استشهاد فلسطيني متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال خلال اقتحام بلدة عنبتا شرق طولكرم    من 10 نقاط والتطبيع شرط، وثيقة أمريكية تكشف مبادئ ل"ما بعد حرب غزة"    حسام حسن يدرس استبعاد إمام عاشور من مواجهة غينيا بيساو    بورصة الدواجن اليوم بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض السبت 8 يونيو 2024    سوق السيارات المصرية: ارتفاع متوقع في الأسعار لهذا السبب    الدرندلي يكشف كواليس جلسة محمد صلاح مع وزير الشباب والرياضة والتوأم.. وسبب تأجيل سفر المنتخب إلى غينيا    «اهدى علينا شوية».. رسالة خاصة من تركي آل الشيخ ل رضا عبد العال    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    مصافحة شيرين لعمرو دياب وغناء أحمد عز ويسرا.. لقطات من زفاف ابنة محمد السعدي    تراجع عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم في السعودية بمستهل تعاملات السبت 8-6-2024 في المحال    الأرصاد الجوية: طقس شديد الحرارة نهارًا مائل للحرارة ليلًا    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع    "المهن الموسيقية" تهدد مسلم بالشطب والتجميد.. تفاصيل    دعاء ثاني أيام العشر من ذي الحجة.. «اللهم ارزقني حسن الإيمان»    الفرق بين التكبير المطلق والمقيد.. أيهما يسن في عشر ذي الحجة؟    كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره صورة من محور يحمل اسم والده الراحل    نجيب ساويرس ل ياسمين عز بعد حديثها عن محمد صلاح: «إنتي جايه اشتغلي إيه؟»    خلال ساعات، اعتماد نتيجة الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    رئيس البعثة الطبية للحج: الكشف على 5000 حاج.. ولا حالات خطرة    الجيش الأمريكي يعلن تدمير مسيرات وصواريخ للحوثيين على خلفية تصعيد جديد    مفاجأة.. مكملات زيت السمك تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    شلبي: نسخة إمام عاشور بالزمالك أفضل من الأهلي.. نجوم الأبيض "الأحرف".. وسنفوز بالسوبر الأفريقي    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    عشرات القتلى والجرحى في هجمات على مقاطعتين أوكرانيتين ضمّتهما روسيا    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    البيت الأبيض: لا نسعى إلى صراع مع روسيا لكن سندافع عن حلف "الناتو"    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    حزب الله اللبناني يعلن استهداف تجمعا لجنود إسرائيليين في مثلث الطيحات بالأسلحة الصاروخية    بيسكوف: "الخط الأحمر" بالنسبة لنا كان توجيه أوكرانيا ل"معادة روسيا"    أطول إجازة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي على طريق جمصة بالدقهلية    ربة منزل تنهي حياتها شنقًا بعد تركها منزل زوجها في الهرم    إصابة 5 أشخاص بحالات تسمم بعد تناول سندوتشات حواوشى بالمحلة    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2 مليون و232 ألف جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نائب محافظ القاهرة يتابع أعمال النظافة وإزالة الإشغالات بحي عين شمس    محمود محيي الدين يلتقي البابا فرانسيس على هامش مبادرة أزمة الديون في الجنوب العالمي    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    هيثم الحاج علي: 30 يونيو أرست العدالة الثقافية في مصر    إزاى محمد منير غنى "ياللى بتسأل عن الحياة" مجانا بفيلم أحلى الأوقات.. اعرف القصة    خبير اقتصادي: طرح كبير بنهاية العام.. والمواطن سيشعر بتحسن    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    «صفقات سوبر ورحيل لاعب مفاجأة».. شوبير يكشف ملامح قائمة الأهلي الصيف المقبل    كيف توزع الأضحية؟.. «الإفتاء» توضح ماذا تفعل بالأحشاء والرأس    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    بولندا تهزم أوكرانيا وديا    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    لخلافات بينهما.. مُدرس بالمعاش يشرع في قتل طليقته بالشرقية    «الاتصالات»: نسعى لدخول قائمة أفضل 20 دولة في الذكاء الاصطناعي بحلول 2028    أستاذة اقتصاديات التعليم لإكسترا نيوز: على الطلاب البحث عن تخصصات مطلوبة بسوق العمل    الكشف على 8095 مواطناً خلال قافلة طبية بقرية بلقطر الشرقية بالبحيرة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    أوقفوا الانتساب الموجه    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات فى ذكرى المفكر سلامة موسى الأب الروحى لنجيب محفوظ
نشر في اليوم السابع يوم 05 - 08 - 2013

رائد الاشتراكية المصرية ومن أول المروّجين لأفكارها، تتلمذ على يديه نجيب محفوظ الذى يؤثر عنه قوله له "عندك موهبة كبيرة، ولكن مقالاتك سيئة" الأمر الذى دفع نجيب محفوظ إلى العناية فى انتقاء مواضيعه، حديثا عن الكاتب والأديب الكبير سلامة موسى التى يمر علينا اليوم ذكرى رحيله الخامسة والستون.
قال نجيب محفوظ عن سلامة موسى: "كان سلامة موسى الراعى والمربى الأدبى لى"، ويضيف أيضا: "سلامة موسى كان الوحيد الذى قبل أن يقرأ رواياتى الأولى وكان أحد العوامل الكبرى التى ساعدتنى فى حسم اختيارى الأدبى".
ويعتبر سلامة موسى: "أكبر مبشر فى جيلنا بالعدالة الاجتماعية وبالعلم وبالرؤية العصرية"، هذه مقتطفات من شهادة الروائى العظيم نجيب محفوظ صاحب نوبل فى الآداب عن أثر سلامة موسى فى تكوينه الأدبى والثقافى، وقد جاءت باستفاضة فى كتاب "نجيب محفوظ بقلمه" (كتاب اليوم – إبراهيم عبد العزيز)، وهى شهادة قلما التفت إليها النقاد والمفكرون، يقول محفوظ فى شهادته بنص كلماته:
"كنت أمضى العام كله وأنا أكتب رواية واحدة ثم آخذها تحت إبطى فى آخر العام وأركب الترام إلى الفجالة، ادخل حارة ميخائيل جاد وادق باب أحد البيوت فيخرج لى سلامة موسى، ويأخذ منى الرواية وأسبوع يمر وأروح لسلامة موسى البيت فأفاجأ به يقول لى: مش بطال لكن حاول مرة تانية وكان الأديب الوحيد الذى قبل أن يقرأ رواياتى الأولى وهى مخطوطة بل كان هو أحد العوامل الكبرى التى ساعدتنى فى حسم اختيارى الأدبى، واذكر أنه قال لى: إن أغلب الذين يكتبون القصة فى مصر من المتأثرين بالغرب فكيف يمكن كتابة رواية مصرية لحما ودما؟ كم هى جميلة تلك اللحظات التى اتذكر فيها بداية علاقتى به، حين صدرت المجلة الجديدة وكنت أول قارئ اشترك فيها فارسل لى سلامة موسى خطابا يشكرنى ويقول فيه: اعتبرك من أصدقاء المجلة.
وكنت أرسل إليه مقالات فى الاجتماع والفلسفة وغالبا ما كان ينشرها لى، عشر سنوات كاملة بين 1929 و1939 كان سلامة موسى هو الراعى والمربى الأدبى لى.
نشر لى وأنا فى الثانوى، ثم فى الجامعة عشرات المقالات وكتابا مترجما. كان من النادر أن تجد رجلا مثله يكتشف الموهبة ويواكب نموها بالرعاية الكاملة حتى تصل ومن النادر كذلك أن تجد مثل الأخلاق الرفيعة التى كان عليها، باع كل ما يملك من أجل الرسالة التى نذر نفسه لها وقد كتب عن ثلاثية بين القصرين قبل وفاته عام 1958 بعدة أشهر.
نعم كان لسلامة موسى أثر قوى فى تفكيرى فقد وجهنى إلى شيئين مهمين هما العلم والاشتراكية ومنذ دخلا مخى لم يخرجا منها إلى الآن. كان سلامة موسى أكبر مبشر فى جيلنا بالعدالة الاجتماعية وبالعلم وبالرؤية العصرية، وبقدر تطرفه فى الدعوى للعلم والصناعة وحرية المرأة كان فى الجانب السياسى معتدلا فلم يجنح إلى الديكتاتورية وكان لسنا صادقا للفابية الإنجليزية لذلك اعتبره الأب الروحى للاشتراكية والديمقراطية وكان سلامة موسى واحدا من مفكرينا القلائل الذين ثبتوا على مبادئ واحدة من المهد إلى اللحد ويقف وراء أفكارى السياسية والاجتماعية".
ومن جانبه يؤكد د. نصار عبد الله أستاذ الفلسفة بآداب سوهاج أن سلامة موسى ظهر فى فترة كان التنوير احد معالمها فبعد ثورة 1919 كانت هناك موجة تنويرية عارمة وكان سلامة موسى أحد أبرز رموزها مع شبلى شميل وإسماعيل أدهم الذى كان تنويريا متفردا وله كتاب فى منتهى الجراة هو "لماذا أنا ملحد؟" كانت الفترة التاريخية تسمح بنشر مثل هذه الكتب دون أن يتعرض المؤلف لردود فعل عنيفة، وأقصى رد فعل وقتها أن يكتب مؤلفا كتابا للرد مثلما فعل إسماعيل مظهر عندما رد بكتاب "لماذا أنا مؤمن؟".
أبرز ما يميز سلامة موسى أنه مروج للفكر العلمى وكان يرفض التفسير الغيبى والخرافى وأصدر مجلة تكرس لهذا التوجه العلمى فى التفكير وكان هذا حصاد رحلته لفرنسا وبريطانيا للدراسة ولقائه برواد الفكر الفابى "الاشتراكيين الفابيين" الذين أثروا عليه فازداد إيمانه بقيمة العدل فى المجتمع واهمية التفكير العلمى وعندما عاد إلى مصر اصدر صحيفة "الاشتراكية" وأهم إنجازاته أنه دعا إلى تطوير اللغة وإلى اعتماد العامية كلغة للعلم والثقافة لكن هوجمت دعوته هجوما شديدا، ودعا إلى الارتباط بالهوية الفرعونية لمصر.
وفى كتابه سوبر مان دعا إلى ربط مصر بأوروبا تماما ولم يكن كغيره من المثقفين الذين اتخذوا موقفا وسطا ينسج بين العروبة والمعاصرة إنما كان من أنصار إيجاد نوع من القطيعة بين مصر والثقافة العربية.
ويحمد له أنه ترجم أصل الأنواع لداروين وكان يتبنى النظرية الداروينية وتصادم مع بعض التفسيرات الدينية وقتها فهاجمه بعض مشايخ عصره، لكنه ظل مصرا على موقفه ومن المحزن أن الأمر تكرر فى عندما ذهب أيضا بعض المشايخ لفتحى سرور عندما كان وزيرا للتعليم العالى فى الثمانينات واعترضوا على تدريس نظرية التطور فى المدارس فرد: ليس معقولا أنا سأقطعها بيدى، هذا الموقف يشرح لنا كيف تطور المناخ الفكرى والثقافى من حقبة منفتحة إلى حقبة لا تسمح بأى حد مشروع للتفكير العلمى فسلامة موسى كان حصاد مرحلة مستنيرة فى التاريخ المصرى ولوكان موجودا بيننا فى السنوات الأخيرة ربما أهدر دمه، فنجيب محفوظ تعرض للاغتيال لأسباب أقل بكثير من الأفكار الجريئة لموسى، وكذلك فرج فوده، وغيرهم لأننا عشنا زمنا كانت فيه مجرد الدعوة لأعمال العقل مبررا للقتل.
ويرى المفكر محمد حافظ دياب أن سلامة موسى ظهر فى مطلع القرن الماضى بين قوى فكرية متعددة عرفتها مصر فى تلك الفترة كالقوى السلفية المتمثلة فى محمد عبده وجمال الدين الافغانى وعبد الرحمن الكواكبى، والتى لم تكن سلفية بالمعنى الذى نعيشه هذه الأيام لكن بمعنى محاولة تطعيم التجربة العربية الإسلامية بكل مكتسبات الغرب، والقوة الثانية هى القوى الوطنية بزعامة أحمد لطفى السيد والتى كانت تدعو إلى القومية المصرية آنذاك ضد التتريك والعثمانلية وكانت تعول على الصيغة الوطنية المصرية، أما القوة الثالثة التى شارك فيها سلامة موسى فكانت تلك التى دعا إليها الحزب الاشتراكى.
وأوضح دياب أنه لو نظرنا لفكر سلامة موسى سنجده متحمسا تحمسا مبالغا فيه لنموذج النهضة الغربية ومبادئها وقيمها وهوما يتضح فى دعوته إلى الكتابة بالحروف اللاتينية ونزعته الفرعونية وفكره العلمانى وتقسيمه الواضح بين الشرق والغرب باعتباره للشرق مجتمع الزراعة والأدب والغرب موطن العلم والصناعة وهنا يجوز القول أنه تأثر بروافد ثلاثة أثرت على أفكاره وهى الرافد العلمى المتمثل فى الداروينة التى آمن بها والرافد الأدبى فقد اتسق مع رواد عصر التنوير وأفكارهم والرافد السياسى وكان فى هذا الرافد قريب من دعوة أحمد لطفى السيد رئيس تحرير جريدة "الجريدة" إلى القومية المصرية.
ويمكن النظر للدور الكبير الذى لعبه سلامة موسى فى مطلع القرن الماضى كجزء من الدور الأكبر الذى لعبه أقباط مصر فى القضية الوطنية، وأن مشاركتهم فى حركة النضال المصرية كانت دائما مشاركة وطنية وليست فئوية أودينية.
يضيف دياب أن ما يؤخذ على سلامة موسى هو أنه لم يقرأ التراث العربى والإسلامى ورفض الماضى تماما ربما لأنه كان يرى أن القضية تمس المستقبل وليس الماضى، وكان له فى ذلك رأيا وجيها يقول إننا لو انغمرنا فى حوار التراث سننشغل عن المستقبل، ويحسب له أنه قدم لنا فرضية أثبت التاريخ صحتها وهى أن الغرب ليس واحدا إنما فيه أطياف كثيرة وهو ما نبه إليه بامتياز فى أعماله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.