مصر وجنوب السودان.. خطوات هامة نحو تعاون مثمر في مجال المياه    مش الأفضل في مصر.. إبراهيم سعيد يهاجم لاعب الزمالك زيزو    عاجل.. 16 شهيدا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    البابا تواضروس : التحدي الكبير لكل الأسر المصرية هو كيفية مواجهة الشر والانتصار عليه    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    الجرام يتجاوز ال3500 جنيه.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة بعد الارتفاع    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    شهداء بينهم أطفال في قصف للاحتلال على رفح    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    رضا عبد العال ينتقد جوزيه جوميز بعد خسارة الزمالك أمام سموحة    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ضبط طن دقيق وتحرير 61 محضرًا تموينيا لمحال ومخابز مخالفة بالإسماعيلية    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    فتحي عبدالوهاب يكشف عن إصابته في مسلسل «المداح»    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    أمير عزمي: خسارة الزمالك أمام سموحة تصيب اللاعبين بالإحباط.. وجوميز السبب    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    تصل ل9 أيام متواصلة.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر للقطاعين العام والخاص    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: تصنيف «فيتش» بشأن مصر له دور في تدفق الاستثمار    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    إنفوجراف.. نصائح مهمة من نقابة الأطباء البيطريين عند شراء وتناول الفسيخ والرنجة    أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منها    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    إصابة 10 أشخاص في غارة جوية روسية على خاركيف شرق أوكرانيا    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عم فلفل أشهر جرسون للمثقفين نفسه يحج قبل ما يموت

الحنين إلى الماضى وتلمس ذكرياته هو سيد الموقف هنا، ففى مقهى "ريش" صور كل مشاهير السبعينات والستينات المعلقة على الجدران تشعرك بهذا، فهنا صورة رشدى أباظة، وإسماعيل ياسين، وصلاح جاهين ونجيب محفوظ، ووسط كل هذه الصور تجد صورة أخرى تلفت نظرك مكتوب أسفلها القدوة، وعندما تسأل عن صاحب الصورة تجد معه حكايات كل هؤلاء، إنه عم محمد حسين صادق أشهر جرسون للمثقفين فى مصر، أو كما يطلق عليه البعض جرسون نجيب محفوظ.
جلس عم محمد الشهير بفلفل يسترجع كل ذكرياته وبجسد أعياه الزمن يحدثنا عن عمره الذى قضاه فى هذا المكان، فقد ولد فى 1931 فى إحدى قرى النوبة، وجاء إلى القاهرة عام 1943 وعمره 13 عاماً بعد أن أنهى تعليمه الإلزامى "الابتدائية وقتها"، يقول: "كنت شاباً صغيراً، ولدى العديد من الأحلام، فذهبت لخالى الذى كان صديقاً لجورج افاينوس طباخ لامبسون المندوب السامى البريطانى، الذى أحضرنى معه إلى ريش حين اشتراها وبدأت العمل، كنت خايف ومش عارف اشتغل كويس، ده غير أنى قابلت مشاهير كتير مكنتش أعرفهم".
وعن اسمه "فلفل" يقول: "كان فى واحد زميلى تانى اسمه محمد وعلشان اللخبطة، نادانى صاحب المحل بفلفل، لأنى أسمر زى الفلفل الأسمر".
عم فلفل شاهد من خلال المقهى كل التطورات التى طرأت على القاهرة منذ الحرب العالمية الثانية ثم ثورة يوليو حتى تغير مالك القهوة عام 1960 فاشتراها عبد الله ميخائيل، وعلى الرغم من أنه عرض عليه وقتها أن يسافر مع ابن صاحب المقهى القديم لليونان ليعمل معه هناك، لكنه رفض لارتباطه بهذا المكان، يقول: "أول مرتب حصلت عليه كان 2 جنيه، وعلى فكرة أنا بحب عبد الناصر جداً لكن كان نفسى يعطى للنوبيين حقوقهم فعلاً".
ويحكى عم فلفل عن القاهرة زمان فيقول: "الدنيا مكنتش زحمة أوى كدة زى دلوقتى، والحاجة كانت رخيصة مكنش فى الغلو الجامد أوى ده، وزمان الناس كانت بتقدم مطالبها فى ورق مكتوب وتتظاهر من غير ما تخرب البلد ولا تكسرها".
وعن صورة القدوة يقول: "رسمها لى الفنان حسنين رسام كاريكاتير جريدة الأهالى منذ 6 أعوام عندما أتممت عامى الستين، لأنه اعتاد أن يرانى أعمل هنا، فهو من زبائن القهوة منذ زمن طويل".
تزوج عم فلفل وعمره 23 عاماً من إحدى قريباته النوبيات لينجب منها 6 أبناء حصلوا جميعاً على تعليم متوسط، ولديه الآن أكثر من خمسة أحفاد، حيث تزوج جميع أبناؤه ماعدا ولد وبنت صغيرين، وهو يسكن فى حى شعبى بسيط فى الهرم بعد أن كان يسكن فى عابدين بالقرب من القهوة، لكن الظروف السيئة للمنزل أجبرته على الانتقال.
وعن رواد مقهى ريش، يحكى عم فلفل بأنهم من قديم الأزل وهم من الأغنياء، بالإضافة للمثقفين والأدباء الذين كانوا يأتون ويتحدثون فى أمور السياسية والأدب، ومن أشهرهم نجيب محفوظ الذى ظل لأكثر من عشرين عاماً يأتى للمقهى.
ويقول عم فلفل "كان يأتى كل صباح يشرب القليل من فنجان القهوة ثم يطلب فنجاناً آخر، ويقرأ الصحف المختلفة ويكتب فى الأوراق"، ويؤكد عم فلفل أن نجيب محفوظ لم يعتاد أن يتحدث فى أمور البلد أو أحوالها بل ربما يرد على القليلين الذين يأتون إليه ويسألونه مثل جمال الغيطانى ويوسف القعيد من تلامذه الذين اعتادوا على حضور صالونه الثقافى كما أنه استوحى قصة روايته الكرنك من هذا المكان.
ولم يأتِ نجيب محفوظ مرة أخرى للقهوة مع بداية التسعينات، حيث حدث له الحادث الأليم الذى قام فيه أحد الأشخاص بطعنه فى جسده، ومن وقتها ولم يراه عم فلفل حتى سمع خبر وفاته وبكاه بكاءً حاراً ، متمنياً لو كان رآه قبل وفاته.
ومن الفنانين اعتاد عم فلفل أن يرى رشدى أباظة، وإسماعيل ياسين، اللذين كانا يقضون وقت فراغهم على المقهى فى لعب الطاولة وكذلك لطفى الخولى، وصالح عبد الصبور، وغيرهم الكثير من المثقفين والصحفيين، ويوضح عم فلفل أن ريش لم تكن جاذبة للسياسيين بصورة كبيرة، ولكن الآن اقتصر زوارها فقط على السائحين الأجانب، حيث يعتبرونها وكأنها الأهرام وأبو الهول، حتى الأدباء أنفسهم لم يعودوا يأتون إلى ريش، وكان آخرهم علاء الأسوانى الذى كان يأتى مع والده ثم انقطع عنها تماماً.
ليس التاريخ وحده هو الشاهد على إخلاص عم فلفل فى عمله، ولكن مديره الآن أيضاً، وهو المالك الثالث للقهوة بعد وفاة والده ميخائيل عبد الملك، يقول: "عم فلفل هو أفضل عامل فى المقهى وهو جزء من ريش، وبدونه لا تكتمل، فهو أقدم منى أنا شخصياً فيها، مشيراً إلى الصورة المعلقة قائلاً: "شايفة هو القدوة الذى لا أستطيع الاستغناء عنه أنا أو ريش".
ويبتسم هنا عم فلفل ابتسامته المعهودة لينهى الحديث قائلاً: "أنا نفسى بس أزور بيت ربنا قبل ما أموت".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.