كانت العلاقات الإنسانية فى السابق لا تكتمل إلا باللقى وكل ما كان يقل اللقاء كانت تزيد الشكوى بين الأحباب والأقارب والأصدقاء حتى زاد الجفى، وأصبحنا نشكى بعضنا البعض من أن العلاقات صارت تقتصر على الاتصالات الهاتفية، الأب والأم يشكيان أولادهم الذين يكتفون بالاطمئنان عليهم بالتليفون ولا يرونهم إلا قليلاً حتى الأصدقاء حتى الأحباب خصوصاً بعد ظهور التليفون المحمول لكل مواطن فتقلصت اللقاءات وزادت المكالمات المستفيد الأول منها شركات الاتصالات تعايشنا أو هكذا أردنا أن نتعايش ربما لضيق الوقت وكأنه أُستقطع من الأربع وعشرين ساعة فى اليوم وقتاً وهذا لم يحدث، لنقل الانشغالات التى زاحمت أوقاتنا لم تعد تسمح بلقاءات وذهاب وإياب وزحمة شوارع خانقة، المكالمات صارت تواصل لا بأس به لكنها لا تغنى عن رؤية لحم ودم وإدراك تغييرات بمجرد نظرة عين، وصبرنا أنفسنا أن الصوت أيضاً يكشف عن مكنونات صاحبه، نستوعب نبرة الصوت فندرك هل أنت سعيد أم حزين . ارتضينا بالهم فأبى الهم أن يرتضينا ودخلت علينا السوشيال ميديا وكل وسائل النت دخول الغازين قال احنا ناقصين، غازين المشاعر والقلوب والأحاسيس الإنسانية بكل أنواعها شيئاً فشيئاً قلت المكالمات واختفى الصوت ويا ويلى حلت محله الكتابة، الكتابة للكتاب والصحفيين الذين لا علاقات إنسانية بيننا وبينهم فمن الطبيعى أن نرتبط بهم كتابةً لا مجال لنا غير ذلك، أو حتى فى السوشيال ميديا نرتبط بأصدقاء كتابةً فهم أولاً وأخيراً افتراضيين يكفى جداً التواصل معهم كتابةً لكن ليس بين الأصدقاء والأقارب والأحباب. غازلت حبيبها قائلة: أريد أن أسمع صوته فى زمن الكتابة وكيف لحروف أن تنطق ما بى وما به؟! تباً لتكنولوجيا منعتنا حتى من أصواتهم وأصبح الزمن زمن الكتابة، هى تكنولوجيا للتسهيل أم للتعقيد أم للاستسهال أم لم يكن هناك مشاعر من الأساس؟! كيف تركنا تكنولوجيا لعينة تحولنا إلى آلات؟! أوهكذا تتبدل المشاعر والعلاقات الإنسانية!! الابتسامة صورة والضحكة صورة والقبلة صورة والحضن صورة.. عرايس بلاستيك يا أخى تباً ! منتهى الابتذال للمشاعر والعلاقات الإنسانية حتى كرهنا الحروف والكلمات والصور واشتقنا لأصواتهم، أو ليست نبرة الصوت هى نصف الكلام تغنى عن أى شرح أو توضيح!! بالتالى كان طبيعيا أن تفهم الكتابة خطأ فى كثير من الأحيان، تخدعنا الكتابة فالصدق يعرف من نبرة الصوت وليس الكلمات فبالكتابة يجيدون الكذب والتمثيل ولا يعلمون أنى ألعب بالحروف لعب، لن تقنعنا أو تروينا كتاباتهم لأنى أصدق ما يفهل لأجلى لا ما يقال لى، اهتمام فعلى بدون ذكر كلمة محبة واحدة أفضل آلاف المرات من كتابة كلمة وُد لا يقترن بها فعل واحد يوحد الله فأنا مؤيدة تماماً لمدرسة "أفعال لا أقوال". واذا استمر هكذا الحال سنصل للأسوأ علاقات بلاستيكية بدلاً من الإنسانية وسأكره الكتابة والكلمات والحروف وصوته وصورته وحتى لقائه، زمن الكتابة لا يليق بأمة المودة والرحمة بين آبائنا وصلة أرحامنا وأقربائنا وأحبائنا وأزواجنا وأبنائنا الذين ما كنا نقبل منهم هذا الوصال لو فعلوه، لا تدع زمن الكتابة يقتل أحلى ما فينا كشعوب عاطفية لولا عاطفتنا هذه لكنا مثل الحيوانات وأكثر .