سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القصة الكاملة لخطف «على» بعد ولادته بمستشفى بولاق.. مفاجأة.. العميد طارق المرجاوى أعاد الطفل إلى أسرته قبل استشهاده بأيام.. «الجانية» ارتدت النقاب ثم تنكرت فى زى طبيبة وتجولت فى المستشفى بمنتهى الحرية
نقلا عن اليومى.. الفرحة الغامرة انقلبت فى ثوان إلى فاجعة شاملة السعادة تبددت فى شلالات من الدموع والصراخ والأسى، وبدلا من أن تضم الأم وليدها، ضمت إلى صدرها أحزانها، بعد أن انتزعته من أحضانها يد قاسية. كانت الظروف المادية «المتعبة والتعبانة» قد دفعت والد الطفل «على» الذى يسكن بقرية المناوات ساعة أن فاجأ المخاض زوجته، إلى أن يصطحبها إلى مستشفى «بولاق الدكرور»، لتضع صبيًا وسيمًا أشاع فى قلب الأسرة الفرح والسعادة، لكن السعادة لم تدم لأكثر من سويعات، حيث اختطفت سيدة وابنتها الرضيع، وكادت الأسرة تفقد الأمل، لولا أن الأقدار شاءت أن تقر عينا الأم والأب، بعودة صغيرهما مجددًا، بعد تحريات مكثفة لمباحث قطاع غرب الجيزة، تحت إشراف العميد طارق المرجاوى، الذى استشهد فى انفجار قنبلتى جامعة القاهرة مؤخرًا. عاد الطفل.. واستشهد المرجاوى، فى مفارقة درامية مؤلمة موجعة. اختتم الرجل حياته المهنية، بالتحقيق فى جريمة خطف طفل، فلما عاد المخطوف إلى أحضان ذويه، صعدت روح الضابط إلى السماء. «اليوم السابع» توجهت إلى أسرة «على» بعد عودته لترصد مشاهد الفرح والسعادة التى اعتلت وجوه أهله وأقاربه، خاصة والدته إيمان حنفى محمود التى أخذت تسرد ما حدث معها منذ دخولها إلى مستشفى بولاق الدكرور انتهاء باختفاء طفلها. البداية كانت فى استراحة قسم النساء والتوليد فى الطابق الثالث من مستشفى بولاق الدكرور يوم 27 من مارس الماضى. مع صرخات إيمان المتصاعدة من شدة آلام المخاض، اقتربت منها سيدة متخفية تحت النقاب بدعوى التخفيف عنها، وظلت تدعو لها بأن يفرج الله كربها، لسوء حظ إيمان لم يكن بصحبتها سوى والدة زوجها المسنة التى تقوى على الحركة بصعوبة. ظلت السيدة المنتقبة بصحبة إيمان إلى أن جاءت لحظة ميلاد «على» وأفاقت إيمان من تلك الأوقات المؤلمة لتسعد بضم صغيرها، فى عنبر الولادة الذى يتواجد فيه ما يقرب من خمس سيدات وضعن أطفالهن فى نفس التوقيت. بحجة الاطمئنان على صحة إيمان وطفلها دخلت السيدة المنتقبة عنبر الولادة وحصلت على رقم الهاتف الخاص بزوج إيمان بحجة الاتصال به بعد خروجها من المستشفى للتأكد من سلامتها، إلا أن جدة الطفل «على» ساورتها الشكوك فى أمرها فطلبت إليها الرحيل. المنتقبة لم ترحل، وبمجرد أن ذهبت الجدة إلى دورة المياه، أقنعت أم على بأن طفلها يعانى من ضيق تنفس، وأنها سوف تأخذه إلى طبيب الأطفال للاطمئنان على صحته، فوافقت الأم إلا أنها فور خروجها من عنبر الولادة بصحبة الرضيع، فوجئت بالجدة تسألها عن سبب حملها للطفل فقالت لها إنه مريض فحملته الجدة منها وتوجها به إلى طبيبة الأطفال التى أكدت أنه بخير وبحسب كلام الجدة، فإن الطبيبة لم تهتم بسؤال السيدة المنتقبة عن سبب قولها بأن الطفل مريض أو عن هويتها وماذا تريد؟ بل تركتها تذهب دون أى سؤال». لم تستسلم السيدة المنتقبة فعادت من جديد متنكرة فى ثوب طبيبة بدون حجاب، وبالفعل تجولت داخل عنبر الولادة وأجرت الفحوص الطبية على كل السيدات المتواجدات بالغرفة وعلى أطفالهن الرضع، كل ذلك دون أى رقابة من الممرضات اللائى يجلسن فى الغرفة المواجهة لعنبر الولادة. وحسبما تقول إيمان «كانت عاملة نفسها دكتورة وكانت من غير حجاب ووشها مليان مكياج وكشفت على كل الستات، لما جات عندى كتبت لى روشتة طلبت من حماتى تروح تجيبها لى ضرورى، وفعلا بعدما غادرت الحاجة الغرفة كشفت على ابنى «على» وقالت لى الولد تعبان جدا ومحتاج رعاية هاخده لدكتور أطفال يبص عليه، وكانت بصحبتها فتاة صغيرة عندها حوالى 20 سنة». وأضافت إيمان وهى تتذكر تلك الأوقات الصعبة فى حياتها قائلة «الغريب أنه فى هذه الساعة لم يكن هناك أطباء أو ممرضات خرجن من غرفة الولادة التى تقع غرفة الممرضات فى مقابلها مباشرة». وقالت «أنا فعلا مستغربة هذه المرأة ذات الجرأة الاستثنائية، ولا أعرف كيف تتصرف بهذه البجاحة السافرة، فى حين أن الممرضات يختفين ولا تظهر أى منهن، لست أوجه اتهامات لأحد بالتواطؤ لكنى بالفعل أستفسر». وتستطرد إيمان «بعدما اختطفت المجرمة فلذة كبدى، جاءت حماتى وقد اشترت العلاج حسب الروشتة، فسألتنى عن الولد فقلت لها مع الدكتورة ولكن حماتى قلقت فسألت الممرضات فأكدن أنهن لا يعرفن شيئًا عن الموضوع، وقد أضافوا «سلمناكم الولد ولسنا مسؤولات عن الأمر بعدئذ». الجدة العجوز لم تستطع كتم صرخاتها، أخذت تولول بكل إمكانات حبالها الصوتية، وسرعان ما كانت الأم التى ما تزال فى فترة النفاس تلطم خديها وتجرى كأن مسًا من الجن قد أصابها، وهى تردد: يا حبيبى يا ابنى.. يا ضنايا.. يا نور عينى يا غالى. وتتابع الأم: لم يهتم أحد من المستشفى بالمشهد المأساوى، وكأنهم معتادون عليه، حتى رق قلب أحد العمال البسطاء لها، فطلب منها سرعة التحرك لتحرير محضر بقسم الشرطة». ويلتقط الأب سعيد فؤاد، طرف الحديث ليستكمل تفاصيل القصة قائلا: توجهت مباشرة إلى قسم شرطة بولاق الدكرور المجاور للمستشفى والتقيت رئيس المباحث عمرو حجازى ومعاون المباحث أيمن الشرنوبى، وتم عمل محضر رقم 2493/ 2014، وبالفعل تم تشكيل فريق بحث بقيادة اللواء مصطفى حرير مدير مباحث الجيزة لكشف غموض الواقعة، وقام العميد الراحل طارق المرجاوى رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، بمباشرة التحقيقات، وهى آخر واقعة تحقيق تولاها قبل استشهاده فى تفجيرات جامعة القاهرة. يضيف الأب: عشنا ثلاثة أيام حالكة، دون أن نصل إلى أى معلومات عن فلذة الكبد، وكاد اليأس يطحن قلوبنا، فجرائم الاختطاف أصبحت واحدة من الجرائم الشائعة الآن، والكثيرون فقدوا أبناءهم بسبب عصابات المجرمين معدومى الضمير، حتى فوجئت باتصال هاتفى من رقم غريب يتحدث فيه صاحبه عن مساومته لدفع مبلغ 200 ألف جنيه فدية للصغير. قال المتصل: «أنا قلت أبلغك الأول بمطالبنا وأنت أولى إنك تاخد ابنك أحسن من إننا نبيعه لحد غيرك»، فرد عليه فؤاد «أنا ما أقدرش على المبلغ.. أنا رجل غلبان لو دخل بيتى 50 جنيه فى اليوم ببقى مبسوط». فؤاد توجه إلى قسم بولاق الدكرور وأبلغ عمرو حجازى رئيس المباحث بما حدث معه، وبالفعل قرر الأخير مراقبة الرقم الذى يتصل بوالد الطفل، وأثناء خروج فؤاد من القسم قرر الوقوف لفترة داخل السيارة الأجرة أمام المستشفى، وبالمصادفة لمح فؤاد فتاة تشبه الفتاة الصغيرة التى كانت بصحبة السيدة المنتقبة تدخل المستشفى فى حوالى الساعة الحادية عشرة مساء، الأمر الذى دفعه إلى الاتصال برئيس المباحث الذى انتقل إليه على الفور. كانت مصادفة قدرية بالطبع، لكنها انتهت إلى أن ألقى القبض على هذه الفتاة، التى أنكرت فى البداية معرفتها بالأمر إلا أن فؤاد طلب من رئيس المباحث أن يأمرها بخلع الحجاب التى ترتديه، لأنه يتذكر أن هذه الفتاة كانت نائمة بجوار السيدة المنتقبة وزوجته لأكثر من ثلاث ساعات. وأدلى فؤاد بمواصفات شعر الفتاة، فقال إن خصلاته مصبوغة بالأصفر والبنى، وليس لونًا واحدًا، وبالفعل رفعت الفتاة حجاب الرأس، فإذا بالأوصاف متطابقة، وكشفت التحقيقات مع الفتاة العشرينية عن أن سيدة تدعى «ه ن» 37 سنة ربة منزل وابنتها ياسمين هما مرتكبتا الجريمة، وتقيمان فى شارع العشرين ببولاق الدكرور، كما اعترفتا على الشخص الذى كان يعاونهما بالاتصال بوالد «على» بهدف الحصول على فدية. وبمواجهتهما اعترفت ربة المنزل بدخولها إلى المستشفى متخفية بالنقاب ومعها ابنتها ياسمين وقامت بالتجول فى غرفة الولادة، وبعدها دخلت إلى دورة المياه المقابلة إلى الغرفة، وخلعت النقاب وارتدت ملابس طبيبة وذهبت إلى والدة الطفل، وأخذته بدعوى أنها ستقوم بعمل جلسة بخار له وسلمته إلى ابنتها وفرتا هاربتين. تقول إيمان: «عشت أيامًا طويلة بين حزن ومرارة.. أنا لو قدرت كنت ذبحت المجرمة بيدى، وهذا أقل عقاب لمجرمة لا تتورع عن حرمان أم من أعز ما تملك». القبض على تلك العصابة لم يمنع والد الرضيع من تحميل مستشفى بولاق الدكرور المسؤولية كاملة لما حدث معهم واتهمهم بالتورط فى اختطاف صغيره. ومن المقرر أن يتوجه «على» وأبواه لإجراء تحليل ال«دى إن إيه» للتأكد من أنه صغيرهما، ألا أن جدته سارعت بالدفاع عنه قائلة «دا ابننا من غير أى تحاليل.. دى مناخيره دى ماركة مسجلة عندنا فى العيلة، وأنا أول ما اتولد كنت ملبساه فانلة بيضا وفوقها فانلة صفراء وفعلا لما رجع كان لابسهم».