تعرف على حدود التحويلات عبر تطبيق انستاباي خلال إجازة العيد    محافظ المنيا: حملات مستمرة على مجازر خلال أيام عيد الأضحى    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى وقف تخريب الأرض    مسؤول إسرائيلي يعلق على مصير عشرات الرهائن في غزة    مسئول في الموساد يعكس "صورة قاتمة" حول صفقة التبادل مع حماس    نائب لبناني عن كتلة الوفاء: المقاومة لا تخضع للتهديد وهي مستعدة لكل الاحتمالات    سرايا القدس تعرض مشاهد لقصف عناصرها جنودا وآليات عسكرية إسرائيلية في رفح    إصابة دموية ل مبابي في افتتاح مشوار فرنسا باليورو (صور)    عملية جراحية بانتظاره.. تفاصيل إصابة مبابي في مباراة فرنسا والنمسا    وفاة أول حاج من الوادي الجديد خلال أداء مناسك الحج    حريق يلتهم مقلة لب بطنطا في ثاني أيام عيد الأضحى (صور)    مفاجأة عن الحالة الصحية للطيار المصري قبل وفاته، والشركة تبرر تصرف مساعده    «قضايا الدولة» تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عودته بعد أداء فريضة الحج    وفاة والد عمرو أدهم عضو مجلس إدارة نادي الزمالك    أحمد حلمي من كواليس "ميمو" ونيللي كريم في طريقها للسعودية ..10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    هيئة الدواء المصرية تسحب عقارا شهيرا من الصيدليات.. ما هو؟    8 أعراض تظهر على الحجاج بعد أداء المناسك لا تقلق منها    عاجل.. لجنة الحكام تكشف عن 4 أخطاء لحكم مباراة الزمالك والمصري    صدمة في فرنسا.. مبابي يخضع لجراحة عاجلة    الأرز ب 34 والسكر 37 جنيهًا.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق في ثالث أيام عيد الأضحى الثلاثاء 18 يونيو 2024    محمود فوزي السيد: عادل إمام يقدر قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه (فيديو)    عبد الله غلوش لصاحبة السعادة: عادل إمام مثقف ومتطور ويتحدث بمصطلحات الشارع    عبدالحليم قنديل ل"الشاهد": طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    إسماعيل فرغلي: ربنا كرمني بعد مرارة سنوات.. وعشت ظروف صعبة لا تنسى    «الأزهر» يوضح آخر موعد لذبح الأضحية.. الفرصة الأخيرة    مرشحو انتخابات الرئاسة الإيرانية فى أول مناظرة يدعون لحذف الدولار.. ويؤكدون: العقوبات أثرت على اقتصادنا.. النفط يُهدر بنسبة 17% والتضخم تجاوز 40%.. ومرشح إصلاحي يعترف: عُملتنا تتدهور والنخب تهرب والوضع يسوء    الزمالك يهدد بمنتهى القوة.. ماهو أول رد فعل بعد بيان حسين لبيب؟    تراجع سعر سبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن ثالث أيام العيد الثلاثاء 18 يونيو 2024    من مشعر منى.. ولي العهد السعودي يوجه رسالة للعالم عن غزة    أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس يكشف السيناريوهات المتوقعة عقب حل مجلس الحرب الإسرائيلي (فيديو)    في ثالث أيام العيد.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر ودرجات الحرارة المتوقعة    وفاة 10 حجاج من أبناء كفر الشيخ خلال أداء مناسك الحج.. اعرف التفاصيل    بيان عاجل من وزارة السياحة بشأن شكاوى الحجاج خلال أداء المناسك    تعليق عاجل من الخارجية الأمريكية بشأن قرار نتنياهو بحل مجلس الحرب الإسرائيلي    بعد الارتفاع الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 18 يونيو في ثالث أيام العيد    وزراء البيئة بالاتحاد الأوروبي يوافقون على قانون استعادة الطبيعة    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    عاجل.. أميرة نايف تعلن وفاة والدتها: «اللهم ارحم موتانا»    مصطفى عمار: عادل إمام سفير فوق العادة للكوميديا المصرية في الوطن العربي    بعد الفوز على الزمالك| لاعبو المصري راحة    لسبب جسدي.. أنس جابر تعلن غيابها عن أولمبياد باريس 2024    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    التحقيق مع حداد مسلح أشعل النيران في زوجته بسبب خلافات بينهما بالعاشر    قائمة الاتحاد السكندرى لمواجهة الأهلى.. غياب مابولولو وميسى    شقق التضامن الاجتماعي.. تفاصيل تسليم 1023 وحدة سكنية ب 400 مليون جنيه    وكيل «صحة الشرقية» يقرر نقل 8 من العاملين بمستشفى ههيا لتغيبهم عن العمل    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وادى الخيانة .. الحلقة الرابعة .. أسرار صفقة «العوا» مع «أمن الدولة» لمنح الإخوان 45 مقعداً فى انتخابات 2010..الاتفاق عليها جرى فى اجتماع ضم اللواء حسن عبدالرحمن و«بديع» و«العوا» و«الكتاتنى» و«مرسى»
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 12 - 2013

قيادات الإخوان ورجال مبارك فى الداخلية والمخابرات والمجلس العسكرى.. شركاء فى الحكم والمصير
مصطفى مشهور عرف من أصدقائه فى «أمن الدولة» باعتقالات سبتمبر 81 فهرب ومعه محمود عزت ونسى تحذير زملائه فى «الجماعة»
كنت أتحدث مع عصام العريان فى مكتبه بنقابة الأطباء بشارع قصر العينى عن مستقبل جماعة الإخوان المسلمين - ديسمبر 2009 - وكان يحدثنى عن العوامل التى يمكن أن تساعد الجماعة فى صمودها وصعودها ونموها خلال السنوات المقبلة.
قال لى نصًا: «هناك مجموعة من التحديات التى يمكن أن تشكل مستقبل الجماعة، منها تحديات متعلقة بالهيمنة الأجنبية، فهناك استقلال ثقافى ساهم فيه التيار الإسلامى، لكن هناك هيمنة قائمة على الدول الإسلامية، وهى تعوق التجديد، هناك كذلك تحدى إصلاح الحكم، فالحكم هو الذى سيرعى أى مشروعات للنهضة، وهذا مطلب شعبى يشترك فيه الإخوان وغير الإخوان، وهناك تحدٍ ثالث وهو موجود، وأعنى البرامج التى لدى الجماعة، وهذه البرامج تقتضى وجود علاقات بين الإخوان والنخب السياسية والاقتصادية والإدارية والإعلامية».
استوقفته قليلًا، قلت له: هل تتحدث عن النخبة السياسية العامة؟ أم النخبة السياسية الحاكمة؟
فقال: علاقتنا بالنخبة الحاكمة ملتبسة جدًا، مثل «القط وخناقه»، نحن لا نريد أن نصطدم بالنخبة الحاكمة، لأن هذا ليس فى صالح أحد، أما النظام فهو لا يريد أن يقضى على الإخوان القضاء النهائى، فقد ثبت فشله فى هذا من ناحية، ثم إن مصلحته فى أن يبقى على الإخوان كفزاعة.
يمكن أن نطبق هذه الفلسفة الواضحة البراجماتية بحذافيرها على موقع محمد مرسى، الرئيس المعزول، سواء فى جماعة الإخوان المسلمين، أو فى علاقته بالحزب الوطنى، وبعض من رجال نظام مبارك الكبار الذين تقاطع معهم الرجل، بعد أن هبط على الجماعة ب«الباراشوت»، وأصبح فى غفلة من الزمن مسؤولا عن الملف السياسى داخلها، فهو كان يمد خيوط الود بينه وبين رجال «مبارك»، لكن هذا الود نفسه لم يمنع النظام من التنكيل بالإخوان وسجنهم وتشريدهم ومصادرة أموالهم أحيانًا، فهم- طبقًا لعصام- « قط وخناقه»، كل منهما لا يستطيع أن يستغنى عن الآخر.
فى السبعينيات كان محمد مرسى عيسى العياط، المولود فى 20 أغسطس 1951، يدرس فى كلية الهندسة جامعة القاهرة، ولأنه كان طالبًا مجتهدًا جدًا، فقد أطلق عليه زملاؤه «محمد مرسى الدحاح»، كان طموحه أن يصبح أستاذًا فى الجامعة لا أكثر ولا أقل.
وطبقًا لصورة قلمية رسمها له الكاتب والمفكر ثروت الخرباوى، قبل أن يصبح الرجل رئيسًا فى يونيو 2012، فإن «مرسى» وقتها لم يكن يعرف حتى أن هناك جماعة اسمها الإخوان المسلمون.
فى السيرة الذاتية لمحمد مرسى سطر واحد يسجل تاريخه داخل الجماعة، وهو: انتمى الدكتور محمد مرسى للإخوان فكرًا فى العام 1977، وتنظيميًا أواخر العام 1979، وعمل عضوًا بالقسم السياسى منذ نشأته فى العام 1992.
التاريخ الوحيد الذى يمكن أن يكون مؤكدًا هنا هو تولى «مرسى» القسم السياسى فى الجماعة، أما تاريخ التحاقه بالجماعة فكريًا وتنظيميًا ففيه نظر، وهو ما يمكن أن نتحدث عنه قليلًا.
فى صورته القلمية يقول «الخرباوى»: تخرج الطالب مرسى العياط بتفوق، وكان له قصب السبق على زملائه، وانكفأ على ذاته ليحصل على الماجستير فى الفلزات فى هندسة القاهرة «حدث هذا فى العام 1978»، دون أن يعرف حتى أن هناك جماعة اسمها الإخوان المسلمون، ثم حصل على بعثة للولايات المتحدة الأمريكية للحصول على الدكتوراة.
ظل «مرسى» يدرس لسنوات فى جامعة جنوب كاليفورنيا، خلالها تحولت مصر، واغتيل السادات، وتمت مطاردة عدد من قيادات الإخوان المسلمين. قبل الاغتيال كان مصطفى مشهور- وهو أحد قيادات الجماعة- قد عرف أن السادات سيعتقل عددًا كبيرًا من السياسيين، فقرر الهرب خارج مصر، وأخذ معه ربيبه فى الجماعة محمود عزت.
لكن من أين عرف مصطفى مشهور بقصة اعتقالات سبتمبر بفترة كافية مكنته من أن يهرب خارج مصر؟
هنا أتوقف قليلًا أمام دراسة مهمة جدًا منشورة على «إخوان ويكى»، عنوانها «الإخوان المسلمون ومبارك من المهادنة إلى المواجهة» للباحث الإخوانى السعيد رمضان العبادى الذى يقول إن مصطفى مشهور عرف مبكرًا بأمر اعتقالات سبتمبر، وبأن اسمه فيها، من بعض رجال الأمن الذين كان يتصل بهم، ويفسر ذلك بأن الإخوان فى هذا الوقت كانوا قد اخترقوا جهاز الأمن، وكانوا يعرفون ما سيحدث أولًا بأول، دون أن يشير الباحث الإخوانى إلى أن مصطفى مشهور نفسه قد يكون من بين المتعاونين مع رجال أمن الدولة، ولذلك سربوا له هذه المعلومة.
المضحك أن مصطفى مشهور عمل بمبدأ «إذا جاءك الطوفان فضع ابنك تحت قدميك»، فبعد أن علم بأخبار الاعتقالات القادمة، لم يخبر أحدًا من الإخوان الذين وردت أسماؤهم فى القوائم - قال هو بعد ذلك أنه نسى - وفر بجلده هو وتلميذه محمود عزت فقط.
فى سنوات «التغريبة» حاول مصطفى مشهور أن يجند أكبر عدد من المصريين الموجودين فى الخارج، وفى بيت أحد الإخوان الكبار الذين كانوا يترددون على المركز الإسلامى فى كاليفورنيا تعرف «مشهور» على محمد مرسى الذى كان من فرط فراغه يتردد على المركز الإسلامى ليتعرف على المصريين هناك.
«مشهور» من الشرقية، محافظة «مرسى»، كان يعرف عائلة «العياط» التى ينتمى لها «مرسى»، تطورت العلاقة بينهما، عرف «مشهور» أن «مرسى» شاب قليل الخبرة، لا توجد لديه أى خلفية حركية، فاطمأن إلى أنه يمكن أن يكون تلميذًا نجيبًا فى تنظيم الإخوان، فهو يسمع ويطيع دون مناقشة أو سؤال.
عاد محمد مرسى من أمريكا إلى جامعة الزقازيق منذ العام 1985، وخلال وجوده فى الجماعة - أصبح أستاذًا متفرغًا فى 2010 - كان يقوم بعمليات محددة ضمن نشاط الحفاظ على قوة التنظيم، وهو ما يفسر أن أحدًا من الإخوان لم يكن يعرف شيئًا عن «مرسى» الذى ظل تابعًا لسيده «مشهور» الذى كان يناديه دائما ب«عمى».
بعد وفاة مصطفى مشهور انتقلت تبعية «مرسى» إلى خيرت الشاطر الذى جعل أستاذ الهندسة واحدًا من رجاله المقربين، استعان به كباحث واستشارى فى مشروعاته، وكان الملاحظ أن «خيرت» لم يقحم محمد مرسى فى العمل التنظيمى داخل الجماعة، بل احتفظ به بعيدًا ليقوم بأدوار فى العلن، حتى يحتفظ «الشاطر» بالأدوار الحقيقية فى الخفاء.
كانت النقلة الكبرى لمحمد مرسى داخل التنظيم فى العام 2000، وقتها كانت الجماعة قد أعلنت عن أسماء مرشحيها، وكان «مرسى» مرشحًا احتياطيًا لمرشح أساسى لدائرته بالشرقية.. شنت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات على الجماعة، وسقط المرشح الأساسى فى دائرة «مرسى»، ليصبح هو مرشح الإخوان فى الدائرة، وكأن قدره يطارده دائمًا بأن يكون احتياطيًا وليس أساسيًا، فكما حدث معه فى انتخابات 2000، حدث فى الانتخابات الرئاسية، كان احتياطيًا لخيرت الشاطر، لكن الأقدار دفعته لأن يلعب الدور الأول.
لم يستطع محمد مرسى أن ينجح فى دائرته بالزقازيق إلا من خلال تنسيق مع جهاز أمن الدولة، وقد مرر حبيب العادلى الصفقة فى إطار تفاهم يقضى بدخول عدد من نواب الإخوان مجلس الشعب، وكان أن دخل 17 نائبًا بالفعل، كان «مرسى» هو المتحدث الرسمى باسمهم.
فى انتخابات 2005، ورغم أن الجماعة كانت قد عقدت صفقة واضحة مع النظام - اعترف بها كاملة مهدى عاكف- فإن محمد مرسى لم يستطع تحقيق الفوز، وضاع منه كرسى البرلمان، رغم أنه من الطبيعى أن يفوز به لأنه كان نائبًا سابقًا.
ما الذى حدث بالضبط؟
فكر محمد مرسى أن يعمل بعيدًا عن جهاز أمن الدولة ودولة حبيب العادلى، استطاع من خلال علاقته بالدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء وقتها- معرفتهما تستند إلى أنهما كان يدرسان فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة تقريبًا فى الفترة نفسها- وجمعه بأحد قيادات الجماعة الكبار لعقد صفقة على هامش الانتخابات، لكن حبيب العادلى الذى عرف بأمر الصفقة أقسم أن يسقط «مرسى» فى الانتخابات مهما كلفه الأمر، بل إنه قال إن أى إخوانى يمكن أن ينجح هذه المرة إلا محمد مرسى على وجه التحديد، وهو ما حدث بالفعل، فعندما دخل 17 إخوانيًا إلى مجلس الشعب كان «مرسى» منهم، وعندما دخل 88 نائبًا المجلس لم يكن منهم.
الصفقة الثالثة كان «مرسى» أحد أطرافها، وعقدت هذه المرة فى مكتب حسن عبدالرحمن، رئيس مباحث أمن الدولة، فى مقر الجهاز الرئيسى بمدينة نصر، ونشرتها بعد شهور قليلة من ثورة 25 يناير ضمن سلسلة حوارات أجريتها مع عبدالرحيم على، ولم يكذبها أحد وقتها.
فى الأسبوع الأول من أغسطس 2010 توسط محمد سليم العوا بين حسن عبدالرحمن، ومحمد بديع، وطلب أن يجمعهما لقاء، وهو ما حدث بالفعل، فقد تحدد لهما لقاء حضره إلى جوار «بديع» و«عبدالرحمن» كل من محمد سليم العوا، وسعد الكتاتنى، ومحمد مرسى، واثنين من كبار قيادات جهاز أمن الدولة.
استمر اللقاء 6 ساعات، وتم الاتفاق فيه على أن يحصل الإخوان على 45 مقعدًا فى برلمان 2010، وجرت اتصالات مماثلة مع حزب التجمع، حيث اتفق قيادى أمنى كبير مع الدكتور رفعت السعيد على أن يحصل حزبه على عدد مساوٍ من المقاعد، وتم التواصل أيضًا مع حزب الوفد، على أن يكون لهم عدد من المقاعد أكبر من مقاعد الإخوان، وكان الجهاز يرى أن هذه الصفقة ستكون تغطية للحياة السياسية المصرية المقبلة على سيناريو توريث الحكم لجمال مبارك.
كانت الصفقة حتى هذه اللحظة صنيعة أمنية فقط، وكان لابد أن تعرض على الحزب الوطنى، وفى الحزب كانت لديهم خطة يعدها أحمد عز، وجمال مبارك، تقوم على أن انتخابات مجلس الشعب ستكون بروفة نهائية لانتخابات الرئاسة، وكان يعنيهم جدًا الشكل دون المضمون.
عندما رفع حسن عبدالرحمن، عبر حبيب العادلى، صفقته مع الإخوان إلى جمال مبارك، رفضها أحمد عز تمامًا، وقال إنه درب كوادر التنظيم فى الحزب الوطنى، على أساس أن هذه الانتخابات مسألة حياة أو موت، لأنها تمهد للرئاسة، وأنه يريد أن يعرف حجم الحزب الحقيقى فى الشارع المصرى، ولذلك سمح بالترشيح الثلاثى والرباعى فى الدوائر، حتى يعرف على وجه التحديد ما الذى يستطيع كوادره أن يفعلوه.
كان الإخوان قد وافقوا على كل شروط حسن عبدالرحمن، وكان جمال مبارك قد بدأ يقتنع بالصفقة، لكن أحمد عز أعلن بشكل نهائى أنه لا صفقات مع الإخوان على الإطلاق، ولأن جمال كان يخشى غضبه، فقد وافقه على إلغاء صفقة الأمن مع الإخوان قبل أن تبدأ.
لم يحزن حسن عبدالرحمن ربما على سقوط الصفقة، بقدر ما حزن على الهدية التى منحها لمجموعة الإخوان ووسيطهم محمد سليم العوا، حيث أهدى كلًا منهم علبة شيكولاتة فرنسية فاخرة، ولأنهم رفضوا أن يحملوها معهم وهم خارجون من الجهاز، فقد أرسلها لهم إلى بيوتهم.
قبل أن يحسم الحزب الوطنى أمره فى رفض الصفقة كان الإخوان المسلمون قد بدأوا فى العمل على الأرض، وكانت هناك مهمة قام محمد مرسى تحديدًا بتنفيذها، وكشف عنها فى حوار صادم نشرته جريدة «المصرى اليوم» فى 20 نوفمبر 2010، فى هذا الحوار اعترف «مرسى» بأنه ينسق مع الدكتور حمدى السيد، أحد كوادر الحزب الوطنى وقتها، فى الانتخابات البرلمانية، وأنه يقدر رموز الحزب مثل أحمد عز، وزكريا عزمى.
وقال «مرسى»: نحن نقدر الأمور، فإننا نحترم رموز الوطن، والدليل على ذلك أن الدكتور زكريا عزمى، مرشح الحزب الوطنى فى الزيتون، نحترمه ونقدره، فهل معنى ذلك أننا غير قادرين على ترشيح أحد أمامه؟ لا، نحن قادرون، لكننا نحترمه ونقدره.
أثارت كلمات «مرسى» حفيظة شباب الإخوان وقواعد الجماعة، لكن ما قاله كان مقصودًا تمامًا، بل يمكن أن تعتبره نوعًا من الغزل ساقه «مرسى» فى طريق من تريد الجماعة أن تكسب رضاهم.
كان محمد مرسى يعرف قدره جيدًا، ويدرك مدى تضاؤله أمام قيادات الحزب الوطنى، وسبحان مغير الأحوال، فبعد أن تولى الرئاسة حاول أن يصنع له تاريخًا يوحى بشجاعته مع رجال الحزب الوطنى، لكن ما جرى على الأرض لم يكن كذلك على الإطلاق، لقد تعاملوا معه باستخفاف، فحاول الانتقام منهم بعد أن أصبحت السلطة فى يده، وهنا يمكن أن أشير إلى واقعتين.
الأولى خاصة بالدكتور أحمد فتحى سرور، آخر رئيس مجلس شعب فى عصر مبارك، لم يكن «مرسى» يناديه إلا ب«أستاذنا»، لكن وبعد أن خرج «سرور» من السجن- كان متهمًا فى موقعة الجمل وقضايا أخرى- وكما قال لى ياسر على، المتحدث باسم الرئاسة لعدة شهور، فإن «سرور» اتصل به وطلب منه أن يحدد له موعدًا مع الدكتور «مرسى»، فلديه ما يقوله، ولما سأله «ياسر» عن سبب المقابلة المباشر، قال له «سرور» إنه يخشى على الرئيس من أن يضله مستشاروه، وإن لديه الخبرة القانونية الكافية التى يمكن أن يضعها فى خدمة الرئيس، نقل ياسر على - كما أكد لى - الرسالة كاملة إلى محمد مرسى، لكن الرئيس الإخوانى قال: «سيبوه شوية لما نشوف ممكن نستفيد منه بإيه».
يمكن أن ينكر الدكتور فتحى سرور اتصاله بياسر على من الأساس، وساعتها لن ألومه، أنا هنا أنشر ما سمعته بأذنى من ياسر على، وكان عليه شهود، ولا أستبعد أبدًا أن يكون «ياسر» قد افترى على الرجل.
أما الواقعة الثانية فخاصة بالدكتور زكريا عزمى الذى أشاد به «مرسى» فى نوفمبر 2010، ووصفه بأنه رمز من رموز الوطن، ثم عاد وهاجمه فى خطابه الشهير فى 26 يونيو 2012، والذى هاجم فيه الجميع، واتهمه صراحة بأنه يقود ميليشيات من الفلول ضده.
كان زكريا عزمى بالنسبة لمحمد مرسى هو الملجأ والملاذ، فعندما كان «مرسى» نائبًا فى مجلس الشعب «2000 - 2005» تم اعتقال ابنه الأكبر «أسامة» خلال إحدى مظاهرات الإخوان المسلمين، تحدث مع الدكتور مصطفى الفقى، وقال له إن ابنه معه الجنسية الأمريكية، ولا يريد أن يضغط من خلال الاتصال بالسفير الأمريكى حتى ينهى الموضوع، وقتها نصحه مصطفى الفقى بأن يتصل بالدكتور زكريا عزمى الذى أنهى الموضوع على الفور، وتم الإفراج عن ابن مرسى.
المفارقة أن الدكتور مصطفى الفقى فى الأيام الأولى لرئاسة «مرسى» روى هذه الواقعة تليفزيونيا، وكان بذلك أول من أشار إلى جنسية أولاد محمد مرسى الأمريكية، وهو الإعلان الذى تقدم بعده بعض المحامين بدعاوى قضائية طالبوا فيها بإسقاط الجنسية الأمريكية عن أولاد الرئيس، وأعتقد أن بعضًا هذه القضايا لا يزال متداولًا حتى اليوم.
على هامش صفقات محمد مرسى وعلاقاته برجال نظام مبارك - دع عنك الأكاذيب التى رددها عن مواقفه مع كمال الشاذلى، وكيف أن الشاذلى قال له: السياسة نجاسة يا دكتور مرسى وأنتم ناس أطهار فسيبوا لنا إحنا النجاسة، فهو مما لا يعقل أساسًا - فإننى أتوقف عند دور الدكتور محمد سليم العوا فى الوساطة بين أمن الدولة وجماعة الإخوان المسلمين، والذى بدأ تحديدًا منذ العام 2008
لماذا محمد سليم العوا تحديدًا؟ وهل كانت للرجل علاقات خاصة أو عادية مع رجال أمن الدولة؟
الحقيقة أن سليم العوا لم يكن يرتبط بعلاقات مع ضباط فى جهاز أمن الدولة، بل كانت علاقته رأسًا برئيس الجهاز اللواء حسن عبدالرحمن، وبدأ التواصل بينهما عندما طلب «عبدالرحمن» «العوا» إلى لقاء فى مكتبه ليناقش معه بعض الأمور الخاصة بالتيارات الإسلامية باعتباره خبيرًا فى شؤون هذه الجماعات.
استجاب «العوا» على الفور، بل سارع إلى تلبية نداء حسن عبدالرحمن «فى ملف سليم العوا فى أمن الدولة أنه يحب التقرب من السلطة ويهوى صداقة الكبار والمسؤولين والوزراء فى المواقع المهمة»، وربما لهذا أصبح صديقًا مقربًا من حسن عبدالرحمن الذى أصبح يتردد على مكتبه منذ العام 2006، وكانت للقاءاتهما سويًا طقوس خاصة، فعندما كان يستقبل «عبدالرحمن» صديقه «العوا» كان يرفض استقبال أى قيادات أمنية من داخل الجهاز أو خارجه، حتى لو كانت الأمور عاجلة وملحة.
لم يكن حسن عبدالرحمن يثق فى أحد، يعتبره كل من عملوا معه أكبر شكاك على وجه الأرض، لكنه مع ذلك كان يثق بالدكتور محمد سليم العوا الذى أصبح وسيطًا بين أمن الدولة والعديد من التيارات الإسلامية، ولم يتوقف الأمر على مصر، بل تعداه إلى خارجها، حيث تمت الاستعانة بالعوا أكثر من مرة فى تبليغ رسائل إلى حسن نصر الله، زعيم حزب الله، وكان الرجل يقوم بالمهام الموكلة إليه بمنتهى الكفاءة.
يتبقى لدىّ فى هذا الملف أمر واحد، ويتعلق بسليم العوا وليس الإخوان، فأثناء معركة الانتخابات الرئاسية فى 2012، كانت هناك رغبة لدى قيادات فى الأمن الوطنى ممن لديهم ملف سليم العوا الكامل فى أمن الدولة «به بعض التقارير بخط يده» فى تسريبه إلى الصحف، معتقدين بذلك أنهم يمكن أن يساعدوا فى حرقه أمام الرأى العام، لكن قيادات سيادية حالت دون تسريب الملف، وكانت وجهة نظرهم فى ذلك أنهم لا يريدون حرق «العوا»، لأنه فى النهاية يمكن أن يساهم فى تفتيت أصوات التيار الإسلامى، فيكون الفوز من نصيب مرشح مدنى، وتم حجب الملف بالفعل، لكن لم يفز مرشح مدنى.
تم حجب الملف فى المرة الأولى، لكننى أعتقد أنه لن يظل محجوبًا إلى الأبد.
موضوعات متعلقة :
وادى الخيانة .. الحلقة الأولى .. مبارك لم يذكر الإخوان صراحة إلا مرتين فقط.. الأولى فى 89 عندما قال للهضيبى: ما الإخوان بيتكلموا كويس أهه والثانية عندما كشف علاقتهم بالأمريكان فى 2005
وادى الخيانة .. الحلقة الثانية ..عمر سليمان يكشف سر كراهية مبارك الشخصية لقيادات الإخوان ..الجماعة طلبت من هيكل التوسط لدى سليمان للجلوس معه أثناء محاكمة مبارك
وادى الخيانة..الحلقه الثالثة..الإخوان اتفقوا مع أبوغزالة على دعمه فى انتخابات الرئاسة 2005 ثم باعوه لمبارك..يحيى الجمل لعب دور الوسيط بين «الجماعة» و«المشير»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.