لم تمر جريمة خطف الجنود المصريين فى سيناء دون دروس وعبر تثبت دائما بعض الحكم، التى مهما يمر عليها الزمن، إلا أنها لا تتبدل ولا تتغير ومن هذه الحكم أن "النصر مع الصبر" وأن "الكون لا يقبل الفراغ" وأنه "لا يضيع حق وراءه مطالب" فتحرك الجيش فى المنطقة منزوعة السلاح منطقة (ج) لتمشيطها ومحاصرة البؤر التى يتحصن بها المجرمون أمر لم يحدث منذ عقود، ونزول قوات ومعدات ثقيلة بهذا العدد قد كسر اعتقاد البعض بأن انتشار الجيش فى تلك المنطقة أمر غير وارد، كما أنها كسرت نظرية تحصن المجرمين والمهربين سواء من مصر أو من خارجها فى هذه المنطقة لأنها بعيدة عن متناول يد الجيش المصرى. الجريمة التى تمت على أعين الجميع حطمت كثيرا من الأفكار الخاطئة التى طرحت عبر كثير من المنابر الإعلامية فالخلاف بين مؤسسة الرئاسة والجيش لم يحدث بل على العكس التنسيق بينهما كان هو عنوان العملية، وهيبة وكرامة الجيش المصرى لم تنكسر وما زالت موجودة بل زادت وترسخت بعد التحرك الأخير فى أعين أهل سيناء وفى أعين الخارجين على القانون وفى أعين العدو وغيره من الذين راهنوا على كسر هيبة الجيش وإحراجه، وعلاوة على الانتصار المعنوى للجيش فهناك انتصار سياسى لمؤسسة الرئاسة، وانتصار معنوى لجهاز المخابرات المصرية، وانتصار اجتماعى لشيوخ وعواقل القبائل السيناوية، وكذلك طمس الصورة السيئة التى حاول البعض تشويه أهل سيناء بها. وعلاوة على ما مضى فإن العملية أتت بنتائج إيجابية، فلقد ذكر المتحدث باسم الجيش المصرى أنه تم التنسيق مع إسرائيل لزيادة عدد قوات الجيش فى هذه المنطقة وهو تغير كبير فى استراتيجية الجيشين المصرى والإسرائيلى، كما أنه ذكر أن عمليات الجيش لم تنته فى هذه المنطقة، وستستمر حتى تطهيرها، وتم تدمير أكثر من 257 نفقا بين مصر وغزة منذ بدء عملية هدم الأنفاق بواسطة المهندسين العسكريين، وهذا يجيب على كثير من علامات الاستفهام التى حيرت الكثيرين. إن عملية خطف الجنود المصريين واسترجاعهم فى سيناء عملية ستعيد الكثير من حسابات الكثير من المؤسسات فى مصر والدول المجاورة، وسيبنى عليها خطط واستراتيجيات جديدة وسترسم خطوط وعناوين عريضة فى شمال سيناء ومنها: عمليات مكافحة التهريب وضبط الحدود وزيادة التواجد العسكرى، ورسم المنطقة ديموجرافيا ومحاولة تعميرها، وبهذا فإن عودة مصر إلى هذه المنطقة سيكون حتميا وضروريا ومن أولويات المرحلة لتنهى بذلك عزلة استمرت لسنوات طويلة، فكما قال أحد شيوخ سيناء فى عيد تحريرها الأخير "إن سيناء عادت إلى مصر لكن مصر لم تعد إلى سيناء"، حفظ الله مصر وأهلها وسيناء وأهلها وكل قطعة من ترابها الغالى.