كشف تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) اليوم عن تقلص أعداد الجوعى فى العالم بمقدار 200 مليون جائع، ومع ذلك فإن واحدًا من كل تسعة أشخاص فى العالم، أى ما يعادل 805 ملايين نسمة فى المجموع، مازالوا يعانون الجوع. وكشف التقرير، الذى وزع اليوم بالقاهرة تحت عنوان "حالة انعدام الأمن الغذائى فى العالم، 2014"، فى المقابل عن اتجاه إيجابى لانكماش عدد الجوعى على الصعيد العالمى الشامل بأكثر من 200 مليون شخص. وأورد التقرير الدولى أن التوجه الشامل لاحتواء الجوع لدى البلدان النامية يعنى أن الهدف الإنمائى للألفية، المتمثل فى خفض نسبة من يعانون نقص التغذية بحلول عام 2015، سيكون فى متناول اليد "إذا ما أمكن تصعيد الجهود الجارية، على نحو الملائم وعلى الفور"، وحتى الآن، نجح 63 من البلدان النامية فى بلوغ الهدف الإنمائى للألفية، وثمة ستة آخرون فى طريقهم للوصول إليه بحلول عام 2015. وأبرز التقرير الدولى المشترك بين منظمة "فاو"، وصندوق "إيفاد"، وبرنامج الأغذية العالمى، أن القضاء على الجوع إنما يتطلب تهيئة "بيئة للتمكين"، وانتهاج نُهُج متكاملة، وتشمل هذه النهج الاستثمارات العامة والخاصة لرفع الإنتاجية الزراعية؛ والنفاذ إلى موارد الأراضى والخدمات والتكنولوجيات والأسواق؛ إلى جانب اتخاذ تدابير رامية إلى تعزيز التنمية الريفية والحماية الاجتماعية للفئات الأشد ضعفًا، بما فى ذلك تعزيز صمودها فى وجه الصراعات والكوارث الطبيعية. وشدد التقرير أيضًا على أهمية برامج التغذية الخاصة، لا سيما لمعالجة نقص المغذيات الدقيقة فى صفوف الأمهات والأطفال دون سن الخامس، كما شدد كل من جوزيه غرازيانو دا سيلفا، المدير العام لمنظمة "فاو"، وكانايو نوانزى، رئيس الصندوق الدولى للتنمية الزراعية "إيفاد"، والسيدة إرثارين كازين، المدير التنفيذى لبرنامج الأغذية العالمى" على أن "الإسراع فى احتواء الجوع وتقليصه بمعدل كبير وعلى نحو مستدام، هو أمر ممكن فى حالة تحصيل الالتزام السياسى اللازم لذلك"، وأن "هذا لا بد أن يتم فى ظل إدراك سليم لماهية التحديات الوطنية ولخيارات السياسات العامة ذات الصلة، بل وأن يجرى بمشاركة واسعة وعلى ضوء الدروس المستفادة من التجارب الأخرى". وتطرّق تقرير "حالة انعدام الأمن الغذائى فى العالم" إلى كيف تحسنت فرص الحصول على الغذاء بسرعة ملحوظة لدى البلدان التى شهدت تقدمًا اقتصاديًا عامًا، لا سيما بشرق آسيا وجنوبها الشرقي. كما تحسنت فرص الحصول على الغذاء أيضًا فى جنوب آسيا، وأمريكا اللاتينية، وإن كان أساسًا لدى البلدان ذات شبكات الضمان الكافية وغيرها من أشكال الحماية الاجتماعية الشاملة لفقراء الريف. وبالرغم من التقدم الكبير المحرز عمومًا، فما زال العديد من الأقاليم والأقاليم الفرعية متخلفًا عن هذا الركب، ففى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ثمة أكثر من واحد من كل أربعة أشخاص ضحيةً لنقص التغذية المزمن، فى حين لا تزال آسيا بوصفها أكبر موطن فى العالم من حيث عدد الجياع، تضم أغلبية الجوعى الذين تبلغ أعدادهم لديها فى المجموع 526 مليون شخص. وخطت أمريكا اللاتينية وإقليم الكاريبى أوسع خطوات بالمقياس الكلى فى تعزيز الأمن الغذائى، فى المقابل، لم يحقق إقليم المحيط الهادى سوى تحسن متواضع (بانخفاض نسبته 1.7%) فى تقليص انتشار نقص التغذية، الذى بلغ 14.0% خلال الفترة 2012 - 2014، بل وشهد هذا الإقليم فعليًا زيادة كلية فى عدد الجياع منذ الفترة 1990 - 1992. ويتضمن التقرير هذا العام سبع دراسات حالة (بوليفيا، والبرازيل، وهاييتى، وإندونيسيا، ومدغشقر، وملاوى، واليمن) تسلط الضوء على بعض السبل التى لجأت إليها البلدان فى معالجة الجوع وكيف يمكن أن تؤثر الأحداث الخارجية على قدرات الإنجاز فى غمار السعى إلى بلوغ أهداف الأمن الغذائى والتغذية المنشودة. واختيرت هذه البلدان نظرًا إلى التباين السياسى والاقتصادى والثقافى فيما بينها، لا سيما بالنسبة للقطاع الزراعى.