بداية يجب التنويه أن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين هو من المقدسات الإسلامية التى حدثنا عنها القرآن الكريم فى نصوصه حين ذكره ربنا فقال جل وعلا فى سورة الإسراء " سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" صدق الله العظيم. كما أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم أم جميع الأنبياء فيه وصلى بهم فى رحلة الإسراء والمعراج وهذا دليل على مكانته فى الإسلام وتعظيمه من المسلمين، والمسجد الأقصى قامت من أجله الحروب وحركت من أجله الجيوش، ففى عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى تسلم مفاتيحه من بابا الرومان آنئذ سلميا وكانت الدولة الإسلامية فتية عفية أما فى عهد صلاح الدين فكانت المعارك تحتدم من أجله حتى حرر بعد أكثر من تسعين عاما من احتلاله وفى العصر الحديث فقد أحرق المسجد الأقصى على يد أحد المتطرفين اليهود عام 1969م وأحرق منبر صلاح الدين فيه. اليوم نحن أمام واقعة لا تقل خطورة عن تلك الوقائع التى حدثت للمسجد من قبل لكن المختلف اليوم عما مضى هو حدوث تلك الواقعة الأليمة التى اقتحم فيها اليهود المسجد الأقصى ومصر الثورة تحت حكم فصيل الإخوان المسلمين وهو فصيل سياسى ذو خلفية إسلامية، وقد نادى من ذى قبل بتحركات شعبية ورسمية لحماية المسجد الأقصى . منذ عام ونيف وفى خضم فعاليات ومليونيات المرحلة الانتقالية حيث الشد والجذب السياسى بين رجال الدولة الذين يسلمون ويستلمون سلطة البلاد بمختلف مواقعهم السياسية والدينية والعسكرية كانت الهتافات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين تهز ميدان التحرير "على القدس رايحين شهداء بالملايين" قبل أن يتولى هذا الفصيل إدارة شئون البلاد، ورغم أن مسئولية حماية المسجد الأقصى هى مسئولية جميع المسلمين ورغم أن التحركات الشعبية التى تحدث اليوم كما حدثت من قبل لا تسمن ولا تغنى من جوع ولا تفيد فى مثل هذه المواقف التى تحتاج لتحركات رسمية على مستوى الدول كما فعلت الأردن مثلا إلا أن المسئولية الرسمية لمن يقوم على أمر الدولة المصرية لم تظهر حتى الآن ولم تكن على المستوى المطلوب بل هى أضعف وأهدئ فى ردة فعلها عما كان عليه النظام السابق الذى كنا ننتقده بكل قوة فى هذه المواقف، فأين التحرك الرسمى للرئيس والحكومة والحزب الحاكم وكل من يمت للإخوان المسلمين بصلة أم أن هذه التحركات الشعبية التى حركت لتسكين الشارع ليبقى التحرك الرسمى محتفظا بدبلوماسيته المقيتة التى تعتمد على حساب المصالح والتوازنات التى تبقى الحزب الحاكم وجماعته فى سدنة الحكم وتضعهم فى نفس موضع التفكير الذى كان يفكر به من سبقهم. على الإخوان تدارك الموقف الرسمى لهم بصفتهم مسئولين عن حكم هذه الدولة وإلا فإن الإخوان والمعارضة بذلك قد تبادلوا أدوار المزايدة السياسية على بعضهم البعض، وما أتوا بجديد.