تختلط المشاعر ، وتشرئب الأعناق، وتهفو الأرواح إلى مواطئ أقدام جنودنا البواسل الذين صنعوا لنا النصر فى السادس من أكتوبر 1973م ، ذاك النصر الذى لا يزال حتى اليوم محط إعجاب الجميع، ومناط احترام الجميع، ذاك النصر الذى قضى على أسطورة الجيش الذى لا يُقهر، وقضى على أسطورة ديمومة التفوق العسكرى لإسرائيل على العرب. ما أروعه من نصر ، نصر متكامل الأركان، مصر بجيشها، والعرب بأسلحتهم الجميع يقف فى خندق واحد، خندق الكرامة والعزة والبحث عن ذات ظن الأعداء أنها قد ماتت إلى غير رجعة. لن ننسى نحن أبناء مصر دماء أولئك الأبطال الذين صنعوا لنا عزاً نجنى ثماره اليوم....كرامة ورفعة وحرية ، لن ننسى ذاك البطل الذى جاد بروحه ، لأجل مصر العزيزة، مصر الحرية ، لن ننسى ذاك البطل الذى اختلجت كلماته الأخيرة حشرجة روحه فى صدره وهو يردد " تحيا مصر ، تحيا مصر " تلك هى العزيمة التى صنعت النصر ، إرادة حقيقية ، وغاية نبيلة ، وإيمان بالله ، وعزيمة لا تُقهر ، تلك هى المعدات الحقيقية لهذا النصر العظيم. تحية خلود عبر الزمان إلى شهداء الكرامة على أرض سيناء، تحية خلود أيضا إلى المصابين، إلى كل من شارك فى هذا النصر ولو بالدعاء..... لكن ما لا يخفى عن أحد، أن النصر الذى صنعه أبطالنا فى حاجة ماسة اليوم إلى تلاحم بحجم التلاحم الحربى الذى تم فى 1973م كى ننهض بوطننا المكبل بالهموم والمثقل بالديون والمحمل بالأحزان، نحن فى حاجة إلى استنهاض عزائم بنت سدًا وشيدت أهرامات ملء السمع والبصر ، كى نستطيع أن ننقل وطننا إلى مكانته الحقيقية وموضعه الذى يستحقه، لتصبح لنا السيادة والريادة، وتصبح كلمتنا هى العليا كما كانت، ويصبح قرارنا من رأسنا خالصاً صافياً لا شائبة فيه، فهل يستفيق أبناء الملاحم الكبرى ويستعيدون مجداً صنعوه من قبل مرارا وتكرارا، هل نقف وقفة رجل واحد لنعيد بناء مصرنا فى ملحمة وطنية يسودها الحب ويغزوها التعاون ويشملها الإخاء ويلازمها العرق، كى نبنى مصر النصر، مصر العظيمة التى كانت خزائن الأرض "قال اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم" . أبناء مصر ، لقد صنعتم انتصارات وانتصارات عبر التاريخ، وآن الأوان لصنع نصر جديد، فهل تلبوا النداء؟
