دوستويفسكيفيودور ميخايلوفيتش ديستوفسكى هو الاسم الكامل للروائى الروسى الشهير الذى عاش بين 1821 – 1881، ومنح البشرية العديد من الروايات التى لا تزال خالدة، رغم رحيله منذ نحو 120 عاما مثل: بيت الموتى، والجريمة والعقاب، والإنسان الصرصار، والمقامر، والأبله، والأخوة كرامازوف، والفقراء، وغيرها كثير. ومن أعظم أعماله على الإطلاق فى رأيى المقامر، وكان ديستوفسكى على وشك الإفلاس بسبب إدمان القمار، واضطر إلى الاقتراض من أحد المرابين، وتعاقد على كتابة رواية خلال ثلاثين يوما لسداد ديونه، فجلس يكتب المقامر وسلمها فى قسم الشرطة قبل انتهاء الموعد الرسمى بدقيقتين! وتنبع عبقرية هذه الرواية من كونها أروع ما كتب عن عالم القمار والمقامرين، حتى إنك حين تقرأ هذه الرواية تتجسد شخصياتها ووقائعها أمامك، لدرجة يبدو معها أنك تشاهد فيلما سينمائيا ولا تقرأ نصا مكتوبا، وهذا أعظم ما يمكن أن يصل إليه أديب من مهارة وحرفية. ويعتقد البعض أن براعة ديستوفسكى فى المقامر، نابعة من كونه كان يكتب تجربته الشخصية، ويصور انفعالاته التى عاشها بكل تفاصيلها، لذلك بدت كأنها من لحم ودم، وليست عملا أدبيا فقط. وقال عنه سيجموند فرويد أبو علم النفس الحديث: "كل مرة أنتهى من كتابة بحث عن حالة نفسية أجد ديستوفسكى قد كتب عنها فى رواياته"، وهو يعنى القدرة على الغوص فى أعماق الشخصية، الظاهر منها والباطن، وحتى الغرفة السوداء المغلقة داخل الانسان، أو ما يعرف بالعقل الباطن، كانت بمثابة الكتاب المفتوح الذى ينظر منه ديستوفسكى لشخصياته، قبل أن يعيد تصوريها على الورق. أنا شخصيا أحسد ديستوفسكى على هذه القدرة الفائقة على الكتابة المبدعة تحت الضغط، كما فعل فى المقامر، ولم أدرك هذه الصعوبة إلا حين انتظمت فى الكتابة اليومية، ليس لأن عدم الكتابة يحرمنى من الأجر، أو أننى أكتب لأعيش كما فعل ديستوفسكى الذى كان يطارده دائنوه، وإنما لأن فى رقبتى دين آخر، وهو أن هناك قراء ينتظرون كل يوم ما أكتب ويناقشوننى فيه.. سواء أعجبهم أم لم يعجبهم.. اتفقوا معه أم اختلفوا. وبالطبع لست فى مثل براعة ديستوفسكى فى كتابة رواية مثل المقامر فى ثلاثين يوما حتى يسدد ديونه، لكن على الأقل أحاول فى كل يوم تسديد ديون القراء وهى كثيرة.. فبدون القارئ لا يبدو ما نكتبه له أى معنى.. وبدون تعليقات القراء تبدو المقالات مثل كائن مات قبل أن يولد.. فشكرا لكل الأصدقاء والقراء الذين يجعلونى أعيش تجربة الروائى الروسى الكبير ديستوفسكى فى الكتابة تحت الضغط!