فتح البلاغ الذى تقدم به محمد البلتاجى عضو مجلس الشعب وعبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة كفاية، إلى المستشار عبد المجيد محمود النائب العام للمطالبة بتوقيف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو أثناء زيارته للقاهرة أمس الثلاثاء بتهمة "مجرم حرب" المجال للحديث عن مدى فاعلية مثل هذه الدعاوى التى تضاف إلى دعاوى أخرى أقامها مصريون ضد مسئولين إسرائيليين أمام المحاكم المصرية. فالدعوى التى أقامها البلتاجى وقنديل لم تكن الأولى ضد مسئولين إسرائيليين، لكن ما مدى أهميتها، وهل من الممكن أن تصل لمرحلة التنفيذ الفعلى، مثلما حدث مؤخراً فى بريطانيا عندما أمرت إحدى المحاكم البريطانية باعتقال زعيمة المعارضة الإسرائيلية ووزيرة الخارجية السابقة تسيبى ليفنى بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة. خبراء القانون الدولى أكدوا استحالة تحقيق هذا الأمر أمام المحاكم المصرية، بسبب عدم وجود تشريع فى الدستور المصرى لمقاضاة مجرمى الحرب فى مصر، مثلما الحال فى كل من بلجيكا وهولندا وبريطانيا وأسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية، هكذا قال الدكتور أحمد فوزى أستاذ القانون الدولى لليوم السابع، ووصف فوزى هذا الأمر بأنه مشكلة كبيرة لابد من مناقشتها عن طريق جامعة الدول العربية، مطالبا بعقد اجتماع عربى للخروج بمشروعات قوانين تحث على محاكمى مرتكبى جرائم الحرب سواء ضد الفلسطينيين أو غيرهم. وقال إن البلاغات التى تقدم للنائب العام لمحاكمة نتانياهو أو غيره وتوقيفه فى مصر أمر مستحيل، لأنه ببساطة النائب العام سيأمر برفض البلاغ لعدم اختصاص القانون المصرى فى النظر بهذه القضايا. وعن إمكانية وجود مثل تلك القوانين فى مصر مستقبلا، ومدى تعارض ذلك مع اتفاقية السلام مع إسرائيل، أكد الدكتور أحمد فوزى أستاذ القانون الدولى أن الاتفاقية بين البلدين لا تمنع تطبيق هذا القانون ضد أى مسئول ولكن بشرط أن يخرج من منصبه وذلك لحصانتهم السياسية. فى نفس السياق أكد الدكتور أحمد رفعت أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة على أن الحكومة الإسرائيلية ارتكبت جرائم حرب بكل المقاييس فى حق المدنيين، فتدميرها للمساجد والمدارس والمستشفيات والمبانى السكنية هى جريمة حرب مكتملة الأركان كما جاء فى نص المادة الرابعة من اتفاقية جنيف، وبالرغم من ذلك فإننا لا نستطيع ملاحقة إسرائيل قضائيا أمام القضاء الجنائى الدولى، وذلك لأن إسرائيل لم توقع على نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، وأيضا لن نتمكن من محاسبة ومعاقبة هؤلاء المجرمين أمام القضاء المصرى لسببين ، أولهما عدم وجود نص دستورى فى القانون المصرى يحاكم مرتكبى جرائم الحرب الدوليين، والسبب الأخر لتمتعهم بحصانة دبلوماسية. وبالرغم من التعهد الذى أطلقته إسرائيل بمساندة قواتها قضائيا فى حال تقديمهم لأية محاكمة جنائية قد تلاحقهم، يقول الدكتور رفعت، إنه ليس أمامنا سوى أن نلجأ للمحاكم الجنائية العادية الموجودة فى بعض الدول الأوربية مثل بلجيكا وبريطانيا وألمانيا، والتى تعرف بمحاكم الحرب التى تتخوف منها إسرائيل، وهى محاكم تقبل الدعوى ضد أفراد ارتكبوا جرائم حرب ضد مدنيين خارج أراضيها، وبالرغم من أن القانون الجنائى قانون إقليمى، لكن يستثنى من هذه القاعدة تلك المحاكم، حيث إنها تقبل فى النظر للدعاوى ضد مجرمى الحرب. ويرى رفعت أن بلجيكا تحديدا كانت إحدى الدول التى تم رفع دعوى قضائية أمام محاكمها ضد أرئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، حيث تمت ملاحقته جنائيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ولم يجرؤ على دخولها بعد ذلك خشية القبض عليه. وأضاف أن هذه المسألة أيضا معقدة للغاية، لأن ذلك القانون الجنائى لا يستطيع ملاحقة أشخاص يتمتعون بحصانة سياسية ودبلوماسية، وخاصة إذا كان هؤلاء الأشخاص من قادة إسرائيل، على الرغم من أن القاعدة الجنائية الدولية تقول، إن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم حتى ولو مرت عليها 100 عام، فالأمل أن تتغير الظروف الدولية لصالحنا حتى نستطيع الحصول على حقوقنا من إسرائيل، ويتم القبض على مرتكبى تلك الجرائم ومحاسبتهم ومعاقبتهم. بينما أكد اللواء طلعت أبو مسلم الخبير الاستراتيجى، أن إسرائيل حسب التجارب السابقة تستطيع أن تفلت من أى عقاب أو إجراءات، من الممكن أن تتخذ ضدها أو ضد قادتها العسكريين، وذلك بطرقها المختلفة ، مشيراً إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن فى كيفية التغلب على المساعدة التى تقدمها الولاياتالمتحدةالأمريكية لها باستمرار سواء كانت سياسية أو دبلوماسية، فنفوذ واشنطن فى كل من المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن يقف عائقا دائما أمام أى تحرك ضد إسرائيل. ولكن أبو مسلم، يرى حل هذه المشكلة يتمثل فى الاستمرار بالضغط على الدول الأعضاء فى المحكمة ومجلس الأمن وعدم فقد الأمل لإصدار قرار بتكوين لجنة لتقصى الحقائق ضد الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين.