قد يصهرك الإحساس بالحنين ومعانقة إنسان بعيد عنك، فلا تجد سوى الإمساك بصهوة القلم كى ينطلق بك نحو التعبير عن اشتياقك له، تستيقظ الحروف من نومها العميق بداخلك.. وتترك لها حرية البوح بخلجات النفس، تغلف مشاعرك فى رسالة وتترك الحروف تعانقه أمام الجميع خلف الأسطر الذائبة فى الحنين، تصرخ حروفك شوقا ولوعة ولا يسمع صوتها غيره، تفكر به وتتخيله وهو جالس تحت ظل شجرة يقلب صفحات الماضى ويغوص فى بحر السطور ويسبح فى صمت موجع، صمت يفرض نفسه أمام كل المشاعر فتركع له بكل خشوع . تتذكره وترسم بأناملك أعذب الكلمات ثم تعود وتمحوها ومن ثم تعيد تلوينها مرة أخرى، تحاول أن تمنحه بكلماتك لوحة فنية من المشاعر ليس لها مثيل، فالحنين يجذب القلب والعقل معا ويمزِق كل صور الحاضر مهما كانت رائعة، التى تبدو وكأنها مغلفة وممزوجة بماء الذهب ويحيطها برواز بكل ألون الطيف، ويحرق لحظات الزمان المزخرفة والغارقة فى الأحلام والمغموسة فى حياة الأنانية والرفاهية، يبدد بكل قسوة كل الأستار والحجب التى يحاول القدر أن يجعلها الفاصل الآخير بين الماضى والحاضر، ويسرى بالفكر فى غياهب الخيال لينتقل بسرعة الضوء إلى مرابع الماضى ليستعيد أطياف تلك الصور الماضية ويشمُّ من خلالها عبق اللقاء يوما وصدق المشاعر، فيعقبها نظرة خجولة ولحظة كسيرة تبعث فى النفس حسرة وفى القلب لوعة وفى الروح رقة وفى الصدر آهة وزفرة، وفى اللسان نبرة تنم عن دوافع كثيرة ورغبة جموحة للعودة إلى الماضى بعبقه وبساطته ، وتحاول استعادة تلك اللحظات الموغلة فى ماضى الإنسان بآمالها وآلامها وهمومها وشجونها.. تترك الحروف تصول وتجول بين أغوار الروح لتقطف له كل المشاعر وتقول له أحبك.
