رغم التكدس الأمنى الذى كان يملأ جنبات منطقة الإسعاف بوسط البلد، الدوريات الأمنية الثابتة والمتحركة، والذى كان يشير للوهلة الأولى إلى انتظام وجود كل من الأمن والمرور فى المنطقة حتى ولو كان التواجد بهدف الحفاظ على عدم عودة الباعة الجائلين إليها، فإن التجول فيها قبل أيام كان أشبه بالدخول فى معركة للسير وسط السيارات المتداخلة غير المنتظمة والتى لا تبرح مكانها إلا بعد تحميلها جميع الركاب، فى ظل انطلاق «سارينات» كل السيارات خلفها كأنهم يطالبون بحقهم فى المرور، فى مشهد هزلى أمام القوات الأمنية التى كانت تقف فى الجهة المقابلة، وهو المشهد الذى اكتمل بانفجار مدوٍ هز المنطقة مؤخرا، ليثير تساؤلاً مهماً، إذا كان هذا ما حدث فى الإسعاف فى ظل هذا الحشد الأمنى، فما بالك بالميادين والشوارع التى لا يوجد بها أمن أساسا؟. قامت «اليوم السابع» قبل حادث انفجار القنبلة المأساوى بميدان الإسعاف بجولة فى 5 ميادين بالعاصمة والطرق المؤدية إليها وهى «الجيزة - إمبابة - الإسعاف - رمسيس - العباسية» راصدة الحالة الأمنية فيها وفى الشوارع المؤدية إليها، باحثة عن تواجد شرطة المرور، والكمائن، راصدة حالة الشارع، وانتظام السائقين فى خطوط سيرهم والتعريفات المحددة لهم. الجيزة.. «اقف فى أى حتة» أكثر ميادين مدينة الجيزة شهرة، مركز للوصول إلى العديد من الأحياء، الهرم وأكتوبر - فيصل - المنيل والسيدة عائشة - المنيب والحوامدية والبدرشين - جامعة القاهرة وصولا إلى إمبابة، يضم محطة للأتوبيسات التى تنطلق إلى مختلف أحياء العاصمة، كما يضم محطة لميكروباصات الفيوم. كوبرى الجيزة الرابط بين «شارع الهرم وفيصل والمنيب نزولا إلى المنيل وشارع مراد والجامعة» هو أهم الوصلات المرورية التى أنشأتها المحافظة من أجل تسهيل العملية المرورية، إلا أن هذا هو الهدف على الورق فقط بينما على أرض الواقع، فالتكدس هو سيد الموقف فى كل جنبات الميدان أسفل الكوبرى أو أعلاه خصوصا فى أوقات الذروة فى وقت الظهيرة وما بعد المغرب. كانت الصدفة هى ما جعلت الجولة فى يوم إغلاق فتحة الكوبرى إلى شارع جامعة القاهرة، وهو القرار الذى اتخذته القوات الأمنية لتفادى تظاهرات الطلاب، حل لم يهتم بوضع بديل إلى الجانب الآخر من القرار وهو التكدس الذى وقع بسبب ضغط السيارات القادمة على شارعى مراد والمنيل فقط، رغم أن هذه ليست المرة الأولى التى يلجأ الأمن فيها إلى ذلك، لذا لم يكن مشهد التكدس الذى خلفه بالجديد على المواطنين الذين اضطر عدد كبير منهم إلى النزول من السيارات واستكمال طريقهم إلى مقار أعمالهم وخدماتهم سيرا على الأقدام. فى ميدان الجيزة، تستطيع أن تقف بسيارتك فى أى حتة، ما يؤدى إلى تكدس وراءه تكدس، ففى وقت تختفى فيه القوات الأمنية لتنظيم المرور، يمكنك أن تشهد سباقات للسيارات القادمة من إمبابة فى شارع الجامعة، يمكنك أن تشهد أيضا غلق سيارات الأجرة كل الحارات المرورية فى الشارع عدا حارة واحدة تمر منها السيارات من أجل تحميل الركاب. فى الميدان لا توجد إشارات مرورية، الكمائن تتواجد على فترات متباعدة غالبا ما تؤدى إلى تكدس للسيارات أيضا لأنها توقفهم فى منتصف الطريق، ورغم هذا غالبا ما تعود السيارات من جديد إلى سابق عهدها فى زيادة أحمال السيارة عن عدد الركاب المخصص، وعدم الالتزام بالتعريفة المحددة، سيارات الهرم وفيصل وبولاق وإمبابة على سبيل المثال تقوم بتقطيع الطريق لكى لا تلتزم بالأجرة الموحدة. الطريق من الهرم إلى إمبابة مرورا بميدان الجيزة لم يكن فيه تواجد مرورى سوى شرطيين عند إشارة جامعة القاهرة. رمسيس.. «الزحمة شبكة عنكبوتية» يعد ميدان رمسيس الأكبر على مستوى القاهرة، وأكثرها ازدحاما، وعلى عكس الإسعاف، فإن الباعة الجائلين ينتشرون على مدى جنبات الميدان وشوارعه وأرصفته، دون أى رادع، ومثلهم بالطبع السيارات، هنا الأمن لا يستطيع السيطرة فى ظل العدد الكبير والازدحام المرورى، فى رمسيس 3 إشارات الأولى عند مستشفى الهلال وثانية عند غمرة وثالثة عند محطة القطار، ولا يوجد سوى عساكر للتسيير المرورى دون سيطرة كاملة على حركة السيارات. التوجه من رمسيس حتى ميدان العباسية يعتمد على حجم ونوع السيارات المجاورة، فغالبا فى وقت الذروة تتكدس سيارات الأجرة على جانبى الطريق وهو الذى يسبب تأخرا لباقى السيارات، لتوا صل تشابكها فى العباسية خصوصا مع عودة الدراسة فى جامعة عين شمس. إمبابة.. سيارات وبشر وقمامة فى إمبابة تجد المشهد أكثر بشاعة، فهناك تتزاحم سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة والتكاتك والبشر ركاب وسائرون وباعة فى آن واحد بدرجة تكاد تصل إلى التلاصق فيما بينهم، ووسط الطريق تزاحمهم القمامة التى تغطى مساحة كبيرة من الأرصفة، هنا لن تجد أى قوات مرورية، فالكل يسير على هواه، وتتفنن التكاتك فى المرور عكس خط السير، فيشتبك الجميع لفترات طويلة حتى يتطوع المتطوعون لفك هذا الاشتباك. الأمن الوحيد القريب من الميدان هو الموجود فى نقطة الشرطة التى تقع على يسار الميدان، عدا ذلك لا تلمح أيا من مرتدى البذات البيضاء، ويظل المواطن فى إمبابة رئيس جمهورية نفسه. الإسعاف.. «الأمن للباعة الجائلين» سيارات متكدسة فى ميدان الإسعاف توحى للقادم بأن الأمن مستتب فى هذه المنطقة لا تهددها أى خطورة، إشارة الميدان الواصلة إلى ميدان رمسيس منتظمة إلى حد ما فى ظل وجود عدد كبير من القيادات الأمنية، وضع مخالف تماما لمشهد السيارات أسفل كوبرى 25 مايو، وهى المنطقة المجاورة لمحطة مترو جمال عبدالناصر والتى وقع عندها الانفجار، فالسيارات تقف كما تشاء رغم ضيق الحارات المرورية. الأمن هنا كان الهدف من وجوده عدم عودة الباعة الجائلين والتعديات من جديد، لكن ليس له علاقة بالمرور، السيارات هنا لا تلتزم بالتعريفة الموحدة أيضا، ويقرر السائقون وجهتهم وتعريفتهم كما يريدون.