زاوية صغيرة هى عالمهما الخاص, يفترشان الأرض, تنظر عيناهما إلى الخيوط التى تحجز مكانها داخل النول الخشبى ليخرج منها قطعة سجاد جميلة. "محمد" و"محمود" شقيقان لم يتجاوز عمرهما ال20 ربيعا, اتفقا قبل أن ينهيا تعليمهما الجامعى على استكمال مشوار عائلتيهما الذى استمر قرابة 63 عاما فى صناعة السجاد اليدوى، خوفا عليها من الانقراض, ففى البداية يقوما بشراء الحرير الخام وصبغه فى المنزل، ثم يقوما بإعداد النول من خلال تثبيت الخيوط التى يتم نسج السجادة عليها ثم مرحلة صباغة خيوط الحرير البيضاء للحصول على الألوان المطلوبة. الحرفة ليست سهلة كما يروى "محمود" وتحتاج إلى جهد وتركيز كبيرين, فقد أتقنا المهنة منذ نعومة أظافرهما, ويضيف: سعر السجادة اليدوى الواحدة يتراوح بين 20 جنيها إلى 4 آلاف جنيه, ويستغرق صنع المتر الواحد من السجاد نحو شهر ويزيد, والسجادة الكاملة نحو 4 شهور. ويتحسر شقيقه "محمد" على قلة الطلب على منتجاتهما، الأمر الذى جعل والدهما يتحول إلى مهنة أخرى وهى النجارة, رغم أنها مهنة أبيه وأجداده قائلا: "الحال نايم و أغلب الناس اللى بتشتغل فى السجاد اليدوى هجرته، لأنه مش جايب همه , والشغل اللى بنخلصه كله يتخزن فى البيت انتظارا للطلبيات الكبيرة أو مواسم المعارض، و بنضطر ننزل من سعره علشان نبيع أو نلف بالبضاعة فى مناطق الهرم والحسين". "محمد" يؤكد أن معظم زبائنهما من الصعيد وسيناء أو الشباب الذى يبيع المنتجات فى المعارض الدائمة والمتنقلة، لافتا أن الصناعة تأثرت كثيرا بالثورة، نظرا لتراجع إقبال الأفواج السياحية التى كانت تشترى منهما بكميات كبيرة . وعن الفارق بين السجاد اليدوى والسجاد المصنوع بالماكينات يقول "محمد"، إن الأول يتميز بالأناقة والمتانة بعكس الأخير الذى لا يتحمل عوامل الزمن والجو والظروف المختلفة علاوة على ضعف خاماته. وعبر"محمد"عن استيائه من إهمال الدولة الصناعات اليدوية، وانصرافها عن دعمها ما يعرضها للانقراض فى أى وقت, مؤكدا أنه يحلم بإقامة مصنع لهذه الصناعة لتصدير المنتج إلى الخارج، و تشغيل الشباب العاطل.