نعلم كثيراً دور المجتمع فى رقى ونهوض الحياة اليومية ومواكبة ما يستجد من تقدم واستمرارية عجلة التنمية، والمجتمع سبب رئيسى لخلق الجو اليومى للمبادئ والقيم، ووضع أسس الارتباط المباشر ما بين النجاح والتوافق لأى عناصر للنجاح. ومما لاشك فيه أن السجن عامل من عوامل الإصلاح فى المجتمع.. فيه تسلب الحريات وهذا فى حد ذاته عقاب رادع للإنسان إلا أنه لابد للنظر إلى هذا الموضوع من زاوية منطقية أخرى نعم هناك مجرمون خطيرون ولابد من ردعهم وإصلاحهم. لكن ليس كل المسجونين ظالمين، فهناك مساجين الرأى أو سياسيون أو ضحية زور رشوة، ومع هذا وذاك يبقى السجين بعين المجتمع سجينا. طالما كان أو لم يكن مظلوما ولن تنتهى المأساة عند السجين فى السجن فحسب، بل لعل أقسى درجات الألم التى يواجهها السجين عند خروجه من السجن هى نظرة الاتهام والتشكيك التى تطارده، وحالات الإقصاء التى يجدها من مجتمعه الذى يقف موقفاً سلبياً منه بشكل يعطل إكمال رسالة السجن فى "التهذيب والإصلاح"، ويؤدى تغييب عنصر "الدمج" و"الاحتواء"، إلى إحداث شروخ نفسية عميقة لدى السجين تؤثر بشكل كبير فى عملية تكيفه الاجتماعى، وقد تكون طريق عودته مرة أخرى إلى ما وراء الأسوار. وهذا الوضع يفتح باب التساؤلات حول كيفية تعامل المجتمع مع المفرج عنهم بعد أن نالوا جزاءهم، وكيف يمكن أن نصنع منهم أعضاء نافعين بعد أن نعيد إليهم الثقة والاستقرار النفسى؟ لا ينبغى إشعار المفرج عنهم بأية مواقف سلبية تجاههم، حتى لا يشكل لهم إحباطا، فبعضهم كما هو حادث للأسف يصطدمون بعد خروجهم ببعض أفراد مجتمعهم الذين يذكرونهم بذنبهم ولا يقبلون توبتهم، بل ويحذرون الآخرين منهم؛ ونظراً لأن الغاية من عقوبة السجن هى حماية المجتمع من الجريمة وحفظ حقوق الإنسان من الضياع، يجب أن يقتنع السجين نفسه بحقوقه وهى عودته إلى المجتمع مرة أخرى إنساناً صالحاً قادراً على العيش فى ظل احترام القانون. ويجب المطالبة بتمكين المفرج عنهم من أسباب العيش وإتاحة الفرصة لهم للاستفادة من إمكاناتهم وطاقاتهم وخبراتهم، من خلال دمجهم فى بعض المشروعات المتاحة فى المجتمع. هل من حلول لتغيير نظرة المجتمع للسجين وإعادة إدماجه بطريقة تجعله يستفيد هو منها ولتغيير نظرة المجتمع إليه، وتوفير عمل له لكى لا يعود إلى ما كان عليه سابقا، ولكى لا يشعر أنه غريب فى مجتمع بسبب نظرة المجتمع إليه، فكم من سجين تغيرت حاله بعدما دخل إلى السجن وخرج منه فردا صالحا وتاب عن ما كان يفعله وأصبح أكثر نضجا.