أبناء سيناء: الإرهاب أوقف الحياة وشهدائنا مع الشرطة والجيش طهروها بدمائهم    4 أيام متواصلة.. موعد إجازة شم النسيم وعيد العمال للقطاعين العام والخاص والبنوك    بعد ارتفاعها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2024 وغرامات التأخير    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 3 مايو 2024 في البنوك بعد تثبيت سعر الفائدة الأمريكي    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    إسرائيل تؤكد مقتل أحد الرهائن المحتجزين في غزة    فلسطين.. وصول إصابات إلى مستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال منزل بحي تل السلطان    إبراهيم سعيد يهاجم عبد الله السعيد: نسي الكورة ووجوده زي عدمه في الزمالك    أحمد شوبير منفعلا: «اللي بيحصل مع الأهلي شيء عجيب ومريب»    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    فريق علمي يعيد إحياء وجه ورأس امرأة ماتت منذ 75 ألف سنة (صور)    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    جمال علام يكشف حقيقة الخلافات مع علاء نبيل    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    فوز مثير لفيورنتينا على كلوب بروج في نصف نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاوى أيام زمان ..صداقة العمر بين صالح سليم والجوهرى تنتهى بسبب «عباس» والزمالك ..ثورة غضب ل«الجنرال» بسبب تدخلات هانى مصطفى وحسن حمدى


«المايسترو» التزام بمبادئ الأهلى حتى آخر العمر
إذا تحدثت عن «المايسترو» صالح سليم، رئيس النادى الأهلى الراحل، فلن تجد كلامًا يوصف مدى علاقة العشق بينه وبين جماهير القلعة الحمراء، واحترام الجميع له، بمن فيهم جماهير النادى الزمالك الغريم التقليدى، ولن تجد كلامًا يحاكى رجلاً يجيد لغة الإدارة، فهو أحد أشهر من ظهروا بالوسط الرياضى.
حينما تم توجيه سؤال للقائد الشهيد عبدالمنعم رياض: هل الإنسان يولد قائدًا بطبعه؟.. فأجاب: «إن القادة لا يولدون بل يصنعون.. يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة»، وهذا ما ينطبق حرفيًا على «المايسترو» الذى نجح أن يكون إحدى العلامات البارزة فى تاريخ الأهلى والكرة المصرية على مدى أكثر من نصف قرن قضاها بين جدران «البيت الأحمر» ما بين لاعب وإدارى ورئيس للنادى منذ انضمامه إلى الناشئين عام 1944 حتى وفاته فى 6 مايو 2002، فقد أرثى معانى المبادئ والإخلاص والعطاء واتخاذ القرارات الحاسمة.
الأمر ذاته ينطبق على «الجنرال» محمود الجوهرى، قائد الأهلى الراحل، الذى يمتلك سجلاً حافلاً من الإنجازات سواء مع الأندية التى قام بتدريبها أو المنتخب الوطنى، فإذا كان «المايسترو» قائدًا فى الإدارة، فإن الجوهرى قائد محنك فى التدريب.
«المايسترو» و«الجنرال».. الاثنان جمعتهما صداقة وطيدة خلال فترة لعبهما بالأهلى، وحكايات خاصة بهما داخل وخارج الملعب، ومن أطرف المواقف بينهما كان خلال مباراة الأهلى والمنيا بدورى موسم 1962، عندما حصل الفريق الأحمر على ضربة جزاء، وقرر الجهاز الفنى آنذاك أن يقوم بتسديدها صالح سليم، فى الوقت الذى كان يرغب فيه الجوهرى القيام بالمهمة، وبعدها فاجأ «المايسترو» الجميع وبدلاً من أن يسدد الكرة داخل المرمى قام بتمريرها إلى «الجنرال» الذى أودعها الشباك، وتنتهى المباراة بفوز الأهلى 0‪/5، وكان هذا الموقف ترسيخًا على مدى علاقة الحب والصداقة، وإنكار الذات بين الاثنين.
دارت الأيام، وانتهى مشوار صالح سليم والجوهرى داخل ساحة المستطيل الأخضر، لكن صداقتهما أبدًا لم تنته، واتجه كل منهما إلى العمل الذى يجيده، لكن جاء اللقاء بينهما مجددًا ليعزفا أجمل الألحان فى التعاون سويًا داخل الأهلى، حيث استعان «المايسترو»- الذى كان يترأس النادى آنذاك- فى عام 1982 بخدمات «الجنرال» كمدير فنى للقلعة الحمراء، واستمر لمدة موسمين حقق خلالهما لقب كأس مصر مرتين، ولقب بطولة كأس الأندية الأفريقية للأبطال للمرة الأولى فى تاريخ النادى، لكنه لم يحصد لقب الدورى، حيث احتل المركز الثالث فى الموسم الأول بعد المقاولين العرب «البطل»، والزمالك «الوصيف»، وحل وصيفًا فى الموسم الثانى بعد الزمالك، وبعدها خاض تجربة تدريبية جديدة فى نادى الشارقة الإماراتى، لكنه سرعان ما عاد للأهلى فى صيف 1985 بعد اتصال من صديقه صالح سليم ليبدأ موسم الإعداد للموسم الجديد خلفًا للكابتن محمود السايس.
علاقة الصداقة بين صالح سليم والجوهرى انتهت بشكل دراماتيكى، حيث بدأت الأزمة بينهما بسبب إصرار «الجنرال» على اصطحاب محمد عباس، مهاجم الأهلى وقتها، فى معسكر الفريق بألمانيا، وكان اللاعب مغضوبًا عليه من مجلس الإدارة الذى أعلن شطبه بسبب تكرار عدم التزامه فى التدريبات.. ولمن لا يعرف محمد عباس، فهو رأس حربة من الطراز الأول، قوى بدنيًا، أسمر اللون، هداف بالفطرة، وشكّل ثنائيًا خطيرًا مع محمود الخطيب «بيبو»، لكن كما يقولون «الحلو ما بيكملش»، خاصة أنه لم يكن لاعبًا ملتزمًا، وتميز بالغياب الدائم عن التدريبات، والتف حوله رفقاء السوء، وأعطاه مجلس الإدارة أكثر من فرصة، لكنه لم يستغلها، واستمر على نفس المنوال، حتى وصل به الحال فى نهاية المطاف للقبض عليه من جانب قوات الشرطة بسبب تعاطى المخدرات.
نعود إلى أسباب شرارة الأزمة بين «المايسترو» و«الجنرال»، فمع إصرار الأخير على منح عباس فرصة جديدة، كان الأول مصرًا على موقفه، وهدد الجوهرى بعدم السفر مع الفريق إلى معسكر ألمانيا بدون عباس، وكان رأى هانى مصطفى، مدير الكرة، متوافقًا مع رأى المجلس، مما أغضب المدير الفنى الذى يرى أنه يتعامل مع الموقف بشكل فنى وليس إداريًا، وأنه قادر على ترويض اللاعب والاستفادة منه، ووجد كمال حافظ، وكيل النادى خلال تلك الفترة، نفسه فى مأزق أمام إصرار الجوهرى، خاصة أن صالح سليم كان فى «لندن» لإجراء فحوصات طبية، فاتخذ وقتها قرارًا على مسؤوليته بسفر اللاعب، لكن القدر تدخل وقتها ولم تنته إجراءات سفره قبل موعد السفر، فسافرت البعثة على أن يلحق بها عباس بعد اكتمال الإجراءات، غير أن مجلس الإدارة لم يوافق على إلغاء قرار الشطب، وبالتالى لم يسافر عباس لألمانيا، وحينما علم الجوهرى بالأمر انتابته ثورة غضب، واتصل بالمايسترو الذى أكد له ضرورة احترام مبادئ النادى، وتنفيذ قرار المجلس.
الأمور ازدادت تعقيدًا بعد عودة الجوهرى من ألمانيا، عقب اتصال حسن حمدى رئيس النادى الأهلى السابق الذى كان وقتها عضوًا بالمجلس بالجنرال للاطمئنان على استعدادات الفريق للقاء الزمالك فى دور الثمانية بكأس مصر، حيث ثار المدير الفنى معلنًا رفضه التدخل فى شؤون عمله، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقام فى اليوم التالى بتقديم استقالته، فرد حسن حمدى بالاجتماع مع اللاعبين ليخطرهم باستقالة الجوهرى، وأن هانى مصطفى مدير الكرة سيتولى مسؤولية الإدارة الفنية مؤقتًا، وبعدها اتجه اللاعبون إلى منزل مديرهم الفنى ليبلغوه بما حدث، وفور علم الجوهرى بكلام حمدى، قام بتصعيد الأزمة إعلاميًا، وهنا كانت النقطة الفارقة فى تصدع العلاقة بين «المايسترو» و«الجنرال»، لاسيما أنه ما حدث يتنافى مع مبادئ القلعة الحمراء وفقًا لرؤية رئيس النادى الذى أوصى بتوزيع بيان باسم المجلس لتوضيح أسباب الأزمة.
كانت المفاجأة وقتها هى تضامن اللاعبين مع الجوهرى، ودخل 16 لاعباً معه فى معسكر بمصر الجديدة استعدادا للزمالك، وهم: زكريا ناصف وحسام البدرى وضياء السيد وهانى عبداللطيف وأسامة عرابى ومحمد عامر وشريف عبدالمنعم ومدحت رمضان وخالد جاد الله ومختار مختار ومحمد حشيش وماهر همام ورمضان السيد وحمدى أبو راضى وسمير فوزى وأيمن شوقى، وذلك فى الوقت الذى كان فيه اللاعبون الدوليون وهم ثابت البطل ومحمود الخطيب ومجدى عبدالغنى وعلاء ميهوب وطاهر أبوزيد ومصطفى عبده وإكرامى وأحمد شوبير ومحمود صالح وربيع ياسين مع المنتخب فى المغرب للقاء «أسود الأطلسى» فى مباراة العودة بتصفيات كأس العالم 1986، إلا أنهم بعد علمهم بالأمر أعلنوا تضامنهم مع زملائهم ومدربهم.
تصاعدت الأحداث، مع رفض صالح سياسة «لى الذراع»، واتخذ المجلس قرارا بإيقاف الستة عشر لاعباً، واستعان بفريق الناشئين الذى كان يلعب بين صفوفه التوأم حسام وإبراهيم حسن لمواجهة الزمالك المكتمل بنجومه على رأسهم «الدبابة البشرية» كوارشى، وكانت المفاجأة بفوز ناشئى الأهلى بنتيجة 3/2، وبعدها انتهت علاقة صالح سليم والجوهرى للأبد بعد أن رفض الثنائى جميع محاولات الصلح، واستمرت سحالة القطيعة حتى توفى المايسترو فى عام 2002.
شائعة ارتباطه ب«نجاة الصغيرة».. أهم أسباب ابتعاده عن الفن
نجومية وشعبية «المايسترو» صالح سليم رئيس النادى الأهلى الأسبق، لم تكن سلاحه لدخول عالم الفن، عبر قيامه ببطولات سينمائية حينما كان فى ريعان شبابه، فهو لم يكن بحاجة إلى نجومية جديدة أو أموال جراء قدومه على تلك الخطوة، فجاءت هذه التجربة بعد أن تم ترشيحه للعمل فى فيلم «السبع بنات» من إنتاج عام 1961 وبطولة نادية لطفى وحسين رياض وسعاد حسنى وإخراج عاطف سالم.
جاءت بداية العرض من جانب المنتج حلمى رفلة الذى أقنع عاطف سالم بالاستعانة بصالح سليم للاستفادة من نجوميته فى زيادة الإقبال الجماهيرى، لكن المايسترو نفسه رفض فى البداية هذا العرض، مما جعل حلمى رفلة يلجأ إلى الثنائى أحمد رمزى وعمر الشريف- اللذين كانا يرتبطان بعلاقة صداقة وطيدة مع صالح سليم- من أجل التحدث معه لقبول العرض، وبالفعل لعب دورًا كبيرا فى إقناعه بالتراجع عن قراره والمشاركة فى بطولة الفيلم.
لم تتوقف أدوار المايسترو السينمائية عند هذا الحد، حيث وقع اختيار المخرج الراحل عز الدين ذو الفقار عليه لبطولة فيلم «الشموع السوداء» أمام نجاة الصغيرة بدلا من صديقه عمر الشريف النجم العالمى الذى اعتذر لارتباطه بعدة أفلام أخرى، والفيلم من إنتاج عام 1962، قصة وسيناريو وحوار وإخراج عز الدين ذو الفقار، وشارك فى البطولة الفنانة الكبيرة أمينة رزق، وفؤاد المهندس.
وقتها استغرب العديد من هذا الاختيار، لاسيما أن تجربة صالح سليم السينمائية لم تلق النجاح المطلوب وتعرض للانتقاد من النقاد الفنيين، إلا أن المخرج عز الدين ذو الفقار كان يرى أنه يستحق البطولة لو تعلم الإلقاء وأصول التمثيل، ومن المعروف أن عز الدين ذو الفقار كان عضوًا فى الأهلى آنذاك.. وكان أهلاويا حتى النخاع ومن المتعصبين لصالح سليم كموهبة كروية فذة، وتولى تدريب «المايسترو» ثلاثة شهور على التمثيل والإلقاء.
نجاة الصغيرة فى عدة حوارات صحفية آنذاك عن عملها مع المايسترو قالت: «صالح سليم يمتلك كاريزما من نوع خاص وحبه الجارف للنادى الأهلى تجعلك أهلاويا دون تردد، ورغم نجوميته التى تفوق نجوم السينما فإننى شعرت فى أول لقاءاتى معه بأنه شخص يمتاز بصفات نادرة منها الانضباط والدقة فى الحضور المبكر والحرص على الأخذ بوجهات نظر الآخرين دون جدل، وكان عندما يتلقى التهانى من زملائه على نجاحه فى أداء دوره يرد بتواضع شديد ويعلق قائلاً: «فيه أحسن من كده.. بس أنتم بتجاملونى».
كان صالح سليم له واقعة طريفة خلال تصوير هذا الفيلم، حيث إنه كالمعتاد كان مثالا للالتزام بالمواعيد، ولكنه هرب إلى الإسكندرية خلال التصوير، بعد أن تكرر تأخر بعض نجوم الفيلم عن مواعيد التصوير.. وفشل طاقم العمل فى الوصول إليه وقتها بعد عودته، مما جعل عز الدين ذو الفقار يطارده فى كل مكان عن طريق ورديات لمساعديه أمام باب النادى الأهلى منزله، وعندما التقاه المخرج فيما بعد استرضاه ليعود للتصوير واستمع باهتمام لشكواه واكتمل الفيلم وعرض فى العيد آنذاك ونجح.
من أشهر الحكاوى التى شغلت الوسط الفنى والكروى وقتها، الشائعة التى انتتشرت حول وجود علاقة حب نشبت بين صالح سليم ونجاة الصغيرة، وأنهما اتفقا على الزواج قريبًا، ولكن كابتن مصر والمطربة الكبيرة قاما بنفى الشائعة تمامًا، مؤكدين أن علاقتهما لا تتجاوز زمالة العمل فقط، وكانت تلك الشائعة لها عامل كبير فى تفكير «المايسترو» بعدم المشاركة فى أى أعمال فنية أخرى.
فيلم «الباب المفتوح» كان العمل السينمائى الثالث والأخير مع عالم الفن، ولم يوافق على هذا العمل حينها، لأن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة هى طلبت منه الموافقة على المشاركة بالفيلم، حيث إنها كانت ترتبط بصداقة عائلية معه، والفيلم من إنتاج عام 1963، وإخراج هنرى بركات، وشارك فى بطولته محمود مرسى وحسن يوسف، وهو مأخوذ عن قصة د. لطيفة الزيات، لكن الفيلم لم ينجح وتعرض لانتقادات قاسية وصلت إلى حد وصف إعطاء دور البطولة للمايسترو بأنه مؤامرة ضد بركات وفاتن حمامة نفسها، وبعدها حسم النجم الأهلاوى موقفه وقرر الاعتزال السينمائى رسمياً، بناءً على نصيحة المقربين منه الذين طالبوه بالتركيز مع النادى وعالم الساحرة المستديرة فقط، ليس لقناعاتهم بفشله الفنى، ولكن على خلفية النقد اللاذع الذى تعرض له من بعض النقاد الفنيين، وتحديداً المقال الذى نشره الصحفى لويس جريس الذى ترأس فيما بعد تحرير مجلة صباح الخير، إذ كتب بعد عرض الفيلم فى أكتوبر 1963: «نجم الكرة اللامع أصابته الخيبة فى مجال السينما، المسكين جذبته الأضواء حتى صرعته وتركته للجمهور، والذى استرعى انتباهى ليلة الافتتاح، أن الجمهور من معجبيه الكرويين، لم يحاسبه على هفوته، بل استقبله بالهتاف والتصفيق، ولكنهم همسوا لبعضهم بأنه «ممثل فاشل».. فشل المايسترو، والكلام مازال بالمقال، دارت حوله الحوارات أكثر مما دار عن قصة لطيفة الزيات الممتازة، أو تمثيل العظماء فاتن حمامة ومحمود مرسى وحسن يوسف أو المخرج العبقرى بركات، ففشله السينمائى تأكد للمرة الثانية، ولكنه فشل الرجل الناجح، فشل نجم مشهور أُطلق عليه لقب المايسترو. ولعل الكثيرين من أصدقائه سينصحونه بالابتعاد عن السينما، لأنه لا يصلح لها، وكفاه أنه لُدغ من جحر واحد مرتين».
أصدقاء المايسترو من الفنانين مثل أحمد رمزى وفاتن حمامة وعمر الشريف وفريد شوقى وعز الدين وصلاح ذو الفقار حاولوا إقناعه بالتراجع عن فكرة التمثيل، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل أمام إصرار صالح سليم على موقفه، ولكن بقيت حقيقة واحدة بعيدًا عن المستوى الفنى لتمثيل نجم الأهلى الراحل أن فيلم «الشموع السوداء» أحد أبرز كلاسيكيات السينما المصرية، وأنه نجح فى مشواره الرياضى كقائد وزعيم لجمهورية الأهلى الكروية.
«المايسترو» ينتصر على حاشية الرئيس الأسبق فى موقعة الشباب السعودى بنهائى البطولة العربية 1995
«المايسترو» صالح سليم عرف عنه مدى عشقه وحبه للنادى الأهلى، فعلى مدى أكثر من نصف قرن قضاها بين جدران «البيت الأحمر» ما بين لاعب وإدارى ورئيس للنادى منذ انضمامه إلى الناشئين عام 1944 وحتى وفاته فى 6 مايو 2002، نجح فى الحفاظ على كيان «القلعة الحمراء» مرفوعا عاليا أمام طوفان المنافسين ومحاولات زعزعة استقرار ناديه، قد يكون أخطأ فى بعض قراراته - لأنه لا يوجد شخص معصوم من الأخطاء - لكن الحقيقة المعروفة للجميع أنه أحد أبرز من قادوا النادى الأهلى كرئيس له وسيظل علامة بارزة فى تاريخه عبر كل العصور.
شهادات لاعبى الكرة سواء من زملاء صالح سليم فى الملاعب أو الأجيال التالية أو النقاد الرياضيين يؤكدون دوما أنه أرسى معانى المبادئ والإخلاص والعطاء والقدرة على مواجهة المواقف الصعبة واتخاذ القرارات الحاسمة، كما وقف كثيرا ضد التيار بحثا عن حقوق ناديه بعد أن تولى رئاسته، حيث إنه دخل الكثير من المعارك سواء مع أطراف خارج حدود النادى وداخله، وكان فى النهاية ينتصر لفكرته التى رسخها للأجيال التالية تحت اسم «الأهلى فوق الجميع»، حتى أطلق البعض عليه أنه مؤسس جمهورية الأهلى الجديدة، فالقلعة الحمراء التى عاشت على ذكريات الزمن الجميل فى عهد مختار التتش استمرت على نفس المنوال فى الأجيال المتعاقبة، وهو ما جعلها تنتقل من نجاح إلى نجاح حتى تربعت على عرش الكرة المصرية والعربية والأفريقية.
مواقف «المايسترو» فى رفعة هيبة الأهلى كثيرة، ومن الصعب حصرها فى حلقة واحدة، فهو لم يدخر جهدا أو وقتا فى الحفاظ على مصلحة وحقوق «القلعة الحمراء» حتى لو كلفه ذلك الصدام مع أقرب الناس إليه، أو حتى لو صل الأمر إلى الاستغناء عن أبرز النجوم إذا وجد هناك مساومات حول الماديات أو التهديد بالرحيل أو التمرد، والنماذج فى هذا الاتجاه كثيرة، لعل أبرزها على الإطلاق واقعة التوأم حسام وإبراهيم حسن اللذين خرجا من القلعة الحمراء فى عهده وانضما لنادى الزمالك الغريم التقليدى، رغم أن النادى الأهلى كان بحاجة إليهما، لكن الخلافات قبل التجديد جعلت صالح سليم يتخذ قرارا صادما للجميع وقتها بعدم التعاقد معهما مجددا.
مقصد الحديث هنا، ليس عن واقعة التوأم أو وقائع شبيهة، فظهرت سياسة «المايسترو» بإعداد مدرسة خاصة به فى المجال الإدارى، حينما كان عضوا بمجلس إدارة النادى الذى كان يرأسه الفريق مرتجى، وتجلت هذه الفكرة ووصلت للتوهج بعد أن أصبح على عرش القلعة الحمراء، والواقعة التى نتحدث عليها اليوم كانت حينما أصدر د. عبدالمنعم عمارة وزير الرياضة فى عهد نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك فرمانا بعدم دخول السيارات الخاصة برؤوساء الأندية من دخول استاد القاهرة خلال المباريات، فى الوقت الذى يُسمح فيه بدخول سيارات الوزراء، ووقتها رضخ رؤوساء الأندية للأمر، فيما كان رد فعل «المايسترو» مفاجئا للجميع، حيث رد باتخاذ قرار بعدم حضور مباراة فى استاد القاهرة يحضرها وزير الرياضة نفسه، ووقتها كان غريبا ونادر الحدوث أن يخرج أى شخص عن النص ضد النظام الحاكم، وبعد علم وزارة الرياضة بهذا القرار حاولت الاستعلام عنه، فكان رد صالح سليم أكثر قوة وحنكة، حيث أرسل برقية يقول فيها: «الوزير هو ضيف للنادى صاحب المباراة، فكيف يمنع الضيف صاحب البيت مما يسمح به لنفسه».
المشهد ذاته تكرر بحذافيره، لكن هذه المرة لم يكن مع وزير، بل كان فى حضرة مبارك نفسه، حيث إنه فى عام 1995، قرر الرئيس الأسبق حضور مباراة الفريق الكروى الأول بالنادى الأهلى أمام نظيره نادى الشباب السعودى على استاد القاهرة فى نهائى كأس الأندية العربية، وذهب صالح سليم مبكرا يومها إلى الاستاد حتى يكون فى استقبال مبارك، وكانت المفاجأة التى استقبلته بأن الجهات الأمنية خصصت لرئيس «القلعة الحمراء» مقعدا فى الصفوف الأخيرة بالمقصورة الرئيسية التى ستشهد جلوس مبارك والمقاعد الأمامية مخصصة للوزراء والضيوف الأشقاء من أمراء السعودية، فانتابت صالح سليم ثورة غضب عارمة من جراء هذا الموقف، وقرر الانصراف وعدم متابعة المباراة أو العودة إلى الملعب مرة أخرى قبل رد كرامة النادى الأهلى صاحب الحفل ومستضيف الحدث، حيث كان يرى أنه يفعل ذلك من أجل مكانة وجماهيرية ناديه وليس من أجل مصلحته الشخصية، وهو ما أثار حالة من القلق قبل وصول رئيس الجمهورية الأسبق، وحاول مسؤولو مؤسسة الرئاسة إقناعه بأن ترتيب المقاعد بهذا الشكل نتيجة لقواعد البروتوكول، إلا أنه أصر على موقفه وقال لهم: «المبارة سيلعبها الأهلى واستاد القاهرة فى هذا اليوم هو بيت الأهلى والرئيس مبارك هو ضيف الأهلى فكيف يجلس رئيس الأهلى الذى هو صاحب البيت فى آخر الصف؟».. وعلى الفور جرت اتصالات وضغوط على المايسترو الغاضب لكنه أصر على موقفه مرة أخرى، وانتهى الأمر برضوخ رجال النظام وجلس المايسترو بجوار مبارك الذى علم بكواليس ما حدث، وطلب مصالحة رئيس الأهلى والجلوس بجواره، فى الوقت الذى جلس فيه رئيس الوزراء بعيدا عن الرئيس، لينتصر «المايسترو» للأهلى وليُثبت أنه الأقوى من حاشية رئيس الجمهورية نفسها، وانتهت المباراة بفوز «الكتيبة الحمراء» بهدف دون رد أحرزه الغانى أحمد فيلكيس مهاجم الأهلى الأسبق لينتزع اللقب لمصلحة فريقه.
حسن شحاتة فى الزمالك ب«خمسين قرشاً»
حسن شحاتة صاحب أشهر هتاف كروى فى الملاعب المصرية «حسن شحاتة يا معلم خللى الشبكة تتكلم»، وهو ما منحه لقب «المعلم» الذى صاحبه حتى اليوم.. فهو أحب الكرة فأحبته هى الأخرى، وأعطته من الشهرة والمجد ما يحلم به كل شخص.. بدأ مشواره مع كرة القدم كأى طفل صغير طامح فى أن يكون اسمًا ذهبيًا يومًا ما.. حياته مليئة بالصراعات من أجل تحقيق حلمه، فطريق الوصول للشهرة غير مكلل بالورود.. انتقادات كثيرة لم يسلم منها كانت كفيلة بأن تحبط من عزيمته، لكن عشقه للكرة وحب الجماهير له جعلاه لا يهتم بما يقال، ويستمر فى تحقيق إنجازاته وطموحاته.
«لم أكن أتخيل نفسى فى يوم من الأيام أن أكون سوى لاعب كرة قدم فى ناد كبير بحجم نادى الزمالك».. هكذا قال حسن شحاتة فور انضمامه للقلعة البيضاء ليجد نفسه، وهو الناشئ، يقف وسط جيل الكبار، وينجح فى إثبات نفسه ومكانته، وفى حلقة اليوم نتحدث عن الصدفة التى قادت المعلم لتحقيق حلمه.
حكاية حسن شحاتة مع كرة القدم مرت بالعديد من المراحل التى تحمل الحزن والسعادة، لحظات عاش فيها الانكسار ولحظات عاش الانتصار، فقد بدأ مثل كل طفل صغير من أسرة بسيطة فى الأرياف، وتحديدًا بكفر الدوار، إحدى مدن محافظة البحيرة، يحلم بأن يقضى وقت فراغه فى حالة من السعادة فى الشارع مع زملائه وجيرانه، وعندما وصل إلى سن العاشرة وكان طالبًا فى المرحلة الابتدائية، اكتشفه عن طريق المصادفة شقيقه الأكبر محمد الذى كان يعمل مدربًا فى نادى غزل كفر الدوار، وبدأ فى تلقينه الدروس الأولى فى ممارسة لعبة كرة القدم، وفى هذه الأحيان قرر المسؤول عن فريق كرة القدم فى المدرسة الابتدائية ضمه للفريق المدرسى، وبدأ فى الحصول على قسط من الشهرة بالمدارس المجاورة فى مدينة كفر الدوار، وحصل مع مدرسته على بطولة المدينة، وصعد إلى نهائيات مدارس المحافظات المختلفة، ووقتها كان والده معترضًا تمامًا على فكرة لعب الكرة خوفًا من إهماله لدروسه، فقد كان يريده أن يكون له شأن آخر بعيدًا عن الساحرة المستديرة، وكانت والدته تقوم بمساعدته وتسانده، وذاع صيته بشكل كبير حتى علم والده وأبلغه بأن أى تقصير سوف يحدث فى دراسته بسبب كرة القدم سيواجهه عقاب شديد القسوة، وساعده شقيقه محمد بالانضمام لنادى غزل كفر الدوار الذى كان يلعب فى دورى الدرجة الثانية آنذاك.
خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضى كانت الدولة تهتم بأن تكون للمصانع أندية يمارس فيها العاملون جميع أنشطتهم وهواياتهم المختلفة، حتى جاء عام 1960 الذى شهد دخول التليفزيون إلى مصر، وكان محدودًا للغاية فى مدينة كفر الدوار من حيث الذين يمتلكون هذا الجهاز، وكان عمر حسن شحاتة وقتها لم يتجاوز ال 13 عامًا، ومن كثرة شغفه بكرة القدم كان يذهب عند أحد جيرانه ممن يوجد عندهم جهاز تليفزيون «أبيض وأسود» لكى يشاهد مباريات كرة القدم لقطبى الكرة المصرية الأهلى والزمالك، حتى يتطلع على المهارات العالية للاعبى الفريقين.
يقول حسن شحاتة عن تلك الفترة: «كنت أنتظر بفارغ الصبر موعد المباريات التى تجمع الناديين، وبدأت فى تشجيع نادى الزمالك بعدما أعجبت بنجومه الكبار أمثال الكابتن حمادة إمام، صاحب المهارات الفنية العالية، وقد أعجبت بذكائه الشديد فى التعامل مع الكرة داخل الملعب، والطريقة التى يراوغ بها لاعبى خط دفاع الفرق المنافسة، والأماكن التى يقف ويتمركز بها فى الملعب، وكنت معجبًا أيضًا بالكابتن طه بصرى، صاحب الرؤية الفنية الجيدة والقيادية داخل أرجاء الملعب، بالإضافة إلى إعجابى بالكابتن عمر النور الملقب «بالفهد الأسود»، والكابتن يكن حسين، ومن الأمور التى أدت إلى ازدياد تشجيعى وحبى للزمالك صوت المرحوم الكابتن محمد لطيف أثناء تعليقه على مباريات الزمالك، وكنت دائمًا فى اشتياق لسماع صوته وهو يعلق ويردد مقولاته الشهيرة، وبسبب زملكاويته قررت أن أشجع القلعة البيضاء».
ويضيف المعلم: «ظللت أحلم باليوم الذى سوف ارتدى فيه الفانلة البيضاء، وكنت ألعب مع فريق غزل كفر الدوار ومع منتخب بحرى فى حين واحد، والتحقت بمدرسة صلاح سالم الثانوية التجارية، وذات مرة كنت أشارك بصفة أساسية مع منتخب بحرى شاهدنى عن طريق الصدفة البحتة الكابتن محمد حسن حلمى «زامورا» رئيس نادى الزمالك آنذاك فى إحدى المباريات الودية، وطلب منى ضرورة الحضور إلى القاهرة للانضمام لناشئ الزمالك فى صيف عام 1966، وكان عمرى لم يصل إلى سن 19 عامًا».
ويكمل شحاتة: «بالفعل، دون تفكير ركبت القطار فى الفجر من محطة كفر الدوار متجهًا إلى القاهرة لإجراء الاختبارت فى نادى الزمالك، وهذا اليوم بالذات محفور فى ذاكرتى، ولن أنساه فى تاريخى الكروى، وأتذكره كأنه حدث ليلة أمس عندما كنت على أبواب النادى حاملاً فى يدى حقيبة ملابس صغيرة لا يتجاوز ثمنها حاجز الخمسين قرشًا، ورفض أفراد الأمن أن أدخل من الباب رغم أننى أقسمت لهم أن الكابتن حلمى زامورا طلب منى الحضور من بلدتى لمقابلته لكى ألعب مع قطاع الناشئين بالنادى، إلا أن التعليمات كانت صارمة بمنع دخول الغرباء داخل النادى، فشعرت بالإحراج الشديد وقررت الجلوس بجوار الباب أفكر ماذا أفعل، هل سأعود أم أنتظر الكابتن حلمى زامورا على الباب حتى يأتى سواء فى هذا اليوم أو الغد أو حتى بعد أسبوع».
ويتابع: «لكن الفرج جاء من باب واسع حيث وجدت الكابتن حمادة الشرقاوى يقترب منى، وسألنى عن سبب جلوسى وحيدًا على الأرض بجوار الباب، فحكيت له الموقف المحرج الذى تعرضت له، وعلى الفور وجدته يشدنى من يدى ويدخلنى إلى غرفة خلع الملابس ويطلب منى ضرورة ارتداء ملابسى الرياضية لكى أنزل إلى أرض الملعب ليشاهدنى القائمون على إدارة شؤون الكرة داخل نادى الزمالك، وبالفعل نجحت فى أن أشارك فى أول تقسيمة بنفس اليوم، وكأن الحظ ابتسم لى أخيرًا، وأعجب بى الكابتن حلمى زامورا ومعه عدد كبير من نجوم النادى الكبار، خصوصًا أنها المرة الأولى التى أنزل فيها إلى استاد ميت عقبة، وجدتنى ألعب بجوار الشخص الذى كنت أحلم بأن أراه فى يوم من الأيام وأتصور معه فقط، وهو الكابتن حمادة إمام، ونجحت خلال تلك التقسيمة فى تسجيل ثلاثة أهداف من الأهداف الأربعة التى أحرزها فريقى، وقدمت أول أوراق اعتمادى إلى مسؤولى الزمالك بعدما وقف الكابتن حمادة يصفق لى بحرارة شديدة مع الهدف الثالث الذى أحرزته، ومنذ هذا التوقيت وأنا موجود داخل القلعة البيضاء، وبالتحديد منذ وقعت عقد الانضمام لصفوف الزمالك فى عام 1966».
حسن شحاتة «طباخ» و"عسكرى" فى الكويت
«المعلم» حسن شحاتة له مكانة لدى جماهير الكرة المصرية والعربية، وهى مكانة احتلها بعد رحلة طويلة فى الملاعب منذ أن كان لاعبًا ناشئًا فى صفوف نادى الزمالك، وعماد فريقه الأول، ومهندس أدائه، وقضائه فترة من أجمل فترات حياته بالكويت، حتى وصوله لأعلى مراتب النجومية، واعتلائه قمة التدريب فى مصر.
فور انضمام شحاتة لنادى الزمالك لعب فى صفوف الفريق الأول ليجد نفسه، وهو الناشئ، يقف وسط جيل الكبار وينجح فى إثبات نفسه ومكانته، مما يؤهله للسفر للكويت، والتعاقد مع نادى كاظمة، ويستمر فيه ست سنوات، ولعب خلالها لمنتخب الكويت الوطنى، وكانت أسعد أيام حياته، وحسبما يقول نقطة تحول فى تاريخى.
وفى هذه الحلقة نتحدث عن فترة وجود حسن شحاتة بالكويت، وخوضه مباريات مهمة فى حياته، وحصوله على لقب أفضل لاعب فى قارة آسيا.
مع قرار إيقاف نشاط الكرة فى مصر لظروف نكسة يونيو 1967، والحزن والشعور بالمرارة يخيم على الجميع، وكادوا يغرقون فى طوفان اليأس، إلا أن روح التحدى بداخل حسن شحاتة جعلته أمل خير فى المستقبل الذى سرعان ما دق نوره أبوابه، وقد تمثل ذلك فى حضور وفد كويتى من أعضاء مجلس إدارة نادى كاظمة، مكون من فيصل السعدون وعبدالله الشيخ، ليطلبا من محمد حسن زامورا، رئيس نادى الزمالك، التعاقد معه على سبيل الإعارة، بناء على رغبة رئيس النادى فى هذه الفترة يوسف عبدالله شاهين، الذى كان له دور كبير فى إتمام التعاقد مع مسؤولى الزمالك.
«زمورا» وافق على العرض الكويتى، وسمح للمعلم بالسفر إلى نادى كاظمة، حفاظًا على مستقبله ماديًا، بجانب ضرورة الحفاظ على مستواه الفنى والبدنى، فى حالة استمرار إيقاف نشاط الكرة إلى أجل غير مسمى، ونصحه حينذاك بعدم التهاون مع الكرة، قائلاً له: «إن أقدمت على خيانتك لمبادئك الكروية فقد هجرتك الموهبة إلى الأبد».. ويقول حسن شحاتة: «وضعت هذه المقولة القيمة فى تفكيرى دائمًا، فواظبت على التمارين والاجتهاد فى الملعب، والإخلاص للكرة حتى شهد الجميع بجدارتى، وحصلت على الثقة التامة من جانب المسؤولين فى نادى كاظمة، خاصة عبدالله الشيخ والسعدون ورئيس النادى الذين ذللوا أمامى جميع المشاكل والعقبات وأحاطونى برعاية تامة، فمنذ وصولى للكويت أقمت فى حى السالمية ذلك الحى الهادئ الذى ارتبطت فيه بصداقات جميلة سواء مع جيرانى أو أصدقائى من اللاعبين».
ويضيف المعلم: «فى بداية وجودى بالكويت كنت أدير شؤون حياتى وحدى، فقد كنت أقوم بأعمال الطبخ والغسيل وكى الملابس وجميع الأعمال المنزلية بيدى حتى أصبحت طباخًا ماهرًا، وكنت أقوم بعزومة أصدقائى اللاعبين من كاظمة كثيرًا وأعجبوا بطعامى، وذات مرة حدث أن زارنى اللاعب حسين محمد، نجم المنتخب الكويتى وقتها، وكنت فى ذاك اليوم على عجلة من أمرى، ولم أعد بعد طعام الغداء، وفوجئت به يطلب منى تناول الغداء معى، ولم أستطع رفض طلبه، وقمت بإعداد طبقين مكرونة بسرعة فجاءت «معجنة»، فقال لى حسين محمد كنت تخدعنا طوال الفترة الماضية، وتجلب أحدًا يقوم بالطبخ بدلاً منك فى غيابنا، ولم يقتنع أننى الذى أقوم بذلك، حتى قمت بإعداد الغداء له فى يوم آخر أمامه».
ويتابع حسن شحاتة: العلاقة مع لاعبى نادى كاظمة ترسخت أكثر داخل الملعب، فقد نجحت فى أن يكون لى دور إيجابى مع زملائى بالفريق، وفى تلك الفترة ذاع صيتى فى الكويت، لاسيما بعدما تحقق الإنجاز الكبير مع نادى كاظمة العريق، والذى أعتبره بمثابة نقطة التحول فى تاريخى، حيث إن الإنجاز جاء بالصعود من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الثانية ثم إلى دورى الدرجة الأولى فى ثلاثة مواسم متتالية مما يعد إنجازًا بجميع المقاييس، وبدأت الأسئلة تثار حول ذلك اللاعب المصرى الذى يقود فريق كاظمة نحو تحقيق الانتصارات، مما أدى إلى سعى المسؤولين فى نادى العربى الكويتى للاستعانه بى، خاصة أننى وقتها كان مقبلاً على الأدوار النهائية فى نهائيات رابطة دورى أبطال آسيا، وبالفعل تم الاتفاق مع مسؤولى كاظمة على أن أشترك مع العربى خلال هذه البطولة، وحصلت خلالها على لقب أفضل لاعب، وكان هذا اللقب الأول فى حياتى، وكنت وقتها صغير السن لم أتجاوز حاجز ال23 عامًا، وخبرتى فى الحياة والتعامل ضعيفة للغاية، وبسبب تألقى وأهدافى أصبحت بين يوم وليلة حديث الجميع فى الكويت.
ويكمل شحاتة: «إبان ذلك حدث أن منتخب الكويت العسكرى كان يستعد لخوض مباريات نهائيات كأس العالم العسكرى، وتحدث معى المسؤولون فى نادى كاظمة عن إمكانية مشاركتى فأبديت ترحيبًا، وقالوا إنهم سيحققون المسألة، وعادوا بعد ذلك وعرضوا علىّ التجنيد فى القوات المسلحة الكويتية حتى يتسنى لى المشاركة مع المنتخب، فوافقت على الفور، وقلت لهم إننى أشعر أننى هنا فى خدمة بلادى، وبالفعل تم تجنيدى بالقوات المسلحة فى الكويت حتى أستطيع المشاركة مع منتخب الكويت العسكرى فى مباريات نهائيات كأس العالم العسكرية التى أقيمت فى بانكوك عاصمة تايلاند، ولم أشعر بالحزن أبدًا لأننى أرتدى فانلة منتخب الكويت، بالعكس كنت سعيدًا جدًا بأننى ألعب باسم دولة عربية شقيقة أعتبرها كما قلت بلدى الثانى، وبعد انتهاء بطولة بانكوك حدث أن تلقيت دعوة من القاهرة للمشاركة مع المنتخب الوطنى المصرى أمام منتخب ليبيا فى أول مباراة دولية لى مع منتخب بلادى، وطلبت من المسؤولين بكاظمة السماح لى باللعب فى القاهرة فلم يتأخروا، ووافقوا على الفور، وبالفعل حضرت خصيصًا من الكويت إلى القاهرة ولعبت المباراة كاملة، ونجحت فى أن أصنع الهدف الوحيد فى المباراة، والذى أحرزه نجم نادى المحلة هانى خليل، وذلك فى عام 1969، وعدت بعد ذلك للكويت وكان قد تقرر ضمى لصفوف منتخب الكويت الوطنى فى عام 1969، وبصراحة شديدة لعبت لمدة ست سنوات فى الدورى الكويتى، ولم أشعر بالغربة، وأحسست بأننى أجلس بين أفراد أسرتى ومرت السنوات الست فى لمح البصر.
لماذا مزق حسن شحاتة «فانلة الزمالك» واعتزل اللعب 3 مرات؟
شجاعة «المعلم» حسن شحاتة لاعب الزمالك والمنتخب الوطنى الأسبق، وجرأته تعود لإصراره الدائم على الحلم ومحاولات تحقيقه تحت وطأة أى ظروف‪¡ وهكذا منذ أن كان لاعباً فكم من العقبات والمشاكل التى واجهته، لكن واجهها بمرونته فى تمرير الأفكار التى اكتسبها من نجاحه فى تمريراته بالكرة وذكائه فى صنع الفرص واستغلالها جيداً حتى حصد النجومية لاعباً ومدرباً.
حسن شحاتة بعد عودته من الكويت إلى القاهرة شارك فى العديد من المباريات المحلية والدولية باسم المنتخب الوطنى ونادى الزمالك، وأحرز العديد من الأهداف التى تمثل له ذكرى غالية، وحصل على العديد من الجوائز والألقاب، وعاصر طوال فترة وجوده بالزمالك ثلاثة أجيال من العمالقة الذين صنعوا تاريخ «البيت الأبيض» ما بين جيل الكبار حمادة إمام، ونبيل نصير، وعمر النور، وسمير محمد على، وجيل الوسط حلمى طولان وفاروق جعفر وعادل المأمور وأحمد رفعت ثم الجيل الأخير الذى لعب فيه نصر إبراهيم وسعيد الجدى، علماً بأنه لم يلعب مع نجوم الزمالك الكبار إلا لمدة موسم واحد فقط فى عام 1966، وفى هذه الحلقة نتحدث عن أبرز حكاوى «المعلم» داخل القلعة البيضاء.
حول تلك الفترة يقول حسن شحاتة: «بعد حرب أكتوبر عام 1973 اتخذت قراراً نهائياً بالاستقرار فى القاهرة، ورفضت جميع العروض الخارجية التى تلقيتها للعودة مجدداً لخوض تجربة الاحتراف، حتى تمت إقامة مباريات بطولة كأس الأمم الإفريقية فى القاهرة عام 1974 وذلك احتفالاً من جانب الاتحاد الأفريقى لكرة القدم «الكاف» بنجاح الشعب المصرى فى تحرير أرض سيناء من العدو الإسرائيلى ورغم فشلنا فى الفوز بكأس البطولة¡ فإننى حصلت على كأس أفضل لاعب فى البطولة ليكون هذا اللقب الأول فى حياتى بفانلة منتخب بلادى¡ بعدها حصلت فى عام 1976 على لقب أفضل لاعب فى مصر¡ كما كرمنى الرئيس الراحل محمد أنور السادات بإعطائى وسام الرياضة من الطبقة الأولى عام 1980».
من أبرز حكاوى حسن شحاتة، هى المباراة التى من الصعب أن ينساها، وكانت بين ناديى الزمالك وإسكو فى موسم 1976 / 1977 بالدور قبل النهائى لبطولة كأس مصر، حيث كان يجلس على دكة البدلاء بجوار الجهاز الفنى والنتيجة التعادل السلبى بين الفريقين، وفوجئ بالجماهير تنادى عليه من المدرجات «حسن شحاتة يا معلم.. خلى الشبكة تتكلم» وطالبته بضرورة أن يفك طلاسم دفاع إسكو الصلب، وبالفعل بدأ فى إجراء عملية الإحماء وجماهير الزمالك تطالب الجهاز الفنى بسرعة نزوله حتى كانت الدقائق الخمس الأخيرة من المباراة وبدأ الجميع يعتقد أن الزمالك سوف يودع مسابقة الكأس من الدور قبل النهائى، لكن المعلم كان له رأى آخر بعد هجومه على حارس إسكو وخطف منه الكرة ويحرز الهدف الذى صعد بالزمالك إلى الدور النهائى¡ وقام بعدها بتمزيق الفانلة التى كان يرتديها لظروف الحالة العصبية التى كان عليها لاسيما أن الفريق على أبواب الخروج من البطولة.
«العصبية الزائدة».. كانت مسيطرة على المعلم خلال مشوار الكروى، حتى إنه اتخذ قرار اعتزال كرة القدم ثلاث مرات فى حياته.. المرة الأولى، عندما فشل المنتخب الوطنى فى الوصول إلى نهائيات كأس العالم التى أقيمت عام 1978 ولعب أمام منتخب تونس وخسر المنتخب خارج أرضنا بأربعة أهداف، وكان المنتخب يضم نجوماً أفذاذاً أمثال فاروق جعفر، ومحمود الخطيب، وإكرامى، وبدأت أعصابه فى الانفلات بعد ضياع حلم حياته فى الذهاب إلى نهائيات كأس العالم حتى جاء قرار اتحاد كرة القدم بإيقافه لمدة عام لظروف الكارت الأحمر الذى حصل عليه فى مباراة الزمالك أمام النادى الإسماعيلى ووقتها قرر اعتزال اللعب فى مصر ورحل إلى الدورى الإماراتى، وانضم إلى نادى الشرطة بطل الإمارات¡ وسرعان ما تراجع مسؤولو اتحاد الكرة فى قرارهم أمام الضغوط التى قام بها الراحل المهندس محمد حسن حلمى «زامورا» ورغبة الجماهير الزملكاوية، وكانت تلك العودة سرية ولم يعرف بها سوى القليلين، وفوجئ الجميع وخصوصاً جماهير نادى الزمالك بوجوده فى تشكيل الزمالك أمام نادى الترسانة فى المباراة التى أقيمت على ملعب نادى المقاولون العرب، وفاز الزمالك برباعية نظيفة نجح فى إحراز ثلاثة أهداف منها وصنع الهدف الرابع لمحمد سعيد.
المرة الثانية التى أعلن فيها شحاتة اعتزاله بشكل نهائى كانت فى عام 1980، بعد أن وصل عمره ل34 عاماً، ووجد أنه من الصعب أن يقود الزمالك نحو أى انتصارات جديدة وأصبح من الضرورى أن يعطى الفرصة لمجموعة اللاعبين صغار السن وسافر إلى الإمارات لتدريب فريق 20 سنة بنادى الوصل الإماراتى، وأجرى معه الكابتن حلمى زامورا اتصالاً هاتفياً من الإمارات، وقال له، إن إدارة النادى ترغب فى إقامة مهرجان تكريم خاص يليق به وعندما عاد إلى القاهرة وجد أنه ضحك عليه وأجبره على العودة إلى نادى الزمالك ليشارك فى آخر ثلاثة مواسم، ليقرر الاعتزال عندما أصبح عمره 37 عاماً فى موسم 1982/1983، وكانت هذه المرة الثالثة التى يعلن فيها اعتزاله، لكن هذه المرة لم يتراجع فى قراره، وبعدها سلك طريقا آخر مع عالم الساحرة المستديرة كمدرب.
«الزعيم» عادل إمام والممثل العالمى ستيفين سيجال نجماه المفضلان
خلال فترة ست سنوات قضاها «المعلم» حسن شحاتة فى الكويت بعد نكسة 1967، والتى شارك خلالها مع أندية كاظمة والعربى والمنتخب العسكرى الكويتى الذى لعب معه فى مباريات نهائيات كأس العالم العسكرية التى أقيمت فى بانكوك عاصمة تايلاند، كان المعلم ليس مقاطعاً للقاهرة بالمرة فكان يعود إليها لفترات سواء للمشاركة مع المنتخب تارة أو نادى الزمالك تارة أخرى، وقد تخلل هذه الفترة أن تقرر استئناف نشاط الكرة فى مصر عام 1971 فقرر العودة للزمالك، ويقول المعلم: «بالفعل عدة لمدة شهر واحد بسبب أحداث مباراة الأهلى والزمالك وحالة الشغب الجماهيرى التى تسبب فيها مروان كنفانى حارس مرمى النادى الأهلى وتلك الواقعة أتذكرها تماماً حيث أن حكم المباراة احتسب ضربة جزاء صحيحة لصالح الزمالك بعدما تعمد مروان كنفانى وهو فلسطينى الجنسية التعدى بالضرب على «خليل» مهاجم الزمالك من وراء ظهر الحكم الذى رآه وقرر إنذاره وتصدى فاروق جعفر لضربة الجزاء وأحرز منها هدف المباراة الوحيد الذى بسببه اعترض مروان على عدم صحة ضربة الجزاء وقام بقذف الكرة إلى المدرجات لتكون شرارة الشغب الجماهيرى الأولى، وبعدها مباشرة عدت إلى الكويت مرة أخرى لأشارك فى مباريات الدورى الكويتى، ومن ثم العودة إلى مصر نهائياً بعد حرب 1973».
المعلم يبحث عن شقيقه فى أفلام الحرب.
بعيداً عن حكاوى حسن شحاتة وذكرياته داخل المستطيل الأخضر، مرت عليه العديد من الحكايات التى يتذكرها أيضاً، فهو يعتبر 1967، عام الحزن فى حياته، ليس فقط بسبب النكسة، لكن لأنه فقد شقيقه إبراهيم فى الحرب، ويقول المعلم: «شقيقى إبراهيم كان يلعب ضمن صفوف النادى الأهلى فى قطاع الناشئين ولم يتم تصعيده إلى صفوف الفريق الأول لظروف تأديته للخدمة العسكرية حتى اندلعت الحرب، وكان يفوقنى فى المهارة الفنية والبدنية وكنت بالنسبة له مجرد «عيل صغير» فى كرة القدم، وإذا قدر له «الله سبحانه وتعالى» الحياة واستمراره فى مجال الكرة لكان له شأن كبير فى كرة القدم المصرية وعندما كنا ندخل فى تحدٍ حول المهارة، خصوصاً فى الترقيص والتنطيق كان يكسب الرهان».
ويضيف حسن شحاتة: «شقيقى إبراهيم الذى يكبرنى بعام واحد كان مجنداً ضمن قوات الجيش المصرى فى سيناء واختفى فجأة من الوجود تماماً وفشل رجال القوات المسلحة أن يخبرونا هل ما زال حياً أو ميتاً أو أسيرا عند العدو الإسرائيلى، ورغم أن زملاءه فى سيناء أثناء الحرب جاءوا إلى منزلنا فى كفر الدوار وأخبرونا أنهم شاهدوه فى المعركة فى سيناء وعدم عودته تدل أنه مفقود مع جميع المفقودين وغير المعروف مكانهم حتى وقتنا هذا».
ويستطرد المعلم كلامه: «بسبب واقعة شقيقى إبراهيم أصبحت أعشق بشدة مشاهدة أفلام الحرب ربما كنت أبحث عنه فى تلك الأفلام، كما أحببت أفلام الحركة التى تعتمد على الأكشن، واعتبر نجمى المفضل فى السينما العالمية ستيفين سيجال، بجانب حبى للأفلام الكوميدية وعشقى للزعيم عادل إمام».
ولعل من أبرز ذكريات المعلم من وجهة نظره تخص ابنيه كريم وإسلام فيقول نجم المنتخب الوطنى والزمالك الأسبق: «أنا رجل أعشق النظام بشدة وأكره العشوائية وهو الأساس الذى أسير به فى حياتى وسوف أسرد قصة طريفة مفادها أننى أعرف مكان كل شىء فى منزلى وأشعر بأى تغيير قد يطرأ عليه حتى لو تحركت من مكانها ففى ذات يوم كان كريم وإسلام يلعبان الكرة فوق السرير، وانكسر أحد ألواحه الخشبية بسبب القفزات العنيفة لذلك سارع الاثنان باستقدام أحد النجارين إلى البيت لإصلاح السرير قبل أن أعود إلى المنزل، لكن ما حدث أن النجار قام بتحريك السرير من مكانه قليلاً، وعندما عدت إلى المنزل لاحظت العلامة التى تركها وتحرك السرير بعض السنتيمترات على الأرض فناديت على كريم وإسلام وتحت الضغط اعترفا بكل التفاصيل».
أما اليوم الأصعب فى حياتى الذى لا أستطيع أن أنساه عندما كان كريم يجرى فى المنزل فتعثر فى السجادة ووقع على الأرض وسقط عليه أحد الألواح الزجاجية وتعرض لإصابة خطيرة فى يده استلزمت إجراء 31 غرزة ليكون هذا اليوم الأسوأ فى حياتى».
مثلى الأعلى فى حياتى سيدنا عمر بن الخطاب وأطبق سياسته المعروف ب«عدالة عمر» هذا ما يقوله المعلم فى الكثير من حواراته الصحفية، ويتذكر: «عندما كنت مدربا لفريق الشرقية للدخان وكريم كان من ضمن اللاعبين وظن أن التدريب انتهى بسبب الصافرة التى أطلقتها وقرر أن يمدد جسده على النجيلة ليرتاح قليلاً من عناء التدريب ولكنى ضربته بالحذاء وطردته من المران ليكون عبرة لباقى زملائه من اللاعبين فى الفريق».
الطاولة.. عشق لا ينتهى
من أبرز حكاوى المعلم أيضاً، هو عشقه للعب «الطاولة»، فهى أصبحت تلازمه منذ اعتزاله الكرة منتصف الثماينيات، ويحكى حسن شحاتة عن عشقه للطاولة: «دوماً ألتقى أصدقائى لكى العب معهم الطاولة أستغرق فيها بكل جوارحى وأرفض تماماً مبدأ الهزيمة.. حتى عندما أصبحت مديراً فنياً لمنتخب مصر الوطنى الأول فى عام 2006، وقررت أيضاً أصطحب الطاولة الخاصة بى فى المعسكرات، وأدخل فى مباريات شرسة مع حمادة صدقى المدرب المساعد وحسنين حمزة المدلك بالمنتخب، والحالة الوحيدة التى أنشغل فيها عن لعبها هى قبل أى مباراة ب24 ساعة فقط، حيث يكون تركيزه منصب فى المباراة».
محمود الخطيب.. من دورى المدارس إلى الأهلى
محمود الخطيب «بيبو»، نجم المنتخب الوطنى والنادى الأهلى الأسبق، استحق لقب الأسطورة، وسيظل علامة بارزة فى تاريخ الكرة المصرية والعربية والأفريقية، نظرًا لموهبته الفذة، وحسن أخلاقه المشهود له من الجميع، وإنجازاته مع المنتخب والنادى على مدى تاريخه.
«بيبو» ابن قرية «قرقيرة» التابعة لمركز أجا، السنبلاوين، محافظة الدقهلية، لكن والده انتقل إلى القاهرة مع زوجته ليسكنا فى منطقة عين شمس، حيث إنه ترك بلدته لظروف عمله بوزارة الأوقاف، وأسرته مكونة من 12 أخًا وأختًا، ووالد والدة، والذين يعتبرهم «صناع البسمة» فى حياته منذ الصغر، حتى كوّن أسرته الصغيرة مع زوجته وبناته، وقضى سنوات الصبا والشباب فى قاهرة المعز.. و«دولاب» أسرار الخطيب ملىء بالحكاوى والذكريات، وفى حلقة اليوم نحكى عن بداياته، ومن ساعده خلال بداياته فى مشواره الكروى، وكيف وصل حتى أصبح لاعبًا بالنادى الأهلى.
وضح عشق الخطيب لكرة القدم فى عمر مبكر خلال لعبه فى دورى المدارس، وكان ساعتها هذا الدورى كشافًا للمواهب المميزة التى تتهافت عليها الأندية، وكان فريق الخطيب وقتها مكونًا من 6 لاعبين وحصلوا على لقب بطولة مصر الجديدة، وشاهدهم مدرب نادى النصر القاهرى فطلب من إدارة ناديه ضم هؤلاء اللاعبين الستة، وهو ما تم بالفعل، وانضم بيبو إلى ناشئى نادى النصر الذى شهد تألقه كلاعب صغير، وجذب الأنظار إليه خلال مباراة أمام النادى الأهلى، عشقه الأول والأخير، والتى انتهت بالتعادل 2-2، وأحرز الخطيب هدفى ناديه، وعقب اللقاء أعلن مسؤولو القلعة الحمراء رغبتهم فى ضمه إلى الناشئين، لكن إدارة الأهلى هى التى طلبت تأجيل الخطوة لحين التأكد من مستواه النهائى، حتى جاء موعد مواجهة أخرى بين الأهلى والنصر، وهذه المرة كانت على ملعب مختار التتش بالجزيرة، وانتهت بفوز الفريق الأحمر 5-2، وأحرز هدفى الفريق الضيف الخطيب أيضًا، وكان فتحى نصير الذى تولى تدريبه فى المدرسة الرياضية قد لعب دورًا كبيرًا فى تحقيق حلم الخطيب باللعب للأهلى، حيث زاره فى منزله ليصطحبه للنادى، ورغم رفض إدارة نادى النصر الاستغناء عنه فى بادئ الأمر، فإنها رضخت فى النهاية ليتم بعدها الانتهاء من إجراءات انتقاله ل«البيت الأحمر» رسميًا عام 1971، وهو فى سن السادسة عشرة بعد صراع من النادى الإسماعيلى الذى كان يرغب مسؤولوه فى التعاقد معه أيضًا، لتكون هذه أول خطوة على طريق تحقيق الحلم.
ومن عجائب القدر أن تكون أول مباراة يخوضها بيبو بالقميص الأحمر ضد فريقه السابق النصر، وفاز الأهلى بأربع أهداف نظيفة جاءت كلها بقدمه، وصار اسم الخطيب على كل لسان عندما شارك مع الأهلى فى الفوز على شباب نادى الزمالك 1‪/7، وسجل هو وحده ثلاثة أهداف، وتوج بنهاية الموسم بلقب هداف دورى الناشئين، وكان لهذا الأداء الرائع أثره على مدرب الفريق الأول، حيث طلب انضمام بيبو على الفور إلى صفوف فريقه ليشارك فى مسابقة الدورى المصرى الممتاز مع الأهلى موسم 1972 - 1973، وجاءت أول لقاءاته الرسمية أمام نادى البلاستيك فى 15 أكتوبر عام 1972 وفى نفس المباراة سجل أول أهدافه على الإطلاق فى الدورى الممتاز.
وحول تلك الفترة يقول محمود الخطيب خلال حوار نشرته الزميلة «المصرى اليوم» منذ أكثر من 4 سنوات: «منذ صغرى وأنا عاشق الأهلى، وكنت أتمنى الانضمام إليه، حتى أننى أذكر وأنا صغير كنت ألعب الكرة باستمرار فى الحلمية وعين شمس، وكنت فى يوم هزيمة الأهلى لأى مباراة أنزل إلى الشارع وأقوم بتقسيم فرقتين وأسمى فرقتى النادى الأهلى والأخرى على نفس اسم الفريق الذى فاز عليه فى المباراة، وأكسب وأعود للمنزل سعيدًا، لأننى بهذا أعدت للأهلى الثلاث نقاط التى خسرها».
ويضيف الخطيب: «من الوقائع التى لن أنساها أيضًا حينما هربت من المدرسة ذات مرة بسبب النادى الأهلى، حيث كان لديه لقاء مع نادى الترسانة وخسر وقتها بأربعة أهداف، وكنت يومها فى رحلة مدرسية لأحد المتاحف، وأثناء العودة هربت من الأتوبيس حتى لا أعود لمنزلى، والسبب أن أحد جيرانى من الأصدقاء كان «زملكاوى»، وخشيت أن يعايرنى بهذه الهزيمة، وبقيت فى الشارع وحدى حتى الحادية عشرة مساء حتى أطمئن أن صديق الزملكاوى قد نام».
ويقول الخطيب أيضًا فى حوار سابق مع الإعلامى أحمد شوبير خلال برنامج «الكورة اليوم» الذى كان يقدمه على قناة «مودرن كورة»: «والدى لم يتخيل أبدًا أن أصبح لاعبًا مشهورًا، حيث كان يقول لى دائمًا أثناء لعبى بنادى النصر حرفيًا «يامحمود أهم حاجة دراستك.. الكرة مش هاتنفعك، لأنها هواية ورياضة جيدة ولكن الأهم الشهادة»، وكانت نصائحه اليومية لى فى نادى النصر بالمذاكرة، وعندما انتقلت للأهلى حينها أيقن أننى على الطريق الصحيح، لكنه تحدث معى بنفس النبرة السابقة، وطلب منى أيضًا التركيز فى دراستى».
ويتابع: «لن أنسى دور والدى فى تحقيق حلمى بطيبته الكبيرة التى أرساها لى ولإخوتى، وأذكر موقفًا حينما كنت فى فريق المدرسة بالمرحلة الابتدائية وقام أحد اللاعبين المنافسين بسبى ولم أرد عليه، لكننى حزنت بشدة وحكيت لوالدى الواقعة، فكان رده بأن أتعامل مع الناس بأخلاقى وسلوكى الذى تربيت عليه حتى أصبح هذا الأمر مبدأ فى الحياة».
ويكشف الخطيب عن أسباب لقب «بيبو» الذى يلازمه منذ كان لاعبًا حتى وقتنا هذا، فيقول: «فى المدرسة الثانوية كان ابن مدرب النادى الإسماعيلى الأسبق عصام الصبان متواجدًا معنا، وكان الجميع ينادينى يا خطيب، فقال لى عصام إن الاسم ثقيل جداً، ونادانى ب «يا بيب» وبعد انتقالى للنادى الأهلى كان هناك اللاعب الشهير «زيزو» فلقبونى ب«بيبو»، وكان أول مدرب لعبت تحت قيادته بالأهلى هو الكابتن مصطفى حسين كمدرب، والكابتن فتحى حسين مساعد مدرب بملعب مختار التتش.
«بيبو» يرتدى رقم «10» عشقاً فى الأسطورة البرازيلية.. ويبدأ مسيرته مع الأهلى كمدافع
إذا ذكرت رقم «10» فى عالم «الساحرة المستديرة»، فبكل تأكيد ستتذكر «الأسطورة» محمود الخطيب نجم المنتخب والأهلى الأسبق، لاسيما أنه أعطى مذاقاً خاصاً لهذا الرقم بمهارته الفائقة وإنجازاته، وهو ما تلمسه من صراع الأجيال التى جاءت فى كرة القدم وشغفهم الدائم لاقتناص هذا الرقم فى أى نادٍ يلعبون به.
عشق «بيبو» للأهلى ليس له مثيل، وهو ما ظهر منذ أول يوم انضم فيه إلى «القلعة الحمراء»، وحرصه الدائم على الانضباط فى التدريبات والمباريات والالتزام بتعليمات مدربيه، وله تاريخ حافل من الحكايات والإنجازات، ونتحدث فى حلقة اليوم عن أسرار ارتدائه للرقم «10»، وكواليس أيامه الأولى داخل النادى الأهلى.
«الخطيب» بعد انضمامه للأهلى أصر على ارتداء القميص رقم «10» الذى كان يرتديه منذ كان لاعباً بنادى النصر وفى دورى المدارس، ولهذه الحكاية سر، فهو ترتيبه العاشر بين أشقائه قبل مجيئه إلى الدنيا سبقه إلى الوجود تسعة من الأخوة والأخوات هم نهدا وندرة ونجوان وإخلاص وفادية وهيام ووحيد وأحمد وماجدة إنه العاشر بين إخوته، كما أنه من مواليد شهر 10 عام 1954، وأعجب بيبو جدا بالأسطورة البرازيلية «بيليه» والنجم الأرجنتينى «دى ستيفانو» لدرجة أنه كان يقوم بتوفير جزء من مصروفه ليشترى تذكرة فى سينما الأوبرا التى كانت تعرض لقطات لأهدافهما فى الفواصل «العشر دقائق بين الأفلام»، ولا يشاهد الأفلام التى شاهدها من قبل، ومن المعروف أن نجم السامبا الأسبق كان يرتدى الرقم «10» أيضاً، ومن هنا جاء عشقه للرقم 10.
ويحكى «الخطيب» تفاصيل تلك القصة فى حوراته دائماً قائلاً: «عشقى للرقم 10 بلا حدود.. وأتذكر أننى كنت آخذ من والدى» «3 تعريفة»، فأذهب للمدرسة ولا أقوم بشراء أى شىء وأحتفظ بالمصروف لآخر الأسبوع حتى يصل المبلغ إلى «5 صاغ» فأستيقظ يوم الجمعة لأستقل الأتوبيس من تحت منزلنا إلى العتبة لكى أدخل سينما الأوبرا التى كانت تعرض بين الفيلمين خمس عشرة دقيقة لبيليه، فكنت أضبط موعد وصولى للسينما قبل انتهاء الفيلم الأول بدقائق لأشاهد بيليه يقوم بحركاته المهارية واستمررت لمدة شهر أقوم بهذه الزيارة رغم أن الخمس عشرة دقيقة التى يعرض فيها بيليه لا تتغير حتى أننى حفظت كل حركة يقوم بها رقم عشرة فى البرازيل بيليه، وهذه هى قصة تمسكى برقم عشرة.
اللعب فى فريق 18 سنة بالأهلى كانت أولى خطوات الخطيب بعد أن انضم ل«الكتيبة الحمراء» قادماً من نادى النصر القاهرى مقابل 1000 جنيه، ونال «بيبو» إعجاب مدربه «مصطفى حسين» فى هذه الحقبة، نظراً لمهارته وأخلاقه العالية التى زرعها والده بداخله منذ نعومة أظافره، فضلاً عن التزامه فى الحضور إلى مواعيد التدريبات، ومن الحكاوى الشهيرة فى بداياته خلال الفترة، التى يتذكرها «بيبو» دائماً فى حواراته عن ذكرياته، فكان هناك مباراة لناشئى الأهلى أمام نادى الزمالك «الغريم التقليدى» تحت 17 سنة 1971، وقرر وقتها المدير الفنى للفريق الأحمر الدفع بالخطيب فى المباراة منذ بدايتها، لكن ظهرت مشكلة فى حيرة المدرب حول الاستعانة باللاعب عادل يسرى أو زميله مصطفى عمر، ورغم غياب الأول عن التدريبات إلا أن مصطفى حسين استقر على الدفع به على حساب الثانى الذى حزن بشدة بسبب هذا القرار.
وفى لفتة طيبة من «بيبو» وقتها ذهب للمدرب قائلاً :«تفضل يا كابتن قميصى حتى يلعب عادل يسرى بدلا منى وليس بدلا من مصطفى عمر»، وبرر الخطيب موقفه لمدربه بسبب الحالة النفسية السيئة التى شعر بها زميله بالفريق وبكى من شدة التأثر بعد علمه بموقف «الأسطورة»، وكانت المفاجأة بتراجع المدرب عن قراره السابق وقرر الاستعانة ب«بيبو» و«عمر» من البداية، ومن الطريف أن الاثنين هما من أحرزا هدفى الفوز فى المبارة التى انتهت 2/1 للأهلى وبعد هذا الموقف صار للخطيب شأن كبير بين رفاقه رغم أنه لم يكن كابتن الناشئين إلا أنه كان القائد.
من أبرز حكاوى الخطيب الطريفة أيضاً، كانت فى بداية مشوراه مع الفريق الأول بالأهلى خلال مباراة ودية أمام المصرى البورسعيدى، ويقول: من المعروف أننى ألعب رأس حربة وهو مركزى المفضل، وكان مدرب النادى الأهلى حينذاك هو الكابتن ميمى عبدالحميد وقال لى قبل المباراة ستلعب اليوم منتصف ملعب مدافع وستقوم بمراقبة اللاعب محمد شاهين كابتن النادى المصرى حينها، واضطررت للعب بهذا المركز وبالفعل لم أهتم بأى شىء طوال المباراة سوى مراقبته وفى كرة من الكرات التى قمت بإيقافها ركضت بالكرة حتى حدود مرمى الفريق البورسعيدى لم أجد من يوقفنى حتى سددت الكرة فارتطمت بالعارضة، ولأننى كنت فى السادسة عشرة من عمرى ارتميت على أرضية الملعب ندماً على هذه الفرصة وبعد ثوان فتحت عينى لأجد شاهين منفرداً بالمرمى ويسدد فترتطم الكرة بالعارضة وأسمع صوت الكابتن ميمى يصرخ من على خط الملعب «يا بنى ارجع امسك شاهين».
15 أكتوبر 1972 كان اليوم الذى لا ينسى فى تاريخ الخطيب بعد تصعيده للفريق الأول بالأهلى بفرمان من الفريق عبد المحسن مرتجى رئيس النادى حينذاك و«المايسترو» صالح سليم عضو المجلس، ومشاركته الأولى أمام فريق البلاستيك واستطاع ابن ال18 من إحراز أول أهدافه مع الفريق لتبدأ بعدها مسيرته الحافلة نرصد منها فى الحلقة التالية.
محمود الخطيب يصالح حسن شحاتة على جماهير الأهلى
«الخطيب شاعر يكتب بقدميه وينظم بهما مع الكرة أحلى الأبيات وأمتع الأداء».. كلمات لخص فيها الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى كل الكلام الذى من الممكن أن يقال فى مهمة كروية فذة بحجم محمود الخطيب نجم المنتخب الوطنى والأهلى الأسبق، فهو يستحق كل الألقاب التى أطلقت عليه مثل «الأسطورة» و«الكوبرا» و«تاجر السعادة» وغيرها، وفى حلقة اليوم نتحدث عن أبرز محطاته مع الأهلى، وأبرز مباراة يتذكرها مع الزمالك، وعلاقته مع «المعلم» حسن شحاتة المدير الفنى لمنتخب مصر ولاعب الزمالك الأسبق.
كانت بداية الخطيب مع الفريق الأول للأهلى أكثر من رائعة، حيث نال ثقة المجرى ناندور هيديكوتى الذى تم تعيينه مديراً فنياً للفريق عام 1973، والذى كان أحد أساطير فريق المجر التاريخى فى الخمسينيات وصيف كأس العالم 1954جاء ليبنى فريقاً جديداً قادراً على استعادة أمجاد القلعة الحمراء، وبدأ فى تصعيد المواهب الناشئة وقيل عن هذا الفريق وقتها «فرقة التلامذة» كمحمود الخطيب وعبد العزيز عبدالشافى «زيزو» وماهر همام وفتحى مبروك ومصطفى عبده ومختار مختار بعد أن انضموا للكبار المتبقين فى الفريق أحمد عبدالباقى وأنور سلامة، وسطر «بيبو» خلال تلك الفترة الحافلة بالإنجازات والألقاب الشخصية المعروفة للجميع تاريخه، بحصد البطولات بلقب دورى 1974-1975 ولمواسم ثلاثة متتالية، ولم يخسر سوى لقب الدورى موسم 1977- 1978 بفارق هدف اعتبارى لمصلحة الزمالك، وله ذكريات عديدة ضد الأندية التى لعب لها، فهو لم يبخل على فريقه سواء كان معافاً أو مصاباً، فكان يلبى النداء وقت الحاجة إليه لحسم نتيجة اللقاءات الصعبة لصالح فريقه، ومن ضمن هذه المواقف، خلال مباراة نهائى كأس مصر عام 1978، وكان يجلس على دكة البدلاء بجوار المدرب المجرى هيديكوتى ودرجة حرارته مرتفعة، إلا أنه تحامل على نفسه وشارك فى اللقاء، خاصة أن الفريق مهزوم 2/1 فى الشوط الثانى، وبعد نزوله سجل هدف التعادل ثم أضاف جمال عبدالحميد وطاهر الشيخ هدفى الفوز، لتنتهى المباراة 4 /2، ويفوز الأهلى بالبطولة، وكانت هذه الأهداف والتألق الكبير الذى كان يميزه فى كل مباراة سببا فى عشق الجماهير له، وارتباطها الشديد به، ويعلق الخطيب على ذلك كثيراً ويقول: لا يمكن أبداً أن أوفى حق الجمهور على.. لأن هذه الجماهير وقفت بجانبى كثيراً وشجعتنى كثيراً.
ارتبط الخطيب بعلاقة صداقة مع «المعلم» حسن شحاتة المدير الفنى الأسبق للمنتخب الوطنى، وذلك حينما كان لاعباً فى صفوف نادى الزمالك، ولهما قصة شهيرة لعب «بيبو» فيها دوراً كبيراً فى مصالحة شحاتة على جماهير النادى الأهلى، كما ارتبط بعلاقة صداقة مع لاعبين كثيرين من خارج النادى الأهلى أبرزهم فاروق جعفر.
وحول هذه الواقعة وعلاقته ب«الخطيب» يقول المعلم: «عند عودتى للاستقرار فى القاهرة بعد 6 سنوات لعبتها فى الكويت، بدأت صداقتى الوطيدة مع الخطيب، وكان بيبو صاحب أول تهنئة لى من خارج نادى الزمالك بعد فوزى بلقب أحسن لاعب فى آسيا مع نادى العربى الكويتى.
ويضيف حسن شحاتة: «لا أنسى الموقف الإنسانى الذى قام به معى الخطيب، عندما كانت جماهير الأهلى تهاجمنى بشراسة فى المدرجات لأسباب شخصية، وفى إحدى مباريات القمة أمسك بيدى وطلب منى الدوران فى التراك المحيط بالملعب حتى يصالحنى على الجماهير الأهلاوية ومن يومها حتى وقتنا هذا توقفت الهتافات العدائية ضدى».
لقب «الكوبرا» يعتبره الخطيب من أحب الألقاب إلى قلبه، بعد لقب «بيبو»، خاصة أنه جاء نتاج طريقة لعبه داخل الملعب، وتعود حدوتة هذا اللقب، بعد أن ارتدى قميص الأهلى ولعب موسمه الأول كلاعب فى صفوف الفريق الأول، وتوالى تألقه فى المواسم التالية، ومن كثرة الأهداف التى كان يحرزها ب«الكعب» أو على الطائر ولدغاته وأهدافه القاتلة داخل الملعب، حيث كان الخطيب يحرز أهدافا من زوايا صعبة، ومن أماكن مختلفة وبلمسات مهارى، وفوجئ الخطيب بالناقد الرياضى الكبير الراحل نجيب المستكاوى يلقبه ب«الكوبرا»، ومن بعدها لازمه اللقب ليضاف إلى سجل ألقابه.
لقطات بارزة فى مسيرة الأسطورة
- لعب محمود الخطيب طوال حياته الكروية 266 مباراة، منها 199 فى الدورى، و18فى كأس مصر، و29 فى بطولة أفريقيا للأندية أبطال الدورى، و20 فى بطولة أفريقيا للأندية أبطال الكؤوس، وصل إجمالى أهداف الخطيب إلى 154 هدفا، كان منها 9 أهداف فى كأس مصر و36 فى بطولات أفريقيا والباقى فى الدورى إلى جانب 27 هدفا مع منتخب مصر ما بين مباريات رسمية وودية.
ألقاب فى مشوار الخطيب
بطولة الدوى: 10 مرات - كأس مصر: 5 مرات - كأس أفريقيا للأندية أبطال الدورى مرتين - كأس أفريقيا للأندية أبطال الكأس 3 مرات - فاز بكأس الأمم الأفريقية عام 1986 مع المنتخب الأول- شارك مع المنتخب فى دورة الألعاب الأولمبية عام 1984 بلوس أنجلوس.
الجوائز الشخصية: أحسن لاعب فى مصر 6 مرات، أعوام ( 75 / 76 / 77 / 79 / 82 / 83 ) - أحسن قلب هجوم فى أفريقيا ثلاث مرات أعوام ( 82 / 83 / 84 ) - أحسن لاعب فى أفريقيا فى استفتاء الفرانس فوتبول عام 1982 - هداف الدورى عامى 78، 81 - أحد أعضاء نادى المائة للدورى - حاصل على وسام الرياضة من الطبقة الثانية عام 1978 بعد دورة الألعاب الأفريقية بالجزائرمن الرئيس السادات - حاصل على وسام الرياضة من الطبقة الأولى من الرئيس مبارك عام 1982.
بعد فوز الأهلى بأول بطولة أفريقية - أختير عضوا فى مجموعة اللعب النظيف بعدما لعب 450 مباراة دون أن يحسب ضده أى عقوبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.