◄◄الشاذلى يقف له «عضمة فى الزور» ويتضامن مع الإخوان ضده وعزمى يتخلى عنه فى الأزمات والفقى يتجاهله وزقزوق يسمح بمهاجمته على المنابر والداخلية تتخلى عن مسئوليتها فى المحافظة على الآثار ليتحمل المصائب وحده فاروق حسنى، وزير التصقت به المشاكل بما جعله حالة متفردة كأقدم الوزراء فى عهد مبارك وأكثرهم ثقة فى نفسه، وضعته خارج جميع التصنيفات وأخرجته من كل حسابات المراقبين، فهو الوزير الوحيد الذى عرض استقالته على الرئيس ولم يقبلها، ويجاهر باستغنائه عن الوزارة دون خوف من غضب القيادة السياسية. معارك فاروق حسنى التى لا تنتهى قد تكون «طبيعية» من المعارضين للحكومة ووزرائها، أو من المثقفين الذين يجاهرون بانتقاده لأسباب منطقية أو شخصية، لكن غير الطبيعى أن يهاجمه أعضاء الحكومة نفسها وأن تتربص به قيادات ووزراء لهم وزنهم مثل زكريا عزمى وكمال الشاذلى وأحمد عمر هاشم وأنس الفقى وحمدى زقزوق، كل هذه الأسماء لها دور خفى أو معلن فى مسلسل العداء لفاروق حسنى، كل حسب طاقته وقدرته، لكن غالبا ما يظهر كمال الشاذلى رئيس المجالس القومية المتخصصة وأحد أكبر قيادات الوطنى فى دور البطولة، فيقف لحسنى مثل «اللقمة فى الزور» ما من تصريح يتفوه به إلا هاجمه بسببه، وما من مشروع قانون يتقدم به حسنى إلا عارضه الشاذلى.. والسؤال المهم هو: لماذا يقف الشاذلى دائما كرأس حربة الهجوم على فاروق حسنى؟ وهل هذه الخلافات تستند إلى وجهات نظر «منطقية» أم أنها خلافات مفتعلة لا يقصد من ورائها إلا «الشو» وكأن قيادات الوطنى تمارس ديمقراطية داخلية؟. لا يملك أحد إجابة قاطعة، لكن ما يمكننا هو أن نستعرض المواقف التى ظهر فيها هذا الصراع بوضوح مع قيادات الوطنى، آخرها هذا الذى جمع ثلاثة من كبار رجال الحزب، أولهم فتحى سرور وثانيهم زكريا عزمى وثالثهم الشاذلى، بمناسبة إقرار قانون الآثار الجديد الذى تقدمت به الوزارة للجنة التشريعية بمجلس الشعب، فوصف زكريا عزمى القانون بأنه «ركيك» وقال: «كان الأجدر بالوزير أن يقوم بالتعديلات التى يريدها دون إضاعة وقت المجلس»، بينما قال سرور عن القانون إنه «تخريب للتشريع وأربأ بالحكومة أن تفعله وأربأ بالبرلمان أن يقره»، حتى هنا يبدو الخلاف قانونيا ومبررا برغم حدته وقسوته التى لم نعتد عليها من قيادات الوطنى، ثم جاء دور الشاذلى «ليعكنن» على حسنى معترضا على المادة الثانية، وقال: يجب إلغاء عبارة وزير الثقافة من القانون واستبدالها بكلمة الوزير المختص بالثقافة أو بالتعاون مع مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، وبرر الشاذلى تعديله بأنه أحياناً يتم دمج وزارة الثقافة مع أى وزارة أخرى مثل الإعلام، فإذا صدقنا جدية اعتراض الشاذلى، فمن باب أولى ألا نذكر كلمة وزير فى أى قانون، وإذا أردنا مثلا أن ننشئ قانونا للكهرباء فلا نقول فيه كلمة وزير الكهرباء والطاقة لأنه أحياناً يتم دمج وزارتى الكهرباء مع البترول، وألا نقول وزارعة الرى لأنه أحياناً يتم دمجها مع الرى، الأمر الذى يبدى اعتراض الشاذلى كأنه «تلكيكة» يبتكرها «ليعكنن» على حسنى. الغريب أن الشاذلى يعرف تمام المعرفة أن اعتراضاته على الوزير «على الهواء مباشرة» وفى لحظة ستتم إذاعتها على الفضائيات والمواقع الإلكترونية، فإذا كان الحال هكذا فماذا يدور فى الاجتماعات المغلقة والجلسات الخاصة، وما الذى يجعل الشاذلى يتبنى موقف المثقفين المعارضين ويبادر بالهجوم على «حسنى» دون مناسبة، والسبب كما يقول الشاذلى هو أن جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية يتم منحها بطريقة غير علمية على غرار الجائزة «دى لفلان والجائزة دى لفلان وبلاش الشخص ده وهكذا»، موضحاً أنه حضر العديد من المناقشات التى يتم فيها التفاوض على منح الجوائز التى يحضرها موظفون يحددون المنح وهم ليس لهم علاقة بالثقافة ولا يفهمون شيئا فيها، وأن ممثلى الوزارات الذين يتم انتدابهم فى المجلس الذى يحدد الجوائز «مش فاهمين حاجة» والوزراء أنفسهم لا يحضرون. هذا ما قاله الشاذلى منتقداً «المحسوبية» فى توزيع جوائز الدولة، ناسيا أن القانون الذى نظم منحها كان موجودا أثناء فترة توليه وزارة شئون مجلسى الشعب والشورى، ولم يتفوه بكلمة واحدة ضد «محسوبية الجوائز» التى حصل عليها رئيس البرلمان ورئيس الوزراء وقتها عاطف صدقى، لكن ما قاله الشاذلى لم يقنع المثقفين المعارضين وهاجموه فى تصريحاتهم الصحفية واتهموه بأنه جزء من نظام يشع فساداً، وأنه أحد المدافعين الأشداء عن «تفصيل القوانين» و«قمع الحريات». للخلاف بين حسنى والشاذلى تاريخ طويل، لكن هذا العداء المستتر ظهر للعلن مع مشكلة الحجاب التى أثارها «حسنى» حينما صرح بأن الحجاب غير ملزم وأنه «عودة للوراء». واتفق الشاذلى مع الإخوان فى محاولة ذبح فاروق حسنى الذى أعلن أنه سيعتكف فى بيته إلى أن يرد له نواب مجلس الشعب اعتباره الذى اغتالوه، وهاجمه الشاذلى قائلاً: «إن زوجاتنا وبناتنا محجبات فكيف يقول الوزير إن الحجاب غير ملزم، وبدا الشاذلى فى هجومه أشرس من الإخوان ما جعل الكاتب علاء الأسوانى يعتبر هذه الأزمة انعكاسا لتحالف النظام والإسلاميين لمنع المصريين من المناقشة والتفكير، وقال إن الشاذلى انتقد بشدة فاروق حسنى فى البرلمان بسبب تصريحه حول الحجاب ولكنه يصمت عندما تزور الانتخابات ويعذب المعارضون فى السجون» وانضم إلى الشاذلى فى هجومه كل من زكريا عزمى وأحمد عمر هاشم وغيرهما الكثير من رجال الحزب الوطنى الذين ظهروا على قلب رجل واحد وراء الشاذلى ضد حسنى. حالة غريبة من والهجوم يعانى منها وزير الثقافة أمام أعضاء الحكومة وقيادات الحزب، زكريا عزمى يهاجمه من حين لآخر، وحمدى زقزوق يغض الطرف عن هجومه على المنابر، وحبيب العادلى هرب من مسئولية حماية الآثار وحمل الوزارة مسئولية سرقة المنابر الأثرية للوزارة وحدها، والفقى لا يدعمه ويتجاهله ويتجاهل أنشطة وزارته، لكن يبقى هجوم كمال الشاذلى هو الأشرس والأقوى والأكثر جرأة بين كل ما يتعرض له الوزير من هجوم، وتبقى الأسئلة التى طرحناها فى البداية قائمة ولا أحد يعرف هل مهاجمة الشاذلى لحسنى «جد» ولا «كده وكده».