ما من شك أن شعبية الفريق أول عبد الفتاح السيسى فى أوجها لدى غالبية الشعب المصرى، وهناك الكثير من الحملات الشعبية والإعلامية وجميعها تنادى بترشحه لرئاسة مصر وإذا ترشح فسوف ينجح بنسبة تقارب 90% ويكتسح الجميع، لأن هذا الرجل قام بما طلبه شعبه دون أدنى تفكير لما قد يصيبه من أذى، وكان على قدر المسئولية، ولم يتردد فى الاستجابة لهذا الطلب، وأنقذ مصر من الضياع والتفكك الذى كان ينتظرها على يد جماعة إرهابية وعنصرية بحسب مبادئها ومعتقدها الذى أكل عليه الدهر وشرب، وأصابهم السعار فى التمكين والاستحواذ ظنا منهم أن السلطة أصبحت فى أيديهم. وبدأوا فى عمل إعلان دستورى استبدادى، والتلاعب بمواد الدستور الإخوانى وسن تشريعات لقانون القضاء والانتخابات وغيره، يقينا منهم بإبعاد باقى القوى السياسية واكتمال الهيمنة على كل مفاصل الدولة، بما فيها الشرطة والقوات المسلحة، ناهيك عن عدم شعورهم بالوطنية وقيمة الوطن والحفاظ على حدوده وأمنه القومى، متناسين أن من منحهم الشرعية هو الشعب الذى تعاطف معهم للحظة، وظن أنهم ظلموا فى الماضى قادر على نزع هذه الشرعية وقتما شاء، وهذا ما ظهر لهم فى 30 يونيو، وبها أصروا على التسويف والإنكار لما حدث ولم يقبل مرسى بطلب الشعب له بإجراء استفتاء على الرئاسة لعلمه اليقين أن ما خططوا له طوال سنة حكمه ذهب هباء، وهم الآن نادمون فى وقت لا ينفع الندم، ومهما حدث من صراخ وضجيج وتشويه للحقائق لن يؤثر فى هذا الطوفان الشعبى الجارف الذى ينادى بالسيسى رئيسا لمصر ليس عرفانا بالجميل، ولكن لأن هذا الشعب قد بلغ سن الرشد بعد ثورتين عظيمتين 25يناير و30يونيو وما بذله من تضحيات من خيرة شبابه، وأصبح يميز بين الصالح والطالح والوطنى ومدعى الوطنية والمخلص والمحب للسلطة والرجال مواقف، وهذا الرجل بما فعله قد أثبت جدارة وأحقية لحمل هذه الأمانة على كاهله، وبإذن الله هو لها والشعب يسانده وغالبا سيقوم بها على أكمل وجه رغم حقد الحاقدين وحسد الحاسدين من الإخوان وأتباعهم ومن يمولهم ويساندهم والنادمون على ضياع حلمهم. أما الحالمون فهم أتباع النظام الأسبق أوما يطلق عليهم الفلول وبرغم فرحتهم العارمة بسقوط نظام الإخوان ومساندة ثورة 30يونيو، إلا أنهم اعتقدوا أن السيسى بما فعله قد منحهم قبلة الحياة للعودة لما قبل 25 يناير، وإزاحة كابوس التغيير ومكافحة الفساد وبدأت تتعالى أصواتهم فى الآونة الأخيرة، وهذا ما يدفعهم لتأييد السيسى رئيس مصر القادم. ويحلمون بعودة الهيمنة على مفاصل الدولة وعودة المياه لمجاريها وتعود منظومة الفساد، ولكن هذه المرة بوجوه جديدة بدون مبارك وحاشيته المعروفة للجميع، متناسين أيضا أن هذا الشعب الذى قام بالتغيير فى الثورتين العظيمتين لن يرضى بغير الحرية والكرامة والعيش الكريم بديلا فى وطن يسوده العدل والأمان بعد المرور بنظامين يشبه كل منهما الآخر، فالنظام الأسبق أدى لهيمنة الفاسدين وضياع الدولة بتهميشها وتأخرها وزيادة الفقر والجهل والمرض والسيطرة على مقدرات الشعب لصالح فئة قليلة مستغلة. أما النظام السابق الذى وقعت عنه ورقة التوت بسرعة خلال عام واحد من الحكم، وظهرت نيته فى ضياع هذا الوطن بتقسيمه وتفتيته وتفكيك كل مؤسساته العريقه والتآمر عليه فى سبيل أن تدوم السلطة لهم لينفذوا ما حلموا به منذ نشأة تنظيمهم المشبوه عملا منهم بأن الغاية تبرر الوسيلة، بعقلية وأفكار بالية، مستغلا المتاجرة بالدين واستغلال الفقر والجهل للوصول للسلطة، وأيضا التحالف مع الخارج والاستعانة به لدوام استمراره فيها متغافلا وعى وعقل هذا الشعب الأبى العريق الذى ثار ضد الظلم والقهر والاستبداد، ولن يرضى بحكم فئة ضالة إرهابية مخربة، ولو باسم الدين والإسلام منهم براء. وهنا تكمن الصعوبة فى إن المتربصين بالسيسى كثير من الطرفين النادمين الحاقدين والحالمين الفاسدين، بالإضافة إلى من يحاولون أن يركبوا قطار الثورة ليصلوا إلى كرسى الحكم ويصوروا أن ترشحه للرئاسة يثبت أنه أزاح مرسى طمعا فى الحكم، متناسين أن هذا الشعب يرى البرهان وحساس ويشعر بدرجة الإخلاص وبصدق النية، ولو كان أخطأ فى اختيار سابق بقبول أفضل الوحشين وعصر على نفسه ليمون فلا يعنى أن يكرر هذا الخطأ. ولكن بفضل إخلاص السيسى وحبه لهذا الوطن وثقة وتأييد الشعب له فى الداخل والأشقاء العرب والدول المحبة لمصر فى الخارج ستنهض مصر الحديثة من كبوتها، وسيكتب اسم هذا الرجل فى التاريخ بأحرف من نور، كأول رئيس منتخب بعد ثورتين عظيمتين على نظامين فاسدين يؤسس لتداول سلطة ويدعم الديمقراطية فى بلد حر وعادل، شريطة أن يبتعد عن أخطاء السابقين ويحذوا حذو المصلحين، وسوف يسدد الله خطاه فى سبيل رفعة مصر وشعبها.