سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هل تستغل السودان ورقة مياه النيل للضغط على مصر مقابل "حلايب".. بعد سنوات من الرفض فوجئت القاهرة بموقف الخرطوم المحايد من سد النهضة.. خبير: رد الفعل الرسمى المصرى لم يكن على مستوى الرفض الشعبى
رأى خبراء سودانيون فى تصريحات خاصة ل"الأناضول"، أن موقف الخرطوم غير التصادمى مع إثيوبيا إزاء موضوع سد النهضة على نهر النيل التى أطلقت أديس أبابا، إشارة البدء لتنفيذه مرده علاقات السودان الوثيقة مع إثيوبيا، كما أنه ربما يعكس توجها سودانيا للضغط على مصر بورقة المياه مقابل تنازل القاهرة عن المثلث الحدودى المتنازع عليه بين البلدين فى منطقة حلايب وشلاتين. وكان موقف السودان تجاه القرار الإثيوبى بخصوص سد النهضة مفاجئا حيث بدا موقفها محايدا، وذلك خلافا للسنين الماضية التى شهدت تكتل دولتى المصب (مصر والسودان) ضد دول المنبع بسبب اتفاقية عنتيبى التى تؤسس لتقليل حصتى مصر والسودان من ميله النيل. وعندما أعلنت أديس أبابا قرارها ليل الاثنين الماضى وبدأت تنفيذه صبيحة الثلاثاء، أبدت القاهرة تحفظها من خلال تصريحات لمسئولين، لكن الخرطوم كانت صامتة وكأن الأمر لا يعنيها. ورغم إلحاح الصحفيين على مسئولى وزراتى الموارد المائية والخارجية السودانية، إلا أن رد الفعل الرسمى ظل غائبا حتى مع وصول وزير الموارد المائية السودانى أسامة عبد الله محمد الحسن، للقاهرة صباح الأربعاء فى زيارة طارئة، لكن مع حلول مساء الثلاثاء، كسرت وزارة الخارجية السودانية الصمت الرسمى عبر بيان صحفى مفاجئ، أكدت فيه أن السودان لن يتضرر من الخطوة الإثيوبية، وتعدت ذلك إلى محاولة سحب تصريح لسفيرها بالقاهرة كمال حسن على وصف فيه القرار الإثيوبى بأنه "صادم"، وقال فيه إن بلاده بالتنسيق مع مصر تدرس طلب اجتماع طارئ للجامعة العربية. ورغم أن كثير من خبراء المياه السودانيين نصحوا حكومة بلادهم على مدار السنين الماضية بعدم معارضة تشييد سد النهضة والدخول فى معركة مع أديس أبابا من غير معترك بحجة أنه لا ضرر على السودان من السد، إلا أن الحكومة ظلت مناصرة للقاهرة فى موقفها من سد النهضة ومن اتفاقية عنتيبى، كذلك والتى يقول خبراء أيضا أن رفضها لها مجاملة لمصر وليس لضرر واقع على السودان منها، لكن كل هذه المناصرة انقطعت على نحو مفاجئ وهو ما لا يمكن تفسيره بمعزل عن "الدور القوى الذى باتت تلعبه أديس أبابا فى الملف السودانى مقابل تضعضع الدور المصرى فى السنين الأخيرة"، طبقا لما قاله آدم محمد أحمد عميد كلية العلوم السياسية بجامعة "الزعيم الأزهري" بالعاصمة السودانية الخرطوم، إلا أنه يشير إلى نقطة مهمة، وهى أن رد الفعل المصرى الرسمى نفسه لم يكن حادا كما هو الحال مع رد الفعل الشعبى. ووصف أحمد مناصرة السودان لمصر فى الفترة الماضية بأنها "تبعية مطلقة وغير مبررة ولا تعبر عن مصالحها القومية بقدر ما تعبر عن مصالح مصر"، وتابع : "موقف السودان موقف عاطفى ويأتى على حساب علاقته بدول المنبع لأن اتفاقية 1959 (بشأن تقاسم حصص المياه بين دول حوض نهر النيل) نفسها كانت مجحفة فى حق السودان". ومن بين دول حوض النيل العشرة، وقعت 7 دول على اتفاقية "عنتيبي" التى تطرح بشكل غير مباشر إعادة النظر فى حصتى دولتى المصب (مصر والسودان). والدول السبع الموقعة هي: إثيوبيا، رواندا، بوروندي، أوغندا، كينيا، تنزانيا، والكونغو الديمقراطية، فيما أعلن سفير جنوب السودان بمصر مؤخرا عزم بلاده (أحدث دولة عضو بتجمع حوض النيل) التوقيع على الاتفاقية، فى المقابل أعلنت كل من مصر والسودان رفضهما الاتفاقية التى يعتبران أن فيها "مساسا بحقوقهما التاريخية" فى حصتهما بمياه النيل. وترى الدول الموقعة على "عنتيبى"، أن الاتفاقية الأولى الموقعة فى العام 1959، "تمنح مصر والسودان، حق السيطرة على أكثر من 90% من مياه النيل".