منذ أشرقت أرض سيناء بنور الانتصار المجيد فى أكتوبر 1973، انطلقت الحناجر الذهبية تشدو بأغنيات فى حب الوطن وتمجد رجولة الجنود المصريين وبسالتهم، فطربت الآذان فرحا بالانتصارات الخالدة والمعارك البطولية. تلك الأغنيات التى وثقت التاريخ، فرسمت الشخصية المصرية وقدرتها الخارقة على هزيمة العدو وتحطيم خط بارليف المنيع، وألحان أرخت لحماسة المصريين، فكان للأغنية الوطنية الخاصة بحرب أكتوبر دور فعال فى نفوس المصريين مع أول أغنية أطلقتها وردة: «وأنا على الربابة باغنى» يوم 8 أكتوبر، وحتى آخر أغنية لعبد الحليم حافظ فى 21 أكتوبر 1973 تزامنا مع وقف إطلاق النار، وهى «خلى السلاح صاحى صاحى صاحى/ لو نامت الدنيا صاحى مع سلاحى» كلمات أحمد شفيق كامل، وألحان كمال الطويل، رددها المصريون وطربت بها الآذان فارتبط صوت العندليب بالنصر بعد أن غنى «لفى البلاد يا صبية بلد بلد» كلمات محسن الخياط، لحن محمد الموجى. مع الشرارة الأولى للمعارك توالت الأغنيات وتعددت الأصوات فغنت وردة الجزائرية «وأنا على الربابة بغنى ما أملكش غير إنى أغنى وأقول تعيشى يا مصر» كلمات عبد الرحيم منصور، وألحان بليغ حمدى، ثم ظهرت شادية بصوتها الرائع تردد «وحياة إللى راح.. وطلع بالسلاح من فجر الصباح» فأهدت أغنيتها لمصر «رايحة فين يا عروسة يا أم توب أخضر رايحه أجيب الورد وأجيب سكر» تلك الأغنية التى أبكت جيل حرب أكتوبر، وما زالت حاضرة بيننا كأنها غنتها بالأمس القريب، كلمات الشاعرة نبيلة قنديل وألحان الموسيقار على إسماعيل. قهرنا العدو وحررنا أرض سيناء فأطربنا محمد رشدى بأغنيته البديعة «ويا أول خطوة فى أرضك يا سينا» إلى أن ظهرت سعاد حسنى بأغنيتها المشهورة «دولا مين ودولا مين دولا عساكر مصريين دولا ولاد الفلاحين» كلمات الشاعر أحمد فؤاد نجم وألحان الموسيقار كمال الطويل، فكان للأغنية أثر بالغ فى الريف المصرى وتغنت بها نساء القرية فرحا بأبنائهن الأبطال حتى لحقتها فايزة أحمد بنبرات صوتها الرنانة تشدو بأغنية: «يا بلادى يا بلادى.. بحبك يا بلادى بحبك يا مصر» كلمات محسن الخياط وألحان محمد سلطان. وردد المصريون مع المجموعة «بسم الله.. الله أكبر بسم الله بسم الله» وكانت من الأغانى التى لها صدى بالغ الأهمية فى نفوس المصريين، وكذلك أغنية «أم البطل» لشريفة فاضل التى أججت مشاعر المصريين لأن ابن الفنانة شريفة فاضل وسيد بدير استشهد فى هذه الحرب المجيدة. وأذكر حوارا للإعلامى الراحل وجدى الحكيم قال فيه، إن الأغنية الوطنية فى نصر أكتوبر صنعها المبدعون المطرب والمؤلف والملحن بجهودهم، حيث لم تتكلف الإذاعة المصرية جنيها واحدًا، لأن الميزانية كلها كانت مخصصة للجنود على الجبهة، فالأغانى الوطنية وقتها كانت حبا حقيقيا نابعا من القلب وإهداء لمصر العظيمة وشعبها الجليل.