المأثور والتراث والعادات والتقاليد هى أشياء مهمة بلاشك، ذلك لأنها تحمل تجارب وحكمة الشعوب التى تراكمت عبر السنين وعن طريق الخبرة والتجربة الجمعية للبشر، ولكنها ليست بالضرورة أن تكون صالحة لكل زمان ومكان، فهى بنت عصرها ونتيجة لزمانها، وضمن هذا الموروث النظرة السطحية للمشاكل والاستسهال تصورا للحل، الشىء الذى يؤكد نظرية التواكل لا التوكل، ويكرس سياسة القعود وليس النهوض، وقد تجلت هذه النظرية فى تاريخ البيروقراطية المصرية فى حال التمويل للجان التى تشكل لجانا حتى تتعقد المشكلة بلا حل إلى الأبد، وبنفس الطريقة وذات المنهج نرى الآن الاستسهال فى طرح فكرة الكوتة تحت اسم التمييز الإيجابى لتمثيل المرأة والأقباط فى المواقع والمجالس التشريعية، نعم هناك مشاكل تعوق وصولهما إلى المواقع ولكن السبب ليس ناتجاً عن قانون يمكن أن يعدل أو يلغى، ولكن السبب هو عادات وتراث اجتماعى ونفسى وطائفى قد خلق حالة تمييزية ضد المرأة تفرقها عن الرجل كنوع وضد الأقباط كموروث طائفى واجتماعى وثقافى وسياسى تراكم عبر الزمان، والأهم أنه يستند إلى مبرر دينى وعقدى، وهنا نذكر بأنه كان هناك أكثر من تجربة لكوتة المرأة فى مجلس الشعب لم تؤت ثمارها فى الحل المستقبلى للمشكلة، ناهيك عن إضافة أسباب دينية، وبعد وصول التيار الإسلامى للمشاركة فى اتخاذ القرار، فهل تتصورون أن الكوتة للأقباط ستسقط هذا المناخ وذاك الفرز الطائفى الذى يتزايد؟ وهل المشكلة هى وصول عدد من الأقباط لمجلس الشعب؟ والمشكلة أن من يطالبون بالكوتة من الأقباط أو الكنيسة يتصورون أن هذا العدد ستكون مهمته الدفاع عن الأقباط وعن مشاكلهم والمطالبة بحوقهم، الشىء الذى يؤكد المجتمع الطائفى والدستور الطائفى بما يهدد سلامة الجميع خاصة فى ظل الظروف والمناخ الذى تعيشه البلاد الآن، يتحدثون عن المواطنة وحقوق المواطنة وهم يسعون إلى دسترة الطائفية ويمهدون لقسمة الوطن وهم لا يعلمون أو يعلمون، لماذا لا يمثل الأقباط؟ لأنهم مازالوا وسيظلون إلى حين يعلمه الله مهاجرين إذا لم يكن جسديا فنفسيا إلى الكنيسة، فهل الكوتة أيها الاستسهاليون ستغير من هذا المشهد؟ وماذا سيكون رد الفعل من الشارع المشحون طائفيا تجاه كوتة للأقباط؟ وما هو رد الفعل على أرض الواقع؟ وهل الكوتة ستحول القبطى المشارك ترشحا وانتخابا إلى مواطن مصرى يطلب صوت المصريين؟ وهل الكوتة سترفع وصاية الكنيسة عن الأقباط؟ وكيف ستوزع الكوتة على الطوائف المسيحية المختلفة والمتصارعة؟ الحل يا سادة ليس فى تمييز إيجابى، ولكن فى بداية صحيحة وحقيقية لمحاصرة المناخ الطائفى، فى تغيير الخطاب الإعلامى والدينى بما يتوافق مع القيم الدينية والصحيحة، بعيدا عن هذا الصراع الدينى الذى يستفيد منه تجار الدين هنا وهناك، الحل رفع يد الكنيسة وعدم تدخلها فى غير الشأن الروحى، الحل هو أن ننتزع المواطنة ليس بنص دستورى، إنما بمشاركة سياسية كمواطنين وليس كمسيحيين، نعم الطريق طويل وشاق، ولكنه هو الحل الصحيح والسليم والأبقى ولكن طريق الكوتة ونظرية الاستسهال لن تحل بل ستعقد، وتؤكد القسمة الطائفية إلى الأبد بما يؤدى إلى تحقيق المخططات بأيدينا، وعلى المتاجرين بمشاكل الأقباط أن يجدوا سبوبة أخرى، الحل هو حل مشاكل الأقباط فى إطار الحل العام لكل مشاكل المصريين وهذه هى المواطنة.