أمام خيار واحد وهو النضال الدينى الحقيقى لمحاولة الإنقاذ الأخيرة قبل الوقوع فى مصيدة هذا الفكر الذى يودى إلى ضياع المجتمع المصرى. وأشار كريمة: إلى أن الجماعات المتطرفة منها السلفية الجهادية وجماعة الإخوان وما تفرع عنهما بعد نشرهم مفاهيم مغلوطة مثل التكفير ومعاداة الوسطية وجوهر الإسلام الحقيقى حتى أصبحوا يعادون أسرهم، فالمتطرف من الممكن أن يعادى ويكفر أمه وأباه وزوجته وأولاده وينشر بين طبقات المجتمع التدين المغلوط والمغشوش، للأسف البيوت الآن أصبحت تعيش فى جحيم التشدد والمغالاة وبدل أن يكون الدين وسيلة للتهذيب حوله المتطرفون إلى وسيلة للتعذيب لذا وجب على المجتمع والهيئات المسؤولة تجفيف منابع التطرف بخطابات ومعالجات فكرية جادة وحاسمة وحازمة. واستطرد: الأولاد والزوجات والأسر التى تربت فى أحضان تلك الأفكار السامة يحتاجون إلى تأهيل نفسى وفكرى ودينى لذا على الجميع ومراكز الأمومة والطفولة والمجلس القومى للمرأة أن يخرج إلى الشارع لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتدارك الأزمة قبل فوات الأوان.