تمر اليوم ذكرى رحيل عميد الأدب العربى، طه حسين، الذى رحل يوم 28 أكتوبر 1973، وقد تحول طه حسين إلى أيقونة مصرية وعربية فى القرن العشرين وما زال رمزا عظيما فى تاريخ الثقافة العربية، ويأتى ذلك لأسباب كثيرة منها التحدى، فلقد فقد بصره وهو ما يزال طفلاً صغيراً، لكنه أثبت بمنتهى الصمود، والقوة أن الإنسان لا يجب أن يوقفه عجزه أمام طموحه الذى رسمه لنفسه، بل على العكس من الممكن أن يستغل هذا الأمر فى تحويل مجرى حياته، حيث عكف طه حسين على العلم والمعرفة حتى استطاع أن يمتلك مفاهيم خاصة لأفكار كثيرة كانت سائدة فى المجتمع آنذاك، واستطاع أن يثبت أن هناك ظاهرة اسمها "طه حسين". ولد طه حسين عام 1889، وفى هذه السنة ولد أيضا العقاد، والمازنى، وعبد الرحمن الرافعى، ومكرم عبيد، ونجيب الريحانى، ممن مثلوا جيلا عظيما عمل على نهضة مصر فى كثير من المجالات. لم يكن طه حسين ممن يرتضون الحياة الهينة اليسيرة اعتمادا على "عاهة" لديه، فقد كان يملك طاقة جبارة وإيمانا بالنفس قويا، فمن ميزات طه حسين، صراعه وأفكاره الجديدة التى ترفع من قيمة العقل، فقد كان لطه حسين أفكار جديدة متميزة، حيث دعا إلى وجوب النهضة الفكرية والأدبية وضرورة التجديد والتغيير والاطلاع على ثقافات جديدة مما أدخله فى معارك شديدة مع محبى الأفكار التقليدية، وكان مستعدا لهذه المعارك متسلحا بالعلم والمعرفة والحقيقة. من جانب آخر، شغل الدكتور طه حسين العديد من المناصب، منها عمله أستاذا للتاريخ اليونانى والرومانى، وذلك فى عام 1919م بالجامعة المصرية بعد عودته من فرنسا، ثم أستاذاً لتاريخ الأدب العربى بكلية الآداب وتدرج فيها فى عدد من المناصب، وفى عام 1942 أصبح مستشاراً لوزير المعارف ثم مديراً لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد فى 16 أكتوبر 1944م، وفى عام 1950 أصبح وزيراً للمعارف، وقاد دعوة من أجل مجانية التعليم وقال "إن العلم كالماء والهواء حق لكل إنسان"، وهو ما كان بالفعل فلقد تحققت مجانية التعليم بالفعل على يديه وأصبح يستفاد منها أبناء الشعب المصرى جميعاً، كما قام بتحويل العديد من الكتاتيب إلى مدارس ابتدائية، وكان له الفضل فى تأسيس عدد من الجامعات المصرية، وتحويل عدد من المدارس العليا إلى كليات جامعية مثل المدرسة العليا للطب، والزراعة، وغيرها. من جانب آخر أثرى طه حسين المكتبة العربية بالعديد من الأعمال والمؤلفات، وكانت هذه الأعمال الفكرية تحتضن الكثير من الأفكار التى تدعو إلى النهضة الفكرية، والتنوير، والانفتاح على ثقافات جديدة، هذا بالإضافة لتقديمه عددا من الروايات، والقصة القصيرة، والشعر نذكر من أعماله المتميزة " الأيام" عام ودعاء الكروان وحديث الأربعاء، والفتنة الكبرى، وغيرها من الكتب الكثيرة التى امتلأت بالحقيقة وحاربت الوهم.