فى تاريخ كرة القدم، لم تعرف القارة السمراء، جيلاً انتشر لاعبوه فى مختلف الدوريات الأوروبية، واكتسبوا شهرة عالمية كالجيل الحالى من منتخب ساحل العاج.. الأفيال الأفريقية التى لم يُكتب لها اعتلاء منصة التتويج القارية إلا مرة واحدة فى تاريخ مشاركاتها فى كأس الأمم عام 1992، قدمت جيلاً متكاملاً حمل اللواء منذ عام 2004، وعلى مدار ستة أعوام نجح فى الوصول لكأس العالم مرتين متتاليتين والوصول لنهائى كأس الأمم مرة، والوصول لنصف النهائى مرة. هذه المجموعة المتميزة من اللاعبين، حافظت على قوامها الأساسى فترة طويلة، وحافظت فى الوقت نفسه على حيويتها وشبابها، من خلال التطعيم الموسمى ببعض العناصر الشابة، التى أوقفت مؤشر الارتفاع فى متوسط أعمار الأفيال عند 26 عامًا وشهرين فقط، فى توازن غريب تفشل فى الوصول إليه كثير من الفرق والمنتخبات. ساحل العاج، تُشارك فى النسخة الحالية من كأس الأمم ولها هدف وحيد، هو الفوز بالبطولة، وكل ما دونه سواء.. فالمركز الثانى لدى الأفيال يُعادل الخروج من ربع النهائى أو حتى من الدور الأول.. وتزداد قيمة الفوز بالبطولة عند قائد الكتيبة الإيفوارية، المهاجم الفذ ديدييه دروجبا الذى أكد أن "أنجولا 2010" ستشهد آخر مشاركاته فى كأس الأمم. دروجبا.. أسطورة الكفاح والعناء والتألق ارتبط اسم المنتخب الإيفوارى، خلال السنوات الخمس الأخيرة، ارتباطًا شرطيًا بالمهاجم الفذ ديدييه دروجبا.. ورغم تشبّع القائمة الإيفوارية بالنجوم الكبار أمثال الأخوين تورى "كولو ويايا" والأخوين كونيه "بكارى وأرونا".. إلا أن دروجبا ذى ال 31 عامًا كان الأبرز فى قطيع الأفيال.. سواءً بأدائه مع منتخب بلاده أو مع فريق تشيلسى الإنجليزى. الكفاح والعناء.. عنصران لازما دروجبا فى حياته الأولى، فلأبوين فقيرين فى أبيدجان وُلد المهاجم العملاق، قضى دروجبا خمسة أعوام فى بلده ثم سافر إلى فرنسا ليعيش مع عمه ميشيل جوبا، وفى الثامنة من عمره عاد إلى موطنه مُجددًا ليجد والديه قد فقدا عملهما ومصدر رزقهم الوحيد، وتعيش الأسرة حياة بائسة قبل أن تقرر الهجرة الجماعية إلى فرنسا عام 1991. فى فرنسا لم تكن الحياة أحسن حالاً. واضطر دروجبا إلى رعى الأغنام وهو فى الخامسة عشر من عمره، قبل أن يمارس الكرة فى أحد أندية الدرجة الثانية ومنه إلى مارسيليا ثم تشيلسى. الفقر والعناء، اللذان لازما دروجبا فترات طويلة من حياته، جعلا منه لاعبًا شديد الصلابة والقوة والعزيمة، وبالإضافة إلى ذلك فابن العاصمة الإيفوارية "أبيدجان" يُعد نموذجًا يُحتذى به فى الانتماء لبلاده، ودليلا على ذلك إصراره الشديد على المشاركة مع منتخب بلاده فى كل المُباريات مهما كانت حاجة فريقه الإنجليزى إليه، وفى كأس الأمم الماضية خاض ديدييه المُنافسات رغم إجرائه جراحة قبل البطولة بأيام إلا أنه تحامل على نفسه، وقاد منتخب ساحل العاج إلى نصف النهائى. وتُعد هذه البطولة هى الأخيرة لدروجبا، لتفقد كأس الأمم بعدها واحدًا من أفضل اللاعبين الذين وطأت أقدامهم العُشب الأخضر داخل القارة السمراء فى العقد الأخير. وحيد خليلوزيتش.. والتجربة الأفريقية الأولى الاختلاف فى طريقة كتابة اسم هذا المدرب بين وحيد وفهيد، تدلُ بداهةً على أننا أمام مدربٍ، يُعد تواجده داخل القارة السمراء غير مألوف لدى المتابعين.. لم يسبق لخليلوزيتش ابن ال57 عامًا، التدريب فى أفريقيا، وهذه أيضًا هى المرة الأولى التى يقود فيها المدرب البوسنى إحدى المنتخبات، خلال مشواره التدريبى الذى قاد فيه فرقًا فرنسية وأخرى تركية، كما درب فى المنطقة العربية وقاد فريق اتحاد جدة السعودى قبل ثلاثة أعوام، قبل أن ينتقل إلى تدريب الأفيال فى مايو 2008، ونجح المدرب خلال هذه الفترة فى التعامل مع منتخب الأفيال بنجاح، فتغلب على أزمة الإصابات التى ضربت بعض اللاعبين الأساسيين فى تصفيات كأس العالم واستعان ببدائل أثبتت نجاحها مثل أبو بكر سانوجو لاعب سانت إيتيان الفرنسى. ولم تتعرض القائمة التى اختارها خليلوزيتش للمشاركة فى كأس الأمم إلى انتقادات كثيرة كما هو الحال مع مدربين آخرين، وكان أبرز الغائبين عنها هو كوفى روماريتش لاعب إشبيلية الإسبانى. قائمة متزنة.. وتواجد صهيونى هناك علاقة طردية فى كرة القدم، بين استمرار نجاح جيل من اللاعبين وبين ارتفاع متوسط أعمار عناصره الأساسية، فقدرة مجموعة بعينها من اللاعبين على حصد الألقاب والانتقال من فوز لآخر، يجعل تقبلها للعناصر الجديدة أمرًا غير مستثاغ، ويعيش أى عنصر جديدٍ بين هذه المجموعة حالة من الاغتراب تجعل مصيره المحتوم هو الجلوس على مقاعد البدلاء أو الخروج كليًا من حسابات الجهاز الفنى.. والنهاية الحتمية للأجيال التى تحافظ على تشكيلتها سنوات طويلة دون تغيير، هى الاعتزال الدولى كليةً، أو التراجع المفاجئ فى المستوى، كما حدث للمنتخب الألمانى فى نهاية التسعينات.. وفى المنتخب الإيفوارى، يختلف الوضع بصورة كبيرة، فرغم ثبات العناصر الأساسية فى تشكيلة الأفيال منذ سنوات إلا أن متوسط أعمار لاعبيها لم يرتفع كثيرًا، حيث توقف مؤشر الارتفاع عند 26عامًا وشهرين.. وساعد على ذلك سببين.. الأول هو دخول بعض العناصر الشابة قائمة الأفيال خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.. والثانى هو التألق المُبكر للجيل الحالى، فأغلب العناصر الأساسية فى تشكيلة ساحل العاج بدأت مسيرتها الدولية فى سن صغيرة، وتحديدًا دون الخامسة والعشرين، وهو ما جعلها قادرة على الحفاظ على مستوياتها عبر سنين طوال. وتضم قائمة المنتخب الإيفوارى، 22 لاعبًا مُحترفًا فى أوروبا، بينهم لاعب محترف فى الدورى الإسرائيلى هو أرستيد زوجبو، حارس مرمى ماكابى نيتانيا ذى ال28 عامًا، ويتواجد لاعب محلى وحيد فى قائمة الأفيال هو فينسنت إنجبان حارس مرمى أسيك ميموزا. يُذكر أن المننخب الإيفوارى شارك فى كأس الأمم 16 مرة من قبل، ونجح فى الفوز بلقب البطولة مرة وحيدة عام 1992، واحتل المركز الثانى مرة وحيدة فى البطولة قبل الماضية التى فازت مصر بلقبها. ولعبت ساحل العاج، 68 مباراة فى تاريخ مشاركتها فى كأس الأمم.. فازت فى 28 مباراة وتعادلت فى 16 وخسرت 24 .. وسجل لاعبوها 98 هدفًا فيما تلقت شباكهم 90 هدفًا.