أجمع عدد من خبراء المصادر المائية على تأثر حصة مصر من مياه النيل سلباً إذا أصرت دول حوض النيل على الاستمرار فيما وصفوه ب "حرب" بناء السدود على مجرى النهر، فى الوقت الذى تؤكد فيه وزارة الرى السودانية، أن سد "مروى" تم إنشاؤه بموافقة مصرية وأنه يهدف إلى توليد الطاقة فقط وليس بغرض حجز مياه النيل عن مصر. ورغم أن الخبراء أكدوا لليوم السابع على أحقية السودان فى الاستفادة بحصته الكاملة من مياه النيل، والتى تبلغ 18.5 مليار متر مكعب، إلا أنهم أشاروا إلى أن إنشاءها سد "مروى" لتحقيق هذا الغرض سيحد موارد مصر من المياه "من 7 مليارات متر مكعب سنوياً إلى 9 أو 4.5"، حسبما يوضح الدكتور محمود أبو زيد وزير الرى السابق. كما أضافوا أن إنشاء أثيوبيا لسد "تيكيزى" سيؤثر أيضاً على حصة مصر وسيؤخر وصول المياه إليها، وقالوا إنه أُنشِىء دون موافقة مصر وبمباركة البنك الدولى، بينما يؤكد وزير الرى السابق موافقة مصر على المشروع لتوليد الطاقة فقط. وقال الدكتور مغاورى شحاتة أستاذ مصادر المياه، إن مجموعة السدود التى أنشأتها دول حوض النيل على مجرى النهر تلعب دوراً مباشراً فى التأثير سلباً على موارد مصر المائية القادمة من المنابع، وأضاف أنه لا صحة لما يردده مسئولون فى مصر حول أن هذه السدود هدفها توليد الطاقة فقط وليس تخزين المياه، وتابع قائلاً: "حتى إذا كانت هذه السدود مثل مروى فى السودان أو تيكيزى فى أثيوبيا تهدف إلى توليد الكهرباء، فإن ذلك سيعمل على عدم وصول المياه إلينا فى مواعيدها". وأكد أن سد "مروى"، الذى افتتحته السودان فى مارس الماضى أُنشِئ باتفاق مسبق بين مصر والسودان، وتوقع أن يحتجز هذا السد حوالى 7 مليارات متر مكعب من المياه سنوياً لم تكن السودان تستخدمها قبل إنشائه، وهو ما سيقلل، حسب رأيه، من حظوظ مصر فى الاستفادة من هذه الكمية، لأنه من شأن أى سد يتم إنشاؤه على النيل حجز المزيد من الطمى. وحول السدود الأخرى وتأثيرها على حصة مصر، قال شحاتة هناك دراسة أمريكية ظهرت فى 1997 توصى بإنشاء مجموعة من السدود، التى يعود تاريخ التفكير فى إنشائها إلى عام 59، على النيل الأزرق فى أثيوبيا، وقال "رغم حملة التشكيك الدائمة من قبل المسئولين فى مصر فى إمكانية إنشاء هذه السدود التى يصل عددها إلى 33 سداً بحجة الصعوبات الجيولوجية والجغرافية والمالية، إلا أن الحقائق تؤكد وجود شركتين صينيتين وشركة إيطالية وأخرى إسرائيلية فى تلك المنطقة لتنفيذ هذه المجموعة من السدود الصغيرة التى تضر بحصة مصر". وأضاف، أن إسرائيل تنشئ حالياً سدين على بعض الأنهار فى النيل الأزرق، أما سد تيكيزى وهو أكبر سدود أثيوبيا فقد تم إنشاؤه، حسب مغاورى، دون موافقة مصر أو إخطارها حسب اتفاقية 1929، وذلك بمباركة البنك الدولى. لكن الدكتور محمود أبو زيد، وزير الرى السابق، نفى إنشاء سد "تيكيزى" دون الحصول على موافقة مصرية، وكشف عن إطلاع خبراء مصريين ومسئولين بوزارة الخارجية على دراسات المشروع قبل البدء فى عمليات الإنشاء، ثم أبدت مصر بعدها موافقتها عليه بعد التأكد من عدم تأثيره سلباً على حصة مصر من المياه، حيث إن عمليات توليد الكهرباء من خلاله لا تستنفذ من المياه القادمة إليها إلاّ أقل من نصف مليار متر مكعب سنوياً. إلا أن أبو زيد، أكد أن سد مروى بالسودان سيحجز 4.5 مليار متر مكعب من المياه كانت السودان تفقدها سنوياً قبل إنشائه، لأنها كانت تذهب إلى بحيرة ناصر، أما انخفاض المنسوب فى بحيرة ناصر فأرجعه أبو زيد إلى انخفاض الفيضانات هذا العام، حيث جاءت أقل من المتوسط. من جانبه أكد الدكتور زكى البحيرى، أستاذ التاريخ الحديث والمتخصص بالشأن الأفريقى والسودانى، أن التخطيط لسد "مروى" بدأ فى العشرينيات من القرن الماضى وكان أحد أهدافه، بمرور الوقت، خدمة مصر عن طريق تخفيف الضغط على السد العالى، لكنه الآن يوفر للسودان حصتها كاملة من مياه النيل والتى تقدر ب 18.5 مليار متر مكعب سنوياً حسب اتفاقية 1959 مقراً بحق السودان فى حصتها كاملة. لكنه أشار إلى تأثير ذلك على منسوب المياه ببحيرة ناصر وتوقع انخفاضه وحجز سد "مروى" لكميات إضافية من المياه خلال العشرين عاماً المقبلة يبدأ بعدها تسريب المياه حتى لا تشكل ضغطاً على جسم السد، وأوضح أن جزءاً من تلك الحصة كان يصل مصر عبر بحيرة ناصر، وهو ما دفعها، على حد قوله، لإنشاء مشروع قناة توشكى للاستفادة من المياه الزائدة عنها.