لا شك أن مَشاهد العنف والتطرف تتصدّر المشهد المصرى ما بعد 30 يونيو, ومنذ انحياز مؤسسات الدولة لإرادة الأغلبية الساحقة من الشعب المصرى الرافض لحكم الإخوان، بينما لا يمكن فصل ما يجرى فى سيناء من تطرف وإرهاب عن خطاب أنصار الإخوان فى رابعة أو النهضة، كما أن استمرار تراخى المجتمع الدولى فى دعم التغيير الحاصل فى مصر من شأنه خلق بؤر جديدة للتطرف والإرهاب، بما لها من تداعيات سلبية إقليميا ودوليا. الصراع الحالى كان متوقعا منذ أن وصل الإخوان وحلفاؤهم إلى السلطة، انطلاقا من اختلاف الرؤية والفكر فيما يتعلق بإدارة الدولة، مع فكر ورؤية المؤسسات السيادية وشريحة كبيرة من المجتمع المصرى. ما يجرى ليس تعبيرا عن رأى سياسى معارض، بل هو ممارسات تشير إلى حجم الخطر الحقيقى الذى يهدد الأمن والاستقرار فى المنطقة، من أعمال عنف وترويع وإرهاب للآمنين، ويعيد ذاكرة الإرهاب الأسود الذى ضرب مصر. على المجتمع الدولى أن يُدرك أن الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية الموجودة فى سيناء، تمثل خطرا داهما على الجميع، وأن مواجهة هذه الجماعات باتت أمرا ملحا، إن كان بالفعل يرغب فى القضاء على كل مظاهر الإرهاب والتطرف الذى بدأ يتستر خلف أحزاب سياسية فى ظل ما يُعرف ب"الربيع العربى"، ويمارس العنف والقتل باسم الدين والدفاع عن الشريعة. الحقيقة أن الإسلام يرفض كل مظاهر العنف ويدعو إلى السلام والرحمة بين الجميع بغضّ النظر عن ديانته، فيما اعتبرت الشريعة القتل من كبائر الذنوب، فى حين أن الجماعات المتطرفة لا تجد حرجا فى تبرير القتل والعنف لتحقيق مصالحها وتنفيذ مشروعها. الجماعات المتطرفة تتبنى فكر الجهاد فى كل بلد يوجد فيه مسلمون، وهذا ما يفسر انتشارها فى أماكن مختلفة من العالم، فى: سيناء والعراق وسوريا وفى منطقة شمال القوقاز وألبانيا وكوسوفو وفى تونس وليبيا. أعمال التطرف والإرهاب والتعذيب والقتل التى تشهدها مصر، تأتى مصحوبة بخطاب دينى تقوده قيادات وتيارات دينية مؤيّدة لمرسى، بزعم الدفاع عن الشريعة. حتى الأطفال والنساء باتوا رهينة أهداف جماعات التطرف والعنف، فقد سجّلت الأحداث استخدامهم دروعا بشرية فى التظاهرات والاعتصامات، بما يخالف تعاليم الشريعة وكل المواثيق الدولية التى تحمى الطفل والمرأة. الإخوان ارتبطوا ارتباطا وثيقا بالجماعات الجهادية المختلفة فى المنطقة، والتى اجتمعت فى مواجهة النظام الحاكم فى مصر على مدار عقود سابقة، فالعلاقة تمتد مع تلك الموجودة فى سيناء، والأخرى التى تمارس السياسة, فخلال عام من حكم الرئيس السابق محمد مرسى، تحولت سيناء إلى مخزن كبير للسلاح، وميدان رحّب لإعداد وتدريب العناصر الإرهابية، فى ظل حماية النظام والسلطة الإخوانية. يجب علينا أن نواجه الإرهاب وبحزم ونحاربه بكل الأسلحة، والتكاتف والتعاون هما خير سلاح نقف به فى وجه عدونا ومن يريد العبث بأمننا. حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه..